مقدمة
أولاً دعنا نبين بعض الحقائق:
1- المتربصون المستفيدون دائماً موجودون في كل عصر. هؤلاء يصنعون الأحداث السلبية ويعيشون من وراءها. سأبين هذا الموضوع في هذة المقالة لتعرف كيف يلعبون بالناس بكل سهولة، بالذات البسطاء المنفعلين
2- المسلمون اليوم في عمق من السبات العلمي المفزع؛ تقريباً لا يعرفون أي شيء، ولا أي حقائق، وكلما تعمقت في هذا الموضوع ستنبهر في مدى ضحالة من تقلد المناصب والمنازل والمكانة بالمعلومات فضلاً عن عوامهم. المسلمون اليوم شبه عالة على البشرية، لا ينتجون، لا يصنعون، لا يبدعون، لا يفكرون، لا يقدمون للعباد أو البلاد شيئاً، مضطربون، مسيسون، مغيبون.. صورة ضبابية كثيفة من الجهل، العالم والنافع فيهم كالواحة في الربع الخالي
3- العالم اليوم مكشوف الحقائق تقريباً، لم تعد للسرية فيه مكان، لا يكاد يخفى شيء لو أردت الوصول إليه. مع تطور عالم الانترنت بوسائله المبهرة وتكنولوجيا الاتصال بتقنياتها المحيرة صار العالم مكشوفاً للعيان وللناس
الفلم المسيء
دعنا ندخل في الموضوع مباشرة.
لن أذكر اسم الفلم حتى لا نروج له، لأنه من المتعارف عليه عند علمائنا السابقين الأفاضل، (لما كان عندنا علماء وقتها)، أن أفضل طريقة للتعامل مع المنكر هجره وعدم الترويج له، وهو ما لا يفعله أغلب المسلمين اليوم؛ فأغلب المسلمين اليوم ناشرون للشر والباطل بحجة الوقوف ضده. وما نشر الباطل والضرر بالاسلام أكثر من أولئك الذين يدعون له! دون علم ووعي
هذا الفلم رديء الإخراج، رديء الدبلجة الصوتية، فيه تداخل أصوات مدبلجة “للتلفيق”، عُمل كله على كروما (الشاشة الخضراء واستبدالها بجرافيكس)، ممثلوه أناس غير معروفين، سمي مباشرة باسم يحمل “المسلمين”، عمدا
الفلم فيه شاب يمثل أنه محمد – صلى الله عليه وسلم – والشاب شكله أهبل، غير محترف، رغم أنه وسيم ويتصنع الصمت أحياناً لإظهار بعض الحكمة
الفلم يعرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصورة أمتنع عن ذكرها هنا حفظاً لمكانة الرسول الكريم عليه السلام من اللألفاظ، كما ويعرض بقية الصحابة بإنهم سفهاء، يبحثون عن الصبيان والنساء، ومهتمون بأكلهم ولعبهم وشرورهم.. بقية الوصف لا داع له؛ لأنه صدقاً وحقاً وأكاد أقسم أنه لن يصدقه معادي للإسلام فضلاً عن محايد. هذا الفلم كما وصفه أحد الصحافيين الأمريكيين: فيه كل شيء إلا الإسلام
من الممثلون؟
الممثلون أمريكون من أصول مختلفة غالبيتهم من أصول إيرانية، وباكستانية، وسورية، ومصرية! مبتدئون في التمثيل، وذلك ليعطي الصورة أنهم عرب، ليس فيهم غربي
من المنتج؟
يقال، وهو لم ينكر حتى الآن أن المنتج هو موريس صدقي (أيضاً عربي، قبطي، مصري، يعارضه الأقباط في مصر وينكرون عليه، ويطالبون الكنيسة بتكفيره!!). لكن في الحقيقة أن المنتج الحقيقي هو أمريكي من أصل إسرائيلي، اسمه سام باسل، يهودي، من مواليد إسرائيل، عمره 56 سنة، فاشل في عمله، يقول أنه جمع 100 متبرع داعم لعمله من اليهود، الأمر الذي تستنكره الصحافة الأمريكية وتستغربه بالذات بعد النظر لجودة ومادة الفلم. سام باسل خرج في لقاءات كثيرة في الأونة الأخيرة، كثير الكذب، متضارب الأقوال، يقول أن سبب ذلك أن لديه عائلة في مصر ويخاف عليهم. ميزانية الفلم 5 مليون دولار!! والفلم لا يمكن أن يكلف هذاالمبلغ، يستحيل، بالكثير كلف 100,000 دولار رواتب فقط، هذا مبلغ دفعته حكومة تأمين حياة مقدم للمنتج
من الداعم؟
