لم تغير سنوات السجن الثمانية عشر من الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ الإسلامية بالجزائر، فمازال صلبا، شديد العريكة صعب المراس.. شغل علي بن حاج الساحة الجزائرية مؤخرا بمواقفه وخطاباته حيال الانتخابات الرئاسية التي سوف تشهدها البلاد في التاسع من أبريل القادم.
وفي حوارنا معه يتحدث أبو عبد الفتاح عن رئاسية الجزائر، ويذهب إلى أنها تفتقد الشفافية والنزاهة، وأنها محسومة سلفا للرئيس الحالي بوتفليقة، بل يصل تشديد بن حاج على هذا الاستشراف إلى القول بأنه على استعداد لاعتزال العمل السياسي إذا كشفت نتائج الانتخابات عن فوز أحد من المرشحين المنافسين لبوتفليقة، كما يتعرض بن حاج في حواره لأوضاع جبهة الإنقاذ ومستوى حضورها على الساحة الجزائرية، كما يتحدث عن بعض الاتهامات الموجهة لشخصه بشكل خاص والتي تذهب إلى أنه داعية عنف وتشدد وأنه يمثل امتدادا لفكر الخوارج.
وعن علاقة الجبهة بالقاعدة وانضمام ابنه لصفوف التنظيم يتحدث الشيخ علي بن حاج الذي أسهب في الحديث عن الكثير من القضايا والإشكاليات الهامة والتي يمكن متابعتها في هذا الحوار.
وفي حوارنا معه يتحدث أبو عبد الفتاح عن رئاسية الجزائر، ويذهب إلى أنها تفتقد الشفافية والنزاهة، وأنها محسومة سلفا للرئيس الحالي بوتفليقة، بل يصل تشديد بن حاج على هذا الاستشراف إلى القول بأنه على استعداد لاعتزال العمل السياسي إذا كشفت نتائج الانتخابات عن فوز أحد من المرشحين المنافسين لبوتفليقة، كما يتعرض بن حاج في حواره لأوضاع جبهة الإنقاذ ومستوى حضورها على الساحة الجزائرية، كما يتحدث عن بعض الاتهامات الموجهة لشخصه بشكل خاص والتي تذهب إلى أنه داعية عنف وتشدد وأنه يمثل امتدادا لفكر الخوارج.
وعن علاقة الجبهة بالقاعدة وانضمام ابنه لصفوف التنظيم يتحدث الشيخ علي بن حاج الذي أسهب في الحديث عن الكثير من القضايا والإشكاليات الهامة والتي يمكن متابعتها في هذا الحوار.
الأوضاع السياسية في الجزائر
شيخ علي بن حاج كيف ترى هذا السباق الانتخابي الذي تشهده الجزائر الآن حول المنصب الرئاسي؟
نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة مسبقا، وهذا لأكثر من سبب منها: أن كل الطاقم الحكومي يقود حملة انتخابية لصالح المرشح "المستقل"، وهذا خروج عن حياد الحكومة كما هو معلوم، ومنها أن رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الوطني انخرطا في الحملة لصالح المرشح "المستقل"، فضلا عن المنظمات الوطنية المختلفة والمجتمع المدني المصنوع من طرف الأجهزة الاستخبارية، وهذا المرشح قد سخر جميع مقدرات الدولة المادية والبشرية والإعلامية والمالية لصالحه، فكيف يقال إن الانتخابات الرئاسية غير محسومة؟!
وأنا أقول بكل صراحة إذا فاز بالانتخابات مرشح غير الرئيس الحالي فسوف أعتزل العمل السياسي.. وليكن في علمكم أن النظام السياسي المتعفن قد أقصى كل معارضة جادة، وعلى رأسها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمعارضة المعتمدة لا يمكن لها العمل بحرية في ظل حالة الطوارئ ومنع التجمعات والمسيرات والمظاهرات والاستحواذ على الساحة الإعلامية لصالح مرشح السلطة، حتى الصحافة نظرا لما تعانيه من ديون لا تقوى على فتح المجال للمعارضة أو عرض الرأي المخالف للنظام القائم، رغم كثرة العناوين وادعاء الاستقلالية والحرية.
