قبل نحو ثلاثين سنة حضرت نقاشا حول فكر مالك بن نبي مع بعض تلاميذه ولاحظت أنه لم يُترحم عليه ولو مرة واحدة رغم ذكر إسمه عشرات المرات. وقد يعود إنتباهي لذلك لتوبيخ تعرضت له في صغري لما سمعتني جدتي أذكر والدي وعمي الشهيدين عدة مرات دون أن أترحم عليهما. رحم الله الجميع.
وحتى الإنسان العبقري خُلق ضعيفا
رغم صلاتنا وسلامنا على خير خلق الله، صلى الله عليه وسلم، والدعاء له عدة مرات يوميا إلا أننا نعتقد لا شعوريا أن عظماء الأمة في غنى عن دعائنا. مع أن عظمتهم مرتبطة بتضحياتهم قبل عبقريتهم. ومالك بن نبي لا يشذ عن القاعدة بل قد يكون من أكبر رموز الصبر والثبات وجهاد النفس الملازم لجهاد العقل!
مهما منحت من تميُّزوتفوُّق فإن العبقرية لا تخفف الألام والأحزان ولا تبطل رغبات النفس الضعيفة، بل إنها غالبا ما تكلف بلايا لصاحبها بسبب إفراط الغير في التطلعات المنتظرة منه والخيبة الزائدة كلما خاب الظن فيه.
والسيمات الفكرية والأخلاقية الفذة التي تميز بها مالك بن نبي لم تكن لتمُرّ دون إثارة الحسد عند البعض وذمها كعُجب وكبرياء تماما كما يشيد أخرون بالسذاجة كتواضع وإن إقترنت بالخبث!
الدعاء المستجاب
في صباح من شهر جوان 1936 بعد صلاة الفجر وهو بصدد الحصول على شهادة مهندس كهرباء في باريس، أخذ الشاب مالك يتأمل في المجد الذي ينتظره وهو واع بمهاراته الإستثنائية. فإذا بنصائح والدته تغمره مرة أخرى. فوقف يتأمل في المرآة ثم دعا ربه متضرعا: “يا إلهي أنا لا أريد نصيبي في هذه الدنيا!”
وقضى مالك بن نبي باقي حياته يتذكر ذلك اليوم وذلك الدعاء، وكم مرة ضاق به الأمر لحد مناشدة خالقه: “يا إلهي كأنك أخذت كلامي على محمل الجد فوق طاقتي!”
فقبل الإشادة به وبفكره فإن أول حق لمالك بن نبي علينا هو الدعاء: اللهم إننا نسألك بكل أسمائك الحسني وصفاتك العلى أن ترحم مالك بن نبي وتغفر له وأن تجازيه عنا وعن الوطن وعن الإسلام والمسلمين كل الخير وأن تخصص له مكانا في الفردوس الأعلى – آمين!
فتعالوا معي نترك فكر مالك بن نبي جانبا لنتعرف على معاناته قبل وبعد الإستقلال!
معاناة مالك بن نبي قبل الإستقلال
بمحاضرته “لماذا نحن مسلمون؟” في 1931، أشعل مالك بن نبي حربا شرسة ضد لويس ماسينيون أقوى رجل فرنسي. إضافة إلى علمه الموسوعي ودهائه الإستثنائي كان ماسينيون يتمتع بصلاحيات رئيس دولة وتقديس بابا الفاتيكان. وكانت كل النخب العربية والإسلامية في فرنسا معجبة به وبمساعداته المتنوعة (1).
في بداية القرن العشرين كان ماسينيون رفيق لُورنس العرب وشارك في إتفاقيات سايكس بيكو وناضل من أجل موطن لليهود مع صديقه وايزمان الذي أصبح رئيسا لأسرائيل. وبدفاعه عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين وغيرها من مخادعاته الإنسانية استطاع إستقطاب المثقفين المسلمين إلى حد تنصير بعضهم مثل “الحاج محمد عبد الجليل” الذي أصبح “الأب محمد عبد الجليل” وبفضل صداقته لمالك بن نبي عرف حمودة بن ساعي حقيقة ماسينيون فانفصل عنه في 1932 “أنت أسوأ من مجرمي المحرقة الجماعية في الظهرة.” بن نبي و بن ساعي كانا يشكلان “العدوين الوحيدين” لمشروع “دفن القرآن”. متاعب بن نبي مع “العنكبوت” كما كان يُسمي ماسينيون لإتساع شبكته التأثيرية، موصوفة في كتابه “التعفنات” ونلخصها فيما يلي:
- رسوب في الإختبار الشفوي بعدما تصدر ترتيب الإمتحان الكتابي؛
- حرمانه من الحصول على الشهادة؛
- منع التوظيف في عدة أماكن في فرنسا وفي بلعباس بالجزائر؛
- رفض منح الفيزا للعمل في مصر والسعودية وفي بلدان أسيوية؛
- تسريح والده من العمل في تبسة من طرف مقرب لماسينيون؛
- سجنه لمدة ثمانية أشهر مع زوجته التي دفعت ثمن إعتناق الإسلام.
