دول الخليج على صفيح ساخن أكثر من أي وقت مضى
عُرفت إمارة قطر الصغيرة والمجهرية التي لا تكاد ترى على خارطة دول الخليج بل و حتى على وجه المعمورة، إذ لم تعرف إلا أخيرا في العالم أجمع عبر قناة الجزيرة الفضائية، بل الكل يجزم أن قناة ” الجزيرة ” معروفة أكثر من قطر.. و العبد لله تعرف على اسم دولة قطر قبل ميلاد قناة ” الجزيرة” صدفة و قدرا منذ عقود.. أولا كنت وأنا طالب أسكن في بيت جدي التي من شرفتها أنظر يوميا مقر سكن السفير القطري في قلب العاصمة وهو عبارة عن فيلا فخمة بحراسة وبستان كبير وفناء واسع، و أستغرب كيف لبدوي من جزيرة العرب مهما كان مستواه يسكن في هذا المكان الاستراتيجي وعائلات جزائرية تسكن في شقق ضيقة أمامه و بجواره؟
اخونا في الجزائر اخونا في قطر… أخونا في الجزائر وطننا في خطر
إذ كنت أيامها أستيقظ كل صباح على صوت دخول و خروج سيارات فخمة في شارع ضيق “شارع حسين بالعجل، إيديت كفال سابقا”.. في ذلك الوقت كانت قطر لا تعني لي أي شيء بل إمارة صغيرة في صحراء الخليج كأي ولاية من ولايات صحرائنا الواسعة !!..
كما حفظت ايضا اسم دولة ” قطر” من أنشودة فلسطينية في نفس الفترة، أذكر أني كنت أمر أمام مكتب “صامد”، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في شارع ديدوش مراد بالعاصمة الجزائرية، كما كنت أجلس أحيانا أرتشف قهوتي في مقهى “مصطفى” أمام وزارة الثقافة حينها، وكنت أسمع برنامج يدوم ساعة تقريبا من “صوت فلسطين.. صوت الثورة الفلسطينية” الذي تبثه الاذاعة الجزائرية كل يوم على السادسة مساء، ومن الاناشيد التي تبث تقريبا كل مساء، نشيد أحفظ مطلعه لحد اليوم، الذي يقول منشدوه ” اخونا في الجزائر اخونا في قطر… أخونا في الجزائر وطننا في خطر” أي فلسطين في خطر.. وبعد عقود مرت فهل آن الاوان لتغيير المقطع الثاني من البيت، وإنشاده بطريقة أكثر واقعية أي” خليجنا في خطر، بدل وطننا في خطر” أي فلسطين و الخليج معا، اليوم الكل في خطر !
خليجنا في خطر.. المعمورة في خطر
فاليوم فعلا “خليجنا في خطر” إذ تشير القرارات التي صدرت في الآونة الأخيرة في منطقة الخليج إلى اقتراب وقوع أحداث ضخمة في المنطقة لا قدر الله.. فاتخاذ قرار السعودية و بعض الدول العربية مقاطعة دولة قطر، أمر خطير للغاية، ويبدو أن السيل قد بلغ الزبى من طرف قطر الدولة الصغيرة الحجم والعظيمة الشأن في نظر بعض الساسة، وكلنا نعلم أن هذه الاهتزازات ليست تحت سيطرة دولة واحدة من دول الخليج كما يزعم بعض سذج ساسة العرب، بل خيوطها محبوكة في مخابر غربية مغرضة متفرعة و تقتات من جهات ماكرة، تكون ضحيتها الأولى السعودية قبلة المسلمين و أرض الحرمين الشريفين تحديدا، كما أنه معروف أن الطرف الوحيد الذي سيتضرر من هذه الاهتزازات هم المسلمون أولا وآخرا، و المنتفعون كثر ، بدأ بالجار العدو إسرائيل، و نظم الانقلابات والاستبداد كمصر السيسي و ليبيا حفتر ويمن الحوثي وسوريا الأسد، الذين تخلو لهم الساحة وتغيب عنهم أنظار الناس و لو لوقت وجيز، إذ لا شك أنه هناك فرق بارز بين التغيير السياسي والتغيير الفيزيائي وهو أن التغيير السياسي والاجتماعي قد يحمل معطيات تفوق حسابات التغيير الفيزيائي الضيق ، اخشى أن يتجدد سيناريو سقوط العراق باحتلال الكويت، لكن هذه المرة الكل سيدفع الثمن غاليا و”الفتنة نائمة لعنة الله على من أيقظها”، كما جاء في الأثر.
