“منْ بحق السماء يحكم في هذا البلد؟” صرخة قلق وانزعاج أطلقها رئيس الوزراء اليوناني سابقا، عندما أدرك، رغم رئاسته للحكومة، لم يكن يتحكم في جهاز الدولة، مما جعله يستشعر وجود دولة عميقة تعمل خلف الستار.
يقول يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني الأسبق (2015) “تتميز الدولة العميقة في الديمقراطيات الغربية، بتماسك عملها من دون وجود هياكل واضحة المعالم” ويصفها بعبارة أخرى، مؤامرة بدون متآمرين، أي لم يكن هناك أي شيء يمكن اعتباره تآمريا بالمعنى التقليدي، في شكل تلك الصورة النمطية التي تُطهِر عجوزا يدخن السيجار في غرفة مظلمة، لكن مع ذلك، كان العمل يسير على نحو يشبه عمل شبكة يمكن فيها للدولة العميقة تصنيع الموافقة والخضوع دون وجود كيان يدرك أنه يفعل ذلك”، ولتوضيح الصورة أكثر، يضيف يانيس فاروفاكيس “كل نظريات المؤامرة هذه، في اللحظة التي تبدأ بتصوير الدولة العميقة في شكل غرفة مظلمة تختنق بسحابات الدخان المتراكمة، تغص بأشخاص يتآمرون ضد الخيرين من الناس، تجعل من المستحيل التوصل إلى الحقيقة، والحقيقة هي أننا أمام مؤامرة دون متآمرين”، وما أثار استهجانه أن “الدولة العميقة” أصبحت تهمة يستعملها أشنع الأشخاص لتحقيق مأربهم، يقول “والآن نشهد واحدة من تلك اللحظات الهزلية والسخيفة والمأساوية في التاريخ، عندما يكون شخصا مثل دونالد ترامب، هو وحده منْ يوجه خطابا ضد الدولة العميقة، وهو يستخدم الدولة العميقة ضد غالبية الناس الطيبين في الولايات المتحدة وبقية العالم”.
ليس الغرض هنا تبيان العلاقة (الحقيقية او المزعومة، بحسب كل طرف) بين الدولة العميقة وحزب فرنسا، وإن كنتُ أعتقد شخصيا بوجود هذه العلاقة فعليا وعمليا، حتى وإن كانت في شكل يختلف عن الصورة النمطية التي قد ترتسم في مخيلة الكثير. أكاد أجزم بوجود تلك العلاقة، وربما حتى دون أن يشعر البعض من الذين ينخرطون فيها ( طبعا هناك من يفتخر بها ويعتبرها تميزا يرفع من شأنه بين علياء القوم)، ومع ذلك، فإن الغرض من هذه المقالة، ليس الحديث عن تلك العلاقة، وإنما لفت الانتباه إلى حقيقة علمتنا إياها تجارب الحياة، أي “شيء”، سواء كان مفردة واو مصطلح أو آلة، مهما كان طبع هذا “الشيء، إذا تم استخدامه بإفراط وفي كل مناسبة دون تحفظ أو تأكد من صلاحية استعماله، يفقد معناه وحقيقته ومصداقيته، بل يصبح محل شكوك حول وجوده أصلا، ويصير عبارة عن شبح، يوظفه كل طرف وفق هواه. هذه القاعدة تنطبق على “التهم” النمطية الموجهة بإفراط، فتتحوّل مع الوقت إلى سلاح، يشهره كل طرف في وجه خصمه لكتم صوته.
