كيف يمكننا تصوّر العالم من بعد زوال محنة الفيروس الخفي المخيف القاتل، برحمة الله وعفوه؟ أو في أي اتجاه سيتغير العالم مثلما يتساءل كثير من المهتمين؟
لعل كثيرين يتوّقعون نهاية أمريكا، و زوال قوتها، فتتحوّل إلى حمل وديع، يخطب ود المستضعفين و المحرومين، وتدعو هيئة الأمم التي لم تعد هذه الأيام متحدة ولا متعاونة، لقيام نظام دولي جديد على أساس العدل والقانون، يعيد اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ويقطع دابر الحرب التي أنهكت اليمنيين، ويرتب أوراق الليبيين عن آخرها، ويزيل غمة المصريين من بعد رفع الحصار عن الفلسطينيين!
لكن من تابع عن كثب تسلسل الأحداث العالمية والدولية منذ قرن من الزمان على أقل تقدير، سيدرك دون عناء، أن عالمنا سيجد نفسه أمام أوضاع شبيهة بالتي كانت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، وأن أمريكا ستظهر بمظهر الضحية رقم1 بسبب سوء تقدير الآخر، فتلقي بالتبعات على عالم غير عالمها، ولن تتوانى ذات الدوائر عن محاولة باتجاه شحن اللحظة التاريخية لصالحها؛ ولن تخرج الساحة الدولية، أو المجتمع الدولي، حتى يكون في منأى عن تأثير سياسة القوة، أو “سلام القوة ” بدل ” قوة السلام “! لتتواصل الأحداث على نفس الوتيرة، ومن خلال لهجة مشحونة بكثير من الغضب والجزع اليميني؛ ولا بأس في حضور صيني وروسي يقابل تلك النبرة بنوع من السخرية المقنعة من كل ما هو أمن وسلام دوليين.
هذه تقريبا هي الملامح الأولى للساحة العالمية على أعتاب التعافي من وطأة ” كورونا “؛ لأنها لن تكون سوى بداية تهاوي حصون الرجل المريض ( أوروبا ) الذي سيجد نفسه في ساحة الاتحاد الأوربي، أقرب ما يكون إلى الانغلاق على نفسه في حالة من الحزن و الأسى على ضحاياه من أجل مراجعة ميزانياته في ضوء ميزانية ألمانيا التي يمكن أن تتحاشاه من أجل أن تتخطاه بحثا عن أسباب النجاة في ظل التخلص من شبح أمريكا العملاق، التي لن تكون قادرة على ثني ألمانيا مثلما ثنى ” ترومان ” قبل ذلك اليابان في هيروشيما و ناغازاكي، في أربعينيات القرن الماضي، لمّا كانت حليفا لألمانيا زمان . ولن يكون في مقدور أوروبا أن تتغير وتتحول بعيدا عن قواعدها النفسية الغربية الليبرالية المتوحشة وأرشيفها الاستعماري، خصوصا ما تعلق بالجنوب، وخصوصا فرنسا التي ستتوجه بثقلها من أجل التخلص من أثقالها وخيباتها على حساب الآخرين! ولا بأس أن يكون ذلك في حدود عالم (الأنديجانا) مثلما تحتفظ به ذاكرتها!
وضمن حدود ما هو عالم آخر، في نظر أمريكا وروسيا، والصين التي لا يمكن أن تصطف سوى في صف الكبار من باب مضيها في التغول التقني والتجاري، حيث تلتقي مع الولايات المتحدة خصوصا والغرب الليبرالي الرأسمالي عموما تحت مظلة واحدة تستند إلى ذات المعادلة التي عبر عنها بن نبي أحسن تعبير:
” إنتاج مفرط و وفرة = بطالة و فقر”. وهذه هي طبيعة الشحنة باتجاه اللحظة التاريخية التي يريدون منها أن تعمل في اتجاه واحد!
