أيضا الصحفيون والكتاب والشخصيات السياسية المعتدلة والمعارضة، يحصل لها الإقصاء والتهميش، وهو ما يحدث مع حمروش ومهري وبن بيتور والصحفي محمد بن شيكو وغيرهم، وقد أوقفت الصحف الكثيرة خلال الحرب الأهلية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "الصح آفة"، "الوجه الآخر"، "الحوار"، "النور"، "الحدث"، وحلت أحزاب رفضت تعديلات دستورية عام 1996 منها حزب الجزائر المسلمة المعاصرة وحركة الرئيس الأسبق أحمد بن بيلا…
حتى في الخارج إستعمل النظام كل الوسائل القذرة لأجل تكميم الأفواه وتكسير إرادة المعارضة حتى ما عاد شيء يحمل هذا الشعار في الخارج سوى في بعض الوجوه التي تحاول الحفاظ على الخيط الرفيع الذي يربطهم مع ما يسمى المعارضة للحكم أحيانا وما يعرف بالحفاظ على التواجد الشخصي والمصلحي النفعي أحيانا أخرى، ويجدر بنا التذكير بقضية العقيد المنشق محمد سمراوي الذي تم توقيفه في إسبانيا بناء على مذكرة توقيف دولية اصدرتها الجزائر…
ولقد حوربت الكثير من المؤسسات الإعلامية التي فتحت منابرها للمعارضة، ونجد على رأسها قناة الجزيرة القطرية، التي أغلق مكتبها في الجزائر منذ حصة شهيرة من "الإتجاه المعاكس" حول الجنرالات في الجزائر، ولهذا ظلت هذه القناة مصدر إزعاج كبير للنظام وهي التي طالما تفتح أبوابها لأصوات هي في الأصل تشكل البعبع المخيف لسرايا الحكم، وقد حاولت الحكومات المتعاقبة احتواءها ولكن ظلت المتمردة والصعبة المنال عليهم، وحافظت على خطها الأصيل وشعارها المتمثل في الرأي والرأي الآخر، وخاصة أن بوتفليقة يعتبر هذه القناة من ألد اعدائه منذ إستضافته لما كان مترشحا لعهدته الرئاسية الأولى في برنامج "بلا حدود" عام 1998 وقطع الحوار عليه بلا تبرير مقنع من طرف احمد منصور الذي تلقى في البرنامج تهديدات بطرق مختلفة، دفعته إلى توقيف الحوار بسبب صور عن أحداث كوسوفو، وهذا الذي جعل الرئيس لم يغفر لها أبدا ذلك الموقف واعتبر على مستوى مداومته الإنتخابية إهانة لمرشح ما يسمى بالإجماع حينها… لذلك رفض الجزائر السماح لها بفتح مكتب ظل متواصلا وإن كانت قد سمح لها بتغطية الرئاسيات أو زلزال العاصمة أو بعض المناسبات الخفيفة، التي لا مجال فيها للرأي المخالف المتمرد، ولهذا ظلت قناة الجزيرة هي البعبع الإعلامي الذي لم يستطع النظام الحاكم إحتواءه أو ترويضه او حتى خلق المنافسين الذين لهم القدرة على تكسير شوكتها العالمية، فترى كيف يفكر النظام بمختلف أجهزته السرية المحترفة في تدمير مصداقية هذه القناة داخليا والذي منه تدمير كل الرأي المضاد والمناوئ للسلطة والتي لا تجد سواها منبرا وهم طبعا لا منبر لهم؟
ونحن جميعا نذكر قضية المكنى أبو عبدالرحمان الذي سلم نفسه لمصالح الأمن الجزائرية في هذه السنة، وقدمته على أنه الناطق الإعلامي باسم ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي حاول توريط مكتب الرباط ومديره حسين الراشدي، في وجود علاقات مباشرة بينه وبين القاعدة، وأريد من خلال ذلك توريط القناة برمتها في تلك الورطة التي لم تكن محبوكة جيدا وخاصة أن الجميع يعرف الطرق التي تؤخذ بها تلك الاعترافات في مخافر المخابرات الجزائرية… وأيضا لا يمكن تجاوز مداخلة علي بن حاج في صيف 2005 لما تم إختطاف الدبلوماسيين الجزائريين من طرف تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، دفع حينها علي بن حاج الثمن أشهرا قضاها بزنزانة انفرادية بسجن الحراش، وقد شنت حينها الصحف حملة على الرجل والقناة التي أتاحت له فرصة دعوة الزرقاوي لذبح الدبلوماسيين، وهو ما لم يظهر من خلال كلام الرجل، والذي حسب ما رواه لنا انه بصدد المطالبة بالإفراج عنه ولكن الحوار قطع عنه…
أسئلة لا بد منها
