وقفة لا بد منها، أكتبها إلى إخواننا المسيحيين، خاصة إلى العقلاء منهم، فالقلة المنحرفة، بل الشديدة الانحراف عن خط الأخوّة وأمانة التعايش الآمن معا، لا يمكنها أن تمثل الأغلبية من المسيحيين العقلاء، لكنهم مغلوبون على أمرهم من حيث أنهم واقعون تحت سندان تلك القلة المنحرفة ومطرقة قلة أخري منحرفة من بعض القيادات الكنسية.. وعادة ما تكون الصراحة مريرة الوقع، لا يتم تقبلها بسهولة، لكن نظرا لما وصلنا إليه من توتر ناجم عن تصرفات حمقاء متعددة الجوانب لتلكما الفئتين القليلتين، كان لا بد من مصارحة مفتوحة علها تصل إلى الجميع..
وما دفعني إلى تلك الخطوة أمران: ما وصلنا إليه من احتقان “مقموع” بسبب بناء المزيد من الكنائس، الأمر الذي لا ضرورة ولا تبرير له، لتعارضه الصريح مع تعاليم السيد المسيح. وهو ما سأتناوله في نقطة تالية، ولتعارضه مع حقيقة تعداد المسيحيين؛ ومن جهة أخرى عثوري على تقرير يرجع إلى 4 إبريل 2008، صادر عن “مؤسسة العرب والغرب” (Arab West Foundation). والتقرير بعنوان “عوامل هامة لبناء الكنائس في مصر” (Important Factors for church building in Egypt). وهو تقرير كاشف، يقع إجمالا في 143 صفحة، إلا أن النص نفسه يحتل 72 صفحة وباقي الصفحات يضم مختلف أنواع المراجع من كتب ومقالات ورسومات بيانية. والتقرير بقلم باحث وباحثة ألمانيين هما كريستيان فاستنواث وكريستين كازانيان، وراجعه الدكتور أمين مكرم عبيد. وقد تم تقديم هذا التقرير لمنظمة حقوق الإنسان، وهو ما يكشف أن هذا الموضوع له أبعاد أخرى.
ومما لا شك فيه أن قانون بناء الكنائس في مصر، الذي أقره البرلمان في 30 أغسطس 2016، موضوع له أهميته بل وخطورته، خاصة في زمن باتت فيه الكنائس المصرية خاضعة للفاتيكان بصفة مؤكدة، وخاصة منذ قراره الصريح الوضوح: “تنصير العالم”، الصادر سنة 1965 عن مجمع الفاتيكان الثاني. كما أنها خاضعة للقرار الآخر الصادر عن نفس المجمع، لأول مرة في التاريخ، والذي يفرض فيه الفاتيكان على كافة المسيحيين في العالم وعلى كافة الكنائس المحلية المساهمة إجباريا في عمليات التبشير والتنصير. الأمر الذي يصم كافة المسيحيين وكافة الكنائس المحلية يقينا بانتمائهم، المعلن رسميا، للفاتيكان، وليس للبلد الذي يعيشون فيه.. وهذه في حد ذاتها مصيبة يتعيّن على كافة العقلاء إدراك ابعادها تجنبا لعواقبها.
أما إذا أخذنا في الاعتبار، إضافة إلى ذلك، أن السكرتير الخاص للبابا فرنسيس، رئيس الفاتيكان ورئيس الكرسي الرسولي، يُدعى “المونسنيور” يوأنس لحظي جيد، وهو قس مصري تابع للكنيسة القبطية الكاثوليكية، ولعل اسم “جيد” يربطه بالبابا شنودة الثالث، لأدركنا الخطورة الحقيقية لهذا الوضع، من حيث عدد المنافذ المتاحة لتنفيذ المآرب التنصيرية. خاصة وأنها المرة الأولى في التاريخ التي يتم فيها مثل هذا الاختيار لأحد الأقباط المصريين تشجيعا لهم على التواطؤ مع الفاتيكان.. في الوقت الذي لم تكن فيه الكنيسة الغربية بكل فرقها وعلى رأسهم الفاتيكان، يعيرون الأقباط أي اهتمام على الإطلاق طوال عمر ممتد.. أي إن هذا الاهتمام يرجع بكل تأكيد إلى قرارات 1965 وثيقة الصلة بالنظام العالمي الجديد، وإلى حاجة الفاتيكان إلى أيادٍ داخلية تقبل بخيانة البلد، مما يسمح له بالعبث في مصير القطر المصري..
