وكان سبب هذا الذهول هو أن جميع من كان في القاعة يتابع أطوار المحاكمة لمدة ساعات صار متأكدا من استحالة إلصاق تهمة القتل بالشاب محمد بابا نجار وعن ضرورة النطق ببراءته التامة من كل ما نسب إليه، خاصة لدى التأكد من تواجد المتهم وأفراد عائلته ضيوفا لدى عمه في الطرف الآخر من المدينة وكذلك لما صرح وأكد شهود الإثبات وأبناء الضحية عن عدم رؤيتهم للمتهم بالقرب من منزل الضحية، لا في ساعة الجريمة أو حتى في الأيام التي سبقت ارتكابها !! أما ابن الضحية القاصر الذي بني الاتهام على شهادته، كانت إجابته متناقضة حينا ومترددة في أغلبها !! مع التذكير بالتصريح العلني الهام لأكبر أبناء الضحية وهذا بتوجيه تهمة قتل والده لشخص آخر!
فبالرغم من هذا كله وبكل ازدراء واحتقار لمنطق ومبادئ العدالة والمنطق والضمير والإنسانية واحترام الذات نطق رئيس الجلسة بحكم السجن مدى الحياة ضد الشاب محمد بابا نجار الذي ثبتت براءته بالدليل القاطع لدى جميع الحاضرين.
أمام هذا كله لم يبق لعائلة محمد بابا نجار ولجميع الجزائريين ضحايا هذا الجهاز الذي صار بمثابة السوط وأداة للقمع والإرهاب بيد سلطة بوليسية قمعية، إلا الطلب من كل الجزائريين الشرفاء وجميع الشخصيات النزيهة والسياسيين المعارضين والمناضلين الحقوقيين الميدانيين والصحافة المستقلة، العمل جميعا بدون كلل أو هوادة لتخليص الجزائريين وفي أقرب وقت من المسؤول الحقيقي عن كل هذا الظلم والقسوة والمعانات وهو الوحش المتمثل في هذه السلطة البوليسية القمعية التي صارت الخطر المحدق بكل الجزائريين في كل أرجاء الوطن، وتستعمل كل المؤامرات الخبيثة و كل الوسائل والإمكانيات وكل أجهزة الدولة وبكل وقاحة وبدون أي اعتبار لأحد وعلى رأسها جهاز العدالة لقمع كل الحريات وكل مطالبة سلمية بالحقوق، لدفع كل الجزائريين لأحد الخيارات التالية: الرضوخ والانبطاح أو السقوط في فخ المخدرات أو الرفض و الصعود إلى الجبال أو الانتحار أو الموت في البحار…
كمال الدين فخار
غرداية، 29 ماي 2009