قبل الحديث عن الضجة التي تشتعل اليوم بالجزائر حول قناة الجزيرة القطرية، بسبب الاستفتاء "غير المهني" الذي طرحته الجزيرة والتي جاءت نتائجه مؤيدة لما يقوم به ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"… فإنه يجب أن نطرح أسئلة هامة تكون محور نقاشنا في هذا المقال:
من ورط قناة في حجم "الجزيرة" في استفتاء بمثل هذه الصيغة؟
هل من يقف وراءه كان يريد لها بالفعل ورطة تدفعها للاعتراف بالخطأ وقناة بمكانة "الجزيرة" تعترف بهذا سيكون له الآثار السلبية بلا شك على مصداقيتها خاصة في الجزائر والتي حرصت عليها على مدار أكثر من عشرية كاملة؟
هل الجزيرة مخترقة من طرف المخابرات الجزائرية؟
هل إدارة تحرير الموقع لم تتفطن للخطأ المهني إلا بعدما فاقت نسبة التأييد للعمليات أكثر من خمسين بالمئة وبعد ثلاثة أيام من الإستفتاء؟
لماذا إنطلقت المحاكمة للإعلام الحر والمستقل بالرغم من إعتراف رئيس تحرير القناة أحمد الشيخ بالخطأ غير المقصود وإعتذر عنه؟
هل راهنت "الجزيرة" على نتائج تعكس رفض الشارع الجزائري والعربي للعمليات التي تشنها "القاعدة" في الجزائر لكن ورطتها النتائج التي خيبت الرهان؟
لماذا تكفل بالحملة مدير التلفزيون الجزائري بدل الحكومة مما يطرح شبهات مختلفة عن "الورطة المهنية" التي تريدها الجزائر للقناة الكبيرة؟
لو صبت النتائج لصالح النظام فهل سيكون الموقف هو نفسه من قضية الاستفتاء؟
هل الضجة التي تسري كالنار في الهشيم بسبب الاستفتاء أو الصيغة أو النتائج؟
ما ذنب القناة في النتائج التي عكست التأييد الكبير لعمليات القاعدة في الجزائر؟
نعرف ان النية المسبقة تعرف من خلال الموقف، فماهي نية النظام الجزائري التي كان يبطنها للجزيرة حتى يعلن عليها هذه الحرب الشاملة؟
لماذا لم يطرح هذا الاستفتاء على العراق أو أفغانستان أو يطرح بالصيغة العربية ووجه للجزائر بالضبط وفي هذه الآونة بالذات حيث تعيش الجزائر تفجيرات ومخاض عسير حول تعديل دستوري مرتقب؟
الإجابات كثيرة والاحتمالات مختلفة والمواقف متضادة، وتبقى الحقيقة غائبة حتما، ربما يعرفها أصحاب القرار في القناة، أو جهات أخرى تقف وراء هذه المعركة بين الجزائر والجزيرة، ربما ستتطور أكثر إلى حرب إعلامية تعود القناة من جديد لنشر غسيل الجزائر، أو قد يتم احتواءها في المهد بعد زيارة مفاجئة يقوم بها الرئيس الجزائري لقطر، لا شك أن هذا الموضوع سيكون محور التحادث بين الأمير والرئيس، ويلقي بظلاله على المحادثات الثنائية…
هم… في كل مكان !
أود هنا أن اروي قصة حدثت لي شخصيا مع مكتب "الجزيرة" في باريس، حيث أن أحد الأصدقاء التونسيين ويتعلق الأمر بالدكتور والباحث الأكاديمي منذر صفر، وهو أيضا رئيس جمعية التونسيين في أوروبا، قام بإرسال فاكس للمكتب في 02 فيفري 2007، يقترح عليهم برنامجا نشارك فيه للحديث في كثير من القضايا التي أعرفها ومطلع عليها وتتعلق بالشأن والمشهد السياسي الجزائري، وبعدما أرسله اتصل بالمكتب للتأكد من وصول الفاكس، لكن رد عليه شخص يبدو من نبرة صوته أنه جزائري، وراح يريد أن يعرف سر العلاقة التي تربطه كتونسي بجزائري، وطبيعة المواضيع التي سوف اكشفها في حالة استضافتي، وحاول أن يعرف بعض المعلومات عني أنا شخصيا، لكن الصديق الدكتور منذر صفر رفض مثل هذه الأسئلة البوليسية التي كشفت له عدم براءة السائل ونية ما كشفتها تلك الأسئلة المطروحة، لذلك أنبه بشدة ورفض تدخله السافر وغير المبرر الذي لا يليق بالطرفين، دفع الأمر الدكتور منذر بأن يغلق الخط في وجهه بعدما تجاوز حدوده بكلام غير لائق، بعدها مباشرة يتصل بي هذا الشخص ويخبرني أنه من مكتب الجزيرة بباريس، وراح يرسل لي كيلا من الشتائم لي وللصديق التونسي، ويهدد ويزمجر بأنه سيدفع الثمن غاليا، وقد استغل وجود رقم هاتفي المحمول على الفاكس المرسل، وراح يقدم لي النصائح بعدم قبول أي عرض من القناة لأنها سوف تستغلني في حملة ضد الجزائر، فاستغربت أن يأتي هذا الكلام من شخص يعمل بمكتب القناة القطرية، فطلبت منه أن لا يعاود الاتصال معي مرة أخرى وثرت عليه لما ذكر الدكتور منذر صفر بكلام فاحش، ليغلق الخط في وجهي بعد سب فاضح وكلام غير أخلاقي وتهديدات واسعة النطاق…