من هذه التهم، تهمة “حزب فرنسا” التي رغم شيوع استخدامها منذ استقلال البلاد إلا أنها عرفت انتشارا غريبا وملفتا منذ سنوات قليلة ـ وخاصة بعد حراك 22 فبراير، فأصبحت تُستخدَم أكثر من أي سلاح آخر، يوجهه كل طرف إلى خصمه، فالسلطة مثلا تتهم معارضيها الفعليين بأنهم لعبة وأداة توظفها جهات خارجية (تلميحا إلى فرنسا تحديدا، مع وصم خصومها في مخيلة الناس بـ’حزب فرنسا’) والمعارضون للسلطة، يتهمونها بتنفيذ أجندا فرنسية تحت ضغط لوبي حزب فرنسا، والمجتمع ككل لم ينج من هذه “الوصمة”، فكل فئة، سياسية أو أيديولوجية أو ثقافية أو لغوية أو اجتماعية، تتهم خصومها بحزب فرنسا، لعلمها أن المواطن عموما يحمّل “حزب فرنسا” كل ويلات البلاد، لكن بسبب المبالغة المفرطة في إشهار هذه التهمة، فقدت معناها ومصداقيتها، وأصبحت عبارة عن تهمة تهكمية للتدليل على عبثيتها، بل جعلت البعض يتساءل هل فعلا حزب فرنسا حقيقة أم “بعبع” يخوّف منه وبه. وهنا أيضا أجزم أن حزب فرنسا موجود فعليا متمثلا في أشخاص وهياكل وآليات وتصرفات تخترق كافة أجهزة الدولة وتنظيمات المجتمع، وفي أقل تقدير، تنتشر في ذهنيات وتصرفات محددة، لكن ليس من السهل تحديد نطاق هيكلتها، والخطير في المبالغة في توجيه هذه التهمة وإلصاقها بالخصم جزافا دون تريث، جعل من شبه المستحيل كشف حقيقتها “المادي” لإبطال مفعولها.
يمكننا القول نفس الشيء عن تهمة الدولة العميقة التي راجت منذ حراك 22 فبراير، بحيث أصبح كل طرف يتهم خصمه بأنه الدولة العميقة، ومن سخرية الأقدار، فحتى العصابة المتمثلة في رموز الفساد في حزبي الأفلان والأرندي، صارت، دون حياء تتهم من يعارضها بأنه الدولة العميقة، (وحزب فرنسا في آن واحد)، مما جعل الكثير، هنا أيضا من شدة المبالغة في توجيه هذه التهمة، يتساءل هل حقا الدولة العميقة موجودة، وكيف يمكن معرفتها، وهل في حالة وجودها، هي بتلك الفاعلية والنفوذ الذي ينسب لها؟ في الحقيقة، الحديث عن الدولة العميق لا يخصنا نحن في الجزائر فحسب، بل يشمل كافة أرجاء المعمورة ومختلف الأنظمة في العالم.
وفي حديثه عن الدولة العميقة، يختم الوزير اليوناني الأسبق كلمته منبها إلى موضوع بالغ الأهمية، يقول فيها “من المهم لنا جميعًا أن نكون على دراية بالدولة العميقة، لكن، من جانب آخر، من الضروري للغاية تجاهلها، وإنه من العبث على الإطلاق أن نوليها أهمية كبرى، إلى درجة الشعور بالهوس حيالها؛ يجب أن نفهم، بصفتنا مجموعات من المواطنين وشعوب، أنه لا يوجد ما يمكن أن يهزمنا طالما بقينا أوفياء وملتزمين بخياراتنا”، ونحن أيضا، لن تنال منا الدولة العميقة، كيفما كانت، ولا حزب فرنسا، هياكل وذهنيات، ما دمنا متمسكين بمطلب التغير في تمساك الصفوف ووضوح الرؤيا.
