العالم، كل العالم لم يعد يفهم ما يجري تحديدا داخل حدود الجزائر، فإذا كانت قناة الجزيرة، مثلا، قد وصل إلى سمعها وبصرها الكثير من صور ” غزة ” الحرة ، و” الأقصى ” المحاصر، فقد غابت عنها صور الحصار والقمع والاعتقال بحق المواطن الجزائري، المرأة والشاب والشيخ والطفل على حد سواء، استعملت العصي وقنابل الغاز، والضرب والإهانة؛ والغريب أن الجزائريين والجزائريات لم يرموا حجارة ولم يشعلوا إطارا واحدا، أو يكسروا زجاجة أو يقطعوا غصن شجرة، كلهم سلمية في مقابل قوات شرطة ترتدي الزي الرسمي، لا تعرف ولا تفهم سبب وجودها أصلا، ولا المهمة التي يجب أن يقوموا بها! لأن الأسباب أو الدوافع غائبة، مثل ما من شأنه أن يعرض النظام العام للخطر، ولا حتى أي مظهر من مظاهر ” الخروج على ” السلطة ، ذنب المواطن الوحيد أنه يحتج ضد العصابة التي ثبت إفلاسها بعد أن عرضت البلاد للخطر ( سرقة المال العام ) على مرأى و مسمع العالم، وزراء ورؤساء حكومات و جنرالات،… تمت إدانتهم بالدليل الثابت الذي لا يرقى إليه شك أو شبهة! ذنب المواطن أنه يريد أن يعبر عن رأيه وموقفه بسلمية، محترما وملتزما بكل ما نص عليه الدستور وقوانين الجمهورية! بالرغم من ذلك كله لم يسلم المواطن! كل هذا لم يحدث مثله في العالم، سلمية هذا الشعب فريدة من نوعها، ومن المفترض أن تتناولها قناة الجزيرة وغيرها بالتحليل، ومراكز الدراسات بالبحث والمقاربة؛ كل هذا لم يحدث! لا أدري ما الذي ينتظرونه من الشعب الجزائري، أو كانوا ينتظرونه؟
الإجابة على مثل هذه الأسئلة، ليس هو ما يريده الجزائريون والجزائريات تحديدا، ولا من أي جهة كانت، مثلما لم يعد يهم أن يسأل الفلسطينيون، لماذا تقوم إسرائيل بقتلهم يوميا ! نعم السؤال: ماذا يمكن أن يتعلم عالم اليوم بوسائل إعلامه، ومراكز بحثه، و هيئته الأممية، انطلاقا من العهود والمواثيق والعدالة الجنائية، من سلمية الجزائريين و الفلسطينيين على حد سواء؟ !
المُسَلم به من الآن هو أن العنف والقمع سيعجل بنهاية نظام العصابات في الجزائر؛ والحصار والقمع والقتل سيعجل، لا محالة بنهاية نظام الأبرتايد الصهيوني في فلسطين.