الحاجة إلى وقفة تقييم فردية صارمة لعلاقتنا بديننا
كلمة بمناسبة أفراح عطلة الصيف وعيد الأضحى
في الغرب
محمد مصطفى حابس: جينيف / سويسرا
على غرار باقي بلاد الإسلام والمسلمين في مثل هذه المناسبات، استقبلت مساجد ومراكز جاليتنا المسلمة في أوروبا صبيحة يوم عيد الأضحى، على وقع أهازيج الفرح باكتمال عبادة الركن الخامس -الحج المبرور-بالتلبية والتكبيرات والتحميدات، مرددة ما يقوله الحجاج في بيت الله الحرام في مثل هذه الأيام على بعد ألاف الكيلومترات، والمتوارثة جيلا بعد جيل:
«لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شَريكَ لكَ لبَّيكَ، إنَّ الحَمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلكَ، لا شَريكَ لكَ ..
الله أكبر، الله كبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.. الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .. »
حيث ركز الخطباء هذه السنة لأول مرة بعد جائحة كورونا، في خطبة مشتركة في عمومها على توفيق الله للجميع للاحتفال بعيد الأضحى المبارك الذي صادف نهاية الامتحانات وبداية العطلة الدراسية والاجتماعية، كما وفقهم الله لصيام يوم عرفات والبعض من الأيام العشر لذي الحجة، على الرغم من حرارة الطقس المباغتة في بعض الجهات جنوب القارة الأوروبية، الأمر الذي ألهب حتى بعض الجبال وأتلف كما معتبرا من المحاصيل، كما ألهبت الأسعار القدرة الشرائية للمواطن المتوسط الحال، خاصة منها في مواد أساسية في الغذاء و المحروقات كالغاز والبنزين ، جراء مضاعفات الحرب الروسية الأوكرانية التي لازال وهج لهيبها يقضم أطراف أوروبا الشرقية ..
عيد بعد سنوات عجاف كانت بمذاق وباء كرونة
فعيد الأضحى المبارك هذه السنة 1443 هـ ، جاء بعد سنوات عجاف بمذاق وباء كرونة الذي أخذ منا أحبة كثرا، وحرم بعضنا من أمور كثيرة، بحيث ألقت علينا مواعظ ودروسا بالغات قاسيات، لو وعيناها واستفدنا منها لغيرت حياتنا باتجاه المزيد من الصلاح والخيرية والبركة والرحمة الكونية العامة، تنويرا للعقول، وجمعا للطاقات، وتوحيدا للجهود، و رفعا لهمم !!
فالأعياد، كما هو معروف، مناسبات هامة للفرح بالمنجزات التي حققها الإنسان أو المجتمع في حياته في سنة كاملة بحلوها ومرها. وعيد الأضحى مناسبة للفرح بتتويج شعيرة عبادية عظيمة في الدين والحياة، وهي حج بيت الله الحرام الذي يرجع منه الإنسان كيوم ولدته أمه! وهل هناك أعظم فرحة من ذلك في حياة الإنسان؟ كما ينال فيها غير الحاج ممن شارك الحجاج في عبادتهم العظيمة بإحياء العشر الأول من ذي الحجة، وختمها بصيام يوم عرفة الذي يغفر الله به ذنوب سنتين كاملتين ماضية وقادمة بإذن الله تعالى! وهل هناك أعظم فرحة من ذلك أيضا لغير الحاج؟؟
الأعياد مناسبات ومحطات مهمة للمحاسبة:
وليس هذا فحسب، بل الأعياد كذلك مناسبات ومحطات مهمة في حياة الأفراد والمجتمعات، تتيح لهم الفرصة لمحاسبة أنفسهم، وتقييم أوضاعهم، ومعرفة أين هم بالضبط مما ينبغي لهم أو يكونوا عليه في حياتهم؛ من الصلاح والاستقامة والخيرية والبركة والرحمة؟ فمن لم يستحضر هذا المعنى أو هذا البعد في عيد الأضحى، ولم يقيم نفسه، ولم يستشرف مستقبله، ولم يجدد حياته لتحقيق المزيد من الصلاح والخيرية والبركة والرحمة لنفسه وللآخرين، فقد حرم نفسه من شيء كبير، وفوت عليها فرصة عظيمة.. جد عظيمة !!
خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ:
فالإنسان في مثل هذه الأوقات يحقق من النجاحات في حياته، وينال من المقامات الكبيرة في الدنيا والآخرة، بقدر ما يحققه من الصلاح والاستقامة والخيرية والبركة والرحمة في مثل هذه المحطات العابرة من العمر؛ في نفسه وفي المجتمع والعالم الذي يعيش فيه مع بني جنسه. وفي هذا المعنى جاء قول الرسول عليه الصلاة والسلام (خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ) وفي رواية أخرى للحديث: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ). فمن أراد أن يحبه الله، وأن يجعله من خير الناس، فعليه أن يعمل على رفع مستوى نفعه لنفسه ولغيره من الناس في مجتمعه وفي العالم بقدر ما يستطيع ..
ولذلك فإن أهم ما ينبغي أن يقيِّم به الإنسان نفسه بهذه المناسبات العظيمة، هو علاقته بدينه؛ هل هي علاقة صحيحة وصحيَّة ومتنامية وناجحة؟ أم أنها علاقة مضطربة ومرتبكة ومقلقة وغير سوية؟ فالعلاقة الصحيحة بالدين هي طريق وشرط نيل محبة الله تعالى، والفوز بمقام الأخيار من عباد الله الصالحين..
في المناسبة العظيمة تقييم العلاقة بالدين هي القضية الأساسية والجوهرية:
وقد يتساءل بعضنا بقوله: ولماذا تقييم العلاقة بالدين هي القضية الأساسية والجوهرية في هذه المناسبة العظيمة التي يجب علينا ان نعتني بها في هذه المناسبة العظيمة؟
و الجواب: لأنه بصلاح العلاقة بالدين تصلح العلاقة بالله، ومن صلحت علاقته بالله فقد صلحت علاقته بنفسه وصلح تبعا لذلك أمره كله؛ الدنيوي منه والأخروي على حد سواء.. أما من اختلت وفسدت علاقته بالله فقد فسدت علاقته بنفسه وبالناس وبالطبيعة، وأصبحت حياته الدنيوية والأخروية معا في خطر عظيم أو في مهب الريح، كما يقول العرب – لا قدر الله-، لأن الدين بما فيه عقيدة وشريعة وأخلاق وقيم مطابقة لحقائق الفطرة الكونية والإنسانية، وحقائق الوجود الإلهي، هو المركز الذي تدور حوله الحياة الإنسانية، وتنشدُّ إليه، وتحافظ به على توازنها وخيريتها وبركتها ورحمتها الكونية، فإذا اهتزت العلاقة به أو ضعفت، اهتزت واخلت وضعفت الحياة كلها تبعا لذلك
ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكثر من هذا الدعاء العظيم لتضمنه صلاح الدين الذي به يصلح كل شيء: كانَ رَسولُ اللهِ (ص) يقولُ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ) ( رواه مسلم).
فمن أراد صلاح نفسه، وصلاح أهله، وصلاح محيطه، وصلاح دنياه، وصلاح آخرته، فعليه بإصلاح دينه، وتوثيق صلته به، والعض على ذلك بالنواجذ..
نماذج تطبيقية حية عن دور صلاح الدين في رفع مقامات الإنسان الدنيوية والأخروية:
وفي سير الأنبياء والرسل والتابعين الصالحين نماذج تطبيقية حية عن دور صلاح الدين في رفع مقامات الإنسان الدنيوية والأخروية الى أرقى المقامات وأسعدها، مثال ذلك النبي العظيم الذي ارتبطت مناسبة عيد الأضحى به، وهو سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي اختاره الله تعالى خليلا له! وكفى به مقاما أولا عظيما! وجعله إماما للناس، وكفى به مقاما ثانيا عظيما! وجعله أبا للأنبياء، وكفى به مقاما ثالثا عظيما! وخصه مع سيدنا محمد – (عليه الصلاة والسلام)- بالصلاة والتبريك عليهما في أعظم شعيرة من شعائر الإسلام وهي الصلاة! وكفى به مقاما رابعا آخر عظيما! حيث يدعو له ملايير المسلمين عبر القرون بالمزيد من الثناء عليه، وطلب رفع مقاماته في عالمي الإنس والجن، استجابة لدعائه عليه السلام الذي جاء فيه: ( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) واجعلني من ورثة جنة النعيم (85)( الشعراء ). أي تفضل عليه بثناء حسن، وذكر جميل، وقبول عام في الأمم التي تجيء من بعدي، فأعطاه الله ذلك فجعل كل أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه، وفي مقدمتهم نحن المسلمين الذين يحتل مكانة عظيمة في صلاتنا كما سبق بيان ذلك.