“المهم ليس في حيثيات الظلم والأذى بل في كيفية المواجهة والتحمّل!” سينيكا.
هذه المعاناة دامت عقودا من الزمن وتواصلت بعد الإستقلال وواجهها مالك بن نبي بثبات النبلاء رافضا عدة عروض وتسويات مغرية التي كثيرون من كانوا ليقبلوها مُهرولين. وكان يصف صموده بجهود تلك الذبابة المثابرة التي تتمكن من حين لآخر من إحداث ثقوب وأضرار في شبكة العنكبوت.
معاناة مالك بن نبي بعد الإستقلال
من المتاعب والمؤامرات التي واجهها بن نبي في الإستقلال نذكر فقط تلك التي وردت في دفاتره الخاصة كما رصدها الأستاذ عبد اللطيف سيفاوي (2).
تجنب مالك بن نبي ذكر الأسماء وفضل الإستعانة بمجهول الرياضيات. فبعد معاناته مع “العنكبوت” واجه بن نبي مضايقات “السيد (س)”.
منذ رجوعه للوطن في 1963 إلى وفاته في 1973 لم يطبع له إلا كتاب واحد من كتبه. تميزت المرحلة بعراقيل ومحاولات لتهميشه تشمل رفض نشر مقالاته وعزله من إدارة التعليم العالي وإرغامه على إلقاء الدروس في بيته.
22-11-1963: ” السيد (س) منع وصول إقتراحاتي حول التوجه الثقافي للرئيس بن بلة”؛
19-12-1963 : “أول محاضرة في الجزائر المستقلة. لم يقم أحد بالإعلان عنها أو بتقديمي”؛
09-01-1963 : “بعد دقائق من محاضرتي في الجامعة ألاحظ خروج جماعي منسق لعدة أشخاص. الصراع الإيديولوجي متواصل”؛
25-02-1964 : “محاضرة في قاعة إبن خلدون. مجموعة أطفال صغار تجتاح القاعة في غياب الحراسة”؛
01-05-1964 : زيارة مع الدكتور خالدي للشيخ البشير الإبراهيمي؛
31-08-1964 : “أنا سعيد بوجودي في وطني بعد ثلاثين سنة قضيتها كحيوان مُطارَد”؛
18-09-1965: “قبل إنقلاب 19 جوان كنت أقدم بعض الأفكار بشكل يوحي أنها صادرة من “الزعيم” الرئيس بن بلة، والآن أنا مضطر لذكر 19 جوان كل مرة. ورغم هذا الثمن فبعض الأفكار لا تُنشر”؛
19-03-1966 : بن نبي يرفض عرض بومدين لتعيينه سفيرا في الفاتيكان مفضلا بقائه على رأس إدارة التعليم العالي؛
19-06-1966: “مقاومتي ضعفت ووسائل السيد (س) تطورت. ضميري مرتاح كأنني الشخص الوحيد في القرن الذي استنفد كل طاقته. الباقي على الله دون نسيان السيد (س)”؛
15-08-1966: “السيد (س) عازم على تدمير قلعة مالك بن نبي”؛
19-08-1966: إقالة بن نبي من التعليم العالي : “ثلاثون سنة والإستعمار يحاول تحطيمي وفشل، أفكاري تجول كل العالم وتشكل بذور الغد في العالم الإسلامي. أشعر بالتعب وأخشى أن تكون نهايتي مثلما أرادها السيد (س)”؛
29-03-1967: الرسائل توقفت: “أشعر أني كذرة وحيدة تقاوم قوى عملاقة”؛
25-09-1967: زيارة إلى تاشكند ومفتي المدينة يخبره أنه قرأ الكثير من مؤلفاته وبعضها متوفر في المكتبة. : “الإسلام لا زال صامدا في هذه الديار وكلام المفتي يدل أن مجهودات السيد (س) فاشلة”؛
10-10-1967: “في غيابي تم نشر جزء من كتابي حول الأفرو أسيوية مع إضافة فقرة تشيد بالتسيير الذاتي لتحميلي فشل نظام نددت به قبل سنتين في تقرير لبومدين”؛
24-12-1967 : محاضرة في فرنكفورت مع إقبال كبير ونشر “الإسلام والديمقراطية”؛
20-01-1968 : مجلة الثورة الإفريقية ترفض نشر “الإستشراق وتأثيره في فكر المجتمع المعاصر”؛
15-03-1968 : عبد المجيد مزيان يشيد بمالك بن نبي كرائد الفكر والفلسفة: “ضربة قوية للسيد (س) الذي يروج أفكار التغريبيين”؛
28-09-1968 : تألق إستقطاب خارق في مؤتمر في مصر :”أشعر أني معروف ومحترم أكثر خارج وطني”؛
03-12-1968: ستة محاضرات في شهر رمضان: “أشعر أن صدى هذه المحاضرات فاق كل مخاوف السيد (س)”؛
07-04-1969 : بسبب دوره الرئيسي في تنظيم ملتقى الفكر الإسلامي يشعر بمساعي إنتقامية لإخراجه من مسكنه بعدما فقد منصبه كمدير التعليم العالي: “السيد (س) لديه مخطط تصاعدي لإجباري على مغادرة الجزائر”؛
09-05-1969 : “أشعر أن الأحقاد ضدي لن تنتهي بعد موتي والسيد (س) سيبحث في كل مكان، حتى في أحشاء أطفالي، لمحو أفكاري”؛
01-09-1969 : غياب كلي لكتب بن نبي في معرض الجزائر؛
11-02-1970 : صدور “ماذا أعرف عن الإسلام ؟” مع بروز إسم مالك بن نبي:”هذه هزيمة مدوية للسيد (س) الذي يسعى لإبعادي عن الجامعة”؛
17-06-1973 : بعد نشاط مكثف (الرياض، بيروت، طرابلس، القاهرة، واشنطن، فيلادلفيا، لوس أنجلس، شيكاجو، تلمسان، بسكرة، شرشال)، مالك بن نبي يشعر بإرهاق حاد: “أحمد الله الذي وفقني لحمل هذا الثقل كل هذه المدة. أنا الآن مستعد للنهاية التي ستريحني من هذا العبئ”.