جهيد يونسي المرشح الإسلامي للانتخابات الجزائرية قال في حوار سابق مع "إسلام أون لاين.نت" إن من يقول بأن النتائج محسومة فهو يلغي الشعب؟
نحن لا نلغي الشعب، ولكن يراد لهذا الشعب أن يسمع صوتا واحدا، وهو صوت المشاركة الذي تدعوه لها السلطة القائمة وعملاؤها والمستفيدون من النظام المتعفن، فأغلب الذين يزكون المرشح "المستقل" إنما يرمون إلى المحافظة على مصالحهم غير المشروعة لا حبا في بوتفليقة، ولاسيما الذين انقلبوا على الإرادة الشعبية في 1992خوفا من المتابعة القضائية، والمرشح المستقل قد أعطاهم الحصانة رغم أنه معروف داخليا ودوليا أن لا حصانة لمجرم، ولو كانوا صادقين في حب الشعب فلماذا لا يفسحون المجال لدعاة المقاطعة بالقيام بعرض وجهة نظرهم على الشعب عبر وسائل الإعلام والتجمعات والمسيرات وسائر الطرق السلمية؟!
ها هو المرشح "المستقل" يوظف المساجد والزوايا والدعاة في الداخل والخارج للحصول على عهدة ثالثة، ثم يرى خصومه بأنهم يوظفون الدين في الاستغلال السياسي، ونحن نفرق بين من يستغل العمل السياسي لخدمة الدين وتطبيق أحكام الشريعة، وبين من يستغل الدين كما يفعل المرشح المستقل من أجل الوصول إلى المنصب السياسي، وقطعا للجدل من أصله نقول طبقوا أحكام الشريعة الإسلامية في جميع مجالات الحياة، كما ينص الكتاب والسنة وسوف أعتزل العمل السياسي، وأقلع عن المعارضة، بل سوف أكون جنديا أمينا في خدمة الدولة، وأحرض على نصرتها والدعاء لها وطاعتها.
علمانية بوتفليقة
لقد صرح المرشح المستقل بتاريخ 22 مارس 2009 في ولاية سطيف أن "العلماني يمكن أن يكون أكثر إيمانا من الإسلامي، لأن العلماني يصلي ويصوم ويتصدق لكنه لا يسيس الدين، وإن الإسلام السياسي لم تعد ترجى منه فائدة"، وهذا كلام خطير يدل دلالة قاطعة على أن الرئيس علماني في جوهر أمره، وله مواقف سياسية متعددة منذ 1999 تدل على أنه يمارس العلمانية ميدانيا، رغم أن الدستور ينص على أن دين الدولة الإسلام، وكلنا يعلم أن مفهوم الدين عند المسلمين ليس هو مفهوم الدين عند الأديان الأخرى كالمسيحية مثلا، فالإسلام ليس مجرد صلاة وصيام وزكاة، وإنما هو أوسع من ذلك بكثير، إنه نظام حياة له كلمة في جميع الشئون الدينية الخاصة والعامة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلاقات الدولية)، والحاصل أن المرشح المستقل يقف في جانب العلمانية بأسلوب ماكر، ويستغل الدين في المواعيد الانتخابية لكسب بعض أصوات المواطنين، والدليل على أنه علماني أن أحكام الشريعة معطلة بل مستهجنة يصفها أحيانا في خطاباته بالظلامية والرجعية والجمود، ومستشاره القانوني عبد الرزاق بارة يريد إلغاء حكم الإعدام في الجزائر وهو حكم منصوص عليه شرعا ومعلوم من الدين بالضرورة، ونحن نفرق بين حكم الإعدام "القصاص" وبين القتل سياسة وهذا الذي دار فيه النقاش بين علماء الإسلام خشية أن يستغل في تصفية الخصوم والمعارضة كما حدث زمن الحكام الطغاة.
