ألف― الشروط والمسبّبات
ومن هذا البلد المغاربي انتشرت رياح التغيير إلى أقصى المشرق العربي مرورّا بمصر وليبيا ووصولًا إلى اليمن والبحرين والشام، ولازالت دولٌ عربية أخرى مرشّحة لإحداث التغيير لأن شروطه متوفّرة في كافة أرجاء العالم العربي ومن أهمّها انحراف الدولة عن مهمّتها الأساسية التي هي ضمان الأمن والعدل والحياة الكريمة للمواطن، “إنّما الإمام جُنّة” (رواه مسلم)، فأصبح همّها الأساسي وشغلها الشاغل التحكّم في السلطة واحتكار الثروة، فتحوّلت أنظمة الحكم العربية إلى دكتاتوريات ملكية و”جملكية”، تستعمل ترسانتها الأمنية وخردتها العسكرية وهياكلها الحزبية لقمع الشعوب.
وأدّى هذا الوضع البائس للنظام العربي إلى استفحال ثنائية “الحقرة / الحرقة” على حدّ تعبير الشارع المغاربي. و”الحقرة” هي الإحساس بالظلم والشعور بالإهانة وهي وصف لعنفٍ هيكلي يعيشه المجتمع، متمثّلًا في انعدام الحياة الكريمة، وعدم الاعتبار، والثراء الفاحش المحيط والغنى السريع، والبطالة، وانتشار الفقر المصطنع في دولٍ غنيّة، وانعدام المشاركة السياسية، والتزوير الانتخابي، والقهر والقمع، الخ. وينجم عن ذلك الإحباط والقنوط، وانعدام الأمل والحلم، وانسداد الأفق لدى المواطن، وهذا يؤدّي بدوره إلى فتور التضامن وإلى انتشار الأنانية والفساد القسري داخل المجتمع، ثمّ، في نهاية المطاف، إلى “الحرقة” التي هي ردّ فعل سالب أو عنيف تُعبّر عن القطيعة وإتلاف العلاقة وحرق الروابط، تتّخذ العديد من الأشكال منها: مغادرة الفضاء السياسي/الاجتماعي (العزلة والخلوة والاعتزال المواطني)؛ مغادرة الفضاء المدني (اللجوء إلى المقاومة المسلّحة)؛ مغادرة الوطن وحرق الوثائق التي تُثبت الانتماء إليه (الهجرة بأنواعها، من هجرة الشباب العاطل عن العمل في “قوارب الموت” إلى هجرة الأدمغة)؛ مغادرة الحياة (الانتحار بأنواعه وحرق النفس بإضرام النار على وجه الخصوص).
وهناك العشرات من المؤشرات التي طوّرتها وتقوم بقياسها سنويًا العديد من المنظمات الدولية، بين الحكومية أو غير الحكومية، التي تُظهر بوضوح مدى استفحال ثنائية “الحقرة / الحرقة” – وهما عرضان لنفس المرض الاجتماعي – في دول العالم العربي، ومنها مؤشرات الظلم الاجتماعي والانحدار الاقتصادي وتدهور الخدمات العامة والعسكرة والتحكّم في السكّان، وانتهاك الحقوق والحريات، والفساد وهشاشة الدولة وفشلها وفقدانها للشرعية، والهجرة البشرية، الخ.
غير أنّ منحنى “الحقرة / الحرقة” يستمرّ في التصاعد إلى حدّ يصبح فيه التغيير حتميًّا، ثمّ تحين نقطة التحوّل وإطلاق عملية التغيير، فينعكس المنحنى ليتحوّل الردّ السلبي أو العنفي تجاه العنف الهيكلي إلى ردّ إيجابي متمثّل في مقاومة لاعنفية في الأساس. إنها اللحظة الثورية التي يدفع التدخّل الربّاني حينها بالمجتمع بأكمله في تجربة روحانية وحالة وجدانية من التسامي.