31-10-1973 : وفاة مالك بن نبي رحمة الله عليه.
رجوعا لدعاء 1936 “يا إلهي أنا لا أريد نصيبي في هذه الدنيا” فإن الله أخذ فعلا كلامه على محمل الجد وهو أدرى به من نفسه، فنعم النصيب إن شاء الله!
عبد الحميد شريف، بروفيسور في الهندسة المدنية
المراجع
(1) http://lequotidienalgerie.org/2014/07/01/la-philosophie-islamique-postcoloniale/
https://hoggar.org/2014/07/01/la-philosophie-islamique-postcoloniale-quand-la-toile-daraignee-survit-a-la-tarentule-mere/ (2) https://www.lejeunemusulman.net/?p=1539
14 تعليق
معاناة مالك ، مهما وصفت و عبرت و بحثت في سجل مالك ، لن تجد من يدلك سوى مالك ، فإذا أردت فعلا الوقوف على معاناته ، فعليك بتأشيرة عبور إلى الأجواء التي كان يعيشها ، و الأسرار التي كان يحتفظ بها . و لعل أكبر سر ذهب معه من دون جواب ، هو غربته بين أهله ، خصوصا بعد الاستقلال . و مما زادني ألما و ألما ، غربة صديق مالك الذي لا يعرفه من الجزائريين و الجزائريات إلا القليل ، الأستاذ حمودة بن ساعي الذي قضى آخر أيامه ، وفق ما رواه لي أحد الأصدقاء أيام تسعينيات القرن الماضي ، وهو يتجرع ألم النسيان الممنهج داخل أحد أكواخ مدينة باتنة رفقة بعض مخطوطاته التي لم تجد من أنيس سوى قطرات ماء المطر المنهمرة من سقف ذلك الكوخ الذي احتفظ و إلى الأبد بأعظم الأسرار ، كون كثير من الجزائريين ، و خصوصا نخبة ( صحوة الثمانينات ) ، كانوا عاجزين عن سماع أنين مفكر بمنزلة حمودة بن ساعي الذي رحل بعد عقدين من رحيل مالك . فهل يستطيع الأستاذ المهندس عبد الحميد شريف هندسة سر النسيان و مدنا بالقليل من الأسرار التي يمكن أن يعثر عليها و هو يتحسس ضمائر من عرفوا مالك أو حمودة عن قرب! ؟
تحسبونهم أمواتا ، فقط لأن الدنيا عندكم هي الحياة ، فكم من أحياء بسبب الدنيا عاشوا أمواتا ، و صاروا في عداد الموتى أبد الآبدين . إن أقبح شرك من بعد التثليث ، ليس سوى فقر الأفكار . كم جمعت من مطبوع ، و تجملت من طبائع ، لم تزدك سوى حملا نغص عليك استنشاق القليل من الهواء . و الماء لم يعد ذا منزلة في بيتك، كله بسبب زحمة الأوثان . نصيبك في الأخرى من نصيبك في الأولى ، فاحسبه ، إنه ليس بقوة جاه ، أو وفرة مال ، أو كثرة خلان . أعشق وحشة مالك ، و خلوة بن ساعي ، فليست وحشة الموت ، إلا بسبب ضعف فكر ، أو سوء أخلاق .
بوركت يا أستاذ بشير
بكل صراحة معلوماتي حول الأخوين صالح و حمودة بن ساعي اللذان كانا صديقين لمالك بن نبي في الثلاثينيات في فرنسا محدودة
علمت مؤخرا أن صالح المهندس في الفلاحة إشتغل في المغرب وكان من المقربين من الملك وهو الذي قاد سياسة المغرب لبناء السدود.
