وتميّز وتثقل هذه الحادثة الخطيرة، جملة من التجاوزات والجنح والجنايات التي قام بها المعتدون والتي يعاقب عليها القانون بشدة حيث يصل مجمل العقوبات إلى المؤبد: تكوين جماعة أشرار، التجمّع غير المرخص، التجمهر المسلّح، الإخلال بالأمن العام، تحطيم ملكية الغير، التعدّي على ملكية الغير، والضرب والجرح العمد بالسلاح المؤدّي إلى عجز بأكثر من 15 يوما.
وبالرغم من كل هذه التعدّيات الخطيرة ومرور حوالي شهرين على هذه الحادثة الخطيرة، إلا أنه وتطبيقا لسياسة اللاعقاب، لم يتمّ القبض على أيّ واحد من المعتدين لا متلبسا ولا بعد التبليغ عنه؟! ولا حتى على بعض المعتدين المتعنّتين الذين شجّعهم اللاعقاب في الاستمرار إلى يومنا هذا في مضايقة وتهديد وحتى ضرب بعض المناضلين بالرغم من تقديم شكايات عن كل ما وقع اعتداء.
بعض الأسئلة الملحّة البديهية والمحرجة التي تفرض نفسها:
― كيف ستكون ردّة فعل مختلف الأجهزة الأمنية تجاه المعتدين لو كان نفس الاعتداء وبنفس الظروف وبنفس الحجم قد وقع ليس على مقرّ حزب ولكن على مقرّ تابع للشرطة أو الدرك الوطني أو مقر بلدية أو محكمة أو أيّ بناية تابعة للدولة؟ طبعا ستقوم الدنيا ولن تقعد وستكون هناك قوات للتدخّل السريع ومكافحة الشغب المجهزة وستتمّ توقيفات بالعشرات في حق المشتبه بهم وكل من قاده حظه التعس للمرور بالمنطقة وستصدر أوامر بالقبض في حق المحرّضين المحتملين وتتّهم حتى اليد الخارجية بالتدخّل في الشؤون الداخلية للجزائر وتصدر بعدها أحكام قاسية بالسجن النافذ لكي يكونوا عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه المساس بهيبة الدولة!
― لماذا هذا التفاوت الضخم والهائل في ردّة الفعل لنفس الأجهزة حيال نفس الفعل؟
― من المستفيد ومن وراء هذا التخطيط الجهنمي الجديد، اللاعقاب، لتشجيع الفوضى واللاأمن الذي تنفذه الأجهزة الأمنية بدقّة، حيث رفضت الشرطة في البداية استقبال الشكوى ضد المعتدين على المقرّ وبعدها صرّح أحد الضباط وقبل تحويل الملف لوكيل الجمهورية بأنّ حادثة الاعتداء على المقر ستقيد ضد مجهول؟!
وفي الأخير ألا يعرف ويدرك من يخطّط لمثل هذه المؤامرات للقضاء على أيّ صوت يرتفع مطالبا بالحدّ الأدنى من الحقوق والحريات، أنّ التساهل والتسامح إلى درجة التواطؤ والتشجيع على مرتكبي مثل هذه الأفعال الخطيرة، المعروفين لدى أجهزة الأمن، فالكثير منهم من متعوّدي الإجرام وذوي السوابق ومروّجي المخدرات المسجلين لديهم والأكيد أنّ المحرّضين على هذه الاعتداءات يعملون كمخبرين ومؤشرين لديهم! قد يترتّب عليه مستقبلا عدم التحكم التام في منفذي هذه التخطيطات الشيطانية وما سيترتّب عليه من إخلال بالنظام العام وفلتان أمني وحتى تكوين مليشيات مسلّحة مختصة في الاختطاف والابتزاز وغيره من الجريمة المنظمة، التي ستضرب استقرار البلاد في الصميم وما يحصل في دولة الصومال ليس ببعيد.
وربما كان هذا هو المقصود منذ البداية، أي التخطيط والتنفيذ للاستمرار والخلود في الحكم مهما كان الثمن…
فخار كمال الدين
13 أكتوبر 2010