باء― الدروس والعِبر
من الدروس والعِبر التي توحي بها أو تُذكّر بها “ثورة الحرية والكرامة” في العالم العربي ما يلي:
1― انتصار الحق على الباطل: في حالة نزاع ينشب بين أطراف لها أهداف مشروعة وأطراف لها أهداف غير مشروعة، يكون مآل النزاع حتمًا، عاجلًا أم آجلًا، بتحقيق الأهداف المشروعة، فهذه قاعدة اجتماعية لا يمكن تجاوزها ومبدأ راسخ في علم النزاع والسلم. والحالة العربية خير مثال على نزاع قائمٍ بين شعوب تهدف إلى استرجاع حقها في الحرية والعيش الكريم، وبين زمرٍ تهدف إلى ضمان مصالح خاصة غير مشروعة باستعمال أدوات القمع والتظليل. وقد أكّدت الشعوب العربية المنتفضة، لمن قد يراوده الشك، أنّ الطغيان، وهو باطل، مهما صال وجال ومهما طال أمده فهو زاهق لا محالة: “بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق”، “وقل جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا”.
2― أهمية الوحدة مع التنوّع: لم تكن “ثورة الحرية والكرامة” لتنجح لولا وقوف أغلبية المواطنين صفّا واحدًا، على اختلاف مشاربهم من يساريين وإسلاميين ولبراليين، في وجه الطغاة، ووعيهم بأنّ اختلافهم اختلاف تنوّع وليس بالضرورة اختلاف تضاد، وإجماعهم على إرجاء التنافس السياسي والأيديولوجي إلى غاية سقوط نظام الاستبداد والفساد وتوفّر أجواء الحرية التي تسمح بالتنافس الحقيقي والشريف. كما لم تكن الانتفاضات لتنجح لولا انضمام النخب إلى الجماهير التي سبقت إلى الانتفاض، مؤكدة أنّ بإمكانها أخذ المبادرة إذا تأخرّت النخب عن القيام بدورها في التغيير الاجتماعي. فكان لانضمام وتلاحم النخب الشريفة، النقابية والحقوقية والسياسية والإعلامية والفكرية والدينية، مع الجماهير، ومع الشبيبة على وجه الخصوص، الأثر البالغ في التأطير والتوجيه والترشيد.
3― ضرورة الثبات في الميدان: من العوامل التي ضمنت نجاح “ثورة الحرية والكرامة” ثبات المنتفضين على التظاهر في الفضاء العمومي وتشبثهم بمطالبهم، إلى غاية سقوط الطغاة، ملتزمين بشعار “ثورة ثورة، حتى النصر!”. وقد كانت هذه المقاربة موفّقة لأمرين اثنين، الأوّل هو كون التجارب التاريخية أثبتت أنّ بإمكان الطاغية مواجهة الانتفاضة الشعبية بعض الوقت، لكن إذا استمرّت هذه الانتفاضة مدّة معيّنة من الزمن، تحدّدها الظروف المحلية والإقليمية وموازين القوة، ينتهي به الأمر إلى الإذعان إلى إرادة الشعب والتسليم بالأمر الواقع. الأمر الثاني هو أنه في حالة تراجع الانتفاضة وانسحاب المتظاهرين من الفضاء العمومي قبل الأوان، فإنّ الطاغية يستغل ذلك لاسترجاع قوته والانقضاض على مقاوميه ومعارضيه، ويكون حينئذ بطشه شديدًا بمن سوّلت لهم أنفسهم الانتفاض، كما حدث في الجزائر منذ عقدين ويحدث فيها حاليا. فيكون بذلك توقيف الانتفاضة قبل أن تُأتي أكلها بمثابة انتحار جماعي.