فأما حمودة فعاش وحيدا مدة طويلة وأنا فهمت بين سطور مالك بن نبي أن صديقه العزيز بدأ يعاني في الثلاثينيات من متاعب نفسية
ومثل هذا الموضوع يستحي الإنسان أن يخوض فيه مع أي كان. وأنا أقول إذا لم يؤكد لي أحد هذا الخبر فكذلك لم ينفه أحد
رحم الله مالك وحمودة وصالح وجميع موتى المسلمين
و كم من منهك نفسيا ، و محطم عصبيا ، و ضائع ذهنيا ، و مسحوق اجتماعيا ، و فاشل دراسيا ، كله بسبب تبني سياسة الحرمان و الإقصاء التي تبناها الاستدمار الفرنسي الغاشم ، و استلم مقاليدها النظام الاستبدادي الفاسد الذي عششت في ظله السينات ، جمع حرف ( س ) ، المشحونة بالكم الهائل من الأحقاد الدفينة على كل ما هو جزائري . و هي الفكرة التي أراد فيلسوف الحضارة و مهندس الثقافة مالك رحمه الله تمريرها على مستوى عالم الأفكار داخل حدود الجزائر و خارجها ، فرمزية الإشارة بالحرف: س ، لها معناها في عالم الأفكار قبل عالم الأشخاص ، و في حدود التاريخ قبل حدود التراب و الجغرافيا . و كم من الجراح التي عاناها مالك و هو يصارع وطأة الوثنيات التي عقدت مهمة رجال الإصلاح من قبل و من بعد . و لعلك يا أستاذ شريف ، قد أشرت إلى شعور مالك بنوع من الإرهاق ، فالذي كان يرهقه بحق هو التفكير الملازم بخصوص الرسالة التي يتطلع حتى تضطلع بها الأجيال ، لم يخف على نفسه ، ولم يشتغل أبدا لذلك ، فكان همه أجيال المستقبل ، حيث عبر عن ذلك بالقول الذي ذكرتنا به في مقاربتك مشكورا : ” : “أشعر أن الأحقاد ضدي لن تنتهي بعد موتي ، والسيد (س) سيبحث في كل مكان، حتى في أحشاء أطفالي، لمحو أفكاري” . هذا الذي كان يشتغل لأجله مالك ، و هذا واحد من بين أسرار غربة مالك داخل حدود وطنه . و شيء مما أصاب أحفاد مالك ، كان قد أصاب إخوة و أصدقاء مالك ، فكم كانت شديدة غربة مفدي زكرياء ، و عبد الحميد مهري ، و آيت أحمد ، و عباسي مدني ، و كثيرا من أحرار هذا الوطن العزيز . أما ( س ) فهو اليوم ( ب ) ، و غدا سيتغير ، فقط يتغير الشكل ، و الباقي هو الأفكار ، و تحديدا حرب الغزو الفكري التي لم يهدأ لها بال ، كما هي فرنسا الاستدمار لم يهنأ لها بال . أخي عبد الحميد ، المقام لا يسمح كثيرا بالاسترسال ، خصوصا أن شبابنا منخرط ضمن حدود المجتمع الفيسبوكي كثيرا ، و يمل من مثل هذه الإطالة . إن حراكنا الوطني هو منحة و فرصة تاريخية جاءت في اللحظة الأخطر من عملية استرجاع الأنفاس في سبيل إعادة ما طاب من روح التوازن لمحور طنجة جاكرتا في مجابهة أخطار صفقة القرن ، واستلهام القدر البسيط من تأملات مالك و هو يرسم ملامح هزيمة ( س ) على درب كل الحاقدين . و على هذا الأساس وجب التأمل عند حدود رمزية مالك ، إذ يمكن أن نستفيد منها كثيرا .
رمزية مالك بن نبي إلى أدوات الصراع في حدود الوثنيات التي تنوعت أشكالها كثيرا ، إنما جاءت انطلاقا من الإحساس بصعوبة مهمة الإصلاح على مر التاريخ ، لعلكم مررتم مرور الكرام على موقف من المواقف التي ستحدثنا عنها أجيال المستقبل بنوع من الأسى ، وهو الموقف الذي رافق استقبال شريحة من إخواننا السوريين المضطهدين من قبل ألمانيا ، كان موقفا بحجم تاريخ أوربا، غير أننا لم نتعلم قراءة التاريخ ، فقط هم يقرأون كثيرا التاريخ ، و يحضرون لذلك أجيالهم . الغريب هو الاستهانة بفحوى الكلمات التي نطقت بها سيدة ألمانيا ، أنجيلا ميركل ، و هي سيدة بحق ، تزن وزن ملوكنا و أمرائنا ، إلا من رحم ربك ، فلا يوفون حقها في الميزان. تحدثت بخصوص أجيالنا التي ، وفق منظورها ، يجب أن تتساءل في المستقبل ، لأننا اليوم لا نفهم كثيرا في عالم السؤال في حدود مدارسنا ، و حقولنا ، و معاهدنا و جامعاتنا ، و حتى مساجدنا . الفحوى هو سؤال أجيال محور طنجة جاكرتا عن سر استقبال بون لضحايانا ، خصوصا النساء و الأطفال ، والشباب اليافع ، و عجز ( مكة ) عن استقبالهم . إننا حين نحصي ضحايانا بسبب فعل الوثنيات ، سنجده لا يقل شأنا عن ضحايا صفقة القرن بأيادي جيل ممن رمز إليهم مالك ذات يوم بحرف ( س ) ، الذي بقي مجهولا في ظل التصحر الذي أصاب اهتماماتنا و نحن نصارع أثار الهدم الذي تسببت فيه العصابة .