لما يكون للحياة طعم يصير للأسماء معنى :
لما يكون للحياة طعم يصير للأسماء معنى ، أسماء ترددها الأجيال عالية الصدح قوية الرنين أجيال بعد أجيال، فإذا كان ارتباط اسم سيدنا إبراهيم الخليل بالحج ومناسكه هذه الايام، وارتباط اسم زوجته السيدة هاجر المصرية أم سيدنا اسماعيل بماء زمزم، وارتباط ميقات ” بيار علي” ، بعلي بن دينار من دارفور بالسودان و ليس بسيدنا علي بن ابي طالب كما يظن بعضنا، فهناك أيضا من التابعين الكبار الذين ارتبطت حياتهم بالعدل والخيرية للناس جميعا، اذ لم يكن الا نموذجا للحاكم الراشد الصالح في مدة حكمه وهو لا يزال شاب، وفي هذا المقام استوقفتني هذه القصة الرائعة، التي سردها علينا خطيب عيد الأضحى يوم السبت الماضي وتحكيها لنا كتب التاريخ و السير بأسلوب شيق مشوق، مبتدئة بقول الراوي :
بينما يتجول المنادي في الشوارع وهو ينادي بأعلى صوته ويقول:
من يريد الزواج .. زوجناه !!!
من يريد أن يبني بيتا .. بنيناه له !!!
من عليه دين قضيناه له !!!
من يريد أن يذهب إلى الحج أو يعتمر أخذناه !!!
هذه العبارات .. لم تقل في عصرنا الحالي ولا في عصر النهضة الأوروبية !! ولم تقل في دولنا النفطية الإسلامية الغنية !!!
الذي أمر بها أن تقال هو: الخليفة الذي مات وعمره 40 عاما فقط إن
إنه الخليفة الأموي الراشد: سيدنا عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه وأرضاه.
و القصة تقول أنه لما جاؤوا إليه بأموال الزكاة الكثيرة في أحد الأعوام ..
قال للمشرفين على خزينة بيت مال المسلمين: أنفقوها على الفقراء، فقالوا: لم يعد في أمة الإسلام فقراء !!
قال لهم: جهزوا بها الجيوش، قالوا: جيوش الإسلام تجوب الدنيا !!
قال لهم: زوجوا بها الشباب، فقالوا: من كان يريد الزواج زُوِجناه، وبقي مال كثير !!
فقال لهم: اقضوا الديون عن المدينين فقالوا: قضيناها وبقي مال !!
فقال لهم: انظروا إلى (النصارى واليهود) من كان عليه دين فسددوا عنه .. ففعلوا وبقي مال !!
فقال لهم: أعطوا أهل العلم .. فأعطوهم وبقي مال !!
فقال لهم: اشتروا قمحاً وانثروه على رؤوس الجبال حتى لا يقال: جاع طير في بلاد المسلمين
المقامات العظيمة لرجال أمة عظيمة تهاب نزالها الشجعان:
يا سبحان الله أي حكم هذا وأي نموذج من الحكم والتسيير!!
لقد وف وكف هذا الحاكم الراشد، لم يخدم الإنسان فحسب، بل حتى الحيوان وبهيمة الانعام !!
أين نحن من ذاك الزمن الجميل؟؟ أين كنا و كيف أصبحنا ..؟؟
كنا أمة عظيمة تهاب نزالها الشجعان، بل أقوى أمم المعمورة لما كان الحاكم المسلم رباني، يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، كما جاء في الحديث، أما اليوم فنحن ليس فقط في ذيل ترتيب الأمم، بل يقتل بعضنا بعضاً.
فبماذا نال سيدنا عمر بن عبد العزيز هذه المقامات العظيمة الرفيعة وكل مفاتيح ثراء الدنيا وخيراتها بين يديه؟ وبماذا نال سيدنا إبراهيم الخليل هذه المقامات قبله وغيرهما كثر؟؟
لقد نالوها بفضل صلاح دينهم، واستقامتهم عليه، واعتزازهم به، وحرصهم على أن يستفيد الناس من بركاته ورحمته، واستعدادهم للتضحية من أجله بكل غالي ونفيس، حتى ولو تعلق الأمر بأعز الناس إلى سيدنا ابراهيم فلذة كبده ابنه إسماعيل عليه السلام، بل وحتى بنفسه هو عليه السلام كما حدث له مع النمرود حينما ألقاه في النار، فلم يتزعزع أو يضعف أو يهتز إيمانه بدينه، أو يخامره أي هاجس للمساومة فيه، بل ازداد ثقة في الله واعتزازا بدينه، وإصرارا على الالتزام به، والدعوة إليه، والعمل على التمكين له في عقول الناس ونفوسهم وواقع حياتهم المعيش!!