والحاصل أخي نحن لا نلغي الشعب، ولكن نريد أن يحكم هذا الشعب وفق دينه وعقيدته وشريعته، وأزيد فأقول بكل صراحة ووضوح لو لم يعدل الرئيس الدستور من أجل الحصول على عهدة ثالثة، ولو لم يترشح لكان لنا رأي آخر حيال هؤلاء الإخوة المترشحين الخمسة، فقد نؤيد مرشحا منهم ونقف إلى جانبه، وفق شروط معينة تعود على البلاد والعباد بكل خير، وأهم تلك الشروط إقامة حوار موسع بين التيارات السياسية في البلاد، المعتمدة والمقصية ظلما وعدوانا من أجل تحقيق مصالحة حقيقية يشارك فيها الجميع بخلاف المخادعة الكبرى التي يرفع لواءها المرشح المستقل مخادعة للرأي العام في الداخل والخارج، والتصريحات الخطيرة التي صدرت عنه في ولاية تلمسان بتاريخ 12/3/2009 تدل دلالة قاطعة على أنه لا يرغب في مصالحة حقيقية، حيث حمل التائبين المسئولية كاملة في خراب وهلاك البلاد، ودعا عليهم بالهلاك، وطلب منهم الاكتفاء بالعيش وسط الشعب فقط، وكأنهم حيوانات لا بد أن يكتفوا بالعلف والأكل والشرب والإنجاب والزواج وهذا كثير عليهم، فهل يعقل أن يخاطب الرئيس من وقع عليهم الظلم والحيف بمثل هذا الأسلوب الظالم الأرعن المجانب للحقيقة؟!!! نحن نقول إننا لسنا حيوانات همها الأكل والشرب والزواج والإنجاب، وإنما مواطنون من حقنا ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الشأن العام، وهو حق كفلته الشريعة والدستور والقانون والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الجزائر.
تردد أنكم كنتم تعتزمون الترشح للرئاسة ولكن رفضا واجهتموه جعلكم تتراجعون عن هذه الفكرة.. ما حقيقة ذلك؟
نعم سعيت للترشح للانتخابات الرئاسية ولكن منعتُ من ممارسة هذا الحق، بدعوى الممنوعات العشرة والمادة 26 في قانون السلم والمصالحة الجائر الذي أعطى حصانة للمجرمين الذين انقلبوا على اختيار الشعب في 1992 وجرم من اختارهم الشعب مرتين في 1990 و1992 بالأغلبية، وهذا المنع مخالف للشرع والدستور وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
وهذا خوفا من الفوز لأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ مازالت متجذرة شعبيا، رغم قوة القمع والمنع ولو أن حزبا تعرض لعشر معشار ما تعرضت له الجبهة لأصبح أثرا بعد عين، فالحمد لله أولا وآخرا.. والنظام يعرف هذه الحقيقة جيدا، بدليل أن أغلب المترشحين يأملون في كسب أصوات هذه القاعدة، وخاصة المرشح المستقل، وذلك عن طريق المكر والخديعة والكلام المعسول.
الحركة الإسلامية في الجزائر
كيف تقيم لنا وضع الحركة الإسلامية بعامة الآن في الجزائر؟
الحركة الإسلامية في الجزائر هي في حقيقة أمرها امتداد لجمعية العلماء الجزائريين، التي صمدت في وجه الاستعمار، ودافعت بقوة وحرارة عن مقومات الأمة المسلمة الجزائرية، وهذه شهادة كبار رجال التاريخ في العالم الغربي ومنهم فرنسا، وقد ساهمت في معركة التحرير على أكثر من صعيد والتحق خيرة الرجال بالثورة الجزائرية 1954، ولكن بعد الاستقلال تعرض علماؤها للمضايقات والسجون والنفي، وتشويه السمعة، وظلت كذلك طيلة النظام الاشتراكي الأحادي، ورغم ذلك برز رجالات من أبناء الحركة الإسلامية في مواجهة طغيان الحكام، ومحاولة طمس معالم الشخصية الإسلامية الجزائرية.
بعد التعددية السياسية 1989 وقع خلاف بين أبناء الحركة الإسلامية في الطريقة المثلى للتمكين لهذا الدين، فهناك من آثر التربية والتصفية والتعليم، وهناك من آثر العمل الخيري العام، وهناك من آثر الدعوة والتبليغ، وهناك من آثر العمل السياسي السلمي، ومقارعة النظام عن طريق صناديق الاقتراع، كما فعلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، قبل اعتماد حزب حركة النهضة وحماس، وهناك من آثر العمل المسلح، لأنه يرى أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ونسأل الله تعالى أن يؤجر الجميع، كل على حسب نيته وإخلاصه في خدمة الدين، ويتولى من تاجر بالحركة الإسلامية من أجل المناصب والمغانم بما يستحق، ونعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر، نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة والمنقلب، إنه بر كريم.
