تملك الصورة الذهنية التي تشكلها الشعوب عن رموزها، القوة الحاسمة في صياغة مواقف وسلوكات واذواق وتصرفات هذه الشعوب في الحياة، وتعطي لها القيم المناسبة للمعاني التي تطلقها على الاشياء، مما يكسبها القدرة على الاستمرار في الحياة، والقوة النموذجية في التأثير، عبر ما تنتجه من قيم جديدة، واجابات مقنعة، تقدمها مفاتيح للمستقبل، وما توفره من أدوات لانخراط شعوبها في التاريخ.
صحيح لقد أحب المرحوم حسين آيت أحمد الجزائر على طريقته، لا يمكن لأحد أن يجادل في ذلك، ولكنه لم يتمكن من العيش في ربوعها، وقد حارب من أجل حريتها واستقلالها على طريقته، ولكنه حرم من امكانية ممارسة حريته في حدودها، وقاتل الفرنسيين من أجل الجزائر، ولكنه عاش أكثر أيام حياته خارج الجزائر على طريقته، ويعود إليها اليوم على طريقته، بعد معركة إعلامية كبيرة، فقط من أجل الظفر بقبر في ترابها، لكن قبر على طريقته في جبال جرجرة الثائرة و بعيدا عن رسميات مقبرة العالية التي بدأ يرقد فيها أخيرا كل من هب ونهب..
ربان الطائرة، متردد بين مطاري المغرب أو الجزائر
إن المهم في موضوع رحيل أخر القادة الاسطوريين للثورة الجزائرية، حسين آيت أحمد بالنسبة للرأي العام، وشكل المادة الأساسية لوسائل الإعلام، تمثل في الاتجاه الذي ستسلكه الطائرة، التي ستقلع من مطار جنيف بسويسرا، للوصول إلى المكان الذي سيستقر فيه جثمانه، ويكون موقع قبره، وإلى غاية آخر لحظة، كان ربان الطائرة، متردد بين مطاري المغرب أو الجزائر، وهو التردد الذي شغل بال الرأي العام، ومركز اهتمام الأجيال الجديدة، المتحكمة في أدوات التواصل الاجتماعي الافتراضي، التي استحضرت حالات المنفى لقادة الرأي العام، فزميله محمد اركون دفن في المغرب، وخالد حاج ابراهيم، حمل الجنسية المغربية، ومفدي زكريا، مات في المنفى في تونس، وكريم بلقاسم قضى نحبه في أوروبا، و شيخنا العلامة محمود بوزوزو الذي تربطه علاقة مساهرة بالمرحوم مات في سويسرا ورحل ليدفن في بجاية، وعشرات العلماء والمفكرين والمخترعين الجزائريين، يعيشون خارج الوطن، ويحققون فيها اروع الانجازات، هذا الخارج الذي هو حلم كل شاب في هذا الوطن الجزائري المفدى، والأرض الموعودة، لتحقيق ابسط متطلبات الوجود الطبيعي.. وبسرعة فائقة – بعد يوم من وفاته – تمكنت بعض الوسائل الإعلامية الحديثة، من تحديد خط طائرة جثمان آيت أحمد، حسب تغريدة – أحد المدونين المغاربة- عبر تكريس وجهة ترحيل الجثمان للمغرب، وبالتالي تكون ولو على المستوى الذهني والشعوري، إدارة المعركة قد حسمت لصالح الأشقاء المغاربة، وتكون بذلك قد وجهت ضربة قاصمة ليس فقط للحكام في الجزائر بل للذاكرة التاريخية الوطنية.
