الكاتب: محمد جاب الله

يعيش العالم هاته الأيام على وقع تفشي وباء فيروس كورونا الذي تحول إلى جائحة أصابت كل دول العالم تقريبا دون تفريق بين فقيرها وغنيِّها مهما كانت درجة تطورهم العلمي أو الاقتصادي، وباء لا “لقاح” ضده ولا “علاج” له لأنه لم يسبق أن أصاب الإنسان قبل اليوم. منذ ظهور الإصابات الأولى بذلك الفيروس في ديسمبر الماضي في مدينة يوهان الصينية تبين أنه سريع الإنتشار وأنه لا علاج له إلا بالسعي الجاد لعدم التعرض للعدوى به وكذلك بمدى قدرة تكفل الدول بالمصابين. كما تبين أن نسبة الوفيات بسببه لا تفوق كثيرا الوفيات بغيره إذا تم التكفل العاجل والمناسب بالحالات الحرجة . ولكن…

المزيد

كأغلب الغيورين على مصير شعبهم ووطنهم صرت أصبح وأمسي منذ 22 فيفري الفارط على ما يجدُّ في صفحات الفايس بوك الذي أضحى أداة مقياس نبض الشارع وكذلك من يسعى لتحديد وجهته ودرجة توتره لأنني اعتقد شخصيا أن انتفاضة 22 فيفري لم تكن عفوية، فهي بدون شك بفعل فاعل و من اجل غرض معين و لزمن معين ولكن حالة الاحتقان والاستياء والغضب من الوضع الذي كانت عليه البلاد جعل الشعب يلتقط الشرارة ويحوّلها إلى انتفاضة سلمية شاملة بمطلب موحد وعزيمة قوية في تغيير كلي وإصلاح حقيقي للوضع الذي فاق فساده وانحرافه كل تصور؛ و لقد باغتت ثورته الجميع وفرضت أسلوبها السلمي…

المزيد

رأينا في مقال سابق كيف استطاعت التجربة الإسلامية للحكم في عهدها الأول أن تجعل الممارسة السياسية على قدر كبير من الأخلاق التي تُجنِّب رجل السياسة من السقوط في حتمية الميل لسوء استعمال السلطة لمن يستلمها كما افترض الفيلسوف “مونتسكيو” او استعمال القوة للمحافظة عليها كما أوصى السلاطين بذلك “ماكيفلي” . و السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن تَحْيِين تلك التجربة وتقديمها من جديد؟ ولماذا لم تظهر تلك النماذج من الحكام في البلدان الإسلامية التي تدعي أنها تحكِّم الإسلام أو أنّ مرجعياتها إسلامية؟ بل بالعكس نرى أن اغلب من استولوا على الحكم في البلدان الإسلامية يمثلون أسوء النماذج من فرط فسادهم…

المزيد

” السياسة :لغويا يسوس أي يعالج الأمور…، أما اصطلاحاً …مجموعة الإجراءات….الخاصة باتخاذ القرارات من أجل تنظيم الحياة ..، وتضم آليات توزيع الموارِد، والقِوَى، والنفُوذ …، وتختلف الأنظمة السياسية بين دولة وأخرى …، ومدى تطبيق مبادئ الديمقراطية فيها “. (1) فالسياسة إذا هي خدمة المجتمع حسب الآليات والقوانين التي يحددها ويوكل تنفيذها لمن يأتمنه على أدائها ويضع بين يديه وسائل الإكراه من شرطة وجيش التي تمكنه من حماية القوانين المنظمة لشؤونه الداخلية والخارجية كما تمنحه القدرة على اخذ القرار ، فهي بهذا المعنى تكليف يُختار له وجوبا الأفضل ممن ترشحهم كفاءتهم وأمانتهم؛ وهذا ما تصبوا إلى تحقيقه في العصر الحديث…