أمريكا تحرّض دول ضد دول و مجموعة إرهابية ضد مجموعة أخرى
يوجد اليوم في الشرق الأوسط عدد لا نهائي من الجهات الفعالة، ولكل جهة لديها مخطط يخصها، لكن عدم استقرار مخططات تلك الجهات لا يسمح لأي أحد بإجراء تغييرات في سياسات الشرق الأوسط، وقد نشهد تعرض تنظيم ما في مرحلته الأخيرة إلى مواقف مدمرة من قبل غيره، حيث أن أمريكا التي تحرّض مجموعة إرهابية ضد مجموعة إرهابية أخرى..
مع العلم أن هناك استحالة لإمكانية وضع أمريكا لخطة استراتيجية ثابتة تجاه الشرق الأوسط، فمواقف ترامب الاستثنائية القاسية تُفشّل يومًا بعد يوم من قبل الهيئات واللوبيات والقوات الأمريكية، مثال ذلك ما قامت به الخارجية الأمريكية بمعارضة تغريدات ترامب في مسألة قطر التي وضّح من خلالها أنه كان وراء هذه القرارات وأنه هو من أعطى بنفسه صلاحية تنفيذ هذه القرارات أثناء زيارته للسعودية..
مبررات عزل قطر قرارات عشوائية
وحينما نلقي نظرة إلى مبررات قرارات عزل دولة قطر نجد أن هذه المبررات ستصيب أولًا أصحاب هذه القرارات العشوائية، لأنهم أخطأوا بحق حركة حماس التي هي حركة انتفاضة ومقاومة شعبية ضد المحتل، حتمًا ستحاسب حماس من قبل شعبها وتاريخها يوما ما، أضيفت لها تنظيمات سلمية و جمعيات خيرية وشخصيات دينية وسطية صنفت كلها بمجموعات إرهابية مدعومة من قبل دول قطر؟
قانون القوة تفرضه دول مغرضة لم تحسب عواقبه الوخيمة
والمطلوب عاجلا من نخب الدول الإسلامية، حفاظا على ماء الوجه، في الأساس هو إخراج الدول الأخرى من صمتها والسعي لحل أزمتنا داخليا، وأزمة قطر هي أزمة تخص الدول الإسلامية تحديدا وعليهم حلها فيما بينهم، وهو الامر الذي يجب على العلماء و العقلاء إدراكه قبل فوات الأوان، وعدم الانصياع لقانون القوة الذي تفرضه دول مغرضة، بل أصبح للجميع ملزما العمل بقوة القانون والاخوة بين افراد العائلة الواحدة، الامر الذي خول لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدعوة لتحكيم الضمير و فظ النزاع أخويا و إلا ستضطر مكرهة قطر للإرتماء في أحضان الدول الأعداء و السماسرة من الشرق كما من الغرب، و القائمة طويلة، بدءا بطهران و ختاما بأمريكان !
قد نختلف مع قطر، لكن الحصارَ الظالم غير شرعي و حرام قطعا
الامر الذي دفع بعض العلماء و الهيئات هذه الأيام للإسراع للدعوة للتبصر قبل اشتعال النيران، لا قدر الله، حيث جاء في بيان بعضهم أنهم يتابعون “الحصارَ الظالمَ الذي فرضتْهُ بعضُ الدولِ العربيةِ على دولةِ قطر، دونَ بيِّنةٍ واضحةٍ، ودونَ ذريعةٍ مستساغةٍ شرعًا ولا عقلاً، ويتعجبونَ من الدُّولِ التي سارعتْ في تأييدِ هذا الإجراءِ الذي يُعَدُّ في الأعرافِ الدوليةِ «إعلانَ حربٍ»، كما يأسفونَ أشدَّ الأسفِ للبياناتِ التي صدرتْ عن هيئاتٍ ومؤسساتٍ دينيةٍ تؤيِّدُ هذا الحصارَ الظالم، ورأتْ فيه تحقيقَ المصلحة”
وإذ يرفضُ العلماءُ هذا الحصارَ ويرَونَهُ حرامًا قطعًا، ويستنكرونَ البياناتِ التي أيدتْ الحصار والقطيعةَ الصادرةُ عن الأزهرِ، ورابطةِ العالمِ الإسلامي، ومنتدى تعزيز السلم، وغيرِهما!