المقال السابقParis bombe le torse dans la défense du Kurdistan
المقال التالي في ماهية الدولة العميقة | يانيس فاروفاكيس
5 تعليقات
الدولة العميقة على مستوى الاستبداديات التي خلفها المحتل الغاصب البغيض من أجل قهر أهالي المستعمرات و التحكم في مصيرهم عن بعد هي صناعة فرنسية – بريطانية بامتياز ، وما التسهيلات التي قدمتها هاتان الأمبراطوريتان للكيان الصهيوني إبان أربعينيات القرن الماضي إلا جزءا من تلك الصناعة التي ساهم في بحث تفاصيلها خبراء و مستشرقون ، و نفذها ساسة و عسكريون بارعون . ومن هذا المنطلق يمكننا الإحاطة بدلالة عبارة ” مؤامرة ” ، إن المؤامرة ولدت تحديدا و بطريقة قيصرية نتيجة استحالة إخضاع الشعوب المستعمرة بالقوة ، فكان لزاما التآمر عليها بطريقة أو بأخرى ، و هو ما دفع تلك القوى الظالمة إلى اعتماد العمل من وراء قناع ، خصوصا أن خبرتها بخصوص الصراع الفكري لا يستهان ، و يجب أن لا نستهين بها ، إذ أمكنها توظيف الجانب العقائدي و الثقافي بشكل أو بآخر ، كان ذلك و ما زال على مستوى بعض وجوه الطرقية و ما شابهها ، فلم يسلم من خبثها و تمرسها إلا القليل . و تطورت تلك الأساليب من خلال بناء شبكات غير متجانسة في مكوناتها ، العامل المشترك فيما بينها جميعا الولاء القهري ، و القصد بالولاء القهري هو أن العنصر المستخدم ، يعتمدون في التحكم في حركته و مصيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، بالشكل و الصورة التي تجعل منه مرغما على الانقياد رغما عنه . لذلك و لذلك فقد صدق من قال أن عمل تلك العناصر ، سواء سميت بالدولة العميقة ، أو مجتمع داخل مجتمع ، أو داخل غرفة أو غرف مظلمة ، هو عمل متماسك من دون وجود كيانات . و السر في عدم حاجتها إلى هياكل معلومة أو معلن عنها ، هو اعتمادها على هياكل مجتمع الأهالي ، إذا جاز التعبير . و ليست عمليات تسريب بعض تلك العناصر غير المتجانسة إلى داخل جسم الجيش أو المؤسسات العسكرية ، إلا أمارة من أماراتها ، و دليلا على فحوى ما تمت الإشارة إليه . و ما يقال بخصوص المؤسسة العسكرية ، يقال عن الإدارة و غيرها .
أما تهمة ” حزب فرنسا ” فهي بمثابة سيف ذي حدين ، أو عملة من وجهين ، تعمل عملها في اتجاهين ، من جهة تبقي على الشكوك بين الأهالي ، و من جهة أخرى تستعمل عند الاقتضاء من طرف تلك العناصر العميلة المقنعة ضد خصومها . و على هذا الأساس يصعب تحديد و ضبط المتهمين أو العملاء الحقيقيين . و ما عمليات التعويم التي طالت جسم الأسرة الثورية ( المجاهدين المزيفين ) إلا من أجل ضرب مصداقية المجاهدين الحقيقيين و شل حركتهم ضد العملاء الحقيقيين ( الاستهداف من الداخل ) .
اليوم و في ظل ثورة الشعب السلمية وجب الحيطة من استخدام الشعارات ، مهما كانت طبيعتها ، إن كلمة السر هي ذهاب العصابة بكل أذرعها ، و لن يكون ذلك إلا بالصبر على طول الطريق و إسقاط الأقنعة بداية بتجاوز مسرحية الانتخابات التي بات يراهن عليها المتآمرون الفعليون الذين أسروا إلى العصابة بوجوب تمرير قانون المحروقات من أجل خلط الأوراق و جلب مزيد من الدعم من أصحاب كبريات الشركات التي يجب ، وفق تقديرهم ، دعم ورقة الانتخابات لصالح العصابات .
لفت نظري رجل يتكلم في السياسة من باب الحامل لدبلوم في علوم السياسة ، ولا يهم من يكون ، إذ من الممكن أن يشاطره رأيه الكثيرون ، و أتمنى أن يكون صاحب رأي ، قال فيما قال : ” لماذا لم يحمل شباب الحراك شعار : حزب فرنسا ديقاج ” ! و سبق للأكاديمي المحترم أن أشاد بقوة الحراك في أيامه الأولى ، لكنه أنسي – بضم أول الفعل – شعار الشباب الثائر أيامها : ” ما كانش خامسة يا أولاد فرنسا ” . فمن نلوم يا ترى ، الأستاذ المحاضر أم الشباب الحاضر !؟
لمن يريد أن يتذكر ، و يتدبر ، و يأخذ قليلا من العبرة ، فإن الرئيس الثائر يوسف بن خدة ترك لنا كلمات لها وزنها و أهميتها لمن يريد أن يبحث في أدبيات الحركة الوطنية من باب ؛ ” و شهد شاهد من أهلها” . قال سي بن خدة رحمه الله : ” ليس لنا من إيفيان إلا البند الأول ” . و البند الأول هو : اعتراف فرنسا باستقلال الجزائر . فكأن بن خدة يريد أن يخبرنا جيلا بعد جيل أن الذين تفاوضوا أو فوضوا – بضم الفاء – للحديث باسم الشعب الجزائري مع المحتل الفرنسي ، كانوا على أقل تقدير غير مؤمنين باستقلال الجزائر ! ولربما هي ذات الحالة أو الرأي الذي صرح به أستاذ العلوم السياسية وهو يلوم شباب الحراك : لماذا لم ترفعوا شعار ( فرنسا ديقاج ) ، و نسي أو أنسي أن الذين بات الحراك الوطني يطالب اليوم برحيلهم ، هم أنفسهم الذين حرسوا قبل ٢٢فيفري ٢٠١٩ على العهدة الخامسة ، وهم من يسهر اليوم من خلال المؤسسات غير الدستورية ، حكومة و برلمانا ، على تمرير قانون المحروقات !