في هذه اللحظات بالذات أجدني ضائعا من دون بوصلة ، فقط لأن من يذكر مالك و حمودة بن ساعي ، و أخيه صالح ، سيعتصر بكاء من دون دمع ، و دما من دون جراح ، و ثقلا من دون حمل . و أنا أقرأ مقاربة الأستاذ عبد الحميد ، أشعر كأننا نبحث داخل حيز من محيطنا الحيوي ، و قد تضرر كثيرا نتيجة زلزال عنيف ، فما أعنف الزلزال الذي تسببت فيه العصابة بحق أرواح الجزائريين و الجزائريات ، و ما أقبح تلك الصورة التي يبدو من خلالها ، معارضون سياسيون على شاكلة أمراء السياسة ، و أكاديميون متصحرون إلا من غطاء الشهادة ، و عقداء متقاعدون يجرون الكثير من الرداءة ، فقط يزفون للشعب الثائر ، أن خلاصهم فقط بين أيدي قيادة ، هي في حقيقة امرها أثقلت كاهل إحدى مؤسسات نظامنا العسكري الذي كان أكبر حارس لعصابة كانت صنيعة دوائر الظلم و الفساد التي لم نحسن قراءة مدلولها ضمن رمزية مالك . سلام على مالك و إخوة مالك ، و أحفاد مالك .
كم هو عظيم أن يتضاءل و يتلاشى أثر الحواجز و العوائق التي غرسها لويس ماسينيون ، صديق وايزمان الذي أول من اصطحب معه إلى أمريكا مطلع أربعينيات القرن الماضي ، شخصية بحجم أينشتاين ، و كان وايزمان عالم الكيمياء يدرك قيمة فيزيائي في عالم الأفكار ، ليصبح ، حاييم رئيس أول منظمة صهيونية في العالم ، رئيسا للكيان الصهيوني ، بل اول رئيس له بعد حين .و كم هو محزن أن تطول غربة أبناء و أحفاد و إخوة مالك ، من عباقرة تشهد لهم أولى جامعات أمريكا و أوربا اليوم، بالكفاءة و الاستقامة و حسن الجوار . لعل ذلك بالقدر اليسير مما أشار إليه مالك ، ضمن ما نقلت يا أستاذ عبد الحميد : ” السيد (س)”؛
07-04-1969 : بسبب دوره الرئيسي في تنظيم ملتقى الفكر الإسلامي يشعر بمساعي إنتقامية لإخراجه من مسكنه بعدما فقد منصبه كمدير التعليم العالي . حيث يؤكد مالك بالقول أن “السيد (س) لديه مخطط تصاعدي لإجباري على مغادرة الجزائر .” . عند هذا الحد يمكنني أن أشعر بالقدر اليسير من غربة أحد أحفاد مالك كرمز لغربة الأحرار ، أحييه تحية الغرباء ، إن غربة السيد مراد دهينة اليوم كجزء من رمزية مالك ، و بن ساعي ، و أخيه صالح ، و مفدي ، و مهري ، …، لا تقل شأنا عن غربة صالح في ثمود . و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
و تستمر المعاناة عبر ربوع عاصمة الحماديين ، التي تمد ذراعيها إلى كل مدن شمال إفريقيا ، و منها إلى ربوع مصر و الشام ، و جاكرتا و طهران ، و كواللامبور ، و اسطنبول الشموخ و رباط الأحرار ، لقد تابعت نقاشا غريبا نوعا ما ، هذه الأيام ، بثته قناة أمل – tv – و غرابة ما دار من نقاش ، إن كان كذلك ، فإنما يعبر عن آثار غربتنا في عالم الأفكار ، لأن الحاضرين يومها من عالم أشخاص أقرب ما يكون إلى أسرة جزائرية نالها من التضييق ، فاختارت المنفى مجبرة ، رغم أنفها، إلا أنها بدت مشتتة وهي تحاول استرجاع الأنفاس . لقد تابعت بألم و بكثير من الأمل مقاربة سؤال اللغات ، حتى بدا للمتتبع أن الإخوة ، مغراوي ، عبدو سمار ، و القاضي الذي بدا كالطير مكسور الجناح بعد أن غادر قفصه الذي اكتوى داخله بداء السمع و الطاعة للسلطان ، ولا شيء سوى أوامر السلطان ، ليبدو السيد هشام عبود في حيرة من أمره ، و صحفي القناة يضطر إلى إنهاء موعد الحصة قبل الأوان . المشكلة أتية من تأثير عمل السينات – تحت طائلة – رمزية حرف ( س ) ، التي بموجبها يجب