عند هذا الحد يمكننا أن نتساءل:
* ماذا بخصوص فكرة ” الآفرو- آسيوية ” ؟ ليس من زاوية “التاريخ يعيد نفسه “، ولكن من باب أهمية الحضور ضمن ما هو وعي جماعي بخصوص اللحظة التاريخية مثلما كان يرمق بن نبي مالك عالمه خمسينيات القرن الماضي، مثل الطفل المتوحد يرمق عيني والدته المتعبة والمهمومة كثيرا! و ليس التوحد المقصود سوى غربة مالك يومها ! بكل تأكيد، انبثقت الفكرة، وغيرها من الأفكار، من صميم ما كانت تعيشه الشعوب المستعمرة في ظل الإمبراطورية البريطانية، وفرنسا على السواء، في آسيا وإفريقيا، بالتوازي مع التأثير الذي تركته الحرب العالمية الثانية بخصوص بداية انحسار النفوذ البريطاني وزيادة أطماع فرنسا في اتجاه إفريقيا انطلاقا من بوابتها الرئيسية المنفتحة على البحر المتوسط والمتربعة على الشمال الإفريقي في مستوى بلد مثل الجزائر ووزنها على استقرار الجوار المغاربي العام. وهو كذلك، فقد شعر فيلسوف الحضارة ومهندس الثقافة وهو في عجلة من أمره مكبلا بكثير من القيود، وأمام كثير من الإكراهات، في قلب المعركة، بل و في مواجهة مع الذات؛ وهو كذلك، فقد وجد في حدود القاهرة متنفسا، لكنه وهو في طريقه إلى الهند من أجل لقاء ” نهرو ” بعد أن توصل إلى موافقة، أو ما يشبه الدعوة، من لدن ” لال نهرو ” عبر المكتب الدبلوماسي الهندي بالقاهرة في الوقت الذي كانت الثورة التحريرية على موعد مع التاريخ؛ و في ذات الصدد يذكر بن نبي مشيرا إلى ذلك في كتابه ” الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ” – النسخة الفرنسية – بالقول : ” إن فكرة تأليف هذا العمل خامرتني قبل مؤتمر باندونغ، وقد فاتحت في هذا الموضوع الممثل الدبلوماسي لإحدى الدول الآسيوية الكبرى، وكان ذلك تحديدا في جويلية 1954، وتناول الحديث بيننا الدراسة التي أنوي القيام بها حول الشروط العامة لقيام جبهة محايدة مستقلة عن الكتلتين ” ! وقد كان مالك فعلا على موعد مع التاريخ، حين كان يذاكر التاريخ في حاضره، وانطلاقا من ماضيه القريب والبعيد على حد سواء، المرئي منه والمسموع، على غرار ما عاشه فعلا، وما شق في سبيله طريق عالم القراءة والتأليف؛ من دون أن يهمل أدق الأمور، كمن يجري حفريات من أجل الظفر بكنز ثمين! كذلك كان بن نبي يبحث عن ممرات من أجل توضيح الفكرة، بخلاف اهتمام الساسة وحتى العسكريين الذين كانوا مولعين كثيرا بالأدوات والأتاوات في حدود عالم تتوزع أطرافه قوتان تخوضان حربا باردة ضروس، لا كلمة فيها سوى لاستعراض العضلات التي رسم أولى ملامحها “ترومان ” الرئيس الأمريكي المقعد من خلال هيروشيما و ناغازاكي أكبر مدن اليابان! ولم يكن بن نبي مرتاحا لفحوى ومجريات مؤتمر باندونغ الذي غابت عنه فكرة التوافق بخصوص فكرة ” قوة السلام ” التي كان يتوخاها ” لال نهرو ” انطلاقا من خصوصية الهند التي كانت بمثابة أكبر وأهم خزان يمكن أن يجسد آمال الإنسانية في الأمن و الأمان؛ لكن مالك كان يدرك صعوبة المهمة، كون شروط نجاح هذه الفكرة وترجمتها على أرض الواقع كانت تحتاج إلى ولادة أولية داخل ذات الكيان الواحد، ألا هو الهند التي فقدت إلى وقت قريب، باكستان؛ وعلى إثر ذلك فقدت الرحم الملائمة لقيام ” قوة السلام ” ، والتي كانت ممكنة من خلال اللحمة في وعي الإنسان الهندي – الهندوسي و المسلم – سيان ! ولعلها الضربة الموجعة التي تلقاها المحور في مقتل، التي لا تقل أثرا عما خلفته الضربة الأمريكية باتجاه اليابان! الأمر الذي أحال أوراق مؤتمر باندونغ للنظر فيها، كمن بات ينظر في أوراق محكوم عليه بالإعدام! و هي الخطورة التي أدركها بن نبي من البداية وجعلته في حالة من الغليان، و لعلها من بين الأسباب التي عطلت سفره من القاهرة إلى الهند، والتي عبر عنها البعض بالظروف الخاصة، حيث كان فيلسوفنا ينوي، في رحلته إلى الهند، اصطحاب صديقه المهندس الفلاحي ” صالح بن ساعي ” أخ الأستاذ المفكر ” حمودة بن ساعي ” سنة 1956 من أجل تقديم مشروعه بين يدي نهرو، الخاص بالفكرة الأفرو-آسيوية، و نشر كتابه وفق ما وعدت به الهند.