والحاصل أننا لو كنا في ظل نظام تعددي حقيقي، يكفل الحريات العامة للجميع لكانت الخارطة السياسية على غير ما هي عليه الآن، سواءً بالنسبة للأحزاب الإسلامية أو الوطنية أو العلمانية، ولكن النظام يعمل بكل قوة للمحافظة على خريطة سياسية غير حقيقية، ليس لها تجذر شعبي حقيقي يقوم بعملية تغيير حقيقي يكون في صالح البلاد والعباد وتنعم كل التيارات السياسية بالحق في التواجد السياسي، دون إقصاء أو تهميش، وليكن في علم الجميع أن هناك بعض قيادات الحركة الإسلامية ارتموا في أحضان النظام الفاسد المتعفن، وتخلت عن خدمة مشروعها الإسلامي، فالله المستعان، ورغم الضربات التي وجهت للحركة الإسلامية فهي مازالت متجذرة في الجزائر، ويحسب لها ألف حساب والأيام دول.
مواجهة الدولة للجماعات الإسلامية، وما يسميه الغرب بالحرب على الإرهاب.. كيف تقيم لنا نتائج مثل هذه السياسات على الحركة الإسلامية الجزائرية؟
كلمة (إرهاب) كلمة مطاطة هلامية، ليس لها تعريف قانوني دقيق على المستوى الدولي، فقد بلغ عدد تعاريف كلمة الإرهاب إلى نحو 200 تعريف، ولكن دول الاستكبار العالمي أصبحت تطلق كلمة الإرهاب على كل من يهدد مصالحها غير المشروعة، وعلى حركات المقاومة والجهاد، مثل حركة الجهاد في أفغانستان والشيشان وجنوب لبنان وفصائل المقاومة في فلسطين، وعلى رأسها حركة حماس والجهاد الإسلامي والمقاومة الباسلة في أرض العراق، وكل دولة تناصر الحق وتقف إلى جانبه تنعت بالدول المساندة للإرهاب، فالإرهاب صناعة أمريكية بامتياز، وتنهج نهج دول الاستكبار دول الطغيان والاستبداد الداخلي التي تصادر حق الشعب في الاختيار كما هو الشأن في الجزائر ومصر وتونس والمغرب إلخ… والحاصل أن الإرهاب صناعة خارجية وداخلية.
جبهة الإنقاذ الإسلامية
أين جبهة الإنقاذ الإسلامية الآن؟ وكيف تقيم وضعيتها داخل الساحة الجزائرية؟
الجبهة الإسلامية ممنوعة من العمل السياسي الرسمي، بعد أن حلت من طرف جنرالات الانقلاب المشئوم، الذي أدخل البلاد في متاهات لا حصر لها، ورغم هذا المنع والقمع والمطاردة فمازال بعض رجالها الأوفياء يقومون بالواجب الشرعي والسياسي والدعوي والإعلامي، ويغامرون بحياتهم ومستقبلهم وراحة أنفسهم وأسرهم، وهذا عملا بخلق الوفاء على العهد، والعبرة بالقلة العاملة لا بالكثرة العاطلة، ونحن لا يمكننا أن نسكت عن حقوقنا الشرعية والسياسية والمدنية والاجتماعية والإعلامية والدعوية، وما ضاع حق وراءه طالب، نعم هناك بعض إخوتنا في الله آثر أن يعمل في إطار غير الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهذا من حقهم والحياة مراحل وتطورات، وتجارب ومحطات، وصعود ونزول، وثبات وانتكاسة، نسأل الله للجميع التوفيق والسداد، ولكن النظام الفاسد مازال مصرا على منع الجميع من حقوقهم السياسية والمدنية والتمتع بحق المواطنة.
وها هو المرشح "المستقل" يصدم الجميع في ولاية تلمسان عندما دعا التائبين -ولا توبة إلا لله- بأن على الجميع الرضا بما منح لهم، وعدم التطلع إلى العمل السياسي، وهذه انتكاسة كبرى سوف تجعل الجميع يراجع حساباته مع هذا المرشح الذي طالما رفع شعار المصالحة مكرا ومخادعة كما رفعت المصاحف أيام الفتنة الكبرى لإحداث الانشقاقات داخل صف الإمام علي بن أبي طالب الذي كان محقا فيما أقدم عليه، نعوذ بالله من المخادعة والمكر، بل إن بعض الدعاة في الداخل والخارج وقعوا في الفخ وأصدروا تصريحات تخدم النظام الفاسد وتجرم الضحايا، ضحايا الطغيان والاستبداد والجور على حقوق الله تعالى وحقوق الناس، والله المستعان.
