سواء أكان “كانط” ضمن الآمرين بالقسط من الناس كما قد توحي به آية آل عمران (21)، أو ممن لم يقصص القرآن أخبارهم على رسول الله كما قد توحي به آية النساء (164) … هو هذا أو ذاك وفي كل حال فإن الضمير المسلم النقي المنصف مدعو ديانة أن ينزل الناس منازلهم ويؤتي كل ذي حق حقه فضلا وعدلا…
إن إبداء الضعف وحالاته خارج دائرة المؤمنين بالولاء بعضهم لبعض، يعين خصومهم على الجرأة عليهم وعلى الصد عن سبيل الله إحساسا من الخصوم بالأمان وبأن لا خوف من جهة الإسلام وأهله وهذا مما لا يجب أن نلدغ منه…إذ النصر صبر ساعة كما قال بذلك عنترة: لو صبر خصمي قليلا لسلمت له، لكنه لا يشعر بمعاناتي فيتوهم قوتي…وما النصر إلا من عند الله الذي يعلم أن فينا ضعفا…والضعيف المنتسب إلى جنب الله قوي ولو كان لا يملك من مقومات الدنيا إلا ما تزدريه الأعين (ويقللكم في أعينهم) …
كانت هذه مقدمة أردت أن ألحقها بما طرحه أستاذنا الكبير صاحب العقل الجبار البروفيسور عبد الحميد شريف…
إننا في علم الطبيعة والتقنية نتهم بنماذج التنبؤ المعينة على اتخاذ القرار إذا كانت معطياتها هشة غير موثوقة فكيف بهذه النماذج إذا كانت مدخلاتها مخرقة مخترقة مغشوشة!! والعلم الصحيح يجب أن يرتكز على اليقين وإلا كانت النماذج والمقاربات مجادف ثقيلة تهوي بأصحابها إلى سحيق الوهم والتخبط…
إننا في مرحلة لا نحتاج فيها إلى تأكيد ضعفنا بمزيد من التنازل بدعوى سماحة الإسلام فنحن لم نكن يوما ما متسلطين على أحد، إذ منذ كنا، لا سلطان لنا على أحد من الناس ونحن المبعدين قسرا عن أهون مراكز القرار في بلد يحتاج إلى كل أبنائه … بل العكس هو الصحيح!!
فيا لهف نفسي على المعلومة الدقيقة الصحيحة الموثوقة التي ملكها حذيفة بن اليمان وهو يقفل راجعا إلى النبي الكريم بالنبإ اليقين شأنه شأن هدهد سليمان، غير أن الهدهد أخذته العزة بما علم، وحذيفة عاد مرتجفا يلوذ بحضن النبي وهو يتقلب في الساجدين…
والحل في تقديري هو الفرار إلى الله والعودة باللحمة الإسلامية إلى ما كانت عليه أو تزيد، في بادئ أمرها وانطلاقها، واستمداد القوة من جنب الله وموالاته وحده وموالاة المؤمنين بعضهم لبعض بالممارسة الصحيحة لفضائل الإسلام والتموْقع الذكي في المجتمع لخدمته والاستقواء به بعد الله (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) …
ولا شك أن عقولا نظيفة مثل عقل “كانط” الذي نذكره في هذا السياق تماهيا مع طرح أستاذنا عبد الحميد شريف… إذ هذه العقول هي الضمانة لمجتمعاتها من التيه والعمه…ولن ترشد هذه العقول وترشد إلا إذا اقتبست أنوارها من نور السماوات والأرض (الله نور السماوات والأرض) وإلا فكيف ندعي أن “كانط” كان قد قرأ باسم الله خلسة ليكتشف سره بعد قرنين من الزمان…
إننا مدعوون شبابا وكهولا وشيوخا إلى التخندق من جديد بعد ضعف وهوان أصابنا، أقول التخندق ضمن زمر الآمرين بالقسط المؤتمرين به ابتداء تحققا وتحقيقا لأمر الله في سورة الحجرات، مكتسبين من جديد لصفات من كان مع النبي كما وسمتهم سورة محمد …
فلنفكر بعمق في آليات تحقيق ذلك ولنعلم مرة أخرى: وما النصر إلا من عند الله…
ومن كان يظن ان لن ينصره الله فلينتحر…
تعليقان
كثيرا ما نقرأ ، لكننا كثيرا ما نهمل جواهر ما نقرأ ، حتى و إن كررنا ما قرأنا ، فقط لأن العبرة ، ليست بقدر ما نحفظ ، و لكن بقدر ما نتدبر لنعتبر و نعبر و وننسج على منوال ذلك مساراتنا و نصل و نتواصل و نتفق و نتوافق و نستعين و نتعاون ، و على هذا الأساس وجب الوقوف مليا عند قوله تعالى : ” هو الذي أيدك بنصره و بالمؤمنين” . فعبارة : ( المؤمنين ) لها دلالتها ، و يمكننا التأمل أكثر في ذات مدلول العبارة ، لما نقرأ قوله تعالى : ” قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم و إن تطيعوا الله و رسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ” . فجينما نميز بين كوننا مسلمين ، و كوننا مؤمنين ، أي بين أسلمنا و آمنا ، يمككنا فهم كثير من المسائل العالقة على مستوى عالمنا الفكري .
أخي الأستاذ العربي
في هذا العيد المبارك حيث ينعم الصائم بفرحتين، وأسأل الله أن يتم عليك نعمه بالشفاء، وأن يعيد علينا رمضان والأمة كلها بخير وإليه أقرب، أقول في هذه المناسبة، وأنا كلي ثقة بقدراتك كنت طلبت منك مراجعة المقال شكلا ومضمونا، ها أنت تفاجئني برد علني محرج في موقع الهقار. ونشر هذا الرد قبل المقال لا يزيد إلا غرابة. سأكون كاذبا وخائنا لآدميتي لو زعمت أن كلماتك لم تعجبني، ولكني يحق لي ويجب علي أن أخشى وأتخوف من علو سقف الظن الحسن
اللهم اجعلنا أحسن مما يظنون واغفر لنا الذنوب التي لا يعلمون، وما أكثرها يا علام الغيوب