4― نجاعة المقاومة المدنية: جاءت “ثورة الحرية والكرامة” لتؤكّد للمشككين في نجاعة أسلوب المقاومة المدنية اللاعنفية في إحداث التغيير السياسي في الوطن العربي ممّن يرى أنّ هذا الأسلوب الذي جُرّب بنجاح في الكثير من بقاع العالم لا يصلح استعماله عندنا لأنه لا يتلاءم مع مزاجنا ولا يتماشى مع ثقافتنا العربية الإسلامية. إنّ التونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين والشوام الذين أبدوا قدرًا كبيرًا من الحس المدني في انتفاضتهم وتعاملوا مع قوات الأمن بإحسان، تمكّنوا بهذا السلوك الراقي من جلب تعاطف وتضامن جزء معتبر من الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتحييد المتطرفين منهم، وتفويت الفرصة أمام الأنظمة الطاغوتية التي كانت تنتظر بفارغ الصبر أوّل مظاهر العنف، بل حاولت افتعالها بالعمل على اختراق صفوف المتظاهرين ودسّ أيادي الإجرام من بلطجية وشبّيحة بينهم، لتتّخذ ذلك ذريعة لإطلاق جماح آلتها القمعية. لقد فقِهت الشعوب العربية، أنّ الأنظمة العربية تُتقن التصدّي للمقاومة المسلحة، وتُجيد استغلال العنف، وتتفنّن في استثماره من أجل بسط سيطرتها على المجتمع. كما أكّدت “ثورة الحرية والكرامة” أنّ المقاومة المدنية اللاعنفية ليست فعلًا سلبيًا كما قد يتوهّم البعض، بل هي من صميم الفعل الإيجابي، ولا تنجح المقاومة المدنية في التغيير حتى يكون المقاوم المدني على استعداد تام للتضحية، مؤمنًا بمبدأ “كن جاهزًا للموت، توهب لك الحياة”، متيقّنا بـ”انتصار الدم على السيف” في نهاية المطاف. ومن يظن أنّه بإمكان الشعوب أن تتحرّر بدون تضحية فهو مجانبٌ لما تفيد به تجارب الأمم. إنّ “ثورة الحرية والكرامة” نجحت بفضل الله لأنّ الذين استشهدوا خلال هذه الانتفاضات قدّموا أنفسهم فداء لشعوبهم، فأحيت دماؤهم الطاهرة أمة بأكملها.
5― تناغم القصف الفضائي مع الزحف الأرضي: إنّ ما سمّي بـ”الزحف الأرضي” من مظاهرات واعتصامات في ساحات وشوارع المدن العربية وجد تجاوبًا قويًّا مع ما سمّي بـ”القصف الفضائي” من طرف قنوات التلفزيون الفضائية، ومواقع الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي. فتناغم بذلك الزحف والقصف في جدلية مثمرة. ولعبت وسائل الإعلام والوسائط الجديدة دورًا أساسيًا في إحاطة المنتفضين والشعوب العربية عمومًا بكلّ ما يستجدّ من تطوّرات ميدانية وسياسية وبالمكائد والمخاطر فورَ ظهورها، فتمكّنوا من تجاوزها ومن تسديد مسار انتفاضتهم باستمرار. وفي المقابل لم تكن وسائط الإعلام لتقوم بدورها على قدر عال من المهنية، لولا توفّر المادة الإخبارية، والصوَرية على وجه الخصوص، التي كانت تصل من الميدان من طرف مواطنين فطِنوا لأهمية توثيق الأحداث، بطرق غير مكلفة كاستعمال آلة تصوير الهاتف المحمول، ونشر الوثائق مباشرة عبر وسائط الإعلام.
6― وهَن الأنظمة الاستبدادية وخوارها: أظهرت “ثورة الحرية والكرامة” مدى هشاشة الأنظمة العربية المستبدّة وفضحت جبن المتسلّطين على رقاب العباد وثروات البلاد، الذين ظلموا فعاشوا في قلق دائم وأرِقوا من شدة خوفهم من يقظة شعوبهم، وهو هاجسهم الأساسي، يترقّبون الإنذار المبكّر بانتفاضة المواطنين ليستعدّوا للفرار بأنفسهم وأهلهم وغنائمهم من المال العام. كما تبيّن، مرّة أخرى، أنّ الاستبداد والفساد قائم في العالم العربي ليس بسبب قوة الطغاة ودعم الدول الغربية لهم، وإنما لضعف إرادة الشعوب. فحين تقرّر هذه الأخيرة فقط عدم الانصياع للطغاة، فإنّ ذلك يؤدّي مباشرة إلى تهاوي صروحها، فطاعة الشعوب للمستبدّين هو المصل الذي يمدّ في عمرهم. وصدق شاعر تونس أبو القاسم الشابي حين قال: إذا الشعب يومًا أراد الحياة، فلا بدّ أن يستجيب القدر.