حتى في سويسرا لم نكن جازمين أنه سيرحل للجزائر
أما نحن في سويسرا كنا نسمع عموما قبل وفاته، عن تدهور صحته في الاشهر الاخيرة ومن وسائل الاعلام من قتلت آيت أحمد وهو لايزال حيا يرزق، مما أضطر عائلته لكتابة بيان توضيحي لتكميم الأفواه الاعلامية الجزائرية خاصة، أن الرجل مريض وتأتيه نوبات لكنه لا زال حي يرزق، وما إن أعلن عن وفاة المغفور له المناضل حسين آيت أحمد يوم 23 ديسمبر، حتى انهالت التكهنات عن مكان دفنه، ففيهم من قال أنه سيدفن في المغرب لوجود بعض أفراد أسرته هناك مثل ما دفن زميله المفكر محمد أركون، وفيهم من قال أنه سيدفن في سويسرا التي احتضنته كلاجئ و أوته حتى خريف عمره.. من جهتي كنت متيقنا أنه سيرحل للجزائر لمعرفتي الشخصية به منذ أن حللت بهذه الديار منذ 20 سنة تقريبا، رغم ذلك حاولت وبعض الاخوة التواصل مع ابنه يوغرطة فهاتفه لا يرد. وحتى في مقر شغله، حدثت إحدى الصحافيات التي تشتغل معه فقالت لي أنه في إجازة وهاتفه أظن مغلق، و طلبنا بعد ذلك من بعض معارفه من حزب اليسار السويسري فلم نجد جوابا شافيا كافيا، حتى من أقرب الناس إليه.. كل هذا البحث لمساعدة العائلة، إذ كان همنا فقط الخدمة ومد يد العون، ليساعدهم الاخوة أئمة المساجد في تحضير الميت ومواساتهم في مصابهم الجلل هذا، خاصة لأننا نعرف أن المرحوم له معارف كثر من غير المسلمين وهم الأقرب إليه و لأولاده، وهو الأمر الذي تحقق منه من حضر يوم الجنازة، لأننا لا نعرف أن للمرحوم مسجد بعينه يتردد عليه.. و لم نتأكد من تفاصيل الإجراءات الجنائزية لأيت أحمد إلا عن طريق يومية 24 ساعة السويسرية التي تصدر في لوزان حيث كان يشتغل بها ابنه يوغورطة، وذلك بيوم فقط قبل ترحيل الجثمان، وحتى الإعلان الاشهاري جاء مباغت وخال من أي لون ديني على شكل “نعي وإشعار” على الطريقة الغربية من طرف العائلة – بتوقيع الأم والأولاد- لأصدقاء المرحوم ومحبيه للحضور يوم الثلاثاء 29 ديسمبر، لإحدى مقابر لوزان على الساعة 11 صباحا، قصد إلقاء النظرة الاخيرة على المرحوم قبل ترحيل جثمانه للجزائر، مع شكر خاص للأطباء الثلاثة الذين رافقوه في الأشهر الأخيرة من حياته..
قاعة الجنازة مكتظة بالحضور، غاب عنها ترتيل القرآن والنشيد الوطني
وبالفعل إنتشر الخبر في مختلف المدن السويسرية والاوروبية، ونظرا لضيق الوقت وبعد المسافات، أخبرت بعض الزملاء أني سأكون غدا، بحول الله في الموكب الجنائزي لتقديم واجب العزاء، فطلب مني بعض الاخوة تبليغ تعازيهم إلى العائلة.. وكانت في مخيلتي أن قاعة التأبين ستكون شبه خاوية، لأنه في الغرب نادرا ما تكون التعازي بالحضور، بل بإرسال برقيات تعزية أو باقات ورود، لكن ما إن وصلت حتى وجدت القاعة مكتظة بالحضور وبعض كاميرات البث التلفزي – منهم ثلاث قنوات جزائرية – على أهبت الاستعداد للنقل وفي مقدمة القاعة جثمان المرحوم مسجى في صندوق خشبي متواضع وعادي للغاية كنفس الصندوق الذي وضع فيه جثمان والدي ـ رحمه الله ـ الذي وفاه الأجل هو أيضا في لوزان منذ أعوام فقط، فحاولت أن أقترب من النعش، لقراءة الفاتحة والسلام على بعض الضيوف، إلا أن الأخ يوغرطة إبن المرحوم أشار لامرأة سويسرية عجوز لتبدأ تنشيط “التظاهرة”، فوقفت بجوار السفير