سؤال بسيط بساطة شعارات الحراك الخالدة المخلدة لمواقف الأحرار : هل تستطيعون ، أنتم المقنعون بباديسيتنا و نوفمبريتنا وإيفياننا ، أن تقولوا لفرنسا و حزبها ، لا ، فتمنعوها من إملاء شروطها بخصوص ثروتنا و مستقبل أبنائنا ، و أنتم حل من أي اتفافية معها بعد انقضاء عقود ثلاثة على اتفاق العصابة معها ، و تتركوا ممثلي الشعب وحدهم يقررون مصيركم و مصيرنا بعيدا عن أي وصاية ! ؟ لا أظنكم فاعلين ، لأن الفاعل اليوم هو حزب فرنسا الذي يسابق الزمن من أجل انتخابات على مقاس كبريات الشركات التي تطمع في اتفاق جديد يرهن دمنا و خبزنا و كرامتنا جميعا .
كما كان اتفاق أو اتفاقيات إيفيان ، اتفاق إذعان ( القبول بالأمر الواقع ) بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، فإن اتفاق الشراكة بين الجزائر و أوربا ، و تحديدا بين الجزائر و فرنسا ، على أساس أن الدول الأوربية الاستعمارية المعروفة ، خصوصا بريطانيا و إيطاليا ، تعترف بكون الجزائر منطقة نفوذ فرنسية ، ليس هذا بالجديد . اتفاق الشراكة – فلنسيا ٢٠٠٢ – أيام حكم بوتفليقة كان بمثابة اتفاق إذعان من بوتفليقة و حاشيته و سحرته و حراس المعبد وقتها ، لشروط فرنسا ، و الذي يقضي بإعطاء امتيازات لفرنسا بخصوص وارداتها إلى الجزائر دون منافس يذكر ، في مقابل دعم فرنسا و من ورائها أوربا لرئيس الجزائريين في كل عهداته حتى الخامسة . اليوم و من بعد استنفاذ اتفاق الشراكة مدته ، بات واجبا حسب فرنسا ومن ورائها الشركاء الأوربيين تجديد الاتفاق ، و في مقدمته قانون المحروقات، ولكم أن تسألوا المتحمسين للانتخابات عن غرفة التجارة الجزائرية الفرنسية ( الغرفة المشتركة ) ، و نادي روتاري ( rotari club ) ، و غيرها ، و كذلك عن حكومة بدوي و علاقتها بذلك !؟ و عليه فإن وتيرة الإذعان لفرنسا لم تتوقف في يوم من الأيام ، بل المقابل الذي تتبجح به فرنسا في السر ، كونها داعمة للعصابة مهما كلفها الثمن ، و أنها الضامن لموقف أوربي متوازن ، الهدف بطبيعة الحال ، كما كان بالأمس القريب : الوقوف مع الجزائر في مكافحة الأرهاب ، فإنه اليوم الوقوف مع الجزائر في مواجهة عصابات الفساد ، و لو كان ذلك تحت مسمى وضع حد لحزب فرنسا !
بين الداي و القايد
بين الداي و القايد مسافات و مساحات ، اختزلتها حكايات و حكايات، و ملأتها أحداث و أزمات ، و حاول المحتل الغاصب الانفراد بالمآلات و النهايات ، واختارنا نحن الإخوة و الأخوات أن نكون في أحسن الأحوال متنزهين و متنزهات ، و كأننا بتنا عشاق أفلام و مسلسلات كتلك التي قتلت أوقات المصريين و المصريات حتى باتوا بالملايين محل سخرية على يد أخبث و أنذل الجنرالات .