أن تغادر كفاءات الجزائر إلى المنفى ، و أن تموت في المنفى ، ذلك أن مقاربة سؤال اللغات جاء في غير السياق المطلوب ، و من دون منهج واجب التحديد . اعتبر السيد عبدو سمار ، معذورا ، أن المشكلة تكمن في اللغة العربية ، لكن ، لا القاضي ، ولا السيد مغراوي ، ساعداه على تصحيح المسار ، خصوصا أن القول بأن العربية هي لغة القرأن ، وأن فحول الرياضيات هم عرب ، لم يزد المسألة سوى غموضا ، و هذا الذي كان يستهوي لويس ماسينيون و حاييم وايزمان ، في أيامهم الغابرة ، فقط اعلموا أن رغبة الاستهواء و الاستقواء ما زالت قائمة . و كان يكفي القول أن لا مشكلة مع اللغات ، حتى الفرنسية لما تفرغ من شحنة سياسة الاستدمار الغاشم ، و هو أمر بعيد المنال . السيد عبدو سمار ، قال : أن المشكلة تكمن أولا و أخيرا في هيمنة اللغة العربية ، وهو غير صحيح ، لأن هيمنة اللغة العربية تقتضي تلقي الجزائريات و الجزائريين العلوم ، من الابتدائي إلى الجامعة باللغة العربية ، و يقتضي ذلك كفاءة أساتذة الإنسانيات و التكنولوجيا و التاريخ و الفلك و الفيزياء والرياضيات ، مادة علمية و لغة تواصل واتصال ، وهو الغائب الأول ، يا أخي عبدو ، و بالتالي لا بد أن تقتنع بأن عبارة : ” هيمنة اللغة العربية ” في غير محلها . و ما يقال في حق اللغة العربية يمكن أن يقال في حق أي لغة يمكن أن يهتم بها أهلها الاهتمام المطلوب ، مع الإشارة إلى أن السبق في حق اللغة الانجليزية نابع أساسا من كفاءات الأمة التي توارثت هذه اللغة أبا عن جد . كما أن التعليل من طرف السيد هشام عبود ، كون التلميذ الذي يدرس المراحل الأولى باللغة العربية ، نجده يعاني مع أوليائه الذين لا يحسنونها ، و في غالب الأحيان يستخدمون : ” الدارجة “، فالرد البسيط : هل أولياء الأمور يحسنون اللغة الفرنسية و يمكنهم جميعا مرافقة أبنائهم وفقها ! ؟ و لعلم السيد هشام عبود أن جل الناجحين من إطارات الجزائر ينحدرون مز عائلات لا تتكلم و لا تحسن الفرنسية إلا يسيرا . و إذن فإن المشكلة نابعة من دور عمل من رمز إليهم مالك بن نبي بالحرف ( س ) في ظل سياسة الاستبداد و الفساد ، التي ورثت عن الاستدمار الغاشم الكم الهائل من الحقد الدفين على أمازيغية الجزائريين و عروبتهم ، و أكثر من ذلك عبثت بالنظام التربوي من الرأس إلى القدم . إن المشكلة أولا و أخيرا في الأنظمة المتبناة التي لم تخدم منذ الاستقلال سوى العصابة التي تحتقر الجزاىريات والجزائريين كثيرا . و عليكم السلام و رحمة الله . انتهى . حبذا لو يتطوع الدكتور رشيد زياني ،أو الدكتور عبد الحميد شريف بترجمة محتوى مقاربة : ” معاناة مالك بن نبي ” التي أتحفنا الأخ عبد الحميد ، بما فيها ما جاء من تعقيب .
بين جهود أو الجهود الذي تبذله الذبابة منفردة على مقربة من شبكة العنكبوت ، يمكن أن يترك أثارا ، لكن الأضرار و الثقوب بالرغم من مثابرة الذبابة لن تكون كافية ، ذلك أن التحذير من الذباب ، خصوصا زمن ارتفاع درجات الحرارة ، و درجة تلوث المحيط ، في ظل انشغال باقي الذباب بعيدا عن شبكة العنكبوت و ما تخفيه من مواد مضرة للغاية ، يجعل من مجهود الذبابة غير مجد على المستويين المتوسط و القريب . لعل التشبيه بالذبابة الذي ذهب إليه مالك نابع من حقيقتين ، و هما :* تأثر جهود الإصلاحيين ، من قبل ، و من بعد ، بما تبثه الشبكة العنكبوتية من سموم ، و تخلفه من عراك ، و فوضى .
