تم افتتاح مؤتمر “الأديان ضد الإرهاب” يوم 31 مايو 2016، في مدينة أستانا عاصمة كزاخستان، برئاسة نائب رئيس الجمهورية نور سلطان نازارباييف، الذي يُعد من المحركين الأساسيين لفكرة توحيد الأديان التي يتولاها قادة النظام العالمي الجديد. واللافت للنظر أنه لأول مرة يُسمح بحضور سيدات للمشاركة الكاملة في هذه اللقاءات. وهن على اليسار في الصورة، بينما يظهر مفتي بلدنا في اقصى اليمين من اللقطة، فالمنصة مستديرة الشكل. واللافت للنظر أيضا أن إحدى السيدات محجبة تماما أي متشحة بالسواد، ويا للعجب، ففي الوقت الذي يحاربون فيه ارتداء الحجاب، يُسمح لإحدى المشاركات الحضور بحجابها، إذ يبدو أن للضرورة أحكام!! وإن كان لهذا التجديد من معنى فهو أنهم يسيرون بخطى ثابتة وحثيثة نحو تنفيذ مآربهم، طالما يجدون من يوافق أو من يتنازل.. وقد ضم المؤتمر ستون وفدا من رجال الدين والبرلمانيين السياسيين، قادمين من أربعين دولة.
وقد أجمع الحاضرون على الأهمية المتزايدة للحوار بين الأديان، وعلى التعاون الدولي والسياسي بين البرلمانات الديبلوماسية، والتأكيد على الأسس الدينية والقانونية من أجل السلام الشامل، والأمن، وتقوية ووحدة وفاعلية المبادئ الإنسانية العالمية، والقيم الدينية والحقوقية المشتركة.. وقد تضمن البيان الختامي 28 بندا.
وقبل تناول هذه القرارات تجدر الإشارة إلى أنه قد تم تحديد موعد المؤتمر السادس لقادة الأديان العالمية والتراثية، وأنه سوف يقام في نفس المكان بكزاخستان سنة 2018. وان لجنة الأمانة العامة التي تعد له ستجتمع يوم 9 أغسطس 2017. كما تم تحديد العنوان الأساسي لمؤتمر 2018: “القادة الدينيون، من أجل عالم أكثر أمناً”. أما المحاور الأساسية فهي: “الدين في تطور الجغرافيا السياسية للطبيعة” (وغالبا ان المقصود به ما بعد إعادة تقسيم الدول العربية)؛ “فرص جديدة لتدعيم الإنسانية” ؛ “الدين والعولمة: تحديات وأجوبة” ؛ “القادة الدينيين والسياسيين عليهم تخطي التطرف والإرهاب”.
كما تجدر الإشارة إلى أن البيان الختامي للمؤتمر الخامس المنعقد في يونيو 2015، قد نص في أحد قراراته: “أنه على جميع الأطراف المتورطة في صراعات حربية أن توقف عداواتها، وتعلن عن هدنة، وأن تجد من خلال المفاوضات اتفاقا لوقف العنف وحماية المدنيين وحل سلمي لكل المتناقضات”.
وهناك ملاحظة أخرى، وهي الربط بين هذه المؤتمرات “الأستانية” وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن أوضحها أن “التسامح هو أحد المبادئ التي يجب تطبيقها للتوصل إلى الغايات التي تسعى إليها الأمم المتحدة، وهي منع الحرب والحفاظ على السلام”. وكانت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قد أصدرت في اجتماعها يوم 9/12/1998 القرار التالي:
“اعتمادا على قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة للتسامح الصادرة يوم 18/12/1992، ويوم 20/12/1993، ويوم 23/12/1994، ويوم 12/12/1996، قررت الجمعية العمومية يوم 9/12/1998: “أن تظل الهيئة الرئيسية المعنية بتفعيل التسامح وعدم العنف (بند 8) وتطالب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة أن تدرج في تقرير ثقافة السلام أنه يجب أن تقدم جمعية الألفية القادمة بيانات حول التقدم المحرز في تطبيق خطة العمل الخاصة بمتابعة سُنة الأمم المتحدة للتسامح” (بند 9).
وقد آثرت إدراج قرارات هيئة الأمم المتحدة وتوضيح ارتباطها الوثيق بمؤتمرات أستانا ومحاولة توحيد الأديان، لنرى إلى أي حد هذه المسرحيات مترابطة ومتداخلة من أجل تنفيذ ما يبغون، وهو ما سوف يتأكد وضوحه عما قليل..