7― تخلي الأنظمة الغربية عن أزلامها: ما حدث للرؤساء بن علي ومبارك والقذافي شاهد على أنّ الطغاة حين سقوطهم لا يجدون في أغلب الأحيان مِن أسيادهم ومستأجريهم في الغرب نصيرًا ولا مُجيرا، لأنهم يكونون بخلعهم وضياع السلطة من أيديهم قد فقدوا وظيفتهم الأساسية في حفظ مصالح الأسياد الذين يبحثون حينئذ عن أزلام بدائل. وهذا ما تشير إليه مثلا نشاطات السلطات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والإيطالية على أعلى المستويات، وخطابها المُحيَّن الذي تأقلم بسرعة مذهلة مع الوضع الجديد، واتصالاتها المكثفة مع الفاعلين الجدد في العواصم العربية المحرّرة بغرض جلب ولائهم والتأثير على مجريات الأمور والحفاظ على مصالح دولها.
جيم— التحدّيات والمخاطر
إنّ نجاح “ثورة الحرية والكرامة” في مختلف الأقطار العربية مرهون بالقدرة على تجاوز المرحلة الانتقالية بسلام، فالتحوّل الديمقراطي ليس عمليةً سهلةً، ولا طريقًا مبسوطًا بالياسمين، وإنما هو مخاضٌ صعبٌ وطويلٌ، ودربٌ عسيرٌ محفوفٌ بالمخاطر والمطبّات والمتاهات، خاصة في المرحلة الانتقالية التي تعقب الانتفاضة مثل ما تعيشه تونس ومصر وليبيا حاليا. ومن بين المخاطر ما يلي:
1— تمكّن الثورة المضادة: أظهرت تجارب الأمم في العقدين الأخيرين وكذا أصول ما أضحى يسمى في علوم الاجتماع بـ”علم الانتقال”، أنّه في غياب اليقظة وتوخّي الحيطة يكون بإمكان الثورة الشعبية أن تنتكس وتتحوّل إلى “ثورة قصر” ويُعاد ترميم النظام القديم واستنساخه، وهذا ما يجعل مسؤولية الشعوب والنخب المنتفضة في الدول العربية كبيرة في التعامل بحذر وحكمة من أجل الحؤول دون قيام ثورة مضادة قد تكون مدعومة داخليا، وجواريا/عربيا، ودوليا، والالتفاف على مكاسبهم، ولكي تمضي ثورتهم إلى المدى الذي يضمن لها التمكين.
2— الفشل في عملية المصالحة الوطنية: إنّ النجاح في عملية المصالحة والتعامل مع إرث الماضي البعيد والقريب من أهمّ الغايات التي يجب أن تسعى إليها الأنظمة الجديدة. ولا يمكن للمصالحة أن تتحقّق فعلًا إذا كانت مرتجلة أو مبنية حصرًا على النوايا الحسنة والاعتبارات الأخلاقية، فهي عملية لها شروط وأصول وقواعد يجب احترامها. والمصالحة، التي هي معالجة آثار الخلاف النفسية والاجتماعية، تأتي كمرحلة ثالثة وأخيرة في عملية تحويل النزاع، بعد مرحلة الصلح، أي إنهاء السلوك العنيف، ومرحلة فض الخلاف، أي معالجة أسباب الخلاف البنيوية، ولا يمكن للمصالحة أن تحلّ محلّ فض الخلاف أو تغني عنه. كما أنّ المصالحة ترتكز على أربعة دعائم وهي الحقيقة والعدالة والعفو والذاكرة، ولا تتمّ إلّا بالتعاطي مع جميعها.
3— التعوّد على حلّ الخلاف الداخلي بواسطة السلاح: من إشكاليات الحالات التي دُفِعت فيها الانتفاضة إلى استعمال السلاح دفاعًا عن النفس، كما حدث في ليبيا ويمكن أن يحدث في الشام واليمن، أن تترسّخ لدى بعض الثوار فكرة أنّ اللجوء إلى السلاح هو أنجع طريق لحلّ الخلافات الداخلية، وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى تراجع قيمة المقاومة المدنية اللاعنفية التي عزّزتها “ثورة الحرية والكرامة” خاصة في تونس ومصر. كما قد يشكّل ذلك تهديدًا للسلم المدني.
4— الأنانية الفردية والجماعية: إنّ الاكتفاء بالذات (شخصًا كانت أم حزبًا) والاستغناء عن الغير أو إلغاؤه، لاعتبارات طائفية أو أيديولوجية أو سياسية، هو أهمّ سبب وراء الفشل في التوصل إلى حدّ أدنى من الوفاق الوطني. وهذا يؤدي إلى عرقلة انطلاق عملية التغيير في بعض الدول وعرقلة بناء الدولة في البلدان التي بدأ فيها التغيير.