وإذا راعينا القضية الأخرى المطروحة على الساحة وهي قانون ازدراء الأديان، وأنه محاولة صريحة لفرض سيطرة الكنيسة على مصر حكومة وشعبا، لأدركنا بوضوح ما نحن مقبلون عليه، أو بمعنى أدق: ما نحن مساقون إليه بسبب تواطؤ الكنيسة المصرية مع الفاتيكان وخضوعها له وعدم أمانتها للبلد الذي تعيش فيه.. مع أخذ دور الأقباط الكاثوليك، الشديد التأثير، رغم قلة عددهم، في الاعتبار، فهم قرابة مائتا ألفٍ، لكنهم يعملون حثيثا من خلال مختلف دور الرهبانيات والمستشفيات والمدارس والمعاهد الكاثوليكية الموجودة في مصر. ولا أقول هنا شيئا عن استقواء تلك الفئة المنفلتة بالغرب علنا وخاصة بالولايات المتحدة، على مدى عقود، للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. وهنا أذكّر في عجالة بالدور الأمريكي/الصهيوني والغربي في الفترة التي نعيشها:
دور الولايات المتحدة وعملائها
منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، تلك المسرحية التي ثبت يقينا أنها مصنوعة محليا اعتمادا على نظرية الهدم تحت السيطرة، وهو ما تناولته في عدة مقالات وأبحاث، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها الصهاينة والأوروبيون، بغزو واحتلال وقتل وجرح أكثر من عشرة ملايين مسلما في أفغانستان والعراق والصومال وليبيا وسوريا واليمن ولبنان، وكلها بلدان مسلمة أو ذات أغلبية ساحقة مسلمة. كما قام العسكريون منهم والمدنيون بدأب بهدم اقتصاد هذه البلدان، وإشعال حروب عرقية دينية، ونسف الروابط العائلية والإنسانية للعديد من الجماعات المسلمة وعائلاتهم لتفرض عليهم حكاما موالين، تابعين لها، على قمة هذه البلدان.
كما قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتفعيل ونشر نظام التعذيب والاعتقال العشوائي لتخلق بذلك تخويفا عاما للمواطنين وخلق خواءٍ اجتماعي خارج على القانون في بلدان كانت مستقرة ومنتجة سابقا. مما أدى إلى تلك الهجرة الجامحة بدافع اليأس والفرار من ويلات الحروب والفقر لملايين الشباب من العرب والمسلمين.
وكل هذه الحروب كانت مصحوبة بعمليات نهب واسعة لموارد تلك البلدان الطبيعية والثقافية التي تثبت العمق التاريخي والديني لها. ولا ننسى كيف تم تغيير قانون الآثار في العراق قبل غزوها بأيام معدودة ليتمكنوا من نهب آثارها، التي كان ممنوعا خروجها من البلاد، ودك بعد ذلك مناطق أثرية بكاملها وردمها بالأسمنت المسلح.. أي أنها عملية طمس متعمدة لمعالم التاريخ والحضارة وما نقلته المسيحية منهما..
وعلى جانب آخر يواصل الفاتيكان جريمة تنصير العالم بدأب متزايد الإيقاع حتى يومنا هذا. ففي لقائه بأعضاء منظمة: المبشرون الموهوبون لمريم”، يوم 7 أكتوبر 2016، قال البابا فرنسيس، من ضمن ما قاله: “اليوم، كل أراضي العالم هي أرض للتبشير، وكل الأبعاد المتعلقة بالإنسان هي مجالات للتبشير وتنتظر الإعلان عن الإنجيل”.. وتضم هذه المنظمة 4000 عضوٍ من ستين جنسية مختلفة يعملون في خمس قارات، في مجال الحوار الثقافي والحوار بين الأديان.. و”الحوار” بلغة الفاتيكان يعني كسب الوقت حتى يتم التنصير..