بسرعة البرق و دون سابق إنذار خيب شعب الجزائر ظن صناع المسرحيات ، بسلميته التي فاقت في رونقها و نظارتها كل الأبهات.
من ربيع إلى ربيع ، و تحديدا خلال شهر مارس البديع ، يعتلي حكم الجزائر الداي حسين في ١ مارس ١٨١٨ ، أما أحمد قايد صالح فقد حلم بالتربع على عرش الجزائر ، و كان له ذلك في مارس ٢٠١٩
أي بعد قرنين بالتمام و الكمال .
كم كان عمر الداي ؟ ٤٥ سنة ، و عمر القايد ؟ ٨٥ سنة .
كلاهما عسكري ، أما الداي فقد كان قبل توليه الحكم إماما ، و قبل ذلك مارس التجارة ، مما أهله أن يتولى أيام حكم الداي عمر باشا منصب أمانة أملاك الدولة ، أحبه السكان ، و حزنوا كثيرا لما لحقه من جهة فرنسا المحتلة ، وهو الذي حدثنا التاريخ عن صبره و وفائه إلى حين وفاته ١٨٣٨ في سن ال٦٥ .
أما القايد صالح فقد تولى السلطة بعد الإطاحة ببوتفليقة و مرتزقته الذين فاقوا السيسي في خيانته و خسته ، ببساطة لأن السيسي تعرى من أول أيامه ، أما هم فقد تقنعوا بثوب الوطنية و الوئام و المصالحة المدنية !
لن أقدح في شخص أحمد قايد صالح ، ولا يحق لي أن أفعل .
فقط سنحاول مد الجسور لمعرفة ماذا يدور في خلد فرنسا و أذنابها تحت غطاء و من وراء قناع الشراكة الجزائرية الأوربية ، و تحت رهاية نادي الروتاري الذي بات يراقب المشهد عن قرب !
الكثير منكم يذكر ذريعة الاحتلال الفرنسي الغاشم ، بما عرف حينها بحادثة المروحة التي حاكوها ضد الداي حسين الذي اغتنم حضور قنصل فرنسا – بيار دوفال – يوم عيد الفطر المبارك لتهنئته ، و كان ذلك في فصل الربيع ٢٩ أفريل ١٨٢٧م ، فحدثه بخصوص ديون الجزائر المستحقة على فرنسا ، فرد القنصل ردا غير لائق ، فأمره الداي بالمغادرة ملوحا بمروحته ، وهي الحادثة التي ضخمتها و نسجت على منوالها فرنسا تسريع عملية احتلال الجزائر .
أما اليوم فيساورني شعور ، ما أذكر أن عرفته من قبل ، بخصوص ضمأ فرنسا و حرقتها وهي تفكر في خيرات الجزائر . و من دون ريب فهي و حراس المعبد باتوا متعطشين لفبركة ذريعة جديدة يكون ضحيتها القايد صالح بشكل أو بآخر ، و ربما سيكون الموعد ربيع ٢٠٢٠
و للعلم فإن المحيطين بقائد الأركان نوعان . فئة المندهشين الذين يبيتون على رأي و يستيقظون على نقيضه ، فلا يصحون إلا من بعد سبات طويل . و منهم من استهوته نشوة الانتخابات ، و مجالس النبش في المذكرات ، و تفسير أحلام المؤدبين و المؤدبات ، و قراءة أبراج الإعلاميين و الإعلاميات ، الساهرين و الساهرات ، من أجل إسكات صوت الحراك .
و فئة شبت و شابت على المكر و الخداع ، تتستر كثيرا ، و تتربص بالقايد أيما تربص من أجل تنفيذ فصول الذريعة .
فهل يتفطن القايد للمكيدة ، فينفض عنه الغبار و يسلم المشعل للأحرار على خط الغرباء فيسلم الجميع و تخسأ فرنسا إلى غير رجعة!؟
شكرا لك أخي عبدالرحمان على هذا الإثراء وربكا كان يفيد أكثر لو أجملته في مقالة م
ستقلة حول هذا الموضوع