اسمحوا لي بداية أيها الشرفاء في مصر والجزائر وحيث ما طافت محركات البحث أن أوضح لكم ما أبتغيه، فأنا لا أعنيكم في مقالي هذا الساحر مع النقطة فوق الخاء، وإنما أعني الحماة والمداحين من أصحاب الرؤوس الخاوية والأقدام الحافية، الذين يدافعون عن جلدة منفوخة ووجوه ممسوخة وأكثر من بلاد تحت الأقدام.
الكاتب: نور الدين خبابة
المتتبع للشأن الجزائري من أهل الخبرة والتحليل، يُدرك جيدا بأن النظام الجزائري يفتقد إلى بعد النظر وما يحسنه هو تسيير الأزمات دون حلّها، تراه يستعمل وسائل المكر والخديعة للإطاحة بالخصوم، واستعمال عامل الوقت لإدخالهم في الصفّ أو بعثهم إلى الأرشيف أو احتقارهم بالتهميش، وزرع اليأس والقنوط بين أبناء الشعب الواحد، لتبقى المبادرة عند النظام دائما…
عندما انتفضت عن النظام في صغري، لم أكن أبلغ الحلم بعد، ولم أكن أعرف ما هو النظام أصلا ولا أعرف عن السياسة شيئا، كنت لا أعرف ما تحتويه كثير من المصطلحات المستخدمة في عالم اليوم.
أديب هو ذلك الاسم الذي يحمله الصحفي المصري عمرو أديب، الذي تقيأ على الجماهير العريضة لمناصرة ومؤازرة الفريق الوطني الجزائري من على قناة فضائية بكلمات سوقية لا مسؤولة، تبين مستواه المنحط، و تدعو إلى التحريض، يفوح فمه منها قيحا، وتهكّم على الشعب الجزائري دون حياء ولا حشمة، ظنّا منه أنه يُحسن صنعا بمنتخب مصر وبشعبها، واتهم الجزائريين دون أن يضبط كلماته، وهي الرزانة المفقودة التي من المفترض أن تكون خصلة عند الصحفي.
قبل أن تندلع الأزمة الأخيرة في الجزائر مطلع التسعينات، كانت هناك حرب ضروس وتحرشات شرسة بين التنظيمات السياسية التي دخلت المعترك، و منها التي تريثت حتى تميل الكفة فتظفر بمقعد مع المنتصر، وأفرز عهد التعددية الحزبية فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ سنة 1990 و 1991 بأغلبية المقاعد في البلديات وفي البرلمان، ووجدت الأقلية الماكرة نفسها، وهي التي كانت تحكم الشعب، في مأزق، ممّا صعّب عليها هضم النتائج.
لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالا للشك من خلال ما عاشته الجزائر من أزمات ونكبات، سواء أكانت من طرف الاحتلال أو بسبب الهزّات السياسية والاجتماعية المتعاقبة أو من خلال الكوارث الطبيعية، أنه على الجزائريين إذا ما أرادوا أن يقهروا عدوهم ويكون لهم شأن في العالم، أن يتّحدوا، فهناك الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعهم من تاريخ ودين ولغة، وأن يتواضع بعضهم لبعض وأن يقدموا المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيقة أو الجهوية أو الفئوية أو حتى الخاصة، وأنه لابد في النهاية من تعايش سلمي ومن توافق حول كبريات الأمور.
لا نستطيع أن نتقدم خطوة إلى الأمام، وأن نُحقق النهضة المرجوة إذا ما بقينا على هذا الحال، في التعامل مع مشاريع كبيرة تتطلب نظرة فاحصة ودقيقة وسهرًا على مدار الساعة.
واش بيك هارب يا خويا وينك رايحْ ؟ تقولك ماشي لأمك، وإلاّ حاسب روحك سايحْ ! لغتك غيّرتها وسيرتك بدّلتها ، ولعابنك صارت تسّايحْ ! ما عرفتك لا فاطن لا سكران، لا بهلول لا طمّاع لا جايحْ !
لا يمكن أن يتحقق مشروع المصالحة ولا التغيير المنشود إلا إذا كانت هناك قوة إعلامية مستقلة عن كل التأثيرات والتجاذبات، متمثلة في قناة فضائية وبعض الصحف معها على الخط، وقوة شعبية منظمة لها إستراتيجية واضحة المعالم، تؤطرها نخبة من الحكماء ويشارك في تجسيدها الشجعان والمخلصون للقضية من أصحاب الإرادات والعزائم، وبهما فقط نستطيع أن نُحدث التغيير.
النّاظرُ لما يجري في الجزائر منذ الانقلاب على الإرادة الشعبية التي أفرزت فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، برئاسة عبد القادر حشاني رحمه الله، بأغلبية المقاعد في البرلمان سنة 1991م، وفوز كلّ من جبهة القوى الاشتراكية بقيادة آيت أحمد، وجبهة التحرير الوطني بقيادة عبد الحميد مهري بعدها، وما صاحب قرار توقيف المسار الديمقراطي المشئوم من تداعيات، يُدرك تمام الإدراك بأن فئة من المُتنفذين العملاء، تريد أن تفرض واقعا على الشعب الجزائري من خلال استعمال عامل الوقت بقوة الترهيب تارة و بسياسة شراء الذّمم من خلال الترغيب تارة أخرى، ولا تهُمّها مصلحة الشعب.
مافيش مصالحة بلا مصارحة مزابي أنت والا قبايلي عربي أنت والا شاوي قناوي أنت والا ترقي حكومي أنت والا شعبي في النهاية أنت جزائري
كم كانت صدمتي كبيرة عندما تعرّفت على بعض الحقائق المؤلمة وتوصّلت إلى أشياء لا تخضع للشكّ بل أصبحت من اليقين. كم هي الشخصيات المصطنعة التي صنعها الإعلام وزخرفها، وجعل منها أوثاناً تعبد ومراجع تُدرس، وما هي في الحقيقة إلا دُمًى تُحرّك من خلف الستار.