وأغلب هؤلاء لا يطالبون النظام بالعودة إلى الكتاب والسنة وتحكيم الشريعة ورد المظالم إلى أهلها، وعندي أولى الناس بالتوبة إلى الله تعالى النظام والقائمون عليه، سواء السلطة الرسمية أو الفعلية الذين عاثوا في البلاد فسادا على جميع المستويات، هذا النظام الذي بخروجه عن الشرعية والدستورية، والإنسانية والشعبية، ومارس القمع والتعذيب والقتل خارج إطار القانون، كما فعل بالمفقودين والمختطفين الذين بلغ عددهم 20 ألف مختطف ومفقود، ورغم ذلك ما زال يناور بالمصالحة الزائفة، وأكبر دليل على ذلك أن هناك بعض الولايات زارها المرشح المستقل في إطار الحملة الانتخابية، فما كان من الأجهزة الأمنية إلا أن ألقت القبض على بعض الأشخاص وإيداعهم مخافر الشرطة طوال الليل، ريثما ينتهي المرشح المستقل من حملته، ثم يطلق سراحه وكل مكان يحل به المرشح المستقل تقوم مصالح الولاية والبلدية بتزينه وتجميله خصيصًا له فقط، وحتى أن القانون ينص أن صور المترشحين لها مكان خاص لتلصق فيه إلا المترشح "المستقل" فإنها تعلق في كل مكان بخلاف المترشحين الآخرين الذين تنعدم صورهم بشكل أحيانًا كلي، أما صور المرشح "المستقل" ففي الأشجار والسيارات، والحافلات، والمقاهي، والمساكن، والعمارات، ولم يبق إلا أن تعلق على القمر والنجوم، والمريخ، وهذا تأثير على المواطنين، وليس هناك من يمنع هذه التصرفات لا وزير الداخلية ولا الوالي ولا رئيس البلدية، ولا رجال الأمن ولا رئيس لجنة الانتخابات محمد تقية وزير العدل الأسبق في عهد الانقلاب على الشرعية الشعبية 1992م.
إرهاب الدولة بحق الإنقاذ
تصريحات أبو جرة سلطاني وشروطه التي وضعها لكي يقبل بعودة الجبهة تطرح أكثر من تساؤل حول مواقف النخب السياسية والإسلامية في الجزائر من الإنقاذ.. كيف ترى ذلك؟ وهل هذه التصريحات مؤشر على عدم قبولكم من قبل ساسة ومعارضين ومثقفين جزائريين؟
الأخ أبو جرة سلطاني يرى أنه من حق الجبهة الإسلامية أن تعود للساحة السياسية، ولكنه اشترط شرطًا ألا وهو أن تترك العنف، وتعمل في إطار الدستور وقوانين الجمهورية، وهذا محل اعتراضنا على الأخ سلطاني وهو رجل مسلم وداعية وسياسي، وكان الواجب عليه شرعًا ورجولة وأخلاقًا أن يكون منصفًا ولو مع من خالفه في الرأي والطرح، وأن يذكر الحقائق كما هي {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] ذلك لأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تستخدم العنف وفازت مرتين في 1990م و 1992م، بالصندوق الشفاف وبمشاركة كل الأحزاب السياسية المتواجدة في ذلك الوقت سواء الأحزاب الإسلامية أو الوطنية، أو العلمانية، أو الديمقراطية، وقد شهد بذلك الفوز المجلس الدستوري، كما هو موجود في الجرائد الرسمية للجمهورية الجزائرية الشعبية، وعملت في إطار الدستور وقوانين الجمهورية، وبإشراف السلطة ذاتها على تلك الانتخابات، وإنما اندلع العنف المسلح كرد فعل على إرهاب الدولة فقد زج بأكثر من 17 ألف مواطن جزائري في تخوم الصحراء البعيدة عن الشمال، وفي الأماكن التي قامت فيها فرنسا بالتجارب النووية، مما تسبب لكثير من الإخوة بأمراض لم تكن بهم، ومنهم من توفي بعد ذلك ويمكن لجزائري أن يصل إلى فرنسا عبر الطائرة خلال أقل من ساعة، ولكن لا يصل إلى المعتقلات الجنوبية عبر الطائرة ذاتها إلا بعد 3 ساعات، فضلا عن سجن القادة، وقمع المتعاطفين، فما كان من البقية في ظل غياب القيادة، إلا الدفاع عن أنفسهم عبر حمل السلاح والصعود إلى الجبال مكرهين.