الكنيسة والدور الذي تلعبه
مما لا شك فيه أن تلك الفئة المنفلتة من قيادات الكنائس ومن بعض أتباعها في مصر تعتمد على نظام التسلل البطيء خطوة خطوة لتنفيذ ما يحيكه الفاتيكان.. فوفقا للنصوص الفاتيكانية، كان من المفترض أن يتم تنصير العالم عشية الألفية الثالثة. وحين لم يتحقق لهم ذلك أسند مجلس الكنائس العالمي هذه المهمة في يناير 2001 للولايات المتحدة، على أنها السلطة العسكرية الجامحة المعربدة الوحيدة في العالم، بعد القضاء على الاتحاد السوفييتي، وفقا لأحد قرارات نفس مجمع الفاتيكان الثاني. وقد رأينا بعاليه الأعمال الإجرامية في حق الإنسانية التي قامت بها والتي يجب أن تُحاسب عليها هي وشركاؤها، إن كانت هناك ثمة أمانة في التعامل..
أما الدور غير الأمين الذي تقوم به تلك الفئة المنفلتة في مصر، فأبدأ بجريمة قامت بها وتمت في يناير 2009، تناولتها في مقال آنذاك بعنوان: “عيد ميلاد يسوع”، والجريمة هنا هي: جعل عيد ميلاد “ربهم يسوع” عيدا قوميا في دولة ذات أغلبية ساحقة مسلمة موحدة بالله الذي “ليس مثله شيء”.. فما من إنسان يجهل أن الكنيسة الرومية بقيادة الإمبراطور قسطنطين، الساعي لتوحيد الإمبراطورية الرومانية، قد قامت بتأليه السيد المسيح في مجمع نيقية الأول سنة 325 لحسم الخلافات اللاهوتية القائمة آنذاك ولا تزال.. أي إن الرب الذي يعبده مسيحيو العالم هو “إنسان”، من أنبياء الله الصالحين، وثابت في الأناجيل أنه كان “نبيا مقتدرا” (لوقا 24: 19)، يأكل ويشرب ويتهمونه “بأنه أكول شرّيب خمر” (متّى 11: 19)، وله احتياجاته الجسدية، وقد تم تأليهه سنة 325.. فما معني فرض الاحتفال بعيد مولده المتعدد التواريخ في الأناجيل، واختيار 7 يناير الخاص بالأقباط عيدا قوميا وفرضه على المسلمين، علما بأن نفس هذا الاحتفال ينفي الوهية يسوع بحكم مولده..
ولا أذكر هذه الوقعة إلا لأن أحد المنفلتين من القساوسة يعد العدة لتقوم الكنيسة بفرض مصيبة وقحة أخرى على كافة المسلمين: ففي الموقع القبطي بالفرنسية: https://www.cath.ch/tag/eglise-copte نطالع خبرا نشرته وكالة الأنباء الفاتيكانية “اجنسيا فيدس” يوم 8 ابريل 2016 يقول: “أن المسيحيين الأقباط يستعدون للاحتفال بدخول المسيح مصر، والذي يأتي هذا العام في شهر يوليو. وأن الأسقف القبطي الأنبا يوليوس، عضو السينودس المقدس، يقترح أن يتم الاحتفال بهذا العيد في مصر وجعله عيدا قوميا”.. ولا داعي لتأكيد أن كل تلك المحاولات الدؤوب لتنصير البلد شكلا لها توابعها التي لا تُحمد عقباها.