إدريس الجزائري، حفيد الامير عبد القادر.. لتنطلق “أشغال التأبين”، وتقدمت السيدة السويسرية “ماري كلير تشوب” وعرفت بنفسها وقالت أنها كانت قد تعرفت على الفقيد لما حل بسويسرا كلاجئ سياسي لأول مرة بمدينة لوزون عام 1966، واشتغلت معه حينها في جمعية خيرية للاجئين، معرفة بأهم محطات حياة الفقيد، بعدها أحيلت الكلمة إلى المؤرخ الأمازيغي شيخي الذي دخل في تفاصيل تاريخية اضطرت بن المرحوم إلى الاقتراب منه والهمس في أذنه للاختصار، ثم أعتذر يوغورطة للحضور عن غياب المؤرخ الجزائري الآخر و هوزميل والده الاستاذ محمد حربي، بعد ذلك احيلت الكلمة للسيدة ميريال بيرسي كوهين، سفيرة سويسرا في الجزائر، تبعها الأستاذ مارك بيرنو المؤرخ بوزارة الخارجية السويسرية، الذي بين أن مدينة لوزان كانت ولازالت أرض لجوء للقيادات المغاربية منذ عشرات السنين، كبشير بومعزة و أحمد بن بلة و …، بعده أحيلت الكلمة للسيدة بوشرة أيت احمد لتقرأ أشعار توديعيه لوالدها ” دا الحسين”، بعدها أحيلت الكلمة للفرنسية “أني مسيلي” أرملة المحامي “علي أندري مسيلي” زميل المرحوم الذي اغتيل عام 1987 بفرنسا.. ثم فتح المجال للتدخلات العامة فكانت خليط من كلمات بالفرنسية والأمازيغية تتخللها مقاطع موسيقية، بعدها قرأت إحدى الاخوات المحجبات فاتحة الكتاب على روح الفقيد.. فهمس في أذني أحد الشباب بقوله لي ” خسارة الجنازة مكتظة بالحضور، مع كل أسف غاب عنها ترتيل القرآن والنشيد الوطني الجزائري، حتى لرمز من رموز ثورتها”..
ديبلوماسية الجنائز، مناسبة لتمرير بعض الرسائل المشفرة
وكما جرت العادة، فكثيرا ما تعطي مثل هذه “الأفراح والأقراح” فرصا عديدة للتلاقي والتزاور فيما بين الأفراد والأسر، والدول والقادة، فهي تعطي للمتقاربين فرصا لتعزيز العلاقات وتوطيدها، فيما تعطي للمتخاصمين إمكانيات “القيام بالواجب” كما يقال بالتعبير الجزائري، سيما إن كان الأمر يتعلق بموت أو جنازة، بحيث يكون الحدث مناسبة للصلح وعودة المياه إلى مجاريها أو يكون مناسبة “لتمرير” بعض الرسائل المشفرة، ما دام الحدث في طبيعته يوفر بعض دقائق اللقاء والتواصل الإنساني ويكون ضامنا للحفاظ على ماء الوجه والكرامة.. ومن باب الدعوة الاسلامية ولكي لا تمر هذه الجنازة “لائكيه” لا تليق بروح المرحوم كما وصفها لي بعض الاخوة لخلوها من القرآن والذكر الحكيم، اقترب مني أحد الاخوة ليهمس في أذني طالبا مني أن أقول كلمة كجزائري وأمازيغي ومسلم يعرف المرحوم آيت احمد ويعيش معه في نفس البلد، فاعتذرت له بقولي “هناك من هم أولى مني في هذه القاعة .. صحيح فيهم من جاء لحاجة في نفس يعقوب وفيهم من جاء لأداء الواجب مثلي”، و أشرت عليه ليذهب لمن هم في سن المرحوم وهم بحق وحقيقة يعرفونه بتفاصيل أحسن وأجود مني كالوزير الاسبق “أحمد طالب الابراهيمي” والسفير “إدريس الجزائري” حفيد الامير عبد القادر والسفير “سليمان الشيخ” إبن مفدي زكريا، هؤلاء كلهم كانوا حاضرين معنا في نفس القاعة، وقبل أن يصل إليهم للاقتراح عليهم الصعود للمنصة، كان الصعلوك الأمازيغي “فرحات مهني” يهم بالصعود للمنصة فأوقفه بن المرحوم واختتم اللقاء بموشحات موسيقية أداها المطرب إيدير ووالدة المطرب الامازيغي معطوب الوناس ..