نعم لقد خسرت الهند بانفصال باكستان مقوما حضاريا للفكرة التي آمن بها بن نبي كثيرا؛ والتي ضاعت ملامحها تحت قابلية بعض الزعماء داخل حدود عالمنا العربي إلى نزعة غير النزعة التي شغلت تفكير بن نبي كثيرا. واليوم في ظل تحديات ” الفيروس الخفي القاتل ” وواقع كل من الهند وباكستان الجارتان المتنافرتان، وواقع مصر الأليم والظاهرة الخليجية الآخذة في التورم، وأوضاع الجزائر المستقلة، وعقبة الظاهرة الصينية الآخذة في التغول، تبدو الفكرة ” الأفرو آسيوية “، بعيدة المنال؛ إلا ما تيسر من البادرة التي أنجزها ” مهاتير محمد ” باتجاه تركيا وباكستان، ولم يجد داخل حدود الساحة العربية، سوى قطر التي تتجاذبها العواصف وتتربص بها العوائد؛ وهي لم تتبين سبيلها من أجل التحرر كفاية!
* و ماذا بخصوص : محور طنجة – جاكرتا ؟
لم يمر سوى عقدين من عمر عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية ، حتى تحققت مخاوف بن نبي وهو يعيد ترتيب أوراقه في كتابه ” الفكرة الأفرو- أسيوية “، فوقف غير بعيد على مدى الهوة التي كانت تفصل الحكام عن الشعوب، في تطلعاتها إلى غد أفضل؛ حدث ذلك و هو يسترجع من ذاكرة الأيام تلك اللحظات التاريخية التي لم نقدرها حق قدرها، حيث سبقت عمليات الهدم عمليات البناء بأجيال؛ فشعر مالك بزلزال من داخل المبدأ الذي طالما آمن به و تصور مساره كفاية؛ وفي حدود دائرة الزلزال شعر بمرارة بمدى حجم الخسارة في حق أمة الشهادة، ببلاد الهند الظاهرة الاجتماعية العجيبة؛ و قليل فقط من شعر بوجود خلل! ولأجل ذلك تساءل مالك : كم كان سلسا و مفيدا أن يجلس الأخ إلى أخيه في حدود الأسرة الواحدة، و الحي الواحد، والريف، والمدينة، والمقاطعة، وفي كل أرجاء الهند المتماثلة إلى الشفاء متباهية بثورتها السلمية ” اللاعنفية ” ، فيأكل مما يأكل و يشرب مما يشرب في حضرة الأم الحنون التي لم تكن لتفرق بين ولديها المسلم و الهندوسي، وقد حملتهما رحم واحدة ، فيبادل الأخ أخاه مشاعره و أفكاره ويخاطبه بنفس اللسان، حول الكون و خالق الكون من دون جزع و لا منع، فيتحول الهلع إلى أصله وهو الخوف على المصير المشترك القائم على أساس كرامة الإنسان ! ولمن لا يعلم فقد كان آلاف، بل ملايين الهنود في الأصل مجوسا، وبرحمة الله تحقق فيهم مبدأ الشهادة، فأسلم الأخ على يدي أخيه، والجار على يدي جاره، والصديق على يدي صديقه، في جو من الطمأنينة والأمان! وللأسف الشديد فقد غابت تلك الصورة عند كثير من العقول، وعلى مستوى بعض الجمعيات والتنظيمات التي ابتهجت وهللت لانفصال باكستان التي تخلت عن كثير من خصوصيات مناعة الكيان الواحد في حدود ما كان ينتظر المسلمين من دور ورسالة على بعد خمسين سنة على التمام من عمر القرن العشرين الذي كان زاخرا بالأحداث وكثير من العبر والدروس؛ ولعله كان قريبا مما كان يشعر به ” لآل نهرو ” وهو يشق الطريق رفقة مجتمعه الهندي الذي أخذ في التعافي متجاوزا عقبة الاستعمار، يحاول رسم معالم قوة السلام في وجه سلام القوة! و لعله ذات الدرس الذي يمكن أن يستفيد منه السائرون الحيارى من طنجة إلى جاكرتا في ظروف أقرب ما تكون من الناحية النفسية إلى تلك التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، وكأننا بصدد إعادة تموْقع للقوى الكبرى التي لا يمكن بأي حال من الأحول سوى أن تفكر في مصالحها ذات النزعة الرأسمالية الشمولية القائمة على منطق فرض”سلام القوة ” بدلا من ” قوة السلام ” ! تقابلها على مستوى الشطر الجنوبي شعوب منهكة خالية الوفاض، لم تسترجع أنفاسها بعد، ولا عافيتها في ظل خطر الفيروس الخفي القاتل، حيث بدت خائرة القوى أمام إمكانية استفحال جائحة القرن التي أعادت إلى الصفر سؤال العولمة، وسؤال السلام والأمن الدوليين!
