يتجسد الغبن الواقع على الأغلبية المسحوقة في الحد من تطلعاتها وحصر أفقها في ضمان لقمة العيش في حين أن الهدف من وجودنا على البسيطة هو الإصلاح في الأرض وليس العيش فيها وإلا فإنه لا فرق بيننا وبين المخلوقات غير العاقلة. ففي الوقت الذي كانت فيه تطلعات المجتمع بعد الاستقلال شاملة من بناء الدولة الوطنية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي والثقافي إضافة إلى تكريس الحضور الإقليمي والدولي انحسرت هذه التطلعات إلى الاحتياجات اليومية من أكل وشرب وسكن فكيف له القيام بذلك؟
لا نقول للرئيس عليك بمحاسبة المسؤولين عن الحالة التي آلت إليها الجزائر لأنّه كما يقال الإسلام يجبّ ما قبله ولكن نقول له عليه تغيير وسائل تحقيق أهدافه وعلى رأس هذه الوسائل هو إعادة الاعتبار للمواطن الجزائري من خلال منحه أجر يضمن حرمته وكرامته هو وعائلته ويحمي القدرة الشرائية كلما تغيرت الظروف وأرجو ألا تتهمنا بعدم أو قلة الإنتاج لأننا في نفس السفينة. الأمر الثاني هو تسهيل قضاء حوائج الناس أو المواطنين لأنّ تعطيل مصالحهم هو تعطيل لمصالح البلد فكيف يلزم المواطن الجزائري بتقديم ملف كامل سواء للتوظيف أو لإنجاز مشروع يستغرق تكوينه مدة شهر وفي الأخير يرفض أو يتم إرجاع نصف الوثائق المطلوبة.
الإجراء الآخر يتعلق بإرجاع الشرعية لمؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان والهيئات المنتخبة المحلية على المستوى البلدي والولائي وذلك بحلها وتنظيم الانتخابات من جديد، كذلك ضمان استقلالية القضاء والتسريع في إجراءات التقاضي لأنّ القضية التي تأخذ 30 سنة في المحاكم تعبر عن العجز في استرداد الحقوق وبالتالي التفكير في وسائل أخرى تشكل خطرا على المجتمع والدولة كما يستوجب عليكم اختيار الرجال الذين يجسدون أهدافكم بأمانة وحرص وليس بقلوب بها دخن وحقد وحسد وغيرة وبالتالي يسيؤون لكم ولنا.
أخيرا عليكم الاهتمام بالعلم والقائمين على شؤونه لأنه بالعلم نستطيع أن نبني الوطن ونجند الهمم ولأنّ المعرفة اليوم هي أساس التطور ولا نكتفي فقط بالتكوين الخدماتي الذي ينتفع به غيرنا رغم أنّ التأطير والتكوين كان من قبلنا وعليه من الواجب عليكم تأمين النخبة الجزائرية من الأخطار التي تتهددها في معاشها وفي نشاطها.
وفي النهاية أقول لكم اتقوا الله في البلاد والعباد واحذروا من الثورة الجامحة لأنه توجد من المؤشرات ما يؤكد أنّ المواطنين واقعون تحت ضغط كبير يستدعي التنفيس وهذا إن لم يتم بدراية ودراسة وحكمة فإنه سيتم بعفوية تلقائية وستكون نتائجه في غير صالحكم ولا صالح الجزائر و الجزائريين.
نعيم بن محمد
11 أفريل 2009