جنازة آيت أحمد في الجزائر طراز جماهيري نادر يتمناها كل مهجر قصرا من بلده
وفعلا مرت الجنازة في سويسرا “جافة لا طعم روحي فيها” كما قال لي أحد الاخوة المغاربة، ” بلا روح قرأني ولا طعم يليق بمقام المرحوم كمسلم ينتمي لعائلة مسلمة عريقة بغض النظر عن توجهاته السياسية التي قد نختلف معه فيها”، وليس كما هو الحال في الضفة الاخرى من المتوسط، في الجزائر، حيث شاهدنا عبر قنوات التلفاز جنازة جماهيرية شعبية للمرحوم آيت أحمد، موشحة بتلاوة القرآن حتى في المقر المركزي لحزبه والاهازيج باللغة العربية والامازيغية والفرنسية، فعلا فهي بحق و حقيقة جنازة “يتمناها كل مهجر قصرا من بلده” كما قال لي عمي محمد، و هو شيخ كبير جزائري زميل لأيت أحمد و يكبره سنا..
لا أطن أن آيت أحمد يكون قد صرح بمثل ذلك
رغم كل ذلك حاول أن يؤنبني عن حضوري للجنازة – بعض الاخوة، سامحهم الله- عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، لما رؤوني في إحدى القنوات في خارج القاعة أمام الموكب الجنائزي أتجاذب أطراف الحديث مع السادة طالب الابراهيمي و سليمان الشيخ، بل فيهم من أرسل لي مقطع من حوار للمرحوم آيت أحمد نشر عام 2005، في مجلة للأقدام السوداء بمونبوليي الفرنسية، يصرح فيها – ما ملخصه- أن ” طرد ا لأقدام السوداء من الجزائر يعد إجراما في حقهم، وخطأ فادح قامت به الثورة الجزائرية.. وأن المسلمين العرب غزاة تسلطوا علينا في شمال إفريقيا.. وعلى الجزائر أن ترد الاعتبار لهؤلاء و ستحاكم أمام المحكمة الدولية، كما ستحاكم تركيا عن المجازر التي ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الأرمن” أو شيء من هذا القبيل {+}.. طبعا هذا الكلام لم أطلع عليه إلا اليوم، ولو كنت أعرفه لاستفسرت مباشرة من صاحبه عن مدى صدق مثل هذه الأمور التي يستبعد أن يصرح بها المرحوم، لأني أعرف حنكته السياسية ولا يقع بسهولة في مثل هذه المطبات ..