مؤكدين أن الحصار الذي قامتْ به بعضُ الدولِ العربيةِ، هو حصارٌ محرَّمٌ شرعًا، يَزيدُ إثْمُهُ في شهرِ الرَّحماتِ والبَرَكاتِ، في نصوصِ الشرع المتواترةِ تحريمًا قطعيًا، كقوله تعالى(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلمُ أخو المسلمِ لا يَظلمُه ولا يُسْلمُه»، ويرى العلماءُ أنَّ هذا الحصارَ وتأييدَه هو من بابِ موالاةِ أعداءِ المِلَّةِ والأُمّةِ، ومعاداةِ اللهِ ورسولِه والمؤمنين!
الحصار يؤثر بشكل جوهري على المواطنين في دول الخليج فضلاً عن قطر
أما المنظمات الحقوقية فقد لاحظت أن هذا الحصار يؤثر بشكل جوهري على المواطنين المدنيين في الدول الخليجية فضلاً عن قطر، حيث يؤدي إلى تشتيت مئات العائلات ويضرب في صميم العديد من الحقوق العمالية والتعليمية وحقوق الملكية والحق في التعبير لعدد كبير من المواطنين القطريين المقيمين في الدول الثلاث فضلاً عن مواطني الدول الثلاث المقيمين في قطر
و أوضحت في بياناتها أن قيام السعودية والإمارات والبحرين بإعطاء القطريين المقيمين فيها مهلة قصيرة لمغادرتها، مسّ العديد من الحقوق الخاصة بآلاف المواطنين من الدول المذكورة
الأمم المتحدة تصفع دول الخليج: “لسنا معنيين بأي قوائم جديدة للإرهاب”
في أول تعليق لها على قوائم الإرهاب التي أصدرتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، اعتبرت الأمم المتحدة أنها غير معنية بتلك القائمة ولا بأي قائمة أخرى باستثناء تلك التي يصدرها مجلس الأمن، وأكدت أنها تلتزم بقوائم التصنيفات الإرهابية التي تصدرها مؤسساتها وليس أي جهة أخرى
وفي هذا السياق أيضا نددت منظمات حقوقية أخرى بقائمة الإرهاب بقولها أن “القائمة واضح أنها صدرت بشكل جزافي وتعسفي لتحقيق أجندات سياسية دون الاعتماد على أدلة قانونية، فجرم الإرهاب يحتاج لتحديد من قبل سلطة قضائية محايدة لا تتوافر في الدول المذكورة”
واستهجنت صدور القائمة من “دول سجلها حافل بالجرائم وممارسة الإرهاب المحلي والدولي، من قمع للمواطنين بالاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمات التعسفية إلى تسعير حروب لا طائل منها في ليبيا واليمن، إضافة إلى ما يقوم به النظام المصري .”
محمد مصطفى حابس
24 جوان 2017
***
أما آن الأوان لأمة القرآن أن تعود لرشدها في رمضان قبل فوات الاوان؟
راسلني أحد الاخوة شاكيا باكيا على حال امتنا، حازما جازما أننا نعيش هذه السنة أصعب رمضان يمر على العرب، إذ كتب يقول جراء تمزق قرارات و تشتت سياسات حكام دولنا هذه السنة تحديدا، كتب ملاحظا يقول” فوانيس القاهرة لن تضيء، ومآذن دمشق لن تكبر، ومتاجر الموصل مغلقه، والقدس أسيرة، وبيروت تنزف بصمت، وصنعاء مصلوبة، وطرابلس مغتصبة، وتونس فقدت زيتونها، ومكة رهان بين الفرس والروم، و قطر انقسمت عن خليجنا؟
صحيح هذه إفرازات تأخر أمتنا، بحيث أصبحت فريسة سهلة بين أنياب الذئاب ينهشون لحمها ويمتصون دماءها، بل وتجرأت عليها أضعف الأمم وأحقرها أحيانا حتى تحولت ساحة أراضيها إلى مخابر تجارب، تقاس فيها كل أنواع الأسلحة الغربية والشرقية وكأننا صرنا فئران تجارب لا قيمة لنا، إذ أصبح الظلم يعشش في أركان أوطاننا، القوى يظلم الضعيف، والغنى يأكل الفقير، والكبير يتربص بالصغير، والحاكم يستعبد المحكوم، والقائمة طويلة تجعل الحليم حيرانا؟
كل ذلك محزن للغاية، لكن الأصعب هذه الأيام أن تتوالى فصول حملة التحريض الممنهجة بين الاشقاء في دول الخليج (الذين يربطهم مجلس موقر)، والتي اتخذت أشكالاً جديدة عنوانها فبركة اتهامات متبادلة مستوحاة من خيال غربي مغرض مكشوف ..