المزيد

أصدقائي إخواني شركائي في الوطن، لعلي أكون من المسنين القلائل الذين يتواصلون معكم ويبادلونكم الأفكار والصداقة على هدا المنبر الافتراضي، الذي أرى فيه نعمة أنعم الله بها علينا جميعا، وبالأخص على أمثالي ونحن في خريف العمر، حيث لم تكن لنا أي وسيلة للتعبير الحر عن آرائنا، وتطوير قدرات البعض في الكتابة، والإبداع الفكري المهتم بقضايا الأمة، إلا إذا قبل أن يستعمل لغة الخشب للولوج إلى وسائل الإعلام الرسمية التي لا تُفتحُ إلا لمن يلتزم بخطها وأهدافها؛ إذن إخواني أنتم محظوظون لأن لديكم فرصة ثمينة للتواصل وتبادل الأفكار، ومعرفة الآخر، والحوار عن بعد الذي يمكن أن يصل إلى آخر حدود الصراحة…

المزيد

مع مر الأيام وتسارع الإحداث تبلورت في الحراك اصطفافات حادة و توجهات متمايزة، منها اصطفا فين متناقضين: 1- الأول، المنادي بالتأييد المطلق للمؤسسة العسكرية و المفوض لها 2- والثاني، المفرط في التوجس إلى حد العداء لقيادة المؤسسة العسكرية ويطالبها بالتنحي مع إلغاء كل المؤسسات الحكم القائمة و تكوين مجلس تأسيسي ومرحلة انتقالية. 3- وبين المجموعتين يقع التوجه الثالث والذي يمثل الأغلبية كما يلاحظه كل مشارك مثابر في الحراك وتبرزه اللافتات المرفوعة والهتافات المسموعة وتؤكده آري وتحاليل الكثير من الشخصيات التي تظهر على وسائل الإعلام المختلفة مكتوبة ومرئية؛ هذا الفصيل الوسطي الواسع الذي يضم الأغلبية الصامتة يثمن ما حققه الحراك الشعبي الشامل والموحد من إانجازات ومصمم على مواصلة نضاله بكل سلمية إلى غاية إرساء قواعد دولة العدل المنشودة، كما يثمّن ويعتزّ بدور المؤسسة العسكرية وجميع المؤسسات الأمنية…

المزيد

“قولوا لأصحاب البدع بيننا وبينكم الجنائز” مرة أخرى يجسد الشعب الجزائري بكل صدق وعفوية هذه المقولة المتحدية للإمام احمد رحمه الله ويظهر وفائه واعترافه لفضل المخلصين من أبنائه، ذلك بإقامته تلك الجنازة المليونية لمرافقة ابنه البار الشيخ عباسي مدني إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي أمحمد مثلما أقامها لمن سبقوه إليها من مشايخه العظماء وقدوته الشيخ البشير الإبراهيمي ومالك بن نبي رحمهما الله. كانت جنائزهم اكبر تكريم لهم وأعظم دليل على تبني الشعب لأفكارهم ومنهاجهم. لقد منّ الله على الشيخ عباسي مدني بان يسر له بعد هجرة قصريه أن يدفن في أرضه التي أفنى عمره مجاهدا بالسلاح أولا ثم بالكلمة…

المزيد

انه لمِن دواع الفخر والاعتزاز، وكذلك من أسباب الأمن والاستقرار أن يكون لنا جيش قوي يسوده الانضباط والاحترافية، وهذا ما نأمل بل نحسب انه عليه جيشنا الحالي سليل جيش التحرير الباسل الذي تأسس بسواعد أبناء الشعب بجميع أطيافه يوم لبوا نداء الجهاد لتحرير هذا الوطن الغالي. كما انه من المعلوم لدى الجميع أن الجيش لم يكن منذ الاستقلال بعيدا عن دوائر السلطة في بلادنا كما هو الحال في معظم البلدان العربية والإفريقية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار الأجنبي، ويعد ذلك أمر طبيعي جدا غداة الاستقلال، لأنه إبان ثورة التحرير كان التداخل بين العسكري والسياسي شبه محتم ولا مناص منه…

المزيد

إن توق تلك الشعوب إلى نهضة شاملة لم يعد خافيا ويزداد ارتفعا كما وكيفا رغم ظاهر الاستكانة التي كانت عليه منذ عقود . كما توسعت دائرة النخب المخلصة لأوطانها وبدأ يظهر على الكثيرين منها ألاقتناع بأن خدمة الأوطان ليست حكرا على مجموعة عرقية أو فكرية دون غيرها ولن تكون بالإقصاء والتهميش كما كان يعتقد البعض بمناهضتهم للإسلاميين ومشروعهم

