ملخص الرواية
ليلة الانقلاب: رواية تصف الوضع الذي عاشته الجزائر في فترة ما بعد الاستقلال، والى غاية اليوم…
ارتبطت في بعض جوانبها بما يحدث في الوطن العربي من مآسي، دون التعمق في بعض التفاصيل السياسية والأحداث…
ليس تجاهلا لها، بل من باب الدفع الى ايجاد مخرج للأزمة التي عاشتها البلاد والتركيز على جوهر القضية لا على أعراضها ، كما أن الرّاوي أفرد كتابا آخر للمأساة سيرى النور ربما قريبا.
تحتوي الرّواية على فصلين. الفصل الأول: ركز فيه الراوي على الجانب الاجتماعي عبر محطّات مختلفة.
ترسو سفينة في ميناء الجزائر عام 1962 وهي رسالة حول الاستقلال، تحمل بعض الرسائل والدلالات.
يصف الرّاوي العيش الهادئ الذي كان يتمتع به الجزائريون في الرّيف، كون أن الرّاوي من أبنائه ويعرف أدق التفاصيل فيه… وكون أن الأغلبية من أبناء الشعب ينحدرون من الأرياف… قبل أن تأتي مرحلة النزوح والتفسخ… كما أن أغلب المسؤولين من أبناء الريف.
يتحدث عن الملبس والمأكل والمشرب وأنواع الحيوانات والطيور والمرعى والحرث والحصاد والأعشاب، وعن الصناعة التقليدية وعن فئة المعاقين… وكيف كان الطلبة يدرسون في الكتاتيب وتقاليد أهل الريف وأعراسهم وأفراحهم وأقراحهم وسعادتهم، وتضامنهم في أبسط الأمور…
وكيف كانوا يعالجون الخصومات ،والأمراض، وكيف كانوا يتواصلون ، ويعتمدون على النفس، وقد حققوا الاكتفاء الذاتي … وتلك البساطة التي كان يحياها الشعب في فترة السبعينيات بشكل عام الى غاية وفاة بومدين.
اختار السعيد كبطل للرواية .هذا الأخير، سمي باسم أخيه الذي توفي في حادث مأساوي وهو في الثانية عشرة من عمره ، مذكور في الرواية، حيث صكّه بغل وأرداه قتيلا ، وهي حادثة حقيقية.
اختارت اسم السعيد “بطل الرواية” الذي ولد في الستينيات احدى المجاهدات التي دخلت في مرحلة هذيان بعد فترة حرب التحرير، وفي الرواية يتوقع أحد الدراوشة الذي يحمل ايضا اسم السعيد وهو من المكفوفين ما يحدث في التسعينيات من مجازر ومن فتن. وكذا والد السعيد الذي أصيب بمرض الالزهيمر وتوفي بعد أن هاجر السعيد البلد بعد الفتنة التي ضربت الجزائر في العمق ، وكان يروي ماكان يجري في الجزائر قبل وقوعه وهي أحداث حقيقية.
يروي كيف كان الجزائريون يعيشون في ظل التضامن والتسامح والتعايش والتواصل والتآخي والفطرة باختصار…
يحاول الرّاوي أن يشعر القراء بتلك الأيام الخوالي ويحيى فيهم الذاكرة الايجابية المليئة بالأفراح والاشواق… لخلق تراكمات جديدة تعيد عبر الحنين ما أفسدته السياسة ووسائل التضليل المختلفة، والتسابق على السلطة…
من خلال الرواية يستطيع القارئ المقارنة بين مرحلتين من تاريخ الشعب الجزائري ، وبلا شك، سيساهم هذا الظرف التاريخي الأول في فهم الخلل. وتعود تلك المشاهد الحقيقية الى عهد الطفولة والفطرة السليمة قبل أن يتم تحريفها.
في الفصل الثاني يتحدث الرّاوي عن الفتنة التي حدثت ليلة الانقلاب التي صاغها في شكل انقلاب المفاهيم وانحراف الوعي والغزو الثقافي في ظل العولمة … وعن استحلال الدماء و تحوّل بعض الجزائريين الى وحوش بشرية كاسرة لتصفية بعضهم بعضا والحاق الأذى، من خلال عميل حرش بينهم ، لم يسلم منهم مسجد ولا مدرسة ولا مصنع… وبذلك عاش الجزائريون سنوات من الفتن في الدين والمال والأسرة … وعاشوا الرعب واللاّأمن.
واختار الرّاوي عنوان ليلة الانقلاب، لأنها كانت فاصلة بين جيلين، وبين مرحلتين، وترتب عنها موت أكثر من 250 ألف جزائري ناهيك عن المختطفين الذين لم تظهر حقيقتهم الى غاية اليوم… بسبب الصراع عن الحكم، ويروي قصة حقيقية لمقتل صديقه كيف رأى رؤيا وحدثت مثلما رآها … ويبعث برسائل لا تشفير فيها من خلال الرواية، الى المواطنين بصفة عامة، والى من اغتروا بالحداثة بشكل خاص، والى المسؤولين والسياسيين، والاعلاميين، والشباب، ومن فرطوا في الريف …ورضوا بحياة المدينة … للعلم: الرّاوي ابن الريف وعاش في أكبر العواصم الأوربية ويقتله الحنين…
في الفصل الثاني يضطر السعيد الى الهجرة ويعيش 20 سنة كلاجئ حيث أصبح صحفيا وكاتبا مرموقاً، يشهد بخبرته الأعداء ، وساهم في اعادة اللحمة في القرية التي ينحدر منها، وهي التي نزح أهلها في التسعينيات من القرن الماضي…
يحث الشباب أن يقرأوا وأن يحرسوا على اقتناء الكتب الهامة، فكثير من الكتب المسمومة والدعاوى الباطلة، والمظاهر الخداعة، والفتاوى العمياء، والاغترار بالوطنية الزائفة ، كان وراء الفتنة التي عاشها الشعب الجزائري ويدعوهم الى التصالح.
ويبعث برسائل الى من بيدهم الأمر والى من تورّطوا في الأزمة من خلال شهادة الزور والتحاسد والتباغض… وفرض منطق خبيث على الشعب من كلّ الأطراف.
واختار بعض الشخصيات التي منها ماهو حقيقي مع كل المشاهد ومنها ما يقارب الحقيقة لرسم مشهد يساهم في تنوير الرأي العام.
الرواية مصاغة بشكل سلس وفي متناول الفئات المتوسطة التعليم، تتشكل من 100 صفحة.
تعمد الراوي أن تكون قصيرة حتى لا يثقل على القراء بعدد الصفحات وحتى تسهل قراءتها واعادة قراءتها، ويسهل استيعابها، خاصة ونحن في ظل السرعة.
وتصلح هذه الرواية أن تكون فيلما يعالج الفتنة التي عاشتها الجزائر من جذورها، بشكل موضوعي، المنتصر فيها هي الحقيقة.
نورالدين خبابة
10 سبتمبر 2015