معلوم أنه منذ اللحظة الأولى للانقلاب الدولي على قطر و الذي نفذته الإمارات وجرت له السعودية معها بغباء، صعّدت الدولتان ومن خلفهما بعض الدول الأخرى، من سقف الإجراءات التي تم اتخاذها ضد قطر، ولا شك أن هناك خسائر فادحة وقعت على الدول الخليجية مجتمعة التي تحتل سقف مستوى الدخل خليجيا وعربيا، بل وتحتل مكانا بارزا على مستوى العالم..
خسائر الدول المقاطعة تفوق الخسائر التي سوف تتكبدها قطر
إلا أنه مع الثبات الذي أبدته قطر أمام المقاطعة، وعودة العقل لبعض الذين تسرعوا باتخاذ قرار المقاطعة وقطع العلاقات والحصار، حيث ظهر أن هناك خسائر بدأت في الظهور على الساحة للسعوديين والإماراتيين، مما قال معه البعض إن خسائر البلدين من المقاطعة تفوق الخسائر التي سوف تتكبدها قطر
في موازاة ذلك، تتواصل المساعي لتهدئة الأزمة التي انخرطت تركيا فيها مع الكويت، بشكل مكثف، فيما أبدى الرئيس التركي، ثقته بأن العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، “قادر على إنهاء هذه الأزمة في أقصر وقت”، مؤكداً أن تركيا تتواصل “مع كل طرف تراه على صلة بالأزمة لرأب الصدع في الخليج ” أملا في تسوية الخلاف قبل عيد الفطر.
في غضون ذلك، تركز قطر على ضمان تنفيذ استراتيجية مواجهة الحصار مؤكدةً تلبية جميع احتياجات السوق المحلي في مختلف القطاعات، فضلاً عن تدشين خطوط ملاحية لمواجهة المقاطعة، وذلك بعد يوم واحد من تقديم قطر، ملفات قانونية لهيئات أممية، تتهم فيها السعودية والإمارات والبحرين بـ”التعدي” على المواثيق الدولية.
الانتهاكات شملت أُسر الدول الخليجية المعنية دون استثناء
كما أصدرت من جهتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر تقريراً استعرضت فيه الشكاوى التي تلقتها إثر الانتهاكات التي لحقت بمواطني الدول الخليجية الأربع على خلفية قرار الدول الثلاث في فرض الحصار وإجبار مواطنيهم على الخروج من دولة قطر في غضون 14 يوماً، ومنع المواطنين القطريين من دخول أراضيها
وجاء في التقرير أنَّ ما لا يقل عن 13314 شخصاً قد تضرروا بشكل مباشر من قرار قطع العلاقات وشملت الانتهاكات قطع شمل مئات الأُسر وانتهاك حق التنقل، والتعليم، والعمل، وحرية الرأي، والإقامة والتملك. وذكر التقرير أن كلاً من السعودية والإمارات و البحرين قامت في 5 جوان/حزيران 2017 باتخاذ إجراءات تصعيدية وحادة وصادمة، شملت إغلاق المجالات البحري والبري والجوي، ليس فقط في وجه التجارة والبضائع، بل طالت المواطن الخليجي في سابقة لم تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي من قبل، ضاربة عُرْضَ الحائط جميعَ المبادئ والمعايير الحقوقية والإنسانية، وتبعاتها القانونية. وبحسب التقرير فإن ما لايقل عن11387 مواطناً من الدول الثلاث المقاطِعة يُقيم في قطر بينما يُقيم قرابة 1927 مواطناً قطرياً في تلك الدول، وجميع هؤلاء قد تضرَّروا في نواحيَ وقطاعات مختلفة، وبشكل متفاوت، وصلَ في بعض الحالات أن تقوم بعض الدول المقاطعة بالفصل بين الأم وأولادها، و هو أمر غريب و عجيب بين دول يربطها دين واحد ولغة واحدة بل و من ثقافة واحدة !
