السويد تدين من جهتها باحتشام الحادثة بعد انتقادات عربية وإسلامية واسعة
محمد مصطفى حابس: جينيف/ سويسرا
أدان – يوم أمس- رئيس وزراء السويد حرق نسخة من القرآن الكريم، في خطوة اعتبرت دول الخليج أنها تؤجج مشاعر المسلمين في العالم، فيما ألغت تركيا زيارة لوزير الدفاع السويدي على خلفية السماح لتظاهرة ليميني متطرف مناهض للإسلام في ستوكهولم، واعتبر أئمة في السويد، أن رد الفعل السويدي جاء متناقضا لكل الشرائع والملل، بل ما قام به رئيس الوزراء لا يعدو أن يكون ذرا للرماد في الأعين، وإلا لماذا يسمح بالتظاهر لهذا المعتوه رسميا مرات ومرات !!
وكان راسموس بالودان، زعيم حزب “الخط المتشدد” اليميني المتطرف في الدنمارك، قد حصل على تصريح بتظاهرة يتم فيها حرق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية بالعاصمة السويدية ستوكهولم ..
حرق المصحف الشريف إمعان بنشر الكراهية وتأجيج العنف ضد المسلمين
من جهته وصف مجلس الإفتاء السويدي، في بيانه الأخير ” أن ما قام به العنصري الحاقد راسموس بالودان بالعمل الشنيع والمقزز بحرق نسخة من المصحف الشريف إمعانا منه بنشر الكراهية وتأجيج العنف ضد المسلمين”.
واعتبر المجلس أن المؤلم في ذلك هو ادعاء السويد بأن هذا الفعل من الحريات الشخصية التي يكفلها القانون، غير أنه “في الحقيقة توجيه للحرية ضد قيم المسلمين، داعيا الى عدم الفتور في المطالبة بالحق الأساسي المتمثل في حق التدين المكفول دستورا”.
وجاء في بيان المجلس أن “المصحف الشريف استودعه الله في الصدور قبل أن يكون مكتوبا في السطور، وتضمن بحفظه سبحانه، وهو في مكانته في السماء والأرض شاهد على أصناف الناس مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم، ومتوفر لكل من أراد السعادة وهاديا للناس من الضلالة وداعيا للتي هي أقوم.”
على المسلمين أن يفوّتوا الفرصة على الحاقدين ويلتزموا بالقانون
وأضاف البيان أن في كل زمان نجد مثل هؤلاء “المرضى”، لكن الواقع يؤكد انقلاب السحر على الساحر فتنفذ نسخ المصحف الشريف من رفوف المكتبات طلبا للاطلاع عليها من غير المسلمين خاصة، ويدخل الناس في الإسلام اضطرادا.”
وطالب المجلس من الحكومة عدم السماح بهذه الأفعال المشينة، مطالبا أيضا المسلمين – من جهتهم- بأن يفوّتوا الفرصة على هذا الحاقد المعتوه، ويلتزموا بالقانون ويعملوا بتعاليم القرآن الكريم ونشر هذه التعاليم بين الناس، كل حسب استطاعته، مع تحريض المؤسسات على طباعة ترجمة القرآن الكريم وتوزيعها على الراغبين وإدارة الحوارات والندوات للعامة وتسميع التلاوات لكل الناس والتي ثبت للعام والخاص أنها تشيع الراحة والطمأنينة بين كل من أصغى لها سمعه وقلبه.
رسالة مفتوحة إلى السّلك الدّبلوماسي المعتمد لدى مملكة السويد
من جهته، توّجه المجلس السّويدي للشّؤون الدّينية، برسالة مفتوحة إلى مُمَثلي السّلك الدّبلوماسي الإسلامي والعربي المعتمد لدى مملكة السويد، يرفُض فيها “رفضا قاطعا ولا يقبل بأي شكل من الأشْكال السّماح لهذا العمل الإستفزازي الذي يسْتهدف المُسلمين ويُهينُ قِيمهم المُقدّسة تحت غطاء حرية التعبير، وزعزعة الأمن والإستقرار، بما يتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.”، إذ يَعْتبر المَجلس هذه التّصرفات الغير المسؤولة والمُدعّمة من بعض المؤسسات السويدية، مواقف مُتعصّبة وعُنصريّة غريبة شكلا ومضْمونا. وهو مُؤشر جديد على المُستوى المُقلق الذي وصلت إليه الجهات المُتطرفة في مُعاداة الإسلام والعُنصرية والتمييز. ومن شأن هذا الجُرم الشنيع تأجيج مشاعر الغضب والكراهية بين شُعوب العالم وعرقلة مسيرة التعايش الدّيني بين البشرية جمعاء.
