في الرابع من أكتوبر 2016 اجتمعت اللجنة التنفيذية لليونسكو لمدة أسبوع للدراسة الدقيقة والتشاور فيما يتعلق بطلب تقدمت به سبع دول عربية إسلامية حول عدم أحقية الصهاينة في القدس وجبل المعبد. وفي يوم 13 أكتوبر 2016 اعتمدت المنظمة قرارا يؤكد أن الصهاينة لا حق لهم في “حائط المغاربة” الذي استولوا عليه بزعم أنه “حائط المبكي”، كما أنه لا توجد لهم أية صلة بالقدس ومنطقة “جبل المعبد” الذي يُعد “حائط المغاربة” جزءا منه.. وتم التصديق على القرار يوم 18 أكتوبر 2016 رغم اعتراضات الصهاينة والكثير من الدول الغربية والكنسيين، وعلى رأسهم الفاتيكان الذي يعتبر أحقية اليهود في هذه الأرض لا نقاش فيها، رغم مخالفتها الصريحة للنصوص..
بل لقد صرح البابا فرنسيس يوم الأربعاء 26 أكتوبر 2016 في ظهور رسمي له بساحة الفاتيكان قائلا بكل جبروت: “إن الله وعد الأرض المقدسة لشعب إسرائيل الذي، من مصر حيث اُجبر على العبودية، سار في الصحراء لمدة أربعين عاما إلى أن وصل للأرض الموعودة من الله”. ويواصل الخبر: “وجاء هذا التصريح والتذكير بالوعد “الإلهي” لشعب إسرائيل في إطار موافقة اليونسكو، مدفوعا بضغوط البلدان العربية، إذ يضاعف القرارات المعادية لإسرائيل نافيا صلات ممتدة لآلاف السنين بين الشعب اليهودي والقدس.. وكان رئيس البرلمان اليهودي، يوري إدلشتاين، قد طلب من الفاتيكان أن يعرب عن رأيه بوضوح حول عملية النفي الثقافي التي تقودها البلدان العربية ضد الأماكن المقدسة اليهودية والمسيحية في القدس”..
كما أدان قرار اليونسكو بشدة الانتهاكات المتزايدة الإسرائيلية إضافة إلى الإجراءات غير القانونية الواقعة على القدس الشرقية وباب المغاربة. كما يدين القرار الإجراءات الإسرائيلية التي ترفض وصول المسلمين إلى “المسجد الأقصى/الحرم الشريف”، ويطالب إسرائيل، “سلطة الاحتلال”، كما أطلق عليها، أن تحترم الوضع الراهن التاريخي وأن تكف فورا عن هذه الإجراءات”.. وفي القرار تم وصف دولة الصهاينة أكثر من مرة بأنها “قوة الاحتلال” وانتقد أعمال العنف المتكرر.. وقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في كتاب سنة2001، وأعيد طبعه سنة 2004 بعنوان “من حائط البراق إلى جدار العار” ، لكشف الأكاذيب التي تقوم عليها فريات الصهاينة والفاتيكان..
وما أن أعلن اليونسكو القرار حتى أوقف الكيان الصهيوني على التو أي تعامل مع منظمة اليونسكو واتهمها بمساندة الإرهاب الإسلامي، كما أعلن ناتنياهو قائلا: “إن مسرح العبث يتواصل اليوم مع اليونسكو، فالمنظمة قد أصدرت أحد قراراتها الغريبة، إذ تقول إن إسرائيل لا صلة لها بجبل المعبد والحائط الغربي. وكأنها تقول أن الصين لا علاقة لها بالسور العظيم أو إن مصر لا علاقة لها بالأهرامات”!
وعلى الفور اعلنت هيلاري كلينتون محاربتها لهذا القرار إذا ما تم انتخابها، ولم يختلف عنها دونالد ترامب.. ويوم 15 أكتوبر وصفت إحدى الجرائد المسيحية الخبر بعبارة استهجانية تقول في العنوان: “غير معقول، غير معقول ألا يكون لليهود صلة بجبل المعبد”! كما سارعت بعض المواقع المسيحية باتهام القرار “بأنه يناقض الكتاب المقدس، وأن الكتاب المقدس لا يكذب”..