وفي ذات السياق، وانطلاقا من دائرة مثل هذا الشعور بالذات؛ كيف يمكننا أن نفكر ونتفكر ونقدر من دون أن نهمل، على الأقل، أهمية ما كان يشعر به الأستاذ بن نبي وهو يفكر ويتأمل ويقدر قيام فكرة تقوم عليها أرضية، أو ما يشبه الرحم لميلاد ” قوة سلام ” تشق طريقها على خط النهضة في سبيل قيام ثقافة حضارة، وثقافة سلام، لا ثقافة امبراطوريات وثقافة قوة تسيء للإنسان؟ ولماذا بالضبط تصورها في الجنوب، ولم يقتنع بجدواها على مستوى الشمال تحت أي مسمى، مثل “تقارب الحضارات” أو “تقارب الأديان” ! ؟
حيث اهتدى إلى أن الذي لم يتحقق لسبب أو لآخر في حدود ” فكرة الأفرو -آسيوية ” يمكن أن يتحقق ضمن دائرة أخرى، أو محور آخر؟
وضمن ذات السياق، لا مفر من أن نتساءل: في حدود محور طنجة-جاكرتا، اليوم، كمْ هُم الحاضرون، وكم هم الغائبون، المتناغمين، أو المناوئين؛ وضمن ذات المسألة، يمكننا أن نتساءل رفقة كل مَنْ هم على خط التواصل الروحي والفكري: متى تكون حضارة فاعلة، وما علاقة ذلك بفكرة الدخول مجددا في التاريخ، ضمن حدود فكرة محور طنجة -جاكرتا، داخل حدود عالم ما بعد ” كورونا ” الفيروس المستجد أو الجديد؟ وللأمانة فإنه من دون استرجاع ومراجعة واستشارة لذاكرة بن نبي، لم يكن سهلا تبين الطريق وسط الكم الهائل من التحديات، ليس من باب الحاجة أو الافتقار إلى دروس ومحاضرات من لدن أكاديميين يدرسون علوم السياسة والاقتصاد، بقدر الحاجة الملحة إلى أرض صلبة وقواعد يقيم عليها مشروع ” قوة السلام “، والتطلع إلى خط وعي مقاوم ومتناغم وصلب كفاية يرافق المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، يبني بها روابط مع الآخرين.
وضمن حدود ذات السؤال يمكننا أن نتساءل أكثر، وانطلاقا من ذات الأرضية الصلبة التي يتوخاها المجتمع من أجل عملية البناء؛ والخط المقاوم السلمي المرافق؛ ما هي طبيعة هذا المجتمع وما هي
مقوماته، وضوابط ومحددات بناء العلاقة مع الآخرين؟
و إذا تأملنا جيدا رؤية بن نبي، سنجدها، من دون ريب، كلية متوازنة، لأن أستاذنا لم يكن البتة منصبا تفكيره حول بناء إمبراطورية على غرار ما قام من امبراطوريات، متجاوزا في تصوره لثقافة الإمبراطورية إلى ثقافة الحضارة، وسلام القوة إلى قوة السلام، وتطلعات الزعيم إلى تطلعات الأمة؛ وكان لا بد من الأخذ في الحسبان أهمية استرجاع راية التاريخ!
و اليوم، في ظل أوضاع العالم، حيث التوازنات بدأت تختل، والعولمة من منظور أمريكي فقدت الكثير من بريقها، والوباء يحصد مزيدا من الضحايا؛ يحق للمرء أن يتساءل في حدود الواقع الجديد الممكن بعد تجاوز معضلة الفيروس القاتل بإذن الله، عن التوازنات الجديدة، والوضع الجديد، ضمن سياق قريب من السياق الذي نحن بصدده اليوم، وتحديدا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، نجد أستاذنا مالك يقول: “لكن بعد مرور الخطر، اكتفوا بالتموْقع على أنقاض الماضي…ففي 1945 وجد العالم نفسه في ظل نفس الأوضاع التي كان عليها سنة 1919 …و(العالم المتحضر) الذي لم يجر أي تعديل على نظرته إلى عالم الأهالي ( الأنديجانا ) لا يمكن له أن يعدل خطه السياسي تجاه ذلك العالم . والواقع أن ما تكرر بين 1919 و1945 ليس إعادة للتاريخ، بل هو محاولة من العالم الغربي إعادته لصالحه … والساحة الدولية بكاملها تحت سيطرة (إرادة القوة) التي لازمت حضارة القرن العشرين. إنها قاعدة من قواعد النفسية الغربية، قاعدة تجسد التأخر الأخلاقي لدى الإنسان الغربي …إن أوربا التي اخترقت آفاق العالم بتقنيتها التي تحتم عليها التعايش مع الغير والجوار، عادت أدراجها، بسبب أخلاقياتها المتردية، إلى قواعدها الإيديولوجية الاستعمارية الأولى … إن إرادة (الكبار) المتجسدة في حق الفيتو الذي تحظى به المناقشات الدولية، ما هي إلا تيار معاكس لمسيرة التاريخ “.