وراء العمل شخص اسمه ستيف كليفن، هذا الشخص معروف بعدائه للمسلمين المتطرفين، ويعد نفسه محارباً “للتطرف الإسلامي” كما يسميه، دعم الفلم، وقال في تصريح وكالة الأسوشيتد بريس (العالمية): “أني دعمته لكن حذرته بأنه سيكون ثيو فان دوج”، والذي قتله المتطرفون الإسلاميون من قبل. الأمر الذي يبين أنهم كانوا يعلمون مسبقاً بما قد يحدث، بل صرح أيضاً بعد انتشار العنف قبل كم يوم لنفس الوكالة: “بأننا كنا نعلم أن هذا كان سيحدث!!!”. وعندما سأل سام باسل بالأمس عن حادثة اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا (والتي هي يقينا لا علاقة لها بالفلم بل بعملية لتنظيم القاعدة في المغرب، يتحرك له حاليا الأسطول الأمريكي في البحر)، بعد سؤاله وأنه قد يكون السبب وراء ذلك، أجاب: “أعتقد بأن الأمن في السفارات الأمريكية غير جيد، ويحتاجون أمن أكثر!!!” (وكالة الأسوشيتد بريس). هذا موقف المنتج والداعم
موقف الممثلين
في البداية لا تصدق أن ليس لهم علاقة، لكن بعد النظر في الحقائق والتصريحات التي قاموا بها والدبلجة الرديئة التي تغير الكلام على شفاههم يتبين لك أنهم فعلاً كانوا مخدوعون. في تصريح أول أمس للممثلين وعددهم 80 ممثلاً وعاملاً في بيان مشترك (جريدة لوس أنجلس تايمز) قالوا: نحن نشعر جميعاً (بلا استثناء) بأننا خدعنا وأن المنتج استغلنا استغلالا بشعاً، نحن 100٪ لسنا وراء هذا العمل المشين، ولا نؤيد النية والقصد وراء هذا الفلم”. انتهى البيان!
إحدى الممثلات الرئيسيات واسمها سيندي لي جارسيا تقول (نشرة جاوكير الانترنتية) : أن أصل الفكرة كانت عن الحياة قبل ألفين سنة، وعن الحياة وقتها في مصر، أي قبل الإسلام، لم تحمل الفكرة أي شيء عن الدين أو محمد”. في نفس التصريح في نفس النشرة تقول: “في الحقيقة لم يكن محمد أصلاً اسمه محمد! كان اسمه في الفلم: ماستر جورج”. انظر الخداع والغش
تساؤل؟
الفلم من انتاج يهودي اسرائيلي مدعوم من قبطي مصري وباستشارة متطرف منبوذ في المجتمع الأمريكي، انتج في هولندا، كل الممثلين من أصول غير أمريكية، معظمهم مسلمون أو عرب، ما علاقة السفارات الأمريكية أو السياسة الأمريكية؟!! ما هذا الجهل المطبق المسير والمبرمج من قبل من يريدون أي شيء لإشعال فتنة أو حرب: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أطفأها اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، المائدة/64. لماذا يستغل المشعلون للحروب كل فرصة لتجييش الشعوب والسذج نحو الفوضى والانتقام
ليس بيد الحكومة الأمريكية منع انتاج أي فلم. الرئيس الأمريكي ليس كالرئيس المصري أو السوري أو التونسي بيده الحكم، الرئيس الأمريكي لا يشرع، دوره الحفاظ على الدستور وتطبيق القانون الذي يشرعه الكونغرس، الحريات في أمريكا مصانة، تستطيع أن تنتقد المسيحية واليهودية كدين، تستطيع أن تعمل نكتة كوميدية على الرئيس الأمريكي أو زوجته، يمكنك أن تمثل موسى النبي عليه الصلاة والسلام وحاشاه بطريقة سلبية، يمكنك مناقشة أن الإسلام دين جاهلي في رسالة دكتوراه، يمكنك سب الأسرة الحاكمة في الكويت أو السعودية أو الإمارات وتهزأ بهم، يمكنك أن تدعو للإباحية، يمكنك كرجل أن تتزوج رجلاً، يمكنك أن تحول دين نصف المدينة إلى مسلمين لو شاطر، الحريات مطلقة ما لم تتعرض بضرر جسدي أو نفسي.. في الوقت نفسه يمكن لأي مسلم أي يقاضي هؤلاء العابثين والمثيرين للفتن في المحاكم ويلاحقهم ويفلسهم ومن ورائهم.