5— ضياع النفَس الثوري: إنّ غياب الثوار، أكانوا مقاومين مسلّحين أو غير مسلّحين، خاصة الشباب، من مؤسسات النظام الجديد، إمّا بسبب إقصائهم أو لعدم قدرتهم على التأقلم مع وضع ما بعد الإطاحة بالطاغية، يُفقد المرحلة الانتقالية النفَس الثوري، وقد ينعكس ذلك سلبيًا على سياسات النظام الجديد الخارجية والاقتصادية، والاجتماعية، الخ. التي قد تنتهك قِيم الثورة وتتعارض مع أهدافها.
6— الفشل في توفير الحياة الكريمة: لا استقرار للأنظمة الجديدة إلا إذا تمكّنت من توفير متطلّبات الحياة الأساسية، فمباشرة بعد الحرية يتوق المواطن إلى الحياة الكريمة التي لا تتوفّر إلا بإنتاج الثروة، وحمايتها من النهب، وتوزيعها توزيعًا عادلًا. إنّ اليقظة العربية إن لم تتبعها نهضة حقيقية للمجتمعات تجذب المواطنين إلى الأعلى في معاشهم، فإنّ جزءًا منهم سينقلب على النظام الجديد.
7— انحراف النخب السياسية الجديدة: تحت ضغط الرغبة في الحصول على اعتراف وقبول الغير قد تنحرف بعض النخب السياسية الجديدة على مستوى الفكر وعلى مستوى الممارسات، وتقوم بتقديم تنازلات للداخل والخارج تتنافى مع قِيم الثورة. كما قد تقوم هذه النخب باستنساخ سلوك وممارسات الأنظمة البائدة وتتحوّل إلى وجه جديد لنظام قديم، لأنّ النزعة إلى الاستبداد والتعسف والمحسوبية، إلخ. ليست حكرًا على نخبة بعينها أو تيّار معيّن، ولا أحد مطعّم ضدّها، إنما هي نزعة لدى كلّ البشر لا يكبح جماحها سوى آليات ومؤسسات قوية ورقابة دائمة من طرف المواطنين.
إنّ “ثورة الحرية والكرامة” غيّرت وجه العالم العربي وتجاوزت تداعياتها حدوده، والفضل في ذلك، بعد الله، للشهداء والجرحى والثوار الأبطال الذين ضحّوا من أجل كسر القيود وخلع الطغاة ولكي يستردّ المواطن العربي كرامته ويرفع رأسه بين الأمم، فالشكر الجزيل لهم جميعًا، والوفاء لهم بالحرص على أن تتحقّق غايات “ثورة الحرية والكرامة” كاملة غير منقوصة.
عباس عروة
14 يناير 2012
تعليق واحد
RE: عام بعد انطلاق اليقظة العربية من تونس: الشروط والعِبر والتحدّيات
[rtl]”””لأنّ النزعة إلى الاستبداد والتعسف والمحسوبية، الخ… ليست حكرًا على نخبة بعينها أو تيّار معيّن، ولا أحد مطعّم ضدّها، إنما هي نزعة لدى كلّ البشر لا يكبح جماحها سوى آليات ومؤسسات قوية ورقابة دائمة من طرف المواطنين.””” قبل كلٌ شيء، بارك الله فيك على الطبيعة الجوهرية للغاية، للنقط التي استخلصتها من خلال هذا التحليل الأولي للثورات في الأقطار العربية. أودٌ فقط إضافة ملاحظة واحدة، بخصوص ما أشرت إليه ب”الرقابة الدائمة ]للحكام[ من طرف المواطنين” إذ يقتضي هذا النوع من الرقابة الشعبية الدائمة، بناء مؤسساتي لا مركزي، يقوم على إحداث مناطق إدارية كبرى – ما بين 5 إلى 7 مناطق – تضم كل واحدة منها، عددا معيٌنا من الولايات وتتمتع بأوسع قدر ممكن من الصلاحيات في التسيير الإداري والجباية المحلية، وتنمية المنطقة، الخ… ممٌا يتطلب دراسة جدٌية تُناط بأطر أكفاء، ملمين بتاريخ وجغرافية الجزائر ومجتمعاتها وثقافاتها وعاداتها الجهوية. [/rtl]