وقد سبق أن تناولت موضوع “أكذوبة زيارة العائلة المقدسة”، القائمة على عدة أحلام وليس على أية وثائق حقيقية تاريخية، تمت حياكتها وفرضها بعد قرون من تلك الأحلام.. وكذلك فرض زيارة القديس مرقس لمصر وهو ما تنكره اناجيل اخري وتؤكد أنه اتجه شمالا.. وكلها خلافات وتناقضات لا يجب ولا يجوز فرضها على مصر، الدولة الإسلامية، ولا على المسلمين بأغلبيتهم الساحقة.. فليعبد المسيحيون بكل فرقهم ما شاءوا من عبادات، فما من أحد يتدخل في شؤونهم الدينية طالما هم يقبلونها، لكنه لا يحق لأحد منهم فرض هذه العبادات على المسلمين.
وهناك نموذج آخر لما تقوم به تلك الفئة المنفلتة، الخائنة لبلدها ولإخوانها من المسلمين، وأكتفي بنشر رابط ذلك الموقع بكل ما يرد فيه، وهو جد مرير، بل مقزز، لكل ما يتضمنه من خيانات، هم الذين يحكونها:
http://bejadblogger.blogspot.com.eg/2013/08/black-bloc-egypt.htm
تقرير “مؤسسة العرب والغرب”
يعد هذا التقرير المعنون: “عوامل هامة لبناء الكنائس في مصر”، التقرير الأول من نوعه وفقا لما يقوله د. كورنليس هالسمان في تقديمه له قائلا: “أنه التقرير الأول من نوعه في موضوع بناء الكنائس في مصر”. ومن الواضح أن الموضوعين مرتبطان، قانون بناء الكنائس والتقرير الذي يتناول أهمية بناء الكنائس في مصر! ومن الواضح يقينا إن مسألة بناء الكنائس في مصر لها أبعاد أخرى.. ورابط التقرير هو:
http://arabwestreport.info/sites/default/files/pdfs/AWRpapers/churchbuildingpaper.pdf
وقد اعتمد الباحثان في كتابة تقريرهما على كل ما كتب في هذا الموضوع في الجرائد المصرية خلال فترة عشر سنوات، وكل الإحصائيات واردة داخله. ونرى منها أن بناء الكنائس يحتل المرتبة العليا في جريدة “وطني” المسيحية. ولعل أهم جملة لفتاً للنظر في هذا التقرير هي: “أنه لا يتم الإعلان عن تعداد الأقباط صراحة في مصر لكيلا يؤثر ذلك على بناء الكنائس”!
وفي الفقرة رقم 5.2، وعنوانها: “أهمية الكنائس المسيحية في مصر”، نطالع أن كثيرا من الخدمات والاحتفالات تقام داخل الكنيسة ؛ لأن المسيحيين لا يفرقون بين الكنيسة كمؤسسة والكنيسة كمبنى ؛ وأن مبنى الكنيسة هو رمز للوجود المسيحي كتنظيم داخل الدولة. فالكنيسة تتولى الطفل منذ سن السادسة ليتعلم في مدارس الأحد. وهي تعاون الطلبة حتى الجامعة ثم تتوسط للبحث لهم عن وظيفة وتعلن داخل المبنى الكنسي عن الوظائف الخالية. ومع العلم بأن كل هذه الخدمات متاحة في المجتمع المصري إلا أن الأقباط يفضلون الارتباط بالكنيسة. ومن هنا ندرك، من جهة، أن الكنيسة هي بالفعل دولة داخل الدولة، ومن جهة أخرى، أنها تعزل أتباعها عن الشعب المسلم، بحيث لا يحدث تداخل فعلي إلا في أضيق الحدود..
من ناحية أخرى فإن المنظمات الأهلية والجمعيات، وهي تابعة للكنيسة، تقدم خدمات اجتماعية وتعليمية واجتماعية. فعلى سبيل المثال، إن “منظمة مصر العليا للتعليم والتنمية” وهي منظمة مسيحية، فهي تمتلك 36 مدرسة ابتدائية بسعة 10500 طالبة و126 طالبا. كما تمتلك 63 مركزا للتنمية، و27 مركزا للصحة والطفولة وثلاث عيادات طبية. وهو ما يعنى أن الدولة تفقد سيطرتها على عدة قطاعات بأسرها.