في المساء نفسه من 02 فيفري 2007 يحدث ما لم يكن متوقعا أن اتصل بي شخص من الجزائر بساعة ونصف تقريبا، وهو ضابط في المخابرات الجزائرية حسبما قدم لي نفسه ويعمل في بن عكنون بمركز الإعلام وأنه سكرتير العقيد فوزي، ولم يكن المتصل سوى النقيب عبدالمجيد عضيمي المعروف بـ "مجيد" وهو نجل الجنرال المتقاعد أحمد عضيمي، الذي أعرفه من قبل معرفة جيدة، في البداية تعجبت من الطريقة التي بها حصل على رقم هاتفي الشخصي، ولما طلبت منه ذلك تحاشى الإجابة بكلام ملتوي، وراح يحدثني عن اتصالاتي بالجزيرة وعلاقتي بالتونسيين، ويقدم لي النصائح بعدم المرور بها أو القبول بعروضها التي كلها استغلال وتنفيذ لأجندة أمريكية وغربية لضرب استقرار الجزائر، وراح ينصحني بأن لا أفعل كما فعل العقيد سمراوي وغيره ممن نشروا غسيل الجزائر عبر هذه القناة التي وصفها بالخبيثة والصهيونية… أصريت على معرفة الطريقة التي وصل بها إلى المعلومات والتي كلها كانت مدونة في الفاكس، بالرغم من يقيني ان الجزائري الذي اتصل بي يقف وراءها أو ربما حوله للجهة الإستخباراتية، لكن محدثي رفض الإجابة على أسئلتي، ولما وعدته بان أنظر بايجابية لطلباته رد على ما أردت معرفته: "عزيزي نحن في كل مكان"، قررت أن أراسل مدير مكتب الجزيرة بباريس الصحفي ميشال الكيك، وربما أراسل المدير العام بقطر وضاح خنفر، لكن بعدما كتبت الرسالة عدلت عن إرسالها، بسبب أن صديقي الدكتور منذر صفر قد راسل ميشال الكيك مراسلة موثقة بريديا، وأن هذا الأخير إتصل به وترك له رسالة صوتية عبر هاتفه الشخصي -وقد سمعتها بنفسي- حيث إعتذر له عما حدث من سلوك سيء لا يليق بمكانة الجزيرة ومهنيتها، مع العلم أن ما حدث من إتصال مخابراتي لم يتم إعلامه به، لأن المراسلة التي وجهت من طرف الدكتور منذر صفر تتعلق بالتعامل غير اللائق الذي بدر من موظف مكتب القناة، لذلك قررت أن لا أخوض في الموضوع ولا أعطيه تطورا أكثر قد يضر بمصداقية القناة ونحن في عالمنا العربي أحوج ما نكون إلى إعلام نزيه وهادف وإحترافي كما تقوم الجزيرة، فضربت على الحدث صفحا ووضعت الرسالة التي كانت موجهة للمدير ميشال الكيك في الأرشيف على أمل أن أعود لها إن إستجد أمر ما…
زمن حمراوي: من أهان من؟
الإستفتاء الذى طرحته "الجزيرة" كان بالفعل إستفتاء غير مهني، لأنه لا يمكن أن يستفتى الناس عن رأيهم في الجريمة أبدا، ولا حتى المقاومة الشرعية لمحتل يجمع الكل على بطلان وبشاعة غزوه، هذا من ناحية المبدأ وحتى من ناحية الصيغة التي طرح بها السؤال، فأن يستفتى الجزائريون أو حتى العرب عن عمليات تقتيل عشوائية للمدنيين ومن طرف مؤسسة إعلامية كبرى، هو في حد ذاته خطأ جسيم وقعت فيه "الجزيرة" وهو مستهجن ومستنكر في كل العالم، لكن إعتذار القناة وإصرار الطرف الجزائري الإعلامي ومن وراءه الرسمي على التصعيد، وقد غاب موقف الحكومة وإن كنا قد سجلنا بعض المواقف الفردية من وزراء، هو في حد ذاته يطرح الكثير من الشبهات حول هذه الورطة، التي اكدت "الجزيرة" على لسان رئيس تحريرها أحمد الشيخ من أنها "خطأ غير مقصود"، وذهبت الجزائرية خديجة بن قنة من جعله "فعل معزول" وهبت في خرجة إعلامية لها للدفاع عن زملائها الصحفيين الجزائريين العاملين بالقناة، وقد استبقت الأحداث بالرغم من أنه لم يوجه الإتهام إلى أحد سواء على مستوى التصريحات والحملة الإعلامية أو حتى المواقف، وإن كنا لا نستطيع أن نتهم شخصا بعينه، لكننا نعرف طريقة العمل في المؤسسات الإعلامية التي لا يمكن لها أبدا أن تقع في مثل هذا الخطأ وخاصة في ما يتعلق بإستفتاء دولي، هذا حتى على مستوى المؤسسات البسيطة فضلا عن مؤسسة كبرى بحجم الجزيرة، وطبعا الإستفتاء بقي 3 ايام قبل حذفه وبلغ عدد المشاركين أكثر من 30 ألف، والعجيب أن مثل هذا الأمر لا يتفطن له أحد والموقع يزوره الملايين يوميا…
