لعلّ منكم من استفزه السؤال عند قراءة عنوان المقال، وقال بأن الأصح هو: متى يعود الجزائريون الى الجزائر؟ ومن يطرح هذا السؤال في الحقيقة هو أيضا محق… ولكن، السؤال الأخير، سؤال أقلّ واقعية وأقل وقعًا على النفس من عنوان المقال…لأنه سؤال عادي ينقل معاناة جزائريين هَجروا طواعية أو هُجّروا، همّشوا، أبعدوا، ساقتهم الظروف والأقدار الى الهجرة…وعودتهم الى الجزائر هي عودة ضرورية متى ما سمحت الظروف الموضوعية بذلك…
ولكن من غير الطبيعي، أن يطالب الجزائريون بعودة الجزائر اليهم، وهو يعيشون داخل ترابها وضمن حدودها وفوق سهولها وصحاريها… إلى درجة أن هناك من بات يردّد: أحموا الجيش …أحموا الشرطة، أحموا الرئيس، أحموا الوزير … و هذا ما أريد أن أتطرق اليه.
لعلّ الكثير منكم أصبح يشعر بالغربة في الجزائر وهذا ليس طارئا، ليس لأنه ليس جزائريا، بل هناك من يحكمونه ويسومونه أنواعًا من الذلّ والهوان… و كثرة الظلم والتعدي والعمل بغير القانون واستعمال الجاه والمحسوبية والجهوية الى درجة أن الكثيرين يقولون أننا لازلنا مستعمرين وفرنسا لم تخرج !
و من كانوا بالأمس تاجري ومروجي مخدرات… أصبح منهم من في البرلمان… والفاشلين في الدراسة لبلادتهم … أصبح منهم القضاة والأساتذة الجامعيون والمدراء … !
ومن كانوا بالأمس خونة أصبحوا مجاهدين …ومن كانوا بالأمس نصابين ومحتالين… أصبح من هو مستشار … ومن كانت بالأمس فاسقة أصبحت تخطب في الشرف… فيما همشت الطاقات والكفاءات المختلفة، وحلت الساعة عندما أسند الأمر لغير أهله باختصار.
فمتى تعود الجزائر لأبنائها الناطقين بلغة الشعب، الباكين لحال الفئات المقهورة والمعدومة ؟
متى تعود الجزائر لأبنائها البررة الذين منهم من سقاها بدمه، ومنهم من ضاع شبابه، ومنهم من يعاني من الأمراض المزمنة ، ومنهم من دخل بسببها عالم الهلوسة…
متى يصبح الشعب سيدا في قراراته وارادته وينعم الجزائريون بالأمن والعدل ويتآخون فيما بينهم… ؟
متى تنهض الجزائر من كبوتها وتلتحق بالركب الحضاري سيما وأن عوامل النهضة موجودة فيها؟
متى تنته الأزمة الجزائرية وتعود الجزائر جزائرية لاهي شرقية ولاهي غربية ؟
نورالدين خبابة
20 ديسمبر 2016