ولتوضيح أحقية الفلسطينيين بأرض فلسطين وأحقية المسلمين وارتباطهم دينيا بالمسجد الأقصى ثاني القبلتين وثالث الحرمين، لا بد من تناول نقطتين أساسيتين هما: “إختلاق الشعب اليهودي”؛ و “الكتاب المقدس”.
إختلاق الشعب اليهودي
إن الكيان الإسرائيلي قائم على الإيمان بفكرة محرّفة هي “أنه شعب يهودي” كدولة موحدة، فكرة تم استقرارها في الأزمنة القديمة الواردة في “العهد القديم”، وأن الرومان قد طردوهم وأجبروهم على الهجرة لمدة ألفى عام، وأنهم قد عادوا لأرضهم، “الأرض الموعودة”! وحقيقة الأمر أن اليهود الذين هاجروا حديثا من مختلف بلدان أوروبا ليعودوا إلى أرض فلسطين المحتلة، ظلما وغدرا وخيانة، هم سلالة قبائل الخزر الذين عاشوا فيما بين القرن السابع والثالث عشر، وكانوا قد اعتنقوا اليهودية جماعيا. ويؤكد الباحث أرثر كوستلر في كتابه “القبيلة الثالثة عشر” قائلا: “أن يهود الشمال، الأشكيناز، الذين ما زالوا أغلبية رغم الإبادة الجماعية، لا علاقة تاريخية لهم باليهود الشرقيين، وهم السيفاراد. والأشكيناز ليسوا ساميون. أنهم أبناء الخزر الذين اعتنقوا اليهودية بعد أن ترددوا فيما بين اعتناق المسيحية أو الإسلام”. وهو ما ينفي زعم مفهوم “الأرض الموعودة”، الأكذوبة القائم عليها الصهاينة لاحتلالهم أرض فلسطين.
وذلك لأن يهودي الشتات في الغرب لا يمتلك أرضا، ولا لغة مشتركة، ولا حكومة واحدة، ولا جيشا. وكل هذه العناصر هي التي تكون شعبا وأرضا.. الأمر الذي يجعل منهم فئة على حدة في أي بلد يعيشون فيه ويمارسون أو لا يمارسون ديانتهم كيهود. بل فكرة انهم شعب مختار لا يختلط زواجا بأفراد من ديانات أخرى قد تلاشت تقريبا. إذ نطالع في مجلة “تايم مجازين” الصادرة في 10 مارس 1975: “ان اليهود الأمريكان يتجهون أكثر فأكثر إلى الزواج خارج ديانتهم: فقد أصبحت ثلث زيجاتهم مختلطة”.. ونفس مضمون أن يهود الأشكيناز ليسوا ساميون نطالعه لدى القس السابق والكاتب الفرنسي إرنست رينان، وقد أوضحه بالتفصيل في كتابه “اليهودية كجنس وعقيدة” الصادر سنة 1883: “أن التحول الجماعي والدخول في المسيحية أيام اليونان والرومان ينزع عن اليهودية أي معنى عرقي ويقطع أية صلة لهم مادية/جسدية بفلسطين (…) إن أغلبية يهود بلاد الغال وإيطاليا هم نتاج هذا التحول الديني. أما يهود حوض الدانوب أو جنوب روسيا فهم سلالة الخزر ولا علاقة لهم باليهود القدامى”.
وفي مقال بقلم جون هودجسن، مبني على كتاب بنيامين فريدمان، بتاريخ 2/6/2011، يؤكد الكاتب إن الأبحاث والحفائر التي لا يمكن نفي أو تكذيب نتائجها تؤكد أن يهود أوروبا الشرقية لا يمكن لهم زعم أي صلة لأحد أجدادهم تكون قدماه قد وطأتا أرض فلسطين. وما أكثر الأبحاث التي باتت تؤكد أن يهود أوروبا ليسوا ساميون ولا يمكنهم أن يكونوا ساميين مهما زادت هجرتهم واحتلالهم لأرض فلسطين..