في قناعتي أن الفعل ليس معزولا أبدا، وان جهة معينة تعمل لحساب الأجهزة الأمنية الجزائرية، تقف وراء هذا الفعل الشنيع، الذي سيجعل القناة في وضع لا تحسد عليه، وخاصة أن الأمر تعلق بدماء أبرياء عزل، والشعب الجزائري لن يتسامح أبدا مع من سيتلاعب بعواطفه أو قداسة موتاه، والنظام الجزائري من خلال الحرب الأهلية قد فعل الكثير، ويكفي ما روي من طرف ضباط فارين عن جرائم بشعة حيكت ضد المدنيين وتورطت فيها المخابرات الجزائرية، وكل ذلك طبعا من أجل ثورة شعبية يراد إشعال فتيلها ضد التنظيمات المسلحة، فلو كان النظام الحاكم له أدنى شعور بالمسئولية تجاه الدم الجزائري، لاعتبرنا ما حدث مؤامرة خارجية على البلد، فمدير التلفزيون حمراوي حبيب شوقي الذي هب يعلن الحرب على "الجزيرة" لإعتبارات وخلفيات أخرى فيها جانب يتعلق بالكفاءات التي صنعها تلفزيونه وأممت وجهها تجاه الدوحة، وجانب آخر يتعلق بالمعيار الإعلامي الذي صنعته القناة بحيث ظلت اليتيمة "وهو ما يطلق على التلفزيون الرسمي في الجزائر" تعيش تحت خط الفقر الشعبي بسبب إقبال الجزائريين على القناة القطرية، مما جعل صورته التي أراد تلميعها كصحفي وكمسئول تهتز وتضعه في خانة الفشل والسقوط، نعم… لقد فتح النار حمراوي على "الجزيرة" بسبب ما سماه عدم مهنيتها في تعاملها مع الدم الجزائري، ووصفها بأنها قناة القاعدة، وهو نفسه الذي يشرف على برنامج فني متعفن اسمه "ألحان وشباب" ويقيم حفلات كبرى في اكبر قاعات العاصمة الجزائرية، قام بتسجيله قبل بثه وهو الذي كان يبث مباشرة بعد التفجيرات مباشرة والدماء لم تجف بعد، ووقفت على خشبة البرايم المطربة فلة عبابسة وهي تقدم التهاني لشقيقتها ومن دون أدنى إحترام لشعور الضحايا، فلو كان سي حمراوي قلبه على القتلى لقام بالغاء الحفل وتأجيله على أقل تقدير اسبوعين كاملين، ولكن كيف يفعل ذلك والمطربة المحببة لقلبه المعروفة بمطربة الأمراء والملوك تنازلت أخيرا من عرشها العاجي لتنشيط الحفل؟
لهذا نجد أنفسنا مضطرين لأن نسال هذا السؤال: من الأولى بإحترام شعور عوائل الضحايا تلفزيون حمرواي الذي يزعم أنه تلفزيون جزائري ام قناة الجزيرة القطرية؟
لقد مل الشعب الجزائري أن يتولى شأن الدفاع عن مقدساته ومشاعره من هو في الأصل يتفنن في رفسها تحت أقدامه على المباشر ومن دون أدنى شعور بالذنب، وإن كانت "الجزيرة" إرتكبت خطأ مهنيا جسيما، فالتلفزيون الرسمي إحتفل علنا وبأغاني العشق والغرام وتحت هز فلة عبابسة لخصرها ونهدها، ويوجد من لا يزال لم يعد من المقبرة ويكفكف دموعه على فقدانه لوحيدته أو معيل أسرته، إنها لمفارقة عجيبة في زمن حمراوي حبيب شوقي…
الإعتذار… والأعذار
إصرار الأطراف الإعلامية التي هبت في حملة واسعة ضد القناة القطرية على الإعتذار الرسمي، لا يشبهه إلا إصرار آخر من هذا القبيل في القواسم المشتركة وهو الاعتذار الفرنسي للجزائر، الذي ظل النظام يصر عليه في القنوات الإعلامية ويتجاهله في جلسات السمر والسكر التي تجمعهم بنظرائهم الفرنسيين سواء في باريس أو حتى في المرافق الفخمة بزرالدة، وهو المكسب الكبير الذي يسعى النظام الإنقلابي على إرساء دعائمه به، فقد عاش من قبل على ضرع الشرعية الثورية لسنوات طوال، وفي ظل التطورات الدولية وعهد العولمة صار يبحث عن ضرع جديد يزيده نفسا آخر يستطيع كسب قلوب الجزائريين بعدما فشل في تقديم ما يصلح ويعيد الإعتبار لشعب يعيش الفقر المدقع بالرغم من الثروات والملايير التي جنتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة بسبب الإرتفاع الكبير لأسعار النفط التي فاقت الثمانين دولار، والسعر المرجعي لقانون المالية الذي تعده الحكومات المتعاقبة لم يتجاوز 19 دولار، وأنا كجزائري أولا ومن عائلة ثورية فقدت