ضرورة بذل الجهد الفردي لإصلاح وترميم بنيان دين هش متهاوي:
وأختتم الخطباء توجيه المصلين وجاليتنا عموما إلى بذل الجهد في العمل على إصلاح وترميم بنيان دينهم المتهاوي جراء كثرة المعاصي خاصة أثناء العطل والمسارعة للمحاسبة الذاتية قبل أن يأتي يَوْمَ لَا يَنفَعُ فيه مَالٌ وَلَا بَنُون- إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، واضعين في الحسبان وباء كورونا الذي حل على الدنيا مباغت وواعظا فجاء على الأخضر واليابس، لم يسلم منه لا الحاكم و المحكوم !! ..
فمن أراد نيل هذه المقامات الدنيوية والأخروية الرفيعة، فعليه بإصلاح علاقته بدينه، بالمزيد من التعلم له، والتفقه فيه، والإلتزام به، والدعوة إليه، والعمل على إيصال هداياته إلى جميع الناس، بلسان حاله ومقاله معا، وبدعم كل جهد يعزز مكانة الإسلام في الحياة، يقوم به غيره من إخوانه المسلمين.. قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ – إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ – الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (سورة فاطر: 5-7).
فلنحرص على خدمة ديننا بكل ما نستطيع، وبكل ما نملك من جهد ووقت وذكاء وخبرة وتجربة وإمكانات وعلاقات.. فإن في الدين مصلحتنا الدنيوية والأخروية، وفيه عزنا الدنيوي والأخروي، وفيه نجاتنا من ابتلاءات الدنيا وعظائم الآخرة … فلنحرص جميعا على الإسلام خاصة في ديار الغربة الموحشة وملهياتها الفانية، فلنعش بالإسلام وللإسلام ولنمت على الإسلام، امتثالا لقوله تعالى:” قل: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (الأنعام 162-163). حافزنا في ذلك القاعدة الذهبية السننية التي جعلها شاهد القرن وفيلسوف العصر المفكر مالك بن نبي- رحمه الله- شعار دعوته وعنوان كتبه والتي يقول فيه رب العزة “انَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم”( الرعد:11)، فتغيير ما بالأنفس للأحسن والأغلى والأرقى، هو بيت القصيد!!
وعيدكم مبارك سعيد وكل عام وأنتم الى الله أقرب .. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تعليق واحد
و عيدكم و أيامكم أسعد
لقد ختمت كلامك بأعظم إشارة و أقوى تنبيه ، نمر عليه مرور الكرام و نحن نقرأ ما تيسر من آيات القرآن ! ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” . و البداية حينما يتحقق المرء من نفسه مع نفسه إيمانا قياما بالواجبات و صياما عن المنهيات، و يصبر على ذلك و يقف بنفسه مع نفسه على الآثار ، بمعنى النتائج ، و يدرك بنفسه مع نفسه حقيقة أن ” الصبر نصف الإيمان ، و الصيام نصف الصبر ” . و عليه فلا معنى لإصلاح أنفسنا من دون صيام و صبر ! كذلك وجب التحقق من الخطوة التالية ، ألا وهي إصلاح العلاقة بذوي القربى ، بداية من تحقق المرء من نفعه لأهله، فهي العلامة و الدلالة على صلاح الحال . و من دون هذين الأساسين لا ننتظر أي أثر لأي كان ، مهما كان ، و أينما كان ، في حياة الناس ! و لا غرابة حينما يجد المرء نفسه و قومه لم تتحسن أحوالهم و أوضاعهم جمعة بعد جمعة ، و عيدا بعد عيد ! و يمكننا أن نتحسس قيمة الإنسان و صلاحه و فضله و أثره الطيب بين أهله و ذويه و جيرانه و أبناء بلدته ، و نقف على الفارق الكبير بين جهة و أخرى ، كأن تقضي أسبوعا بمدينة تبسة أو ورقلة ، و تقضي نفس المدة بمدينة خراطة أو أزفون! إننا في حاجة إلى مراجعة مع النفس في كل الاتجاهات حتى ندرك مدى إدراكنا لقيمة القرآن في أنفسنا و في واقعنا المعيش.
بوركت الأستاذ مصطفى و بارك الله في مسعاك، و تحية إلى الأحبة هناك .