وإن كان شلومو ساند يؤكد أن اليهود ليسوا قومية يحق لها إنشاء دولة، وإنما هم طائفة دينية بين طوائف دينية أخرى وليسوا شعبا نقيا بالمعنى المفهوم لكلمة شعب، فإن ما تفرضه السياسة وضع مخالف للحقيقة التاريخية، وبذلك فهو يتحدى الأساس العقائدي للصهيونية. من ناحية أخرى، العهد القديم قليلا ما يذكر أرض إسرائيل، والكلمة الأكثر استخداما هي “أرض كنعان”، وتقتصر على شمال فلسطين، تلك المنطقة المسماة يهودا (Judae). كما إن انتماء جماعة إلى ديانة ما لا يعطيها حقا في تملك الأرض.
ففي كتابه المعنون: “كيف تم اختلاق الشعب اليهودي: من الكتاب المقدس إلى الصهيونية”، الصادر سنة 2008، يقول شلومو ساند، اليهودي الأصل وأستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب: “إن إقامة دولة يهودية تنعم بسلام وتكون مرفأ للسلام هي عبارة تم استخدامها منذ حوالي قرن من الزمان لاختلاق الكيان الصهيوني المحتل لإسرائيل”. ومن أهم ما يثبته أن اليهود لم يتم طردهم من الأرض المقدسة، وإن يهود اليوم لا علاقة تاريخية لهم بالأرض المسماة “اسرائيل”، وإن الحل الوحيد السياسي للقضية الفلسطينية هو إلغاء دولة إسرائيل.
كما يؤكد شلومو ساند إن اليهود قديما لم يعتبروا أنفسهم يهودا إلا لأنهم يدينون بالديانة اليهودية. ولم تظهر فكرة “الأرض” إلا منذ قرن تقريبا عندما بدأ الصهاينة ينشئون تاريخا قوميا واختلاق فكرة أن اليهود موجودون كشعب بصرف النظر عن الدين. كما إن فكرة الصهيونية الحديثة التي وفقا لها يتعيّن على اليهود العودة من المنفى إلى “الأرض الموعودة” هي فكرة بعيدة تماما عن الديانة اليهودية: “لقد حرفت الصهيونية التعبير عن القدس، فالأماكن المقدسة كانت قديما أماكن يتمنونها ولم تكن فكرة العيش فيها واردة. فمنذ حوالي 2000 عام واليهود يقيمون بعيدا عن القدس، لا لأنه لم يكن بإمكانهم العيش فيها، لكن لأن ديانتهم كانت تحرم عليهم العودة قبل مجيء “المسيح المنتظر”.
و”المسيح المنتظر” في اليهودية هو شخصية أخرى مختلفة تماما عن مسيح المسيحية الذي لا يعترف به اليهود حتى يومنا هذا، رغم كل ما قدمه الفاتيكان لهم من تنازلات تمس عقيدتهم بدأً من تبرئتهم من دم المسيح، وهي من أهم دعائم المسيحية التي ألغاها مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965. وكان شلومو ساند مثله مثل الغالبية العظمى من اليهود يتصور أن اليهود كانوا شعبا يعيش في منطقة اليهودية إلى أن طردهم منها الرومان سنة 70م. لكن عندما بدأ يبحث عن الأدلة تبيّن له إن عملية المنفى التي نسجوها عبارة عن أساطير.. بل يقول إن “المنفي” كانت أسطورة أذاعها المسيحيون الأوائل من أجل جذب اليهود لعقيدتهم الجديدة ولكي يؤمنوا بأنه قد تم نفيهم عقابا من الله. ويا لها من فريات قائمة على أكاذيب متراكمة الأكاذيب!
الكتاب المقدس
كما نطالع في الأناجيل نبوءة يسوع حول هدم المعبد اليهودي. إذ يقول متّى: “ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل. فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل. فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذا. الحق أقول لكم أنه لا يُترك ههنا حجر على حجر لا يُنقض” (24: 1ـ2). ونطالع نفس الإجابة في مرقس “وفيما هو خارج من الهيكل قال له واحد من تلاميذه أتنظر هذه الأبنية العظيمة. فأجاب يسوع وقال له أتنظر هذه الأبنية العظيمة. لا تترك حجر على حجر لا يُنقض” (13: 1ـ2)، ونجدها مرتان في لوقا: “فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة. ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر لأنك لم تعرفي زمان افتقادك” (19: 43 ـ44) و”وإذا كان قوم يقولون عن الهيكل أنه مزين بحجارة حسنة وتحف قال التي ترونها ستأتي أيام لا يترك فيها حجر على حجر لا يُنقض” (21: 5ـ6)؛ وفي طبعة 1671: “لا يترك فيك حجر على حجر إلا يُدم”. أي أن يسوع يؤكد تأكيدا قاطعا بأن المعبد اليهودي سيُهدم ولن يبقى منه حجر على حجر، فكيف يؤكد البابا فرنسيس عكس هذا التأكيد بكل غطرسة أو برضوخ مهين للصهاينة إن لم يكن تواطئا معهم؟
كما يؤكد فلافيوس جوزيف، حاكم الجليل وقت حرب الرومان والمؤرخ اليهودي المعاصر لهدم المعبد إذ يقول في “حرب اليهود وآثار اليهودية “م 6: 9 و4”: “إن الرومان قد أشعلوا النار في ضواحي المدينة وأحرقوها وهدموا جدرانها تماما”.