إذن، فالجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تستعمل العنف وإنما العنف تسبب فيه إرهاب الدولة، وكلنا يعلم أن الجبهة الإسلامية خالفت بعض الإخوة، ممن لا شك في حبهم للإسلام ممن قالوا لا حل مع هذا النظام إلا العمل المسلح، وأن السياسة لا تجدي مع هؤلاء الطغاة وخالفت توجيهات بعض علماء السعودية الذين لا يؤمنون بالعمل السياسي عن طريق الانتخابات، ورغم احترامنا لاجتهادات هؤلاء في أي طريق أمثل للتمكين لهذا الدين، آثرنا العمل السلمي، ولكن النظام عندما انقلب على الاختيار الشعبي، أعطوا لهؤلاء الحجة علينا، وقالوا لنا بعد ذلك ألم نقل لكم إن هذا النظام لا يفهم إلا بقوة الرصاص، وأغلب الذين يجنحون للعمل المسلح في العالم العربي والإسلامي يتخذون مما أقدم عليه النظام الفاسد في الجزائر حجة لمواصلة العمل المسلح للتمكين لهذا الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحاصل أن العنف المسلح جاء كرد فعل على ظلم الدولة وطغيانها، ومثل هذا العنف يجب أن نجد له حلا سياسيًا عادلا لقلع جذوره من الأصل ورد الحقوق إلى أهلها.
شيخ بن حاج بعض الجهات الإسلامية تعتبرك منظرا لفكر الخوارج في الجزائر.. كيف ترد على اتهامك بأنك خارجي؟
هذه مجرد اتهامات إعلامية تقوم بها الصحافة الأمنية المأجورة ومثل هذه الاتهامات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، فقد اتهم بذلك ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، كما أتهم بعض رجال جمعية العلماء، بأنهم وهابيون أمثال الشيخ الطيب العقبي، ومبارك الميلي، وبن باديس، ثم إن الخوارج لهم عقائد معروفة في كتب الفرق، وبعض الأنظمة الفاسدة في العالم العربي والإسلامي تنعت المعارضة السلمية أو المسلحة، بأنهم خوارج، وهذا من أجل تنفير الناس منهم وإنزال النصوص على غير أصحابها، من باب التدليس على الناس وتشويه السمعة بغير وجه حق، وليس كل خارج عن الحكام، أو معارض لهم يصح أن نطلق عليه اسم الخوارج، فهناك من العلماء خرجوا على الحكام، وهم من أهل السنة والجماعة، أمثال سعيد بن جبير، الذي قال فيه أحمد بن حنبل: "لقد مات سعيد بن جبير، وما تحت أديم الأرض، ألا وهو محتاج إلى علمه".
ومن عقائد الخوارج أنهم يكفرون مرتكب الكبيرة، وهذا ما لا نقول به، والحمد لله، ولهم طعن في بعض الصحابة، وهذا ما لا نقول له والحمد لله، ولو راجع كل مطلع على كتب الفرق لوجد أن إطلاق لفظ الخوارج على كل معارض سلمي، أو مسلح، إنما هو مجانب للصواب، ولو دققنا في الأمر بكل دقة وإنصاف لوجدنا أن أغلب الأنظمة العربية والإسلامية هي الخارجة عن أحكام الشريعة الإسلامية، وبقي السؤال المطروح: أيهما أخطر الخروج على الحكام الطغاة، أم خروج الحكام عن أحكام الشريعة كليًا أو جزئيًا؟!! نترك الجواب لأهل العلم في العالم الإسلامي.. إننا نريد أن نقيم دولة إسلامية تحكم بالكتاب والسنة، هذا جوهر مشروعنا الإسلامي.