مطالب جاليتنا لممثلي دولنا الإسلامية لدى مملكة السويد
طالب المجلس السّويدي للشّؤون الدّينية، بتدابير منها:
1- أن تتخذ السويد رسميا المزيد من الإجراءات والتّدابير لحِماية حُقوق ومُعتقدات المُسلمين وحَثّها على التّنبه لمشاعر المسلمين واتخاذ خطوات لمنع الأعمال المُعادية للإسلام، والابتعاد عن إثارة الكراهية بالإساءة للأديان والمُقدسات وعلى ضرورة نشر قيم التسامح والتعايش.
2- مُطالبة مُنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومُؤسسة الأزهر الشّريف والمجالس العلمية الإسلامية العالمية، بالعمل بكل مسْؤولية باتخاذ الوسائل القانونية والقنوات الدّبلوماسية لمنع تكرار مثل هذه المُمارسات التي تُؤجّج مشاعر المُسْلمين في بقاع العالم
الأزهر الشريف وهيئات إسلامية تدين الاجرام والمجرمين
وتعزيزا لهذه التحركات المحلية والدولية، أدان الأزهر الشريف حرق المصحف، معتبراً أن السلطات في السويد “تتواطأ” مع من وصفهم بـ”المجرمين الذين أقدموا على ارتكاب هذا الفعل”. وحمّل السلطات السويدية مسؤولية تكرار الإساءة إلى المقدسات الإسلامية واستفزاز المسلمين في العالم. وفق ما نقلت وسائل إعلام عربية. ودعا ناشطون وخطباء مساجد إلى مقاطعة شركة الأثاث العملاقة السويدية “إيكيا” احتجاجاً على الفعل. ودشن آخرون حملة لمقاطعة المنتجات السويدية على غرار حملات مقاطعة البضائع الفرنسية والهندية بعد الإساءة إلى الإسلام.
ونشطت وسائل إعلام عربية وإسلامية في بث تقارير عن حادثة حرق المصحف، واعتبرتها استفزازا لا أخلاقي ليس فقط في حق الإسلام والمسلمين، بل انتهاك لحرمة الأديان وقدسيتها، كما تساءل بعضهم قائلين: “ماذا لو كانت هذه التصرفات الشيطانية مدبروها مسلمون ضد معتقدات أو هيئات أخرى”؟؟
من جهته يرى المفكر الجزائري الدكتور الطيب برغوث، أن هذه المبادرات يجب أن تعمم وتسترشد، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها، مبينا أن يمكن فعله بالنسبة لجاليتنا في بلد ما من أوروبا، قد لا يستطيع فعله أناس آخرون في جهة أخرى، وما تستطيع فعله دولة مسلمة ما كتركيا قد لا تستطيع فعله دولة أخرى في عالمنا العربي، فعلا كل خلق لما يسر له، فلا يجب تحميل الناس ما لا يطيقون، ولا يجب السكوت عن المظلم بأي حال، بل وجب الرد بالحكمة و الموعظة الحسنة.
هل هي دورات تدريب على الإهانة؟
من جهته أرسل لي أستاذنا الدكتور وليد الشاويش عميد كلية الفقه المالكي بالجامعة الاردنية، تعليقه على بيانات الجالية المسلمة في أوروبا واستنكارات الدول العربية تحت هذا العنوان الطريف والجاد ” هل هي دورات تدريب على الإهانة؟” متسائلا بقوله: ما فائدة المشاركة والتمريرات لمشاهدات لا يستطيع المسلم احتمالها، وهو يرى كتابه العزيز يحرَق ويمزق، مع العجز عن الرد إلا بالصراخ والبكاء، ولا يحدِث شيئا على الأرض، أم هو ترويض المسلم على المشهد حتى يتحول المشهد، كغيره من مشاهد المجازر التي أصبحت أمرا معتادا، أين القصائد التي هجا فيها المشركون النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم أن جيل السلف كان أكثر وعيا من الناحية الإعلامية، فأمات الباطل حتى لا يُذكر؟ ألم تكن قصة أصحاب الإفك درسا إعلاميا لا ينسى في إبطال تداول الأخبار التي تحبِط المسلم؟ أليس الشرع يتطلع إلى رفع المعنوية للمسلمين في قوله تعالى: (لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا) أليس ظن الخير بالمسلمين هو الدافع للعمل، وظن السوء بأنفسهم سبب للإحباط والترويض المدروس على الذل والمهانة. ؟؟
حقيقة فالله يمهل ولا يهمل، وهو الواحد المعز المذل، مصداقا لقوله تعالى :(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21). وللحديث بقية إن كانت لهذه الاعمار بقية.
في نفس السياق
أرسل تعليقاً