ولقد بدأت اجتماعات أستانا منذ 2003، تحت عنوان: “مؤتمر الأديان العالمية والتراثية”، في ذلك الهرم المقام في مدينة أستانا، عاصمة كزاخستان، وهو مبنى مشيّد وفقا لأعلى المعايير الماسونية. والهدف من هذه اللقاءات هو تفعيل السلام بتوحيد الأديان. ومما كان قد صدر في البيان الختامي للقاء سنة 2009، البند التالي:
“كزاخستان، طوال الأعوام الماضية، قد طورت أرضية روحية خاصة للحوار بين الأديان. إذ أن ضرورة وأهمية المصالحة بين مختلف الأديان يتقبلها العديد من الشخصيات الدينية التي تقوم حاليا بتبني الخطوط الأساسية المحددة للتوصل لهذا الهدف”.. وقد سبق وتناولت هذا الموضوع في بحث بعنوان: النظام العالمي الجديد ودين أستانا .. وللعلم، ان 70 % من سكان كزاخستان من المسلمين.
ولقاء 31 مايو 2016، الذي انعقد تحت عنوان: “الأديان ضد الإرهاب”، تم تشكيله نظرا لحالة الطوارئ الناجمة عن عمليات الإرهاب المتواصلة على بلدان الغرب، كما يقولون. ومن الغريب أن كل هذه العمليات التفجيرية هناك من يؤكد بالأدلة والبراهين على أنها من صنع الغرب نفسه لإشعال المزيد من الاتهامات ضد الإسلام والمسلمين. لكن من الواضح أن ذلك الغرب قد فقد برقع الحياء، بل قد فقد الحياء برمته..
ونورد فيما يلي بعضا من القرارات الصادرة عن اجتماع 31 مايو 2016. فبخلاف ادانة العنف والإرهاب بكل الأشكال يمكن أن نطالع البنود التالية:
بند 4 ـ نؤكد على أهمية تبني قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنع إهانة الدين ورموزه، ونثمن مبادئ التسامح والتعايش السلمي والحوار بين الأديان؛
بند 9 ـ نؤكد على دور المرأة والأسرات في تربية الشباب على مواجهة التطرف الأيديولوجي؛
بند 11 ـ نرحب بقرارات مجلس أمن الأمم المتحدة رقم 2250 و1325 اللذان يحثان على أهمية مساهمة المرأة والشباب في اتخاذ القرار على كافة المستويات؛
بند 14 ـ نحن مقتنعون أن الإنسانية يمكنها أن تحارب إجمالا ضد هذه التهديدات بتقوية الحوار وتعميق الفهم المتبادل بين الثقافات والأديان من خلال بناء منظمات مشتركة لمحاربة الإرهاب؛
بند 15 ـ نعرب عن مساندتنا لكافة الأديان وقادتها وكل شخصية بارزة في مهمتها النبيلة لمحاصرة العنف وتسوية الصراعات وتفعيل القيم العالمية وحقوق الإنسان، والاحترام والتفاهم بين الأمم؛
بند 16 ـ ومن هذا المضمون نحيّ بسرور لقاء البابا فرنسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية الرومية والبطريرك كيريل من موسكو وكل روسيا، الذي أعرب عن رغبة القادة الدينيين ليضعوا جانبا كل الخلافات وبدء الحوار باسم السلام. كما نساند نداء الصراع الشامل ضد الإرهاب الذي يتقاسمه قادة الكنيستين. كما نعترف بأهمية اللقاء بين البابا فرانسيس والإمام الأكبر للجامعة الإسلامية الأزهر [هكذا]، أحمد الطيب، وأهمية تفعيل الحوار بين الطوائف الدينية؛
بند 18 ـ مع الأخذ في الاعتبار الدور الأساسي للبرلمانيين في الحرب ضد الإرهاب والتطرف، نؤمن بأن القانون الدولي والتشريع القانوني يجب أن يصبح المرجع الفعال لمحاصرة ومنع الإرهاب. ونلاحظ أهمية البرلمانيين وتعاونهم مع القادة الدينيين في تشريع قوانين لتفعيل التسامح؛
بند 22 ـ ونعرب عن مساندتنا لمزيد من تفعيل الاستراتيجية الشاملة للأمم المتحدة لمحاصرة الإرهاب ونناشد الدول لبذل كافة الجهود لمساندتها والتوصل إلى إجماع حول التعريف الدولي للإرهاب؛
بند 24 ـ نرحب بمبادرة رئيس جمهورية كزاخستان، نورسلطان نازارباييف، لإرساء تحالف شامل ضد الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة وتبني وثيقة هيئة الأمم لمحاصرة الإرهاب، بالاتفاق مع رؤية الاستراتيجية الشاملة لمحاربة الإرهاب وقرارات مجلس أمن الأمم المتحدة.