الكثير من أبنائها في الثورة أرفض هذا الإعتذار الذي يريده النظام لنفسه وليس للأمة، ويريد أن يحقق مكسبا تاريخيا كبيرا بحجم إعتذار فرنسا للجزائر على جرائم الإستعمار، وهو ما سيكسبه أسباب البقاء والإستمرار والدوام والشرعية المزيفة، ويجعل "شرعية الإعتذار" تطيل عمره من جديد، ويتواصل تسلطه على رقاب الناس، فلو كان سبب الإعتذار هو دماء الجزائريين، لكان الأولى أن يعتذر الجنرال خالد نزار وعصابته من الينايريين الذين قادوا انقلابا على الإرادة الشعبية، وعلى تلك الدماء التي سالت خلال الحرب الأهلية التي أشعلوا فتيلها، فمن الأولى أن يعتذر النظام على دماء لم تجف ومفقودين لم يعودوا لأهاليهم ومساجين قضوا السنوات الطوال تحت القهر والتعذيب والعزل، أو فرنسا التي احتلت الجزائر واستطاع الرجال من تحريرها منذ ما يقارب نصف قرن؟
نحن في زمن يتغنى النظام بالمصالحة فكان الأولى أن يعتذر الجنرالات وممن سار في عصابتهم على تلك الدماء التي سالت، وتلك الأرواح التي أزهقت، وتلك النفوس التي روعت، وتلك الأطراف التي بترت سواء في قنابل وتفجيرات او محاولات إغتيال او حتى تعذيب في زنازين لا تراها الشمس، فالحكم الذي ظل يستمد شرعيته من دعم فرنسي يأتي اليوم ويريد أن يجبر فرنسا ساركوزي على الإعتذار إنه بالفعل إستغباء وإستخفاف وإستحمار للشعب الجزائري المجاهد والأبي، أنا ساظل أطالب فرنسا بالإعتذار على جدي الشهيد وعمي المختفي وخالي الشهيد ووالدي السجين وعمي الجريح وكل جزائري ذاق ويلات الإستدمار الغاشم، لكن أريده إعتذارا يحمل للشعب وليس للنظام، وأنا على يقين أن فرنسا لو رأت هذا الحكم الفاسد بدأ يحتضر فلن تتردد أبدا في الإعتذار حتى ترقع له بكارته وعذريته المفقودة بسبب العهر والدياثة…
قد نتساءل لماذا هب بوتفليقة للإعتذار الرسمي لساركوزي على خلفية تصريحات وزير المجاهدين الجزائري؟
لقد حاولت وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر أن تسميها "توضيحات" قدمها بوتفليقة، وهي في الأصل إعتذار وهذا الذي أكدته الكثير من المصادر الفرنسية، ويكفي الإستقبال الخارق والمثير والذي لم يسبق لأحد سوى ساركوزي، دفعت حتى القضاء متابعة شاب عبر عن رؤيته وموقفه من الرئيس الفرنسي، وفي الوقت نفسه أهان وزير الخارجية الفرنسي كوشنير وداخل التراب الجزائري عضوا في الحكومة ويدير حقيبة وزارية لها أبعادها التاريخية وتتعلق مباشرة بفرنسا الإستعمارية، وهي التي تسهر على شؤون قدماء المحاربين، ولكن لم يقدم ساركوزي ما سموها توضيحات ولا كوشنير بنفسه تراجع عن تصريحاته بزعم أن وسائل الإعلام حرفتها، فقد فشل النظام في تحقيق توضيحات عن إهانة وعلى المباشر فكيف سيحصل على إعتذار يغير مسار التاريخ ويلقي بظلاله على المشهد الفرنسي مئات السنين، فساركوزي ورجال حكمه يوقنون جيدا ان ما يطالب به الجزائريون مجرد جعجعة في طحين قلل من شانها حتى وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي وهو على التراب الفرنسي، لذلك لم ينل بوتفليقة ومن معه سوى كلمات عابرة عن فظاعة الإستعمار تفنن ساركوزي في تأبين ضحايا الجانبين…
قد يرانا البعض في حديثنا عن هذا الإعتذار مجرد هفوة منا ونحن نتحدث عن أزمة "الجزيرة" وورطتها، ولكن أردت فقط المقارنة بين المطالبة بإعتذار الجزيرة الذي يراد منها تكسير شوكتها ومصداقيتها بين الجزائريين وهي منبر المعارضة والرأي الآخر الجزائري، الذي أغلقت في وجهه كل الأبواب، وبين إعتذار فرنسي يراد منه تكسير شوكة المعارضة أيضا وتحصين المناعة الشعبية للنظام الحاكم، وكسب المفخرة عبر السنوات القادمة، فالتفنن في تجريم الآخرين وإجبارهم على الإعتذار صار سلعة للنظام المستبد الذي فشل ان يسوق سلعه الأخرى التي أثبتت الأيام إفلاسها… ولا ينطبق على ما يحدث الآن في حق "الجزيرة" سوى أنه النظام صار أسدا عليها وأمام فرنسا هو النعامة.
