لم أتمالك مقدار الهزة التي كادت تنسف كيان كل الجزائريات والجزائريين، وتأتي على الحليم في حلمه والراشد في رشده، فتردينا جميعا مجانين أو من دون بصر وسمع وبصيرة! الحمد لله لأن المتفجر أصابه ما أصابه لسبب بسيط هو أن قناة هابت حناشي كانت أقرب إلى الموت، منها إلى الحياة، ونور الدين آيت حمودة كان على النقيض تماما من عميروش العقيد وعميروش أحد رموز ثورة التحرير المباركة.
ما ورد من لغط خلال الحصة لا علاقة له بالتاريخ، مجرد لغط فاقد للشكل والمضمون على حد سواء، ويحمل قدرا هائلا من العنف بغرض الإساءة وإلحاق الأذى.
ولو كان الصحفي هابت حناشي وضيفه آيت حمودة معنيين بسؤال حول “معاهدة تافنة “، وكان صاحب السؤال هو جنرال من جنرالات فرنسا، لكان التقييم والعلامة ” صفر “.
الصحفي وضيفه يجهلان السياق ويفتقدان أدنى أدوات المنهجية للخوض في مثل هذه المواضيع.
واد تافنة بتلمسان له أكثر من دلالة، ذلك أن الأمير عبد القادر لم يكن في نزهة، أو لقاء يخطب فيه ود الفرنسيين! ولا كان واد تافنة متنزها فرنسيا أو فندقا من فنادقها أو شقة في حي من أحياء باريس!
الإطار الزماني: 1837 له دلالته كذلك، فرنسا احتلت الجزائر في 1830، مما يعني أن الأمير عبد القادر مسك بزمام المقاومة مبكرا، كان رحمه الله في حالة قتال ضد القوات الفرنسية بقيادة الجنرال توماس بيجو في الغرب الجزائري.
ماذا إذا سألنا كبار المحللين العسكريين وكبار الساسة عن الخيارات المتاحة لرجل مقاوم، خاض معارك وفقد الكثير من جنوده في مواجهة قوة عسكرية ضاربة عدة وعتادا على أرض الجزائر، بهدف منعها من السيطرة على الغرب الجزائري؟ وحتى بخصوص الحروب وما يتخللها من أوقات هدنة ووقف للقتال، وإتفاقيات ومعاهدات؟
ولماذا لم يسأل الصحفي ضيفه عن موقف فرنسا، وتحديدا موقف الجنرال بيجو، والبنود التي تضمنتها المعاهدة وأثرها من حيث الإطار المكاني والزماني، والأخذ في الحسبان معطيات الواقع الجزائري قبل المواجهة وأثناء المعاهدة خصوصا، ومعطيات المقاومة الجزائرية في ضواحي العاصمة، والأوضاع في شرق البلاد وجنوبها؟
فكما عجزت فرنسا وفشلت سياساتها، سواء بخصوص التقسيم أو الترهيب أو التجويع أو نشر الفوضى واللا أمن، فإن إثارة القلاقل والتضليل والتشويه والمكر والخداع لن يفلح، فقط لأن شعاع السلمية سيبطل السحر: ” و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ” .