* غياب العمل المنظومي من صنف ما يقوم به النمل أو النحل ، بسبب العوائق و العوالق ، من أفكار ميتة ، و أخرى قاتلة ، تأثر بسببها المحيط الحيوي كثيرا ، الذي هو النسيج الاجتماعي و الثقافي بأبعاده التاريخية و الحضارية .
و بناء على ما سبق من توضيح و تحديد ، وجب التأمل في كثير من محطات السيرة العملية لمجتمع المدينة المنورة قبل و بعد فتح مكة المكرمة ، سواء زمن الحرب ( الدروس المستقاة من الغزوات ) أو زمن بناء المجتمع ، من قبل و من بعد . و بالقدر الذي يمكن استخلاصه من عبر و دروس ، يمكن اعتبار المجتمع الجزائري خصوصا و الشمال الإفريقي عموما ، نموذجا مجتمعيا متقدما في التاريخ ، ذي أبعاد حضارية معبرة عن محطات مشعة في حياة الإنسانية ، و خصوصا حينما نتتبع تأملات مالك انطلاقا من تجربته الرائدة في تحديد وجهة العالم الإسلامي ضمن وجهة عالم إنساني يبحث عن ضالته بخصوص سؤال الأمن و الأمان ، و هو ما يمكن تحديده بين رؤيتين بارزتين و غالبتين ، رؤية مالك بن نبي _ لال جواهر نهرو ، و في المقابل ، رؤية مركبة : لويس ماسينيون – حاييم وايزمان . و ليست المقابلة اختزالا أو استئنافا ، ولا هي خلاصة للتاريخ ، و لكن أنموذجا حيا لمسار الصراع بين رؤية عنصرية تعتمد سياسة الحرمان و الإقصاء ، و رؤية استخلافية تستهدف تحرير الإنسان .
قصدت : المجهود .
رمزية مالك في أبعادها الثقافية و الحضارية عابرة للمكان و الزمان ، ما يجعلها أقرب إلى الخلود داخل حدود التاريخ الإنساني ، و هو سر امتداد عمرها كلما امتد عمر الإنسان ، و هو الذي أراده مالك فعلا ، خصوصا حين يوصي بأهمية استحضار الضمير ، و تحديدا لما يحث النخبة ، وهي تكتب ، أن تكتب بالضمير . و من دون ريب فإن مدارسنا و معاهدنا و جامعاتنا ، و كل فضاء ضمن محيطنا الحيوي في حاجة إلى اعتماد منهج الضمير في التربية و التعلم و التدريب و الاختبار .
و من يدريك بحياة الضمير التي اجتهد لأجلها النبهاء الذين رضعوا من ضرعها حليب العظمة ، واصطبغوا نتيجتها بصبغة العقل و الروح حين تمتزج مادتاهما و وقودهما ، في سبيل اكتشاف دروب المعرفة المعبر عنها بالمشكاة ، التي سعى إليها الأنبياء و الرسل و الصالحون ، فتكشفت لهم حقيقة الحياة بعد أن اختار آدم و زوجه شجرة ، غير الشجرة المباركة ، فكان لزاما التضحية بالقليل من أجل الكثير ، و تلك كانت غاية هابيل في مقاربة موقف أخيه قابيل ، في رمزية فائقة في البيان و التعبير . و من دون ريب ، فقد كانت لكل نبي ، كما لكل رسول ، رمزيته ، و على نفس الدرب سار عباد الله المكرمين ، فجاءت رمزية مالك بن نبي متميزة على خط السالكين في مقاربة أسئلة العالمين من أجل بلوغ الطريق المستقيم .