إجابات لا بد منها
القول من أن ورطة الجزيرة هي فعل معزول كلام واهم ولا يتفوه به إلا من لا يعرف واقع الأجهزة الجزائرية، ولمن لا يعرف حقيقة النظام الحاكم الذي يتقن فن الحيل والتلاعب والإختراق للرأي المضاد والمؤسسات التي تصنف في دائرة العداء له، لذلك بفضل التجربة الطويلة في الميدان تعلم كيف يحول خصومه هو إلى اعداء للشعب الجزائري والثورة والتاريخ العريق، وهي في الأصل كانت تهدد مصالحه وسياسته فقط… فدعوة وزير التضامن ولد عباس إلى مقاطعة القناة وانه طلب من "التقني" حذفها من باقة القنوات التي يستقبلها في بيته الفاخر والمجاني بإقامة الدولة "نادي الصنوبر"، لهو حديث للإستهلاك وكشف حقيقة ما يطمع فيه النظام، وهو تحقيق المقاطعة الشعبية للقناة، مما يعني محاصرة المعارضة التي تستطيع توصيل مواقفها للداخل ولأكبر شرائح المجتمع عبرها، ويكفي ان العارف بشؤون أجهزة الإستقبال الرقمية يدرك حقيقة ما ينطوي عليه كلام الوزير من لف ودوران، فإن كان يملك جهاز إستقبال شخصي فيستطيع حذف القناة من دون أن يستعين بتقني، أو ربما يدرك جيدا أن أسرته لا تستطيع الإستغناء عنها أو هو يغلبه الهوى فيجد نفسه قد ذهب إليها بطريقة عفوية، في ظل يقينه بأنها تتمتع بمصداقية لا يختلف فيها إثنان، أم إن كانت القنوات عامة تابعة لإدارة الإقامة وهو الحقيقة، وقد اقمت بها لسنوات واعرف ذلك جيدا، وقطعها يتم من مركز التزويد الرئيسي يعني قطعها عن الجميع، وهو دليل على أن موقف المقاطعة لم يقبل عليه بقية "رجال الدولة" الذين أكيد يعرفون سر الورطة المهنية التي حيكت ضد القناة، والتي يراد منها محاكمة دولية لها وسترحب بها الكثير من الأطراف المعادية للحقيقة، وهذا الذي رفضته عوائل ضحايا تفجيرات 11 من ديسمبر الأخيرة، حيث إنسحبت من جلسة نظمتها وزارة التضامن في 23 ديسمبر الجاري وتمت فيها محاكمات ومرافعات ضد القناة القطرية، رافضة الإستغلال لدموعهم ودماء ذويهم في قضية لمحاكمة بدت أنها لأجل تصفية الحسابات ليس إلا، وطالبوا بالحقيقة حول التفجيرات التي أزهقت أرواح أبنائهم أولا وقبل كل شيء، والتي يبدو انه يراد من الحملة على "الجزيرة" طي صفحة المأساة وبأسلوب يخدم النظام ويجعله يخرج من ورطته منتصرا، وقد أثبت فشله في حماية أرواح الأبرياء والعزل، وتلك كارثة لا تغتفر زادتها فظاعة تصريحات وزير ما يسمى بالداخلية في الجزائر يزيد زرهوني، الذي أكد علم مصالحه المسبق بإستهداف المجلس الدستوري ومؤسسات أخرى، ربما تستهدف في 11 جانفي القادم أو غيره من الشهور الأخرى، والتاريخ المذكور له مدلولات كبرى في الحرب الأهلية بالجزائر من إنقلاب 1992 إلى نهاية الوئام المدني في 2000 الذي رفضته قاعدة الجزائر لما كانت تسمى بـ "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، مما يعني أن النظام قد فشل وهو يعلم وكيف يكون الحال لو لم يكن يعلم، أو أنه أراد سقوط هذه الأرواح التي أكيد ستغدو "شهيدة الوطن" الذي يحفظ ماء وجه النظام الحاكم، ويسخن دف الجدل السياسي القادم والقائم على عهدة أخرى للرئيس بوتفليقة…