ضرورة مراعاة خصوصية المجتمعات الخليجية
وأكد التقرير أن كل ما تم توثيقه يبقى في الحد الأدنى، خاصة أنَّ كثيراً ممن تعرضوا للانتهاكات لا يعلمون بوجود آليات تقديم الشكاوى. كما أنَّ لدى كثير منهم خوف حقيقي من اتخاذ إجراءات انتقامية بحقهم من قبل سلطات بلادهم في حال الاتصال أو تقديم شكوى في ظل إجراءات عقابية غير مسبوقة من الدول الثلاث في حال مجرد التعاطف مع دولة قطر. نوَّه التقرير إلى أن الحكومة القطرية لم تقم بأي إجراء بحق مواطني الدول الثلاث…
ووجه التقرير دعوة إلى الدول الثلاث بضرورة مراعاة خصوصية المجتمعات الخليجية، وعدم اتخاذ قرارات تساعد في قطع أوصال الأسر والمجتمعات، والتراجع عنها عاجلا. وطالبهم باحترام حقوق الإنسان الأساسية في التنقل والملكية والعمل والإقامة والتعبير عن الرأي، المنصوص عليها في القوانين والأعراف الدولية. كما أشار التقرير إلى ضرورة تحييد الملف السياسي عن التأثير على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية، وعدم استعماله كورقة ضغط. و أخيراً ناشد التقرير الدول الخليجية المقاطعة لمراعاة حرمة شهر رمضان الكريم، وسحب القرارات، ورفع الحصار قبل عيد الفطر المبارك.
فهل بترك أعداء الإسلام أمة القرآن في شهر القرآن أن تضمد جراحها وتراجع نفسها، وتخطط أخويا لمستقبل أجيالها ؟ لست أدري .. الله أعلم ..
أعداء الإسلام والعروبة فهموا أهمية هذا القرآن لأمتنا
لا لشيء إلا لأن أعداء الإسلام والعروبة فهموا وأدركوا منذ عشرات بل مئات السنين أهمية هذا الكتاب لأمتنا في تقدمها وتشكيل وعيها ورسم طريقها وتحديد هدفها نحو العزة و الرقي. فهذا هو “جلادستون” رئيس وزراء بريطانيا الأسبق يقف في مجلس العموم البريطاني يحث قومه على زعزعة الأمة الإسلامية عن دينها فيقول: “مادام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان”. ويقول الحاكم العام الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر، سنة 1930: “إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم”. و يقول المنصر “وليم جيفورد بالكراف “، في كتاب جذور البلاء: “متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداُ عن محمد وكتابه”. ويقول المنصر “تاكلي”، في كتاب التبشير والاستعمار:”يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد الإسلام نفسه، حتى نقضي عليه تماماً. يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداُ. هذا هو القرآن الكريم في أعين أعداء أمتنا فماذا انتم فاعلون؟
لمَّا تهجر الأمة القرآن.. مصير شعوبها إلى ضياع وهوان
ولو أن الأمة لم تهجر قراءة القرآن تدبرا وإصغاء وفهما وتعليما وتطبيقا لما كان هذا حال الأمة من ضعف وهوان وضياع. لقد تداعت علينا فعلا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فصرنا نعيش بلا هدف حتى تحكم في أمتنا أراذل قادة الأمم من بني قومنا أو من خارجها كالشرطي الأمريكي المتهور الأهبل ترامب ومن على شاكلته.
ومن هذا يتضح أن المؤامرة في دول الخليج إنما هي مؤامرة على الإسلام والمسلمين، وأن هذه المؤامرة مرتبطة بالاستعمار وخططه وأهدافه. والعجيب في الأمر أن الذين يحملون لواء تخريب ديننا و دنيانا هذه الأيام و يبررون لسفك الدم والأرض والعرض هم بعض علماء البلاط، متظاهرين بحب الإصلاح بين القوم وعدم الخروج عن الحاكم مخافة الفتنة، زاعمين أنهم يريدون بفتاويهم تلك الخير للبلاد والعباد، بل يصدق في جلهم قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ- أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) !
محمد مصطفى حابس
24 جوان 2017