وما أثبتته الحفائر الحديثة سواء في سيناء حينما احتلها الصهاينة أو في كل منطقة فلسطين المحتلة أنهم لم يعثروا على أي دليل يثبت أن لليهود أي أثر يُذكر في هذه المنطقة قديما، وهذه أبحاث معلنة ومنشورة. وإن عدنا إلى المؤرخين القدامى شهود عيان نطالع: “فإن حملة طيطس، التي كانت لا رحمة فيها، قد هدمت كل شيء تماما في المدينة القديمة للقدس ودكته بحيث لم يبق شيئا على حاله: الأسواق، والمباني الرسمية والبيوت وأساسا المعبد اليهودي والجدران المحيطة به”. وهو ما يشير إليه الدكتور أشرف عزت في بحث رائع الأدلة حول هذا الموضوع، بل يكشف الكثير من الأكاذيب القائم عليها عمليات التحريف في الكتاب المقدس، الذي لم يذكر كلمة فلسطين وإنما تحدث عن كنعان. فما ذلك الجدار الضخم الذي يطلق عليه الصهاينة: “الحائط الغربي”؟
إن ما يعلمه المؤرخون الصهاينة أن طيطس قد هدم تقريبا كل شيء قائم في ذلك المكان في بلدة القدس القديمة، كل شيء فيما عدا القلعة الحربية الرومانية.. فما يُطلقون عليه “الحائط الشرقي” للمعبد ليس سوى أحد جدران تلك القلعة الرومانية المسماة “قلعة أنتونيا”، لأن جيش طيطس الروماني كان متمركزا بها وهو يهدم كل القدس بما في ذلك المعبد اليهودي كما أكده يسوع في نبوءاته ولم يتبق منه حجرا على حجر. وإن كانت هذه الحجارة هي حجارة المعبد كما يزعمون، فذلك يعني أن نبوءات يسوع غير صادقة ومشكوك فيها أو لا قيمة لها. ولا يدل صمت الكنيسة على هذه الحقائق إلا عن تواطؤها الواضح ورضوخها لمخططات الصهاينة.
وهو ما تؤكده أيضا حفائر إرنست مارتن التي أجراها ونشر نتائجها سنة 1999 في بحث بعنوان “المعبد الذي نسيته القدس”، وأكد فيه إن المسجد الأقصى وقبة الصخرة ليست مبنية على أنقاض جبل المعبد! بينما أكد العديد من أساتذة التاريخ، ومن بينهم بنيامين مازار، رئيس الجامعة العبرية، فقد توصلوا إلى أن الأرض المعروفة في العالم الإسلامي باسم “الحرم الشريف” منذ 678، هي قلعة رومانية بناها الملك هيرود، وإن ما يطلق عليه اليهود “حائط المبكي”، لم يكن في أي وقت من الأوقات جزءا من المعبد الذي تم هدمه تماما سنة 70م. وأنه في واقع الأمر “الحائط الغربي” من “باب المغاربة”. وهو ما يعني أن تاريخ الموقع أو تاريخيته قد بدأت بالمسجد الأقصى، ولا علاقة لليهود والصهاينة بهذا الموقع على الإطلاق.