تنظيم القاعدة نشر بيانكم حول مقاطعة الانتخابات الرئاسية ووعد أنه من الآن سينشر جميع بياناتكم، ومن ثم دارت تساؤلات بشأن علاقاتكم بالتنظيم.. هل تربطكم علاقة مع التنظيم؟
تنظيم القاعدة حديث النشأة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ قادتها عملوا لخدمة الإسلام قبل اعتماد التعددية في دستور 1989م، سنوات عديدة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ أخذت اعتمادها من وزارة الداخلية الجزائرية، وليس من القاعدة وحتى عندما تأسست كان قادتها داخل السجن 1991م، ولم يخرجوا من السجن إلا في سنة 2003م، ومرجعية المسلمين هي الكتاب والسنة، والسلف الصالح الأوائل خير القرون على اختلاف بينهم في بعض الفروع والوسائل وترتيب الأولويات، وتقدير المصالح والمفاسد، والنظر في مآلات الأقوال والأفعال، فما يعد مصلحة عند تيار قد يكون مفسدة عند تيار آخر، وهذا أدق أبواب الفقه السياسي في الإسلام، والذين يتعاطفون مع القاعدة، وإنما يفعلون ذلك؛ لأنها تواجه الاستكبار العالمي الذي كان يقوده بوش الإرهابي الذي غزا العراق، وأفغانستان، وساند إسرائيل في حرب جنوب لبنان، وقمع وحصار وحرب حركة حماس، والطمع في خيرات الدول العربية والإسلامية، والحاصل ليس لنا أي علاقة بتنظيم القاعدة، وإنما تروج لهذه الاتهامات الباطلة الصحافة الأمنية، وفي الوقت الذي كنا في السجن كان الأخ بن لادن ما زال يقيم في السعودية، ويتمتع بجنسيتها التي سحبت منه في 1996م.
ولا يخفى عليكم أن هناك بعض الجرائد يقف من ورائها أجهزة المخابرات تتهم المعارضة تارة بأنهم خوارج، وتارة أنهم من القاعدة حتى إنه قد اتهم المعارض السياسي الشهير آيت أحمد بأن له علاقة بالقاعدة واتهم صدام حسين بعلاقته بالقاعدة، ثم اعترفت أمريكا أنه لا علاقة للقاعدة بصدام والعكس صحيح، بل إن بوش صرح أن أجهزة المخابرات كذبت عليه بشأن أسلحة الدمار الشامل، ولو التزم رجال الإعلام بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6]، وفي قراءة "فتثبتوا" لقلت مثل هذه الأراجيف، والأكاذيب ورغم ذلك فرجال الصحافة والإعلام أحرار فيما يكتبون، ويقولون وسوف يحاسبهم الله يوم القيامة على ما خطت أيديهم. أما المقالات التي تنشر هنا وهناك فأنا أبعث بها إلى الصحافة الوطنية، وبعض المواقع المحددة بإذن مني، وتتناولها جهات أخرى.
أين عبد القهار بن حاج؟
التقارير بشأن نجلكم عبد القهار بن حاج متضاربة بعضها يقول إنه معتقل وبعضها يقول إنه ما زال حرا ويعمل بين صفوف القاعدة، أين الحقيقة؟
لا يخفى عليك أنني عندما دخلت السجن للمرة الثانية والتي دامت 12 سنة تركت أولادي الخمسة صغارًا، وعندما خرجت وجدتهم قد شبوا عن الطوق منهم عبد القهار، الذي لم يتجاوز عمره السنة والنصف قبل دخولي السجن، وهو من أعقل أولادي وهذا بشهادة الجميع من أقرانه وجيرانه، ولستُ أدري إلى اليوم كيف اختفى أو اختطف، فأنا أجهل الظروف والملابسات التي غادر فيها المنزل، ولا أعرف عنه إلى يوم أي خبر، وإنما أتابع ما يكتب عنه في الصحافة وأحضر بعض المحاكمات التي يذكر فيها اسمه ويحاكم فيها غيابيًا، وقد حكم عليه مرتين بـ 20 سنة سجنًا، والشهود والمتهمون الذين يتحدثون عنه تصريحاتهم متناقضة ومتضاربة، فبعضهم يقول إن الجماعة هي التي كلفته بتجنيد ولدي إلى الجبل والبعض يقول إنه أخذ بالإكراه إلى أخر هذه الأقوال والأمر لله من قبل ومن بعد، والعلم عند الله وعند الله تلتقي الخصوم {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة:18].
وفي الختام.. شكرًا لكم إذ فسحتم لي المجال للتعبير عن بعض آرائي في موقعكم النافع المفيد، بعد أن ضرب علي حصار داخل بلدي من طرف السلطة، أغلب الصحافة لا تقوى على نشر بعض ما أقول هنا أو هناك، فإذا فسح لنا المجال هنا أو هناك قامت القيامة، وقالوا إنه يقدم تصريحات لجهات خارجية فلا يرحمون.. بارك الله فيكم، إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأتُ فمن نفسي والشيطان.. والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
شيخ علي بن حاج كيف ترى هذا السباق الانتخابي الذي تشهده الجزائر الآن حول المنصب الرئاسي؟
نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة مسبقا، وهذا لأكثر من سبب منها: أن كل الطاقم الحكومي يقود حملة انتخابية لصالح المرشح "المستقل"، وهذا خروج عن حياد الحكومة كما هو معلوم، ومنها أن رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الوطني انخرطا في الحملة لصالح المرشح "المستقل"، فضلا عن المنظمات الوطنية المختلفة والمجتمع المدني المصنوع من طرف الأجهزة الاستخبارية، وهذا المرشح قد سخر جميع مقدرات الدولة المادية والبشرية والإعلامية والمالية لصالحه، فكيف يقال إن الانتخابات الرئاسية غير محسومة؟!