هكذا عرفته في حياته و هكذا رأيته في منامي بعد رحيله
وقلت لمحدثي حينها، ” تصور أني أول ما التقيت المجاهد آيت أحمد منذ تقريبا 20 سنة خلت، في الاشهر الاولى من عقد روما في لوزان، و ضبطنا معه لقاء للتشاور، فما إن وصلنا للمكان لم نجد إلا ابنه يوغورطة، فاستغربنا لماذا لا يأتي الوالد و يرسل لنا إبنه، إنه الحذر لا غير؟.. فقال لنا ابنه يوغورطة متبسما، “الوالد في انتظاركم في مكان آخر ليس ببعيد من هنا” ، فالمرحوم محطات وحذر جدا ولا يثق في ذلك الوقت في أحد، أقصد في وقت العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر، بل لا أخفي على القارئ الكريم أن “سي الحسين” سياسي محنك، لا يحب مني أن أحدثه بأمور كأن أقول له مثلا “يا شيخ” أو “يا سي الحاج” .. و كلما هممت التحدث مع الدا الحسين بالأمازيغية، كان كثيرا ما يفضل الرد علي بالعربية أو بالفرنسية لكي لا يتهم بالجهوية.. هكذا عرفته، ومن آخر المرات بعد وعكته الصحية الخطيرة في الجزائر، أصبحت أقول له برمج نفسك لنذهب سويا هذه السنة للحج أو للعمرة لأحقق تسميتي لك بـ” سي الحاج” لأن الرجل في سن والدي ولا أقبل أن اسميه “سي حسين” كما يرغب مني ذلك هو دائما، فيرد علي بقوله، أنا حاليا مريض والحج يتطلب الصحة، فأقول له أنا “سأدعو الله لك بالشفاء، ونذهب سويا بحول الله للحج” ..ضف لذلك وأنا أبحث منذ ثلاثة أيام من وفاته عن مكان تواجده في المستشفى الجامعي بلوزان، رأيته في منامي يقول لي :” تعالى إلي وأعطيك 5 ملايين .. فلما وصلت إليه في “ساحة لاريبون” بلوزان، نفس الساحة التي التقيته فيها أول مرة، قلت له: “ها قد جئتك يا دا الحسين .. لكني أحببت أن أتكد، لقد قلت لي تعطيني 5 ملايين وليس خمسة آلاف، أليس كذلك؟ ..أومأ براسه متبسما و قال نعم” فاستيقظت من نومي وحكيت هذا المنام للعائلة والزملاء، وأترك لمفسري الأحلام فسحة التأويل.. أما أنا فأحمد الله فعلا أن يسر لي أن أودع مناضلا كبيرا حاول خدمة بلادي بطريقته الخاصة طول عمره أثناء الثورة وبعدها ولو حتى من الخارج .. فرحم الله ” أدا الحسين” وغفر الله له ولوالدينا و تجاوز عن خطاياهم.. آمين.. آمين.. آمين .
محمد مصطفى حابس
5 جانفي 2016
مرجع:
أدناه نص المقطع بالفرنسية من حوار للمرحوم آيت أحمد نشر عام 2005، في مجلة للأقدام السوداء بمونبوليي الفرنسية، كما وصلني وتحققت منه في الموقع، لكن من يدري في أي إطار قيل وهل قيل فعلا ، لا أظن و الله أعلم..
http://algerie-francaise.org/cgi-bin/ultra/UltraBoard.pl?Action=ShowPost&;Board=ddb&Post=1506&Idle=0&Sort=0&Order=Descend&Page=45&Session=
HOCINE AIT AHMED, l’un des chefs historiques du FLN !
IL déclare dans le numéro de Juin 2005 de la revue “ensemble” de l’Association Culturelle d’Education Populaire : “Chasser les Pieds-Noirs a été plus qu’un crime, une faute, car notre chère patrie a perdu son identité sociale”. Il ajoute :”n’oublions pas que les religions, les cultures juives et chrétiennes se touvaient en Afrique bien avant les arabo-musulmans, eux aussi colonisateurs, aujourd’hui hégémonistes. Avec les Pieds-Noirs et leur dynamisme, je dis bien les Pieds-Noirs et non les Français, l’Algérie serait aujourd’hui une grande puissance africaine, Méditerranéenne. Hélas ! Je reconnais que nous avons commis des erreurs politiques, stratégiques. Il y a eu envers les Pieds-Noirs des fautes inadmissibles, des crimes de guerre envers des civils innocents et dont l’Algérie devra répondre au même titre que la Turquie envers les Arméniens”.