مثل جزائري بامتياز، يعرفه الصغير والكبير، يُطلق على من ركب رأسه، يرى الشمس ويقول بضدّها.
أيّها الأصيل أصالة الجوهر يا صاحب الفطرة السليمة يا مُعرضاً عن الأشياء السّقيمة أيها الغيور غيرة الشهامة، لا غيرة الحسد أمّك الحنون تبكي، فهل ستمسحُ دموعها؟ مشتاقة إليك، فهل ستُقلع وحشتها؟
الدكتاتورية ثقافة الشخص المستبد أو الجماعة، وهي مصطلح يُطلق على من يستبد برأيه من الرؤساء أو الملوك القامعين لشعوبهم، يمارسون في أنظمتهم أنواع القهر والظلم الاجتماعي بل السياسي والثقافي والديني… فلا رأي مطاع إلا رأيهم، فالحاكم هو المشرّع وهو الآمر والناهي، وما سواه خدم يُسبّحون بحمده آناء الليل وأطراف النهار، من خالفهم أطلقوا عليه كلابهم المدرّبة فعضته ومزّقته، وأخرجوه من رحمتهم ومن خلدهم الذي يفنى، وأصبح خارجيا زنديقا تُطبّق عليه الحدود حسب شريعتهم، ووفق ما يفتي به علمائهم بالمرطبات والبيستاش "الفستق" في الفنادق والصالونات المكيفة.
فرّج عن نفسك يا معارض! دون مقدمات، أنت يا من رأيت بوتفليقة طيلة الحملة الانتخابية في الشارع، فوق الشجر، أو تحت الحجر، في الجدران، أو من خلال الجرذان، في السماء، أو في الأرض، في الهواء، أو تحت أعماق البحر، في أوربا، أو في قارة أخرى، أنت مشارك في هذه النسبة المئوية التي أعلن عنها الأصمُّ الأبكم يزيد، فلا تحاول أن تستهزئ بعقول الناس من أنك مُقاطع، كيف أنت مقاطع وأنت تتحدث عن بوتفليقة صباح مساء، هو لا يعرفك، أمّا أنت فتعرفه، أليس كذلك؟ هو لا يراك أما أنت فإنك تراه صباح مساء، هل تستطيع أن تنكر ذلك؟ أنت تأكل وأنت…
التسلل، لمن لا يعرفه، هو الخروج عن الخط في منطقة محددة داخل ملعب لكرة القدم، تجري فيه مقابلة بين فريقين، فاللاعب المحترف لا يسقط في فخّ التسلل، أمّا اللاعب الهاوي، فإنه يقع كل مرة في التسلل، حتى أنه يستعمل كل قواه العقلية والجسدية، فيتطيّر منه العرق ويتبلل ثوبه، ويسرع يمينا وشمالا في كل الاتجاهات، فيرهق عضلاته، ويتحرك جمهوره بالهتافات، حتى يُخيّل لك بأن الأرض اهتزت، وفي النهاية بعدما ظن هذا الهاوي أنه ضرب خصمه في المقتل، مُسجلا هدفه، فإذا بالحكم ومساعده يعلنان بأن الهدف لا يُحتسب، لأنه كان متسللا ومخالفا لقواعد اللعبة.
600 مائة جثة موجودة بإسبانيا وتنتظر الحرق، هذا ما أعلنته بعض الصحف والمواقع الإلكترونية. شباب في مقتبل العمر من الجزائريين الذين ضاقت بهم السُبل، راحوا يبحثون عن بصيص من الأمل في بلدان أخرى، بعدما أُوصدت في وجوههم الأبواب وسُدّت الطرق، ليسوا أبناء جنرالات ولا وزراء ليثيروا شفقة وسائل الإعلام، بل شباب من الطبقات الشعبية الذين تربُّوا خارج الصالونات المُكيّفة، مسّهم الزمهرير وأخافهم الظلام، جاعوا، وتعرُّوا، وحاولوا مراراً وتكراراً العيش الكريم في بلادهم، لكن أحلامهم تبخرت ورماهم اليأس والقنوط إلى هذه النتيجة.
مَن مِن الجزائريين لا يعرف الممثل الكوميدي القدير عثمان عريوات، الذي برع في فيلم "كرنفال في دشرة" وأفلام أخرى؟ عريوات قام بتمثيل دور بطل الفيلم المذكور آنفا، وشرّح بامتياز قلّ نظيره واقع الجزائر السياسي الذي وصل إليه الجزائريون، والتردّي الذي يعيشونه على كل الأصعدة، وها نحن اليوم من خلال هذا المقال، نقتبس من فيلمه بعض الأشياء، التي يحكيها الواقع ونضرب الأمثال، ولعل الانتخابات على طريقة عريوات ستصبح مرجعا سياسيا بعد هذا المقال، لِمَ لا؟
لاعبٌ أنتَ أمْ حكَمْ؟ إنسانٌ أنتَ أمْ صنَمْ؟ جُثّةٌ أنتَ أمْ سنَمْ؟ ورقةٌ أنتَ أمْ قلَمْ؟ أيّها الحاكمُ متى تستح؟
أين جيوش العرب؟ أسلحتنا أكلها الصدأ، وجيوشنا أعياها التّعبْ شبابنا أوقاته ضائعة، وأئمتنا فنُّهم الخُطَبْ صحافتنا، المقالب حرفتهم، وفضائيات برامجها اللّعبْ أطفالنا، أجسامُهم تفحَّمت، ومساجدنا أمطرتها الشُّهُبْ