مسؤولية الفشل و الرداءة التي تعيشها الجزائر من مسؤولية النظام العسكري لوحده، منذ خروج المستعمر المباشر من البلاد لم يفهم هذا النظام ضرورة الحرية والإنتقال الديمقراطي لهذه الأمة، لم يقبل بناء دولة المؤسسات التي تكمل معالم الإستقلال بإسترجاع السيادة السياسية والإقتصادية من أيادي الكولون، إجتهد في تفريق المجتمع إلى قبايلي وعربي، إلى إسلامي وعلماني، إلى إرهابي وجمهوري، لم يعمل ليوم واحد على لم شمل هذا المجتمع ولا على تقوية قدراته العلمية وحسه السياسي، الشغل الشاغل للمخابرات السياسية كان ولايزال التفرقة الإيديولوجية، الجهوية والعرقية مع قمع الحريات وممارسة التعذيب المعنوي والجسدي ضد كل ما هو معارض لحكم الجنرالات.
لا يمكن تحميل الجزائريين والجزائريات مسؤولية الفشل أو تقاسم المسؤولية مع نظام الحكم لتخفيف الضغط عليه بزرع أفكار ماكرة ومخابراتية معروفة في جميع الدول العربية والتي تقتضي بمسؤولية المجتمع بداعي التخلف ومصطلحات أخرى لا أساس لها من العقلانية.
الذي لم يحكم ولم يشارك في صناعة الحكم لا يمكن تحميله مسؤولية الفشل، بل هو ضحية له، فشل وطغيان سياسي يجعل من الذي أفرغ خزائن البلاد يعالج على نفقة الدولة بتخصيص فريق طبي 24 ساعة على 24 وعلى نفقة مال الشعب، بدون أي متابعة قضائية جراء الملايير من الدولارات المنهوبة، أما الشعب الغلبان على أمره، فيبيت في مراكز الشرطة ويبقى تحت الرقابة القضائية مع الإيداع في السجون لأنه خرج للشارع كي يسترجع سيادته وحريته مع محاولة منع سرقة العملة الصعبة المتبقية في الخزينة العمومية.
يشاع مؤخرا أن معارضة الخارج تزرع الراديكالية ولم تقبل الحلول المقترحة، تضليل إعلامي معهود ومعروف على البوليس السياسي الجزائري الذي يحاول عبثا إلصاق مسؤولية الفشل في الطرف الآخر.
الآخر في هذه الحلقة الجديدة من التمويه المخابراتي تجعل من معارضة الخارج الطرف المسؤول على فشل الحل السياسي وتغول الأجهزة الأمنية والقضاء ضد الحراكيين.
أسئلة تراودني عند سماع مثل هذه الخزعبلات الإعلامية والتي لا تقنع أحد من أصحاب العقول السليمة، ما هو الحل السياسي الموضوعي الذي طرحه الجنرالات والذي رفضته معارضة الخارج؟ إذا جزمنا بأن المعارضة المقيمة بالخارج وقعت في نوع من الراديكالية السلبية، لماذا لم يحاور الجنرالات معارضة الداخل والتي تتمتع بمصداقية لذا الحراك؟ لماذا منعوا إجتماعاتهم وقابلوهم بالسجن والرقابة والإيداع مع التعذيب في المراكز الأمنية والتنكيل في وسائل الإعلام العمومية والخاصة؟
كل هذا التهريج هدفه تبييض صورة الجنرالات الذين خلفوا جناح القايد صالح والذين هم بصدد رسم طبقة سياسية جديدة على المقاس قد تختتم بالتخلص من تبون وفرض رئيس يكون نتاج مكنة الدولة العميقة مثل الأشواط السياسية التي إستعملها التوفيق ونزار من 1995 إلى 1999 مرورا بتشريعيات ومحليات 1997، نفس الخطة بنفس الأشخاص لإبقاء الجزائر في يد جنرالات الفساد والفشل مع تقديم البلاد كفريسة سهلة في يد القوى العظمى لنهب ثروات الباطن والإستفادة من هجرة العقل المفكر والمنتج.
الإستقلال من مخلفات الإستعمار حتمية تاريخية لبناء الدولة الجزائرية، نظام الجنرالات نظام مضاد للوطن ومشروع الدولة الوطنية.
يحيى مخيوبة