المزيد

إن ما حدث في يناير 1992 في الجزائر أولا وفي مصر في 30 جوان 2013 ثانيا من مناشدة العسكر ودعوتهم الصريحة إلى الانقلاب على الشرعية القائمة والديمقراطية التي ينسبون أنفسهم إليها لأكبر دليل على أن لا مبدأ لتلك النخب تثبت عليه وتلتف حوله بجميع أطيافها إلا عدائها للإسلام كدين وكنظام حياة مهما تبجح البعض منهم زورا وبهتانا بانتمائهم لهذا الدين، لأنه من المغالطات التي كنا نسمعها من بعضهم، قولهم ” أنا مسلم ولكني غير ممارس

المزيد

سوف أذكر دومًا وبكل احترام اسم الجزائري الذي يجسد المدافع عن حقوق الإنسان، الرجل الحر، كما سمّاه الدكتور عباس عروة. انه الأستاذ المحامي الكبير على يحيى عبد النور أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية. كثيرًا ما قرأت بتمعّن واهتمام كتاباتكم وأخص بالذكر كتابكم المعنون “الكرامة الإنسانية” (La Dignité Humaine) أين نكتشف حقًا المدافع الصادق ودون ملل على حقوق الإنسان وخاصة بالمقارنة مع بعض “أدعياء الديمقراطية” الذين اختبأوا تحت عباءتكم زمنًا ولكنكم استطعتم كشفهم. كذلك في زيارتي لكم مرتين مع بعض أصدقائنا اقتنعت بأني تعرّفت على أحد مناضلي الساعات الأولى في المدرسة الوطنية والثورة التحريرية كما اطلعت منكم حينها على…

المزيد

1 يناير 1966: مائة قتيل في إندونيسيا “لقد زارني – عزُوزْ- (د. عبد العزيز خالدي رحمه الله) هذا المساء وأخبرني أن الصحافة الغربية تذكر وقائع تبين أن الخراب المتجسد في – سوكارنو – في حالة تحلل وذوبان. الخراب الساكن، المتعفن، الجامد، الذي كان يحكم إندونيسيا في شخص – سوكارنو – ولمتعته في طريقه إلى ترك المكان إلى خراب متحرك، نشط، متغير. إن هذا التحول خلف 100الف قتيل، يضيف – عزُوزْ-، وقد يكون السيد – سوكارنو- نفسه في إقامة جبرية وزوجته متهمة بالتخابر مع الشيوعية اليبانيَّة… أخيرًا أتنفس: لقد بدأ تحلل الخراب الساكن للعالم الإسلامي. إن سلسلة ردود الفعل متوقعة: سيمر…

المزيد

بسم الله الرحمن الرحيم يا سكان غرداية وما جاورها، أنتم يا شعانبة العِزّ أحفاد مجاهدي متليلي الأبطال، ويا أحفاد أبي اليقظان والشيخ بيوض ومفدي زكريا من المزابيين الأحرار، يا من كلاكما لا غبار على اعتزازه بلغة الضاد وتمسّكه بدينه ودفاعه عنه، يا من كنتم طيلة عقود، بل قرون، تمثّلون أسمى معاني التسامح المذهبي والتعايش العرقي في بلدنا الحبيب، حين كانت الكلمة للعقلاء والأعيان في فض أيّ نزاع عند نشوبه فينتهي الموضوع حول قصعة “كسكسي”. لقد كثر اللغط والهرج والمرج في ولاية غرداية وسالت الدماء ودُمّرت البيوت والمتاجر وانطلقت الألسن والأقلام المشبوهة بالتحليل والتفسير و”التضليل” في البحث عن الأسباب والفاعلين الحقيقيين…

المزيد

إن الصمود البطولي والأسطوري لشعب غزة العزة، ومقاومته الباسلة، أظهر حقائق عديدة، وأزاح الغموض على كثير من الأمور، ما سوف يعيد ترتيب الكثير من الأوراق محلّيا وعالميا، إن آجلا أو عاجلا. على الصعيد الفلسطيني 1) تبين للجميع – إلاّ من يريد أن يغمض عينيه أو يعطل عقله – أن إسرائيل لا تريد السلام، ولن تتراجع عن هدفها الثابت في احتلال كل فلسطين، وقضم الأرض تدريجيا بسرطان الاستيطان المتواصل في جو من التوتر الدائم، وإيجاد التبريرات الواهية لشن حرب من حين لآخر تبيد فيها البعض، وتهجر الآخر، وتدمر ما أقيم من مباني وبنى تحتية ما بين الحرب والأخرى. إن كل العالم…