لقد طرحنا في بداية المقال عدة أسئلة، والأجوبة عليها قد يستشفها القارئ من خلال ما تعرضنا له، ولكن كان علينا أن نجيب بطريقة مختصرة على بعضها حتى نضع القارئ الكريم في الصورة الحقيقية لما جرى للجزيرة، والتي حركت كل جمعيات وقوى المجتمع المدني للإقتصاص منها وهي نفسها التي تحركت منذ أيام للمطالبة بعهدة ثالثة للرئيس بوتفليقة، وتحركت من قبل في مرض الرئيس والعمليه الجراحية التي أجريت له بباريس، ففي جانفي 2006 تحركت ما يسمى باللجان والحركات الجمعوية لإستقبال بوتفليقة العائد من فال دوغراس ومساندته في خياراته السياسية، وتحركت لما استهدف في تفجيرات باتنة للتنديد بأعداء البلاد ومبدأ المصالحة الذي يسعى الرئيس لإرساء دعائمه، وأنا على يقين أنها ستتحرك الآن بحجة أن "الجزيرة" تريد نسف مصالحة بوتفليقة… من خلال معرفتنا لسرايا الحكم ندرك جيدا أنه لن يستطيع أن يقبل على أي مشروع من دون تحريك آلة ما يسمى "المؤامرات الأجنبية على الجزائر"، ونذكر ما صرح به بوتفليقة في عملية باتنة التي قيل أنها تستهدف إغتياله، عندما حمل أطراف أجنبية – لم يسمها – كل ما يحدث، وأيده وزيره يزيد زرهوني، أوصلت الشارع الجزائري إلى مسيرات "عفوية" يتقدمها زعماء أحزاب ووزراء لمساندته كـ "رجل المصالحة" ومساندة مشاريعه، التي تطورت إلى تعديل دستوري مرتقب وعهدة ثالثة لا يختلف فيها إثنان، وطبعا قميص "الجزيرة" الذي قد من دبر هو السلعة الغالية التي منها يتحقق المراد، في ظل إدمان جزائري لا نظير له عليها وعلى برامجها المختلفة والمثيرة، وتحت طائلة الشبهات التي ترافق كل عملية تقوم بها القاعدة أو غيرها…
فمن بين ما طرحناه من أسئلة حول نتائج الاستفتاء الذي لو صب في رفض عام للعمليات التي تقوم بها القاعدة في الجزائر، فترى كيف يكون موقف النظام الجزائري؟
من قام بهذا الفعل يدرك جيدا أن النتائج لن تكون أبدا في صالح النظام، فالشباب الذي يرمي بنفسه في عرض البحر في ما يسمى بالحرقة وهو يعلم أن نسبة نجاحه لا تتجاوز عدد الأصابع، والشباب الذي لا يعرف شيئا عن حقيقة الأزمة الجزائرية يفخخ نفسه لتفجيرها من اليأس، لن يتراجع أبدا في تأييد العمليات الإنتقامية حتى لو كان لا يحمل فكر القاعدة ولا يدين بمذهبها، وأنا على يقين أن اغلب الذين صوتوا بنعم هم من اليائسين الذي يترددون على مقاهي الأنترنيت بحثا عن فرص مع أوروبيات بهن يستطيعون الفرار للضفة الأخرى من المتوسط والهروب من الجوع والبطالة والإقصاء والتهميش الذي يعانون منه في بلادهم، ففي لحظة يأس من تحقيق المراد يجد نفسه أمام إستفتاء مثل الذي طرح فترى كيف تكون إجابته ودرجة غضبه من النظام الذي جوعه وقد ثوبه وهشم عظامه قد بلغت المئة على سلم ريختر؟ طبعا الإجابة واضحة…
أما في ما يخص طرح هذا السؤال على الشأن الجزائري الآن، ويوجد العراق الذي يعتبر المادة الدسمة لكل وسائل الإعلام، والعمليات الإنتحارية فاقت كل حدود التصور، ونجد كذلك بالنسبة لأفغانستان التي تعتبر معقل القاعدة وحليفتها طالبان، لكن فضل طرحه في صيغته التي تتعلق بالجزائر، مما يعني ويؤكد أن القضية ليست إستفتاء بريئا أو خطأ مهنيا أو موقفا معزولا، الأمر يتجاوز ذلك بكثير ونحن على يقين أن إدارة القناة لو حققت في الأمر بدقة ومسئولية لوصلت لما نحن بصدد تأكيده وإن كنا لا نملك أدلة قطعية لذلك…