كما تم تحديد العقد الدولي للتقارب بين الثقافات والأديان فيما بين 2013 ـ 2022.. وما أشبه تحديد هذا العقد الدولي بذلك الذي حدده مجلس الكنائس العالمي في يناير 2001، حينما فشل في تنصير العالم وفقا لقرارات مجمع الفاتيكان الثاني، وأسند إلى الولايات المتحدة بمهمة أطلق عليها “عقد اقتلاع الشر” الذي هو الإسلام في نظرهم.. وبدأت “المسرحية” بتلك الهجمة الغاشمة التي افتعلوها يوم 9/11/2001 بهدم الأبراج الثلاثة..
وفي 30 مارس 2016، أي عشية انعقاد مؤتمر “الأديان ضد الإرهاب”، تم إشعال شعلة السلام في مبنى اليونسكو.. وكلها أحداث تثبت الترتيبات وتوافقها.
وحين نعلم أن الكيان الصهيوني قد فاز بالإجماع يوم 14/6/2016 برئاسة داني دانون للجنة القانونية بالأمم المتحدة، ليتولى للمرة الأولى رئاسة واحدة من اللجان الست للمنظمة الدولية منذ انضمام الكيان الصهيوني لها سنة 1949، أي بعد عام واحد من اغتصابه أرض فلسطين، وأن هذه اللجنة تشرف على القضايا المتعلقة بالقانون الدولي، عندئذ سندرك ما يدور في مؤتمرات أستانا، كما سندرك فداحة ما وصلنا إليه بتنازلاتنا وخيانتنا لديننا وبلادنا.. فالمضحك المبكي ان يتم انتخاب أحد الصهاينة رئيسا للجنة القانونية المعنية بمكافحة الإرهاب !!
إن إسناد دور حامي الأديان إلى هيئة الأمم، ثم إسناد رئاسة إحدى لجانها لصهيوني، لكي يفرض مبادئ “التسامح والتعايش السلمي والحوار بين الأديان” على جميع الدول، إضافة إلى مطالبة الدول بالمراقبة لحماية الشعوب من الإرهاب، هو نتيجة حتمية لفداحة جُرم تعبيرات نكتفي بالتفوه بها من قبيل نرفض، نعترض، نشجب، ونقوم في نفس الوقت بتنفيذ مطالبهم أو نسكت عما يقومون به ظلما وعدوانا..
يا له من منطق معْوِجّ سوف يؤدي قطعا إلى علاقات أكثر دفئا، وربما أكثر حميمية..