ويقول الأسقف مرقس في شبرا الخيمة، أنه عندما تم تعيينه كانت توجد 18 كنيسة كلها مبنية بلا تصريح. وطوال مدة خدمته 23 سنة، تم بناء 12 كنيسة أخرى بلا تصريح، لكن بالاتفاق والتفاهم مع البوليس والمحافظة. ويقول الأسقف أنه سعيد بهذه الوسيلة لأنها الأفضل والأسرع.. ثلاثون كنيسة مبنية زورا وتزويرا في منطقة شبرا الخيمة وحدها..
وفي البند 6.2 نطالع تحت عنوان “الضغط على الحكومة”: يقوم الأقباط بانتظام بالضغط على الحكومة، وعادة ما تقوم “جمعية الأقباط” في الولايات المتحدة بإصدار البيانات الصحفية لإدانة السلطات المصرية لسياستها في بناء الكنائس. وأحيانا ما تجوب هذه الكتابات جميع أنحاء العالم. وعادة ما لا يذكرون مصادر معلوماتهم.. وفي أغلب الأحيان يتم ذلك عن طريق القساوسة في مصر، مثلما حدث مع “أبونا” بولا في شيرا الخيمة سنة 2001، أو ما حدث في دير أنطونيوس براس غارب بمحافظة البحر الأحمر سنة 2003. لأن الدير استولى على أرض المحافظة وضمها للدير وأحاطها بسور. إلا أن المحافظ قد طالب بهدم السور واستعادة الأرض. فقام الأسقف جوستس بإبلاغ مايكل منير، رئيس “جمعية الأقباط في الولايات المتحدة” وأخبره بأنه لن يتنازل عن قطعة الأرض. وقام مايكل منير بضغوطه وتم إجبار المحافظ على قبول الوضع ولم يتم هدم السور واستولى الدير على الأرض (صفحة 67).. ويزعمون للعالم أنهم مضطهدون !
تلك كانت مجرد شذرات من 72 صفحة تمثل النص المكتوب لأول مرة كدراسة حول “عوامل هامة لبناء الكنائس في مصر”، والذي نخرج منه بأن العلاقات الشخصية والتحايل على القانون زورا وظلما وبهتاناً هي الوسائل المستخدمة من فئة الأقباط المنفلتة. كما أنه يكشف كيف تتلاعب تلك الفئة المنفلتة من أفراد ومن قساوسة والدور الذي يوصمهم بالخيانة للوطن سواء باستيلائهم على أراضي الدولة أو باستعانتهم بالقوى الأمريكية والتدخل في الشؤن الداخلية للبلاد. ومن الواضح والثابت من هذا التقرير أنه أمر متكرر بكل أسف.. إضافة إلى أن صفة الخيانة باتت تصم الكنائس المحلية بمختلف فرقها وأتباعها منذ قبولها وانصياعها لقرار مجمع الفاتيكان الثاني الصادر سنة 1965 والذي فَرض عليهم، لأول مرة في التاريخ، المشاركة في عملية تنصير العالم بفرض هذا القرار على كل مسيحي وعلى كل كنيسة محلية. ولا أقول هنا شيئا عن التنازلات العقائدية القبطية..
نصيحة يسوع ووصيته
وإذا ما تأملنا حقيقة الموضوع من منطلق أقوال السيد المسيح، الذي كان نبيا مقتدرا، ثم قاموا بتأليهه في مجمع نيقية الأول سنة 325، وأصبح “الإله الأوحد” الذي يريدون فرضه على العالم، أي أنهم أصبحوا ملزمين أكثر من ذي قبل باتباع أقواله وتعاليمه، فهو القائل: “ومتى صليت فلا تكن كالمرائين. فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلّ إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية. وحين تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم. فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يُستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه” (متّى 6: 5 ـ 8).