أنا أعجب كلما أعتذر الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية وتبرئت من العمل، ما دخلكم أنتم في الموضوع؟ ولا تزو وزارة وزر أخرى
الغرض من الفلم
العمق في هدف الفلم وغيره واضح، وهو ما تقوم به إسرائيل وتنجح في كل مرة، في كل مرة، المرة تلو المرة، تلو المرة، حتى صارت قضية فلسطين من الماضي السحيق، وإسرائيل تشغل هذه الأمة الضائعة المشردة في فلم وتحرك علماءها ودعاتها ورجالها ونساءها في حروب وحملات ومقاطعات فيما هي تبني دولتها العظيمة وتنشغل ببحوثها العلمية وتنمية شعبها وبناء بلدها. لو كل الناس شاركت في هذه الحملات: #إلا رسول الله #والرسول خط أحمر و#نفديك بأرواحنا و#فداك أبي وأمي والتي أعتقد أنها تصنع في تل أبيب أو برعاية أو مباركة من تل أبيب، لأنها لو لم تكن كذلك فما أغبى أمة تعمل لصالح أعدائها بهذه الطريقة التي حتى لا يحركها أعداؤها.
كل حملة من هذه الحملات تصب في التراجع، وكن منتبها من أن كل عمل مشوش ومضر وعنيف وراءه سبب منطقي قوي. لا تقوم حرب إلا من أناس مخلصين ومتفانين ولسبب قوي، لكنهم في ضلال وظلام. كل حرب وراءها مخلص جاهل
حب النبي فطري وديني وإنساني
في ديننا، بل في الإنسانية بشكل عام، حب النبي صلى الله عليه وسلم واجب، وهو أمر دون أن يوجبه الدين فطري، فأنا لو كنت ملحداً لا أقر بدين لأقريت بأن محمداً – صلى الله عليه وسلم – أعظم شخصية، وأكثر الشخصيات الإنسانية سلماً وعلماً ووعياً وحباً وسلاماً ومنهجاً وكرماً ونظاماً من خلال ما أعرفه عنه. لو فقط نشرنا أقواله وأفعاله بشكل مبسط لكل العالم لأحترمه معظم العالم وقدره، لكن هذه الرسائل التي ترسل أمام السفارات الأمريكية تقول للعالم نحن نتاج محمد! نحن نقتل ونسفك ونصرخ ونهستر، نفعل ما يفعله متعصبة الهندوس أمام معابدهم وأمام مسجد بابري وما يفعله المتألمون أمام الأضرحة وما يفعله الوثنيون في أفريقيا أمام الفوودا وما تفعله العصابات التابعة للمافيا للانتقام لرئيس أو زعيم لهم .. لو كنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم هاك بعض ما يمكنك أن تفعله
لو كنت تحبه افعل ذلك
اعمل بحثاً علميا ينفع البشر وانشر اسمك المسلم عليه
اصنع منتجا سلميا مفيدا وسميه “القاسم” أو “البراق” أو “المدينة” أو “طيبة” أو “حبيبي” أو “حبيب” أو “سلام” أو “هجرة” أو “فاروق” أو “صديق” أو “صديق” بالشد.. الخ
حاضر عن قيم الإسلام بالذات السلام والحب والمعرفة بالانجليزية
شارك في اكتشاف الفضاء، وسمي بعض المسميات العربية، 90٪ من مسميات الكواكب والنجوم في السماء عربية! أكمل المشوار
اخترع جهازاً لرعاية النبات وتخضيره وتنبيت الصحراء وسميه باسم عربي “جنان”، “فردوس”، “عدن”، “تخضير”، “مروج”.. الخ
اعمل صفحة في اليوتوب اجمع فيها كل ما يشرف المسلمين والعرب من شخصيات علمية، أنا عملت بحثاً مرة استخرجت فيه أكثر من 200 شخصية عالية جداً أمريكية من أصول عربية، هدية مني لمن يريد يكمل عليه
اعمل صفحة في اليوتوب عن المحبة أو السلام
اهجر كل هذه المقاطعات والمساجلات والمسيرات واقم مشروعا تنمويا في غزة أو القدس أو رام الله
انشر مليون رسالة تقول فيها “أنا مسلم أنا أحب العالم”، “أنا عربي أنا أحب العالم
اكفل يتيما
اقم دارا للعلم والمعرفة
اعمل جلسة ارسال نية للعالم الغربي
اصنع سيارة
اعمل برنامجا على الحاسوب عن الصحة
افتتح مدرسة في الغرب تستقبل كل الجنسيات والأديان وضع فيها بعض القيم الإسلامية العريقة
اقم حفلا موسيقيا بلغات الناس عن المحبة والسلام واستخدم بعض الكلمات العربية
اعمل مسيرة صامتة للحب
المهم أن تفك عقد الإيجار للعقل الموجود أعلاه! فكر، انجح، تفاعل لا تنفعل، لا تكن أداة بيد تل أبيب
لا تكن مادة لوسائل الإعلام
لا تتفاعل مع هذه السفاهات التي يقوم بها سفهاء معادون لإثارة حفيظة المسلمين
صلاح صالح الراشد
14 سبتمبر 2012