إذا كانت ساعة الصفر، بالنسبة للجزائريين و الجزائريات، قد دقت فعلا، حسب كثير من المحللين و المراقبين، و حتى بالنسبة لشريحة واسعة من الشعب الثائر من أجل ترسيم قيادة راشدة لتمثيل الحراك والحديث باسمه في الداخل و الخارج، يجب ترسيم الحقائق التالية
١ _ طبيعة الحراك أو الثورة الشعبية:
منذ ٢٢ فبراير، بل و قبل ذلك بسنوات، باشرت نخبة من الجزائريين، بعد دراسة معمقة و حوار علمي و تاريخي، في الحديث عن هبة شعبية، عبر عنها واحد من الكفاءات الجزائرية المفكرة في ٢٠١٧ بالحراك الشعبي السلمي. و بمجرد الدعوة إلى خروج الجزائريات و الجزائريين رفع الشباب راية السلمية، فالتحق بهم الشيوخ الذين تحركت ضمائرهم، وحرائر النخوة من كل الأعمار، في هبة شعبية جامعة و متفردة، شهد العالم بنصاعتها و صفائها كثيرا.
و اليوم بعد عشرة أشهر من الإبداع و التميز ، لم يعد بمقدور أحد أن يزايد على الشعب، مهما كان، كيفما كان، وأينما كان، باسم أي من الشرعيات المفبركة التي تخفى من ورائها الانتهازيون طويلا. و عليه وجب التأكيد على ما يلي:
٢ _ طبيعة سلطة الأمر الواقع :
هي سلطة القهر التي حرست الاستبداد ، و مكنت أذناب المستعمر الغاشم من مفاصل دولة ما بعد الاستقلال، و رعت دوائر نهب المال العام في سبيل ثراء غير مشروع على حساب أبناء الوطن الذين سحقتهم الحفرة والتهميش واللامبالاة، ناهيك عن تمييع جميع المنظومات، ثقافيا، اجتماعيا، واقتصاديا، وأمينا. و يعلم الجميع كم تمرست تلك السلطة في تعيين الرؤساء والمدراء والقضاة والجمعيات والنقابات لخدمة مصالحها الضيقة وأغراضها الدنيئة .
٣_ انتخابات ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ :
هي حلقة في سلسلة اغتصاب حق الشعب وسيادته باسم الدستور الذي انفردوا بصياغته والمساومة باسم استفتاءات شعبية تدليسا وتغليطا وزورا و كذبا، من أجل الانفراد بالسلطة وإقصاء كل المعارضين الأحرار. و اليوم لم يعد من حق الذين ساندوا مسعى سلطة الأمر الواقع التي أغلقت كل الأبواب وسخرت آلتها الإعلامية و الأمنية من أجل التضييق على الشعب الثائر وتشكيك المواطنين في مسارهم السوي، لم يعد من حقهم الادعاء بانتسابهم للحراك الشعبي أو التحدث باسمه، أو الادعاء بمعارضة النظام، أو أحقيتهم في الحوار معه، فهم منه وله.
٤_ تمييز الخبيث من الطيب :
الحمد لله الذي وفق الشعب في كشف وتجاوز الألغام التي ولدت من رحم النظام الاستبدادي البائس، التي زرعها في ساحات الوطن من أجل التدليس والتغليط والمناورة والمساومة باسم الحركات المتطرفة العنفية، باسم الدين، أو الجهة، أو اللسان، أو حتى الجنس، و المراهنة على صراع الأجيال. لقد انكشفت تلك الألغام عن آخرها، فمنهم من بات يرفع راية العنف ويدعو إلى تنظيم مليشيات مسلحة أو شبه مسلحة بقصد المواجهة و سفك الدماء، ومنها من أفتى بلا شرعية المظاهرات من باب حرمة الخروج على الحاكم، وأولئك الذين رفعوا راية انفصال واستقلال بلاد القبائل تحت مسمى الماك، وحتى بعض الأصوات والوجوه الماكرة عبر وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا الذين كانوا يبتزون الفاسدين من مقاولين و مسؤولين مشبوهين. كل هذه الأصناف لا يمكنها التحدث باسم الحراك أو الادعاء بتمثيله أو حتى الانتساب إليه، إنهم ببساطة من رحم العصابة وسلطة الأمر الواقع، وكل سلوك يصدر عنهم تتحمله سلطة الأمر الواقع وحدها، خصوصا ما تعلق بسلامة الوطن والمواطنين.
خلاصة :
بناء على ما سبق يجب التأكيد على أن كل مخارج سلطة الأمر الواقع باتت مغلقة، وليس أمامها سوى التفكير مليا من أجل تثمين حراك الشعب وثورته السلمية من أجل الحفاظ على البلاد والعباد وحل معضلة الاستبداد والفساد راديكاليا.
الموضوع في حاجة إلى إثراء من أجل مصلحة الجزائر .