أي أن الصلاة، وفقا لما يقوله النبي يسوع عليه السلام، أو “ربكم” الذي الّهتموه في مجمع نيقية الأول سنة 325، يجب أن تكون في غرفة النوم، وليس على الملأ أو في الشوارع أو في الكنائس حتى يراها الناس.. كما طالب يسوع بعدم التشبه بالأمم. والأمم أيام يسوع تعني الوثنيين من اليهود الذين حادوا عن التوحيد وغيرهم من الشعوب التي تعبد الأوثان. وإذا ما نظرنا من الناحية التاريخية فالكنائس لم تكن موجودة على الإطلاق أيام يسوع، بل ولا حتى كلمة مسيحية أو مسيحيين، التي اُطلقت لأول مرة سنة 50 ميلادية، أي بعد “صلبه” كما تقولون بحوالي عشرين عاما..
وقد بدأت بدعة الكنائس عندما حاول قسطنطين ومن بعده تيودوز الأول (378 ـ 395) توحيد الإمبراطورية الرومانية وطالب بهدم المعابد الوثنية. فسارع المسيحيون في كل مكان بهدم ما استطاعوا هدمه أو تحويله إلى كنائس، وذلك بطمس المعالم الرئيسية للمعبد ورسم المسيح وبعض القديسين أو نقوشا مسيحية وحفر علامة الصليب. وهو ما تم في جميع أنحاء الإمبراطورية حتى في مصر.. أي إن بناء الكنائس أصلا يُعد خروجا صريحا على تعاليم السيد المسيح ويُعد تشبها صارخا بالأمم الوثنية التي حرّم المسيح التشبه بها..
الأبعاد الأخرى
أما الأبعاد الأخرى الناجمة عن كل ما تقدم، بمعنى العدد الضئيل الفعلي للأقلية المسيحية في مصر، والإصرار على بناء الكنائس والأديرة بالاستيلاء عنوة على أراضي الدولة، والاستقواء بالخارج للتدخل في الشئون الداخلية، والقانون الجديد الذي أعلن أحد القساوسة للأتباع (أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة)، بأنه تم الاتفاق فيما بينهم على أن تكون المنارة بارتفاع 56 مترا ويعلوها صليب بارتفاع سبعة أمتار، لتعلو على مئذنة المسجد، بينما كانت المنارة سابقا يقل ارتفاعها قبة الكنيسة.. لو تأملنا كل ذلك لأدركنا أن الذي يتم فرضه حاليا هو تنصير شكل الدولة بعد ان فشلت عملية تنصير الشعب المصري.. اسوة بما تم فعلا في لبنان.
وقد بدأت محاولة تنصير مصر شكلا وإثبات أن المسيحيين ليسوا أقلية، بغرس كنيسة بجوار كل مسجد، وإن لم تكن المساحة تسمح ببناء كنيسة يتم شراء المنزل المجاور للمسجد وتحويله إلى كنيسة حتى وإن لم يكن هناك من يدخلها.. ومرجعية هذه الخيانة هو ما تم في لبنان حيث المسلمون يمثلون 67,7 % من التعداد، ومع ذلك فرضت فرنسا، قبل انسحابها من استعمار لبنان، أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا ورئيس الوزراء مسلما.. وهذا الرقم ليس جذافا وإنما هو من إحصائية الفاتيكان حين حدد العام الماضي عدد “مسيحيو الشرق الأوسط” وقال إنهم 15 مليوناً.. مسيحيو كل الشرق الأوسط وليس في مصر كما يزعمون، التي يقل فيها العدد فعلا عن أربعة ملايين..
ليت الأغلبية الساحقة من عقلاء المسيحيين تتولى أمر تلك الحفنة المنفلتة للمّ الشمل ووأد الجراح والضغوط بدلا من أن تتفاقم..
زينب عبد العزيز
15 أكتوبر 2016