إن التحليل المعمق الجدّي، المنطقي والواقعي، المبني على الخبرة والنظرة الثاقبة، هو الذي سيُعبّد لنا الطريق لحل المعضلات القائمة ويرسم لنا معالم النهضة في إيجاد العلاج الدائم، الذي تتعافى به أوطاننا ويرتاح له شبابنا الذي أصيب باليأس وبالإحباط، ويعود بذلك الأمل المنشود.
إن المشاريع المُعطّلة التي نعنيها في هذا المقال، هي التي من ورائها أناس لا يعرفون فنا للتسيير إلا بتأجيل الأمور سواء بسبب قصر النظر أو بسبب التقاعس الدائم.
إذا سألت أحدهم في قضية، وجدت الجواب جاهزا يخرج من شفتيه المبللتين بطول الأمل يلفّها نعاس وتثاؤب ويغطيها اليأس والإحباط.
فإذا ما صادف حديثك منتصف الأسبوع طلب منك أن تمهله إلى بدايته، وإذا ما أقبل الشهر قال لك انتظر منتصفه، فإذا ما انتهت السنة أجابك بأنه علينا الانتظار لبدايتها علّها تحمل لنا مؤشرات نبني عليها إستراتيجيتنا، وإذا ما حلّ هلال رمضان قام من نومه وهو يريد العودة وقال لك حتى ننتهي من صيامه، فإذا ما انتهى قال لك بشواله ثم فحجّ الشهر فمولد وموسم وعيد فاحتفال فجنازة وتعزية وعرس فتهنئة وسوق فتجارة وبيع فشراء وهكذا … وتبقى المشاريع مُعطلة والحلقة في دوران والهوة في اتساع، إلى أن يخرج جيل لا يعرف تأجيل عمل اليوم إلى الغد، به يُصحح المسار وتنطلق عقارب الساعة إلى الأمام. ذلكم الشباب الذي تحدث عنه رائد النهضة الجزائرية رحمه الله وقال فيه:
يا ترى هل بان بصيص الأمل لأن يأخذ الشباب مكانته الطبيعية في البناء والتشييد، أم يا ترى لم يولد بعد ذلك الشباب الذي هو رجاؤنا، وكتب علينا أن يقودنا العجزة الجهلة والمحتالون والرّعاع؟
نور الدين خبابة
11 سبتمبر 2009