فكأن بن نبي يدعونا إلى وقفة باتجاه فهم المنحى الذي ينحاه التاريخ، أو كأنه يقول لنا: أنتم من تمدون التاريخ بالوقود، أو يجب أن تمدوه! فالذي يحصل زمنا بعد آخر في حدود التدافع والتواصل والتنافر، ليس إعادة للتاريخ، التاريخ لا يعيد نفسه، والتاريخ لا يجامل الناس بسبب العرق أو اللون أو الجنس، ولا حتى المعتقد أو الدين، فيأتي منكسرا يطلب ود الخانعين؛ أبدا التاريخ ليس كذلك، من يستطيع إعادة التاريخ هو الإنسان، ومن تحاشى التاريخ تحاشاه!
من دون ريب لن يتغير العالم بعد كورونا كثيرا، وعلى الأقل سيكون بخلاف ما نتمنى ونتصور، ببساطة لأننا نقف منتظرين حظنا على قارعة التاريخ. أمريكا لن تتنازل عن حظها بسهولة، أو كما يتمناه الإنسان المسلم اليوم، وهو اليوم، للأسف الشديد يبحث عن الخبر بخصوص كورونا وما بعد كورونا من لدن أمريكا وحلفائها! ومما لا شك فيه سيتم التموقع من جديد وفق القواعد النفسية للغرب وعلى رأسه أمريكا وروسيا؛ ولن تشذ الصين؛ لأنها ببساطة لن تصطف في صف المستضعفين.
لكن ماذا بخصوص الجنوب، وتحديدا الساعين على خط طنجة -جاكرتا؟ بداية بالجزائر التي تبدو اليوم متوجسة من علمائها وخائفة على مستقبلها، خاوية الوفاض! و مصر التي لم تعد على أقل تقدير كما كانت في عهد عبد الناصر، وباكستان التي لم تكن قادرة على اتخاذ قرار سيادي بخصوص حضور قمة كوالالمبور من أجل الجلوس والتشاور بخصوص دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية، أما المغرب فلا يكاد يعثر رفقة الجارة الأهم على مفاتيح التواصل والتفاهم؛ وليبيا تتجاذبها رياح عاصفة خطيرة، وسوريا لم تعد بكل تأكيد سوريا، أما العراق فبين بين، ناهيك عن إيران التي لم يشفع لها تجاوز نظام حليف وصديق لأمريكا أيام الشاه، أما الخليج فيكاد يغرق لأنه لم يعد يتبين سبيله باتجاه أقرب نهر يمكن أن يصل به إلى بر الأمان؛ ومن دون الحاجة إلى الاقتراب والتوغل أكثر داخل إفريقيا، و لا حتى آسيا، يمكن القول، أننا لم نتغير كثيرا، سواء تعلق الأمر بتقدير اللحظة التاريخية، أو من باب الحضور من أجل استعادة راية التاريخ !
تعليق واحد
السلام عليكم؛
رسالة إلى المجتمع الدولي
أوجه نداء إلى المجتمع الدولي لطلب المساعدة لأن العدو الداخلي و الخارجي يهاجمني بشراشة.
الرجاء قراءة منشوراتي لمعرفة من هو العدو و لماذا يهاجمني و ما فعله بالشعب الجزائري و شعوب العالم. تحياتي الخالصة.
رضا بن دريدي
https://tinyurl.com/u5us5vt
الرجاء زيارة موقع جريدة شرفة نيوز، قسم رسائلكم و قراءة الرسالة التي وجهتها للسيد قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري بعنوان جرائم دولية صهيونية في الجزائر، بها معلومات حساسة و مهمة
https://www.chorfa-news.com
https://www.surveymonkey.com/r/P5RQM5H
https://www.surveymonkey.com/r/MXPKZJG