المزيد

يؤلمني أن أطرح هذا السؤال وأنا في أواخر عمر جيل نشأ وترعرع على حب وطنه، واثقا في أماله وتطلعاته أن يراه يوما مزدهرا يتحدى بفخر الجهل والفقر والتخلف الذي تسبب له فيه الاستعمار البغيض، وأن يضرب لباقي شعوب العالم المتخلف المثل في القدرة على البناء والتقدم كما كان بالأمس مثلا في المقاومة ودحر الأعداء، وأن يكون قاطرة أفريقية في التحضر والرقي واستعادة الشخصية ببناء دولة قوية مستقلة في قرارها، متحكمة في مواردها، بعدما كان قاطرتها في الانعتاق من رق الاستعباد. ولكن تجري الرياح أحيانا بما لا تشتهى السفن، وتعيق – ولو لبعض الوقت – مسارها، فيصاب ركابها بالخوف والحسرة، خاصة…

المزيد

كتب المفكر مالك بن نبي رحمه الله في ستينات القرن الماضي كتابا بعنوان “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” من فُصوله: “أصالة الأفكار وفعاليتها” مَفادَهُ أنّ الفكرة الفعّالة ليست بالضّرورة صحيحة وأنّ الفكرة الصحيحة لا تنفع حامِليها إذا لم يستطيعوا تفعيلها أي أن يجعلوا منها المحرّك الأساسي لجميع مناحي حياتهم السياسية والثقافية والاجتماعية والأمثلة المؤكِّدة على ذاك كثيرة في التاريخ ومنها الفكرة الصهيونية وأحسن من عبّر عن بُطلانها الكاتب اليهودي – قلعاد أتزمون – إذ كتب في مقال بعنوان “العقيدة اليهودية والسلم العالمي”: “إذا أردتم فهم المرتكزات الوحشية القاتلة عند الصهاينة فما عليكم فعله سهل جدا يكفيكم فتح العهد القديم”، أي…

المزيد

لَقد عَرَّت ثورات الربيع العربي النُّخب السياسية وأظهرت مدى حَجم الدمار والتّفكُك الذي لَحق بها في عهد حُكم الجَبابرة، كما بَيَّنت أن هناك تَيّارين كبيرين ما سُمِّيَ بالتيّار العلماني والتيّار الإسلامي. وقَد ظَهر أيضا عُمق الفَجوة التي بينهما، إذا لم نقل عُمق العِداء ومدى بُعدهما عن الواقع المَعِيش وتَنافسهما الشرِس عنْ سُلطة وهميَّة، حيثُ لم يُدركا معًا التَرِكة الثقيلة التي زرعها الاستعمار ونمَّتهَا الأنظمة الدّكتاتورية من بعدهِ، وأخطر ما في هذه التَرِكة أنّ كِلاهما فَاقِد لمقوم أسَاسِي لبناء – بمفرده – دولة مستقرة. فالتيّار الإسلامي – ومن يتوافق معه من الوطنيّين الشُرفاء مع وجود الإرادة لديه – فاقد للفعالية -…

المزيد

صدر في جريدة الخبر ليوم 15 جويلية 2012 للدكتور أحمد بن بيتور مقال بعنوان “القضية الأمنية”. وقد ذكر في مقدّمة المقال أن الجزائر تمرّ بأزمات متلاحقة منذ عشرات السنين (سياسية، ثقافية، أخلاقية، الخ.) ولكن في ورقته هذه أراد أن يركز على القضية الأمنية. والدكتور بن بيتور معروف لدى الجميع بسعيه الحثيث لتشخيص معضلة الحكم – أو ما يعرف عند السياسيين بداء الحكامة “probleme de gouvernance” – (1) في الجزائر منذ سنين، وعلى اقتراح حلول. أراه اليوم في هذا الموضوع الحساس بالذات قد يجانبه الصواب بطرح حلول دون تعريف بصلب المشكل، وهو رجل الدولة الذي تدرّج في دواليب الحكم في عز…

المزيد