زينب عبد العزيز
15 يونيو 2016
http://www.religions-congress.org/content/view/434/1/lang,en/
رابط مؤتمر “الأديان ضد الإرهاب”، برجاء النزول حتى صورة المؤتمر وقراراته
تعليق واحد
توحيد الأديان
توحيد الأديان
نبحث في قاموس الفاتيكان عن معنى كلمة توحيد وعن معنى كلمة دين ، فماذا نجد يا ترى ؟ هل من معنى وهل من مدلول ؟ نبدأ بالكلمة الأولى ، إن قاموس الفاتيكان يتسع لكل الكلمات تقريبا إلا كلمة واحدة فقط هي كلمة التوحيد ، إنهم يخافون من هذه الكلمة بل لا يطيقون سماعها ، لأنهم لا يوحدون وأكثر من ذلك فهم يعيبون على الناس حين يوحدون ، خصوصا إذا كان الموحد من أبناء أوربا ذاتها ممن انشرحت صدورهم لنور الإسلام ، ولذلك تجدهم أكثر انزعاجا وأشد منعا ، إذ زيادة على انزعاجهم الذي أفقدهم جوهر رأسمالهم الحقيقي الذي هو إنسانيتهم في أبعادها الخالصة التي لا تتوقف عند لون أو جنس أو عرق ، وإنما تشمل الجميع بالرحمة والتطاوع والتعاون والإيثار والتوادد والتسامح والتآلف وما إلى ذلك من الأخلاق الحميدة ، ذلك الجوهر الذي عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطرة في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم : ” ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه … ” . وهو ما دل عليه قوله سبحانه في الآية 30 من سورة الروم : ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” . نجدهم إلى جانب انزعاجهم يمنعون الناس من خير كثير يحفظ لهم إنسانيتهم وطمأنينتهم وسلامتهم وأمنهم وحلاوة الحياة وصفاءها بعيدا عن التضليل والتمييز والكراهية والتخويف واستهداف الناس في أغلى ما يملكون ، هذا حالهم مع التوحيد وما دام حالهم كذلك فهم صاروا يضيقون بكلمة دين ، لا لشيء سوى أن الدين الوحيد الذي لم ينل منه التحريف في دنيا النلس هو الإسلام الذي أخبر الناس أن التوراة من عند الله وأن الإنجيل كتاب الله ، إلا أن الناس الذين استحفظوا هذين الكتابين لم يحفظوا الأمانة ، بل عملوا جيلا بعد جيل على تجريد هذين الكتابين من كل ما يتصل بمبدأ التوحيد الذي هو العامل المشترك بين كل الكتب السماوية التي لا يمكن أن تكون كتبا لله وهي في نفس الوقت تعدد بدل التوحيد ، أيعقل أن يعدد كتاب الله الآلهة ، سبحان الله عما يصفون ، لهذا السبب يتولى الفاتيكان مهمة التدليس والتضليل ، فهو يدعو من خلال اللقاءات الدورية في الاستانا بكزاخستان وفي مناسبات أخرى إلى توحيد الأديان وهي كلمة حق أريد بها باطل ، لأن الأولى أن يدعو بابا الفاتيكان ومعه كل الحضور إلى توحيد الله عندها فقط تتحقق وحدة الدين الذي هو دين الله الذي ارتضاه لعباده ، أما دعوة الفاتيكان أيها الناس فهي دعوة غرضها الالتفاف على دين التوحيد الذي يشهد على وحدانية الله ، إن مثل هذه الدعوة ليست سوى أداة لصرف الناس عما يجري حولهم من إمعان في استهداف الإنسانية في أخلاقها التي استمدت روحها وجماليتها وقوتها من دين التوحيد الذي بشرت به التوراة و دل عليه الإنجيل ، إنهم في هلعهم يسبحون وفي أوحال مكرهم غارقون ، ذلك هو معنى توحيد الأديان الذي يدعون إليه ، أما الحضور ممن ينتسبون إلى أمة التوحيد فقد كان الأجدر بهم أن يسألوا أنفسهم ويسألوا بابا الفاتيكان أمامهم : كيف سنعمل على توحيد الأديان يا حضرة البابا ، وكيف نجعل الأديان تراثية ؟ ثم ما هي الأديان المقصودة بالتوحيد ؟ ثم لماذا لا نوحد الله يا حضرة البابا ويا حضرة شيخ الأزهر الشريف ؟ ثم لماذا لم تقولوا كلمة سواء يا رجال الأديان ، لماذا لا تشهدوا أن الله واحد وأن موسى وعيسى ومحمد هم رسل الله وأن أنبياءه ورسله جميعا شهدوا بوحدانيته ودعوا الناس إلى ذلك ، وإلا فما مدلول مؤتمر الأديان ، أو الدعوة إلى توحيدها ، ماذا تريدون ؟ أتريدون من الناس أن يدينوا بدين جديد ، أهو من التراث الذي سكت عنه التاريخ ، أم هو شيء علمه الفاتيكان ولم يعلمه الإنسان من قبل ومن بعد ، أهو حقيقة أم هو أضغاث أحلام ؟ ثم لماذا لم يلتفت بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر والحضور الكريم إلى مآسي الإنسان في العراق وفي بلاد الشام ؟ مثل هذا السؤال هو سؤال كل الأحرار في عالمنا الذي لم يفهم لغة الفاتيكان ولم يفهم طبيعة موقف شيخ الأزهر من الدعوة إلى توحيد الأديان .