اجتمعت فيها كلّ السلبيات والآفات الممكنة : الكثافة السكانية جراء النزوح الفوضوي ، انعدام الأمن ، الأوساخ ، الجريمة ، البطالة ، الفساد الأخلاقي ، انسداد الآفاق في المجالات الاقتصادية والاجتماعية… وكلّ مشكلة أكبر من أختها.
راهن السكان على الدولة فخاب أملهم فعقدوا آمالهم على السلطات المنتخَبة فكانت خيبتُهم أكبر ، انخرطوا في العملية الانتخابية مرة بعد مرة فلم تَجنِ المدينة من ذلك أية نتيجة تُذكر بل هي تتأخر كل عهدة ولا تتقدم قليلا ولا كثيرا.
ما العمل ؟ أغلب الناس نفضوا أيديهم من المجالس المنتخبة لأنهم لُدغوا من نفس الجحر أكثر من مرة ، أما آخرون من الشباب فحدث لهم ما يحدث للغريق : يتمسكون بأدنى قشّة رغم عدم جدوى هذا التمسك ويبالغون في التفاؤل ويرفعون مستوى التوقعات ، يعتقدون أنها مشكلة كفاءات علمية وأخلاقية فتراهم يرشحون عند كل موعد انتخابي وجوها معروفة بالمستوى العلمي المرتفع وبالسيرة الحسنة النظيفة ، ويبشرون المواطنين بأنهم سيحدثون المفاجأة وسيغيرون ويصلحون ثم يرجع الجميع إلى المربع الأول وتبقى المدينة تئنّ تحت وطأة الفساد والتخلف والحياة الضنك.
مرة أخرى : ما العمل ؟ أنا لست حبيس أربعة جدران ولا أقيم في برج عاجي ولا انا غريب عن هذه المدينة بل أنا واحد من المواطنين الذين يؤرقهم وضعها ويتمنون المساهمة في خدمتها ، لديّ أفكار قد تصيب وقد تخطا تنطلق من بديهية هي التنصل من العمليات الفلكلورية الموسمية والتفكير في بدائل عملية ، لا أزعم اني أملك الحل لكني أولا أريد ألا نبقى ندور مع السلبية والعجز والشكوى ، وثانيا أن أقوم مع النخبة الواعية بخطوات عملية ليست حلا في ذاتها لكنها تمهّد له بإذن الله:
– تشكيل مجلس أعيان المدينة بطريقة مختلفة تماما عن السابق بحيث يضمّ شبابا وكهولا من ذوي المستوى العلمي والأخلاقي بدل المُسنّين الذين نكنّ لهم الاحترام لكنهم لا يصلحون لهذه المهمة في هذه الظروف.
– تنشيط لجان الأحياء لتخرج من السبات وتدخل العمل الجواري الفعلي .
– تكوين جمعيات شابة ذات كفاءة وأهداف اجتماعية واضحة تتابع واقع المدينة ، تكتب العرائض وتتصل بمختلف المسؤولين وفق خريطة طريق تضع الأولويات وتتابع الإنجاز وتدلّ على النقائص.
– تفعيل دور أئمة المساجد المعروفين بمستواهم وقدرتهم على التفاعل الاجتماعي ليستعملوا المنابر في التوعية المطلوبة لجميع الأطراف وإسماع صوتهم عند الاقتضاء لنشر معاني الحكمة والتذكير وتحمل المسؤولية.
– إحياء العمل التطوّعي عبر حملات قوية ومستمرّة للتوعية بأهميته كبديل عن الانتظار لنتقل من التفرّج إلى الفعل بجميع أشكاله الممكنة كرفع الأوساخ وإرشاد الناس ومساعدة المحتاجين.
– تكوين مجموعة تفكير من ذوي الكفاءات العلمية الكبيرة وأصحاب التجارب لوضع تصوّر شامل مفصّل للخروج من الوضع الراهن ، وإني أعُدّ هذه النقطة الأخيرة هي أهمّ الاقتراحات التي قدّمتها هنا.
هذه مدينتنا التي كانت ” بلدة طيبة ” وهذه معاناتها وهذه رؤيتي لخدمتها على المدى المتوسط والطويل.
عن المدينة الجزائرية اتكلم.
عبد العزيز كحيل