مقدمة الحوار ” الكبير” كما سمته المجلة اليمينية الفرنسية رسمت صورة ناصعة لعبد المجيد تبون بالتركيز على قطع كل صلة له بفترة حكم بوتفليقة، وتقديم الرئاسة (مقرا وعهدا) على أنها مرحلة مشرقة بددت ظلام فترة بوتفليقة التي كانت فيها الرئاسة مكانا ميتا فضلا عن سيطرة مجموعة أشخاص على الحكم خارج الدستور والمؤسسات.
تضع تلك المقدمة القارئ الفرنسي (وهو المستهدف أولا) في صورة ما سيقوله تبون ردا على الأسئلة، وحتى تكون المصداقية كاملة كان يجب التركيز على أن الصحافيين اللذين أجريا الحوار جزائريان (يعيشان في الجزائر) حتى وإن كان كمال داود الحاصل على الجنسية الفرنسية يعيش بين الضفتين وربما احتاج إلى مساعدة ليدخل إلى الجزائر قبل فترة في ظل غلق الأجواء وصعوبة التنقل. تحتاج وسائل الإعلام الفرنسية أن تذكر قراءها بأن هذا حوار جزائري خالص، ولا أحد أجدر من أهل الدار بالحديث عن شؤونها، وهذا التذكير هو جزء من تسويق الموقف الفرنسي الرسمي مما يجري في الجزائر، وهو موقف يتعرض لنقد مستمر من بعض الأوساط السياسية والمثقفين وبعض وسائل الإعلام.
لوبوان المجلة اليمينية تطرح على لسان الجزائريين مدي وداود السؤال المباشر بخصوص معالجة ملف « الذاكرة » » من بين الرؤساء الفرنسيين جميعا يبدو أن ماكرون هو الذي ذهب أبعد من الجميع »، خذ وهات، تبون يقول » إذا لم نقم جسورا متينة بين الجزائر وفرنسا تحت حكم ماكرون فلن ننجح في فعل ذلك أبدا »، ثم هناك السؤال الآخر » انتم تتحدثون عن الاعتراف أكثر مما تذكرون الاعتذار » والرد واضح وبسيط » الاعتراف هو اعتذار بصيغة أخرى »، وفي الخضم لا يجد تبون أي حرج في وصف منتقدي ماكرون بانهم مجرد أقلية وأن أغلبية المجتمع الفرنسي تدعمه.
لم يقدم تبون أي جديد في إجاباته، يختار الصحافيان الصمت عندما يرد على سؤالهما عن حبس الصحافي رابح كارش بجملة مروعة تصفه بمثير الفتن “يشعل النيران”، وكل من تابع رد فعل الصحافيين على وصف تبون لدرارني بالخبارجي يمكنهم تخيل رد فعل الصحافيين اللذين سمعا الجملة المروعة ولم يعقبا بسؤال آخر.. لا فرق بين لوبوان والتلفزيون الجزائري. بقيت الإشارة إلى الإجابة المباشرة على سؤال حساس يتعلق بإمكانية مشاركة الجيش الجزائري في عملية عسكرية كان الرد بأن الدستور بات يسمح بمثل هذه العمليات، مع استدراك بأن الحل يجب أن يكون أوسع من هذا من خلال إعادة انتشار الدولة، لكن التزاما ثقيلا أطلقه تبون “الجزائر لن تسمح بأن يتحول شمال مالي إلى ملاذ آمن للإرهابيين” إنها لغة من هو في حالة التأهب.
من هنا وجبت قراءة حوار لوبوان ضمن توجه فرنسا الرسمية لإعادة الانتشار في إفريقيا حيث يواجه نفوذها تحديات خطيرة فضلا عن تصاعد المطالب بسحب الجنود الفرنسيين من منطقة الساحل، ومن هذه الزاوية سنجد هذا الحوار مرتبطا بما قاله ماكرون عن تبون “الشجاع ” وبدفاع وزير خارجيته جون ايف لودريان عن “الإصلاحات” الجارية هنا ردا على أسئلة برلمانية فرنسية أثارت مسائل الحريات وحقوق الإنسان والاعتقالات. تحدثت لوبوان إلى الفرنسيين عبر صحافيين جزائريين، وقدمت الصورة التي تريدها فرنسا، والمتلصصون الجزائريون قرأوا وأخذوا علما بما يجري.
تعليق واحد
المقاطعات الفرنسية اكثر استقلالية عن الاليزيه من هؤلاء الخونة الارهابيين .