ربما عنوان مستفز للبعض أو حتى صادم، لكن أراه ضروري، كونه أثار تجاذب وكان ولا يزال محل شك بالنسبة للبعض لأساب وجيهة، وقميص عثمان للبعض الآخر، كما سأبينه.لا شك أن هذا الشعار أصبح رمزا مدويا ومنيرا للحراك بل وأحد أبرز الشعارات المرفوعة في التظاهرات، تصرخ به حناجر مئات الآلاف من المواطنين. وهو شعار مختصر ومعبر عن مطلب جوهري لفئات عريضة من الشعب، لأنه يشكل بالنسبة لهم بوابة المخرج والانعتاق من حكم عصابات من كبار جنرالات العسكر الذين أهلكوا الحرث والنسل، منهم المسجون ومنهم الهارب ومنهم من ينتظر دوره، ومنهم من لا يزال يتحكم في رقاب العباد، لكن مع ذلك، يظل هذا الشعار والمطلب، محل ريب وتوجس بالنسبة لبعض المواطنين ممن لا نشك في وطنيتهم وصدقهم وحبهم لبلدهم بل واستعدادهم للتضحية من أجله. لهذا السبب وجب تقديم بعض التوضيح والتنبيه في آن واحد.اعتقد جازما أن مطلب دولة مدنية ماشي عسكرية، مطلب مشروع بل وجوهري ومصيري، لأنه يعبد الطريق لاستعادة سيادة الشعب ويضع زمام تسيير شؤون البلاد بين أيدي مواطنين ينتخبهم مواطنون بكل سيادة وحرية، دون وصاية أحد، وبعيدا عن انتقاء المخابرات ورحمة الدبابة كما فعلت الطغم العسكرية المخابراتية البوليسية المالية المتعاقبة منذ انقلاب صائفة 62، ولا تزال إلى يومنا هذا، لذا لا مناص لكل من يريد التحرر والتخلص من حكم العسكر واستعادة سيادة شعب، أن ينضم إلى الجماهير المطالبة بدولة مدنية ماش عسكرية، لكن…..لكن…لكن….لا نكون سذج ولا “نوايا” بالمفهوم المحلي عندنا، نعلم علم اليقين وبحكم المعاينة والتجربة والواقع الموّثق، أن بعض من ردد هذا الشعار، وزعم تبنيه، لم يقم بذلك إلا عندما لم يكن “عسكرهم” في موضع الغلبة، أو تم إسقاطهم أو تنحيتهم ومتابعتهم (مثلما رأينا منذ الإطاحة بالثلاثة توفيق طرطاق سعيد بوتفليقة)، فانقلبوا بقدرة قادر إلى دعاة مدنية ماشي عسكرية؛ هذه الفئة لم تر حرجا في الدولة العسكرية، عندما كان يقودها عسكريوهم، بل وحرضوها ضد الشعب، واليوم أيضا، بعد انقلاب تدريجي لموازين القوى بين العصابات وبداية رجحان كفة عصابة توفيق من جديد، يلاحظ أن حماستهم بالنسبة لهذا المطلب قد فترت، بل عادوا شيئا فشيئا إلى تمجيد من أنقذوا الجمهورية ذات يناير 92، أي العسكر، مما يفضح سجلهم الأسود، لكن، دون أن ينتقص من فعالية مطلب الدولة المدنية، دولة العدل والقانون، خارج أنياب من عاثوا في الأرض فسادا، ويبقى هذا المطلب قائما وجوهريا ومصيريا.هذه المخادعة من طرف هذه الفئة الهامشية التي ينفخ فيها (إعلاميا) عن قصد لزرع الهلع والإحباط في صفوف الغالبية من الشعب وتيئيسه من إمكانية التغيير الجذري، هي خدعة لن تنطلي اليوم على الشعب، لأن مطلب دولة مدنية ما شي عسكرية، مطلب مبدئي، مطلب شعبي يرفض حكم العسكر، أي عسكر، بأي لون وأي أيديولوجية أو قبيلة، يرفضه لأن الجيوش تحمي الأوطان من العدو الخارجي، لا تدمر الشعوب وتفرض عليها من يحكمها بواجهات وظيفية، ومثلما رفضنا عسكرية يناير (92)، ورفضنا العسكرية التي باعت للمواطنين، نسخة نوفمبرية (2019)، سنرفض أي عسكرية، لأن الرفض هو لحكم العسكر، بصرف النظر عن الرداء الذي يرتديه أو الشعار الذي يتوشح به
أرسل تعليقاً