بعد مرور عشرين سنة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والتي عرفت بأكبر فترة فساد في تاريخ الجزائر المستقلة رغم أنها كانت فترة رخاء، حيث تجاوزت مداخيل الجزائر خلال هذه الفترة الألف مليار دولار ذهبت هباء منثورا ، فكانت فترة للانهيار الاقتصادي وانهيار القدرة الشرائية نتيجة فساد مسئوليها أدت إلى ظهور أثرياء جدد أصبحت قوة سياسية في يد بوتفليقة، هذه الفترة تذكرني بوعد بلفور المشئوم المعروف بـ” وعد من لا يملك لمن لا يستحق” أما في الجزائر فهي وعد من لا شرعية له لمن لا أمان و لا عهد له وكأنها تمهيد لاحتلال جديد.
هذه الفترة كانت لها تأثيرا سلبيا على معنويات الشعب الجزائري، حيث بلغت درجة اليأس درجات لا تطاق دفعت بالبعض بالقول “كان حالنا أيام الاستعمار أحسن” أو “ليت الاستعمار يعود من جديد”،
ليس هذا فحسب، بل دفع فساد هؤلاء المسئولين إلى مطالبة عدو الأمس فرنسا على لسان رئيسها السابق جاك شيراك عام 2005 إصدار مشروع قانون عن دور ايجابية الاستعمار.
فأستوقفتني كلمة الاستعمار وسألت نفسي سؤالا، ما الفرق بين الاستعمار والاحتلال؟
فالاستعمار في اللغة هو طلب الاعمار أو العمران واستعمره في المكان أي جعله يعمره، واستعمر الأرض يعني عمرها وأمدها بما تحتاج إليه لتصلح و تعمر، وهذا يعني أن كلمة الاستعمار لها معنى ايجابي وهذا ما دفع بالرئيس الفرنسي بإصدار قانون ايجابية الاستعمار وكأنه حق يجب الاعتراف به ولا يعني الاستعمار الاستيلاء على الأرض بالقوة.
أما معنى كلمة الاحتلال في اللغة فهو الاستيلاء على أراض دولة أخرى أو جزء منها بالقهر وبالقوة
وإذا تحدثنا عن تاريخ الجزائر وتحديدا عن فترة الوجود الفرنسي في الجزائر فإننا نجد أن هذه الفترة مقسمة إلى قسمين وهي فترة الاحتلال وفترة الاستعمار والاستيطان وكأن فرنسا بعد فترة حروب خاضتها ضد المقاومة أو السكان الأصليين وبعد الانتصار عليهم دخلت فترة اعمار الأرض والبناء .
وبعد أكثر من مئة و ثلاثين سنة من الاحتلال بالنسبة للجزائريين، وفترة استعمار وإعمار بالنسبة للمحتل الفرنسي، بقيت كلمة الاستعمار وبكل أسف، متداولة بين الجزائريين في حديثهم عن الاستعمار.
فأين الخطأ ؟ هل الشعب مخطأ ؟ أم المؤرخون الجزائريون؟ أم أن الاستعمار لا يزال إلى يومنا هذا ؟ أم نتيجة فساد الدولة؟
إن الفساد نوع من الخيانة، والخيانة باب من أبواب الاحتلال، فليس من الضروري أن يكون الرجل عميلا أو جاسوسا ليخدم المحتل يكفيه ليكون فاسدا، فالفاسد عدو لوطنه وشعبه ودينه فهو خائن لا أمان له و لا عهد له.
واختم قولي بقول الله عز وجل ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” صدق الله العظيم
أوشن محمد العربي
كاتب