أمر آخر ربما نكون أهملناه من خلال ما سبق وتتمثل في قضية مصور الجزيرة سامي الحاج المعتقل في غوانتانامو، والذي صارت قضيته اليوم من أشهر قضايا حقوق الإنسان في العالم، وقد تحركت كل المنظمات الحقوقية في العالم وعلى رأسهم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، وبدعم من شخصيات نافذة وشهيرة ونشطاء حقوقيون بارزون للدفاع عنه، وبسامي الحاج صار غوانتانامو قضية الجميع بلا استثناء، الذين هبوا من كل حدب وصوب بمختلف عقائدهم وهوياتهم ومشاربهم للمطالبة بغلقه، وظلت "الجزيرة" تدافع عن مصورها الذي أعتقل وهو يؤدي واجبه المهني، ونذكر أيضا الصحفي الكبير تيسير علوني وهو الشاهد الإعلامي الوحيد على جرائم أمريكا وحلفائها في أفغانستان، الذي دبرت له مكيدة لأجل تلطيخ سمعته وجعل شهادته غير مستقلة بالرغم من المهنية التي أداها وباحتراف قل نظيره، شهد له بها العدو قبل الصديق في أوج الحرب التي شنتها أمريكا على طالبان، وأشيد هنا بمواقفه وصبره وتجلده وقد لمست ذلك بنفسي وانا أتصل به هاتفيا في الأسابيع القليلة الماضية… فالمؤامرة على جعل القناة تنتمي للقاعدة أو أنها الناطق باسمها قديمة وتجاوزها الزمن لدى العقلاء، وقد تجلت في قضية سامي الحاج وتيسير علوني، غير أن الرأي العام العالمي والعربي يفرض تصوره القاضي ببراءة "الجزيرة" ومهنيتها العالية وأنها ضحية المؤامرات فقط، دفعت بسببها الكثير ليس المجال لبسط ذلك، فلم يفلح أعداء "الجزيرة" في كل ما مر وحدث في توريطها شعبيا على الأقل وظلت شامخة، ولكن تورطت في قضية الجزائر وهو طبعا هدية من ذهب سوقت للمحافظين الجدد وأذنابهم الذين يسعون لتغيير خارطة العالم العربي والإسلامي وفق أجندة تستمد رؤيتها من عمق فكر إستغلالي وإستعماري ولاهوتي ليس إلا… نعم لقد حاولوا توريط الجزيرة من خلال قضية تيسير علوني أو من خلال قضية سامي الحاج ولكن باءت الأمور بالفشل، فلا يعني ذلك أبدا ان المؤامرات توقفت لضرب هذا الصرح الإعلامي الكبير، وتقويض مصداقيته التي فشلت في ذلك قنوات أطلقت خصيصا وبأموال ضخمة كمنافسة لها ولكن ما زادت الجزيرة إلا رفعة وإحترافية وعالمية، ومازادت اعداؤها إلا خساسة وتخلفا…
الضجة ليست بسبب الإستفتاء او النتائج او الصيغة بل تجاوزت ذلك بكثير، فهي مؤامرة وقعت فيها "الجزيرة" من حيث لا تحتسب، وضعتها في موقف لا تحسد عليه، والمخرج منه ليس في الإعتذار أو معاقبة المتورط المباشر او تعديل من خطها الإعلامي والمهني، الحل الوحيد يكمن في الوصول للحقيقة وعلاقة الأجهزة السرية الجزائرية بما حدث، فضلا من ذلك وجب عليها أن تتخلص من كل صحفي أو إداري يريد إستغلال وجوده بالمؤسسة لأغراض أخرى مشبوهة، حينها ستزيد مصداقيتها أكثر وتزيد إنتشارا عندما يدرك الجميع أن أمريكا التي دمرت مكاتبها وقتلت وأسرت صحفييها وان الدول العربية التي أغلقت مكاتبها، ليس صعبا عليها توريطها في فضيحة مثل التي حدثت وبمساعدة أطراف من داخلها قد شبعت حتى الثمالة من النجومية والمال القطري…
إن قضية "الجزيرة" التي صارت تسيل الحبر الكثير والتي قد تصل للمحاكم، وهو بلا شك سيسبب المتاعب لها، إن لم يتم إحتواء الأمر بشروط تفرضها الجزائر لأنها في موضع قوي، وأهمها طبعا توقيف ما تراه السلطة حملة عليها وعلى مشاريعها السياسية، وهذا يعني إقصاء المعارضين إقصاء كاملا، وتوجه القناة نحو موقف جديد تجاه الشأن الجزائري سيضر بلا شك في صمعتها التي صنعتها ونحتتها بالذهب على جبين التاريخ ، الإحتمالات كثيرة والنتائج أكثر وهذا الذي ستكشفه الأيام القادمة بلا منازع، وخاصة بعد إعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة زيارته المفاجئة لقطر في زيارة لم يعلن عنها مسبقا كما هو معتاد… والزمن كفيل بكشف الحقيقة الغائبة في دهاليز نظام تعلم كل فنون القذارة،سيظل والتاريخ شاهدا عليها بلا شك، ولنا عودة أخرى للموضوع.
أنور مالك
24 ديسمبر 2007