عندما تخرج كل الحيوانات المفترسة انيابها و مخالبها فحتما هي بداية حياة السلام و النظام.
وفي هذه المرحلة من حياتنا المعاصرة اخرجت لنا القوى العالمية انيابها و مخالبها و كشفت عن كل اسرارها و اهدافها على الاقل للسنوات الخمس او العشر القادمة.
ولكن لن يكون هناك سلام لنا نحن العرب اذا ما استمرينا في لعب دور الضحية.
فالدب الروسي و بقيادة بوتين سيج المناطق التي لن يتخلى عنها ولو اندلعت حرب نووية.
ومنها سوريا و جزء كبير من اوكرانيا و دول اخرى كتسريع التعاون الجزائري الروسي العسكري و الاقتصادي ايضا او استعادة الصداقة التركية و لو لفترة و كذلك دعم العراق في حربه على داعش و التقرب من العملاق الصيني.
كذلك الولايات المتحدة الامريكية فاختيار ترامب لم يكن خطا او عملا استعباطيا.
بل هو عمل مدروس و سياسة استباقية لحماية المصالح الامريكية في زمن لم يعد فيه استعمال قوة السلاح حلا بل استعمال قوة ترهيب السلاح هو افضل خيار.
ترامب رجل محارب في مجال المال و الاعمال و هذا ما تحتاجه امريكا.
ترامب هو وجه سنمائي هوليودي لسياسة امريكية اقتصادية و عسكرية مدروسة و محسوبة العواقب لم تقنع كلينتون في تجارب ادائها مثلما اقنع ترامب لجنة التحكيم و التخطيط الاستراتيجي الامريكية.
كذلك بريطانيا تراجعت خطوة للوراء بالتضحية بالبعد الاوروبي مقابل الحفاظ على الكيان البريطاني كقوة عالمية و لو من الصف الثاني.
اما الصين فانيابها اقتصادية بالدرجة الاولى وما انفتاحهاعلى العالم في كثير من المجالات و توسعها في الكثير من الدول الا حفاظا على ريادتها الاقتصادية خاصة القدرة على صناعة اي شيء وفي اي مجال بجودة عالية و اثمان رخيصة.
اما المانيا فامنها الاستراتيجي و استمرار ريادتها بعده اوروبي بالدرجة الاولى و لهذا هي لازالت تؤمن و تدافع عن فكرة اوروبا الموحدة و القوية ولكن المانيا لها ميزة خاصة و هي سرعة التكيف مع المتغيرات و لهذا نرى انها ستكون دائما في امان مهما تغير العالم.
اما فرنسا فنرى انها مازالت تتخبط ولازالت تسير بسياسة رد الفعل، و رغم انها بلد المفكرين و الاستراتيجية الا ان قادتها و نظامها بطيء الحركة .
لهذا نرى انها ستتاخر قليلا في تبني سياسة تدافع عن اهداف الفرنسيين فقط مهما كانت الوانهم و معتقداتهم.
والحديث عنا نحن العرب هو الاهم، اذ يجب علينا تبني سياسة مماثلة تهتم بمصالحنا اولا.
الاحسن ان ندافع عن كياننا معا و لكن هذا حلم بعيد.
لكن بعض الدول العربية اخذت تسير في الطريق الصحيح و منها السعودية بتراجعها عن دعم اسقاط النظام السوري و بحثها عن حل يضمن بعدها الاستراتيجي في اليمن و مساهمتها في وضع رئيس للبنان بدعم عون من طرف الحريري و تصالحها بتروليا عن طريق اوبك مع الدول المصدرة للبترول و في مقدمتها ايران.
كذلك الامارات بتبنيها سياسة السلام و المال وكونها مركزا من مراكز الثروة و السيولة المالية العالمية.
نتمنى لدول عربية اخرى ان تدرك ان بقاءها يعتمد بالدرجة الاولى على مدى قوتها الحقيقية و مدى اضهار هذه القوة و الترهيب بها ولا يجب ان تكون هذه القوة عسكرية ، فيمكن ان تكون اقتصادية، مالية، فكرية او حتى رياضية او سياحية.
يجب ان تكون الدول العربية كلاعب الايكيدو فهو قوي ولكن قوة سلام، قوة تفاهم و ليس قوة قتال.
العالم سيتكتل كاقطاب و يتقاسم النفوذ و الثروة بقوة و لكن قوة سلام.
ماعلينا الا ان ندافع عن نفوذنا كقطب منفرد قوي او كتابع ذكي لقطب قوي دون معاداة صريحة للاقطاب الاخرى.
أدين الزين
11 جانفي 2017