وبعد كل هذه الأدلة الصارخة التي باتت تملأ المجال العلمي غربا وشرقا، ألم يحن الوقت للمسلمين والعرب أن يتحدوا “كالبنيان المرصوص” لاستعادة أرض فلسطين، أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين، بعد أن ساهموا صمتا وتضامنا أو غدرا، جهلا أوعن عمد، في قيام هذه الدولة التي نشأت سفاحا؟ دولة تتوسع إجراما بالقتل العرقي لأصحاب الأرض واقتلاع من بقي حيا.. تستولى على أرضهم وتاريخهم وحضارتهم وثرواتهم الطبيعية! لقد استولت ظلما وغدرا على 97 % من أرض لا حق لها فيها، لا دينيا ولا تاريخيا، استولت عليها تحت أنظار العالم الغربي الذي ساند قيامها ويساند غدرها بمساعدة صمت المسلمين وخزيهم، بأكاذيب مختلقة، أكاذيب عبثية متراكمة تفوق مسرح العبث !..
زينب عبد العزيز
8 نوفمبر 2016
تعليق واحد
من يجرؤ على الرد المناسب ؟
من يرد الرد المناسب ؟
موقف الفاتيكان من قرار ( اليونسكو ) حول أحقية الفلسطينيين بأرضهم ، التي احتلها الصهاينة ، وأحقيتهم ببيت المقدس ، وكل ما يحيط به ويتبعه ، ليس سوى موقفا نابعا من الإفلاس الذي وصل إليه هذا الكيان ، أخلاقيا ودينيا وحضاريا وقانونيا ، ولم يبق له سوى وجهه السياسي الباهت الذي يستمده من سياسة المكر والخداع والمغامرة ، التي لم تعد تنطل حيلها ، إلا على دوائرنا العربية والإسلامية التي لم تعد تملك من الأخلاق والدين والحضارة والقانون ما يحفظ لها ماء الوجه . يمكن أن ينحاز ترامب ، أو كلنتون ، أو فلان ، أو فلانة ، فهذا من صميم سياستهم التي يراقبها عن قرب الصهاينة ، أما أن يصدر عن الفاتيكان 🙁 إن الله وعد الأرض المقدسة لشعب إسرائيل الذي ، من مصر حيث أجبر على العبودية ، سار في الصحراء لمدة أربعين عاما إلى أن وصل للأرض الموعودة من الله ) . وكان ذلك بأمر من رئيس البرلمان اليهودي يوري ادلشتاين الذي طلب من بابا الفاتيكان أن يحدد موقفه ـ من دون تأخير ـ حول قرار اليونسكو . فهل ننتظر غير هذا الموقف ومثله في المستقبل ؟ ومن ننتظر من جهة المسلمين أن يرد على الفاتيكان ، من منهم على قدر من الحضور والوعي والمسؤولية ليرد ردا مناسبا ،في المكان المناسب وفي الوقت المناسب ؟ فبدل أن نتحاور مع الفاتيكان حول توحيد الأديان ، ونستجيب في كل حين لدعوات الفاتيكان ووفق جدول أعمال الفاتيكان ، حتى خيل للناس أننا من الأتباع . لقد تعبت شعوبنا من الانتظار ، فمن ننتظر وممن ننتظر ردا يليق بأمة التوحيد ، من هو فعلا الذي يحمل مشروع الأمة ، ويسير اليوم في الطريق السليم ، الذي لم تتضح بعد معالمه للعيان ، بسبب التحديات القائمة ؟ أما اليهود ، سواء كانوا اشكيناز أو سيفاراد ، من الخزر أو من غيرها ، ساميين أو غير ساميين ، فهم يمثلون واقعا اجتماعيا وسياسيا اليوم ، وسواء صدقهم العالم أو لم يصدقهم ، فهم الحاضرون اليوم ، في فلسطين ، وفي الكونغرس ، وفي الدوما ، ومجلس العموم البريطاني ، ويحرس ويراقب عن قرب دوائرنا المالية والسياسية . فأين هو الأزهر الشريف من هذا ، وأين هو موقف ممثل الحرمين الشريفين ؟ وأين هي أرض فلسطين ؟ أين هو الحاضر الغائب ، والغائب الحاضر ، أم أن الحضور والغياب ، لا يكون إلا بعد أخذ الإذن من مصالح الفاتيكان ؟ اليوم وغدا ، ينبغي أن نسأل عن الأحرار الذين سيسائلون الفاتيكان والأتباع في آن واحد عن مثل هذه المواقف .