رمزية مالك بمثابة المعلم الذي يمكن أن يساعد من يجتهد في البحث عن حلول مشكلة من المشكلات أو سؤال من الأسئلة ، فيرسم خطه البياني المطلوب ، الذي يساعده بدوره في تصور و بناء أي مشروع ، لذلك يمكننا أن نقرأ هذه الرمزية فيما اتصل بعالم الأشخاص ، حينما يرمز لعالق أو عائق ما بالحرف ( س ) الذي امتد ، أو كان سيمتد ، خطره إلى أحشاء أحفاد مالك ، و هي خطورة ، لا تقتصر على شخص بعينه ، و لكن خطورة بالحجم و الأثر الذي يمكن أن يطال الإنسانية كلها . و على هذا الأساس ، وانطلاقا من قراءة متأنية بخصوص العوالق و العواىق ، أو الموانع و الإكراهات ، يمكن تمييز نوعين من الحرف ( س ) ، نوع ميت كالركام الناتج عن عمليات الهدم غير المبررة ، و نوع آخر كالزلزال الذي يأتي فجأة . و مثل هذا التحديد قريب من تصنيف مالك لما هو أفكار ميتة ، و أخرى قاتلة . و مثل هذه القراءة تجعلنا نتساءل بخصوص النوع الأول في حدود الرمزية بالحرف ( س ) و الذي لا تقل خطورته من حيث الأثر على عملية البناء، عن خطورة النوع الثاني . و من هذا المنطلق يمكن لأحدنا أن يتساءل عن علاقة شريحة واسعة من علمائنا ، أو ممن يدخلون تحت طائلة علماء المسلمين ، أو من يلقبون بذلك ، شريحة لم تقارب اهتمامات مالك ، لا من قريب ولا من بعيد ، بمعنى أن موقفها يبعث على التساؤل ، إذ كان يمكنها أن تبادر ، حتى لا أقول تخاطر ، بقراءة صفحة من صفحات مقاربات مالك ، فتقول شيئا بخصوصها لعالمنا العربي و الإسلامي ، و في هذا المقام أتحاشى ذكر الأسماء ، خصوصا من ااذين خاطبوا الناس كثيرا ، و كتبوا أوراقا كثيرة ، و سافروا كثيرا ، و نالوا من المدح كثيرا . تحاشيت ذكر الأسماء تماشيا مع قناعتي بأهمية رمزية مالك في مقاربة مثل هذه المسائل المتصلة بعالم الأشخاص ، و التي تترك أثرها الخطير في عالم الأشخاص ، مما يجعلني اعتبارها نوعا من العوالق و العوائق في طريق البحث عن ضالتنا في عالم بات يعاني كثيرا داخل حلبة التدافع . و على هذا الأساس فإن ما رمز إليه مالك بالحرف ( س ) يمكن أن يشمل نوعين من المرموز إليهم داخل حيز جغرافي واحد ، او داخل حلبة صراع واحدة ، و يمكن أن يستفيد نوع من سقطات أو سوء تقدير النوع الآخر ، و تلك مصيبة مركبة ضمن ما كان يعاني منه مالك ، أو سببا رئيسا في غربة مالك . و ليست غربة مالك سوى غربة أفكاره في غربة مجتمعه في غربة أمته في غربة العالمين جميعا .
و نحن على خطوات من جمعة الحراك ال٢٣ ، و من بعد خمسة أشهر بالتمام ، و من بعد أن عبر الجزائريون عن رمزيتهم في التعاطي مع المستجدات ، بداية برمزية السلمية التي حملت في طياتها أكثر من رسالة إلى فقهاء السياسة و القانون ، و هم يراجعون فرادى ، لأن مراكز البحث و الدراسة في حدود عالمنا العربي خاصة ، تعاملت مع الموضوع ببرودة فائقة ، لم تتضح أسبابها بعد ، و إن كانت لا تعدو ذات علاقة بمهام هذه المراكز و دورها الذي أنشئت لأجله ، و الذي يتصل باهتمامات المشرفين و العاملين أيضا . يراجعون فرادى سؤال الديمقراطية و كيفية التعاطي معه بين مسارين متقابلين ، مسار الصفقة ، و مسار الثورة ، كعنوانين بارزين لقرننا الجديد ، و لعل رمزية القرن جاءت بسبب ما لاح في الأفق من بوادر إعادة النظر في سؤال عملية التوازن على مستوى حلبة التدافع . و قريبا من سؤال السلمية ، تلاحقت أسئلة أخرى ، حاول الإجابة عليها الجزائريون بعفوية فائقة ، ابتداء من ملاحقة أقطاب الفساد بين المحاكم و إقامة الحراش ، إلى معانقة الكأس الإفريقية ، إلى حضور رمزية القضية الفلسطينية ، فرمزية أبوتريكة ، و عفوية سجود المحاربين ، و عفوية القائد محرز في التعاطي مع من حضر من شخصيات و وزراء غير معروفين عند غالبية المصريين و الجزاىريين على حد سواء ، لتبقى السلمية حبلى بما تنشده شعوبنا المسحوقة من تطلع إلى الحرية و الكرامة . و بناء على ما سبق وجب التنبيه إلى أهمية الرمزية في مقاربة ملفات الحراك ، مما يعني وجوب الابتعاد قدر الإمكان عن شخصنة المشهد و حصره في دائرة ردود الأفعال التي لن تخدمنا في محاسبة الفاسدين ، ولا تجاوز عوائق من يجب أن نرمز إليهم اليوم بالحرف ( س ) الذين يبيتون ساهرين ، و كلهم وحشية و حقد ، حتى ، على أحشاء أطفالنا الذين سيولدون ، مثل هؤلاء الحاقدين ، لم يسلم من حقدهم ، لا بومدين ، و لا الشادلي بن جديد ، ولا قاصدي مرباح ، ولا الرجل الحر عبد الحميد مهري ، ولا آيت أحمد ، ولا عباسي مدني ، و لا حتى الرائد لخضر بورقعة حفظه الله و رعاه . و الفاهم يفهم .