وأنا أقول بكل صراحة إذا فاز بالانتخابات مرشح غير الرئيس الحالي فسوف أعتزل العمل السياسي.. وليكن في علمكم أن النظام السياسي المتعفن قد أقصى كل معارضة جادة، وعلى رأسها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمعارضة المعتمدة لا يمكن لها العمل بحرية في ظل حالة الطوارئ ومنع التجمعات والمسيرات والمظاهرات والاستحواذ على الساحة الإعلامية لصالح مرشح السلطة، حتى الصحافة نظرا لما تعانيه من ديون لا تقوى على فتح المجال للمعارضة أو عرض الرأي المخالف للنظام القائم، رغم كثرة العناوين وادعاء الاستقلالية والحرية.
جهيد يونسي المرشح الإسلامي للانتخابات الجزائرية قال في حوار سابق مع "إسلام أون لاين.نت" إن من يقول بأن النتائج محسومة فهو يلغي الشعب؟
نحن لا نلغي الشعب، ولكن يراد لهذا الشعب أن يسمع صوتا واحدا، وهو صوت المشاركة الذي تدعوه لها السلطة القائمة وعملاؤها والمستفيدون من النظام المتعفن، فأغلب الذين يزكون المرشح "المستقل" إنما يرمون إلى المحافظة على مصالحهم غير المشروعة لا حبا في بوتفليقة، ولاسيما الذين انقلبوا على الإرادة الشعبية في 1992خوفا من المتابعة القضائية، والمرشح المستقل قد أعطاهم الحصانة رغم أنه معروف داخليا ودوليا أن لا حصانة لمجرم، ولو كانوا صادقين في حب الشعب فلماذا لا يفسحون المجال لدعاة المقاطعة بالقيام بعرض وجهة نظرهم على الشعب عبر وسائل الإعلام والتجمعات والمسيرات وسائر الطرق السلمية؟!
ها هو المرشح "المستقل" يوظف المساجد والزوايا والدعاة في الداخل والخارج للحصول على عهدة ثالثة، ثم يرى خصومه بأنهم يوظفون الدين في الاستغلال السياسي، ونحن نفرق بين من يستغل العمل السياسي لخدمة الدين وتطبيق أحكام الشريعة، وبين من يستغل الدين كما يفعل المرشح المستقل من أجل الوصول إلى المنصب السياسي، وقطعا للجدل من أصله نقول طبقوا أحكام الشريعة الإسلامية في جميع مجالات الحياة، كما ينص الكتاب والسنة وسوف أعتزل العمل السياسي، وأقلع عن المعارضة، بل سوف أكون جنديا أمينا في خدمة الدولة، وأحرض على نصرتها والدعاء لها وطاعتها.
علمانية بوتفليقة
لقد صرح المرشح المستقل بتاريخ 22 مارس 2009 في ولاية سطيف أن "العلماني يمكن أن يكون أكثر إيمانا من الإسلامي، لأن العلماني يصلي ويصوم ويتصدق لكنه لا يسيس الدين، وإن الإسلام السياسي لم تعد ترجى منه فائدة"، وهذا كلام خطير يدل دلالة قاطعة على أن الرئيس علماني في جوهر أمره، وله مواقف سياسية متعددة منذ 1999 تدل على أنه يمارس العلمانية ميدانيا، رغم أن الدستور ينص على أن دين الدولة الإسلام، وكلنا يعلم أن مفهوم الدين عند المسلمين ليس هو مفهوم الدين عند الأديان الأخرى كالمسيحية مثلا، فالإسلام ليس مجرد صلاة وصيام وزكاة، وإنما هو أوسع من ذلك بكثير، إنه نظام حياة له كلمة في جميع الشئون الدينية الخاصة والعامة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلاقات الدولية)، والحاصل أن المرشح المستقل يقف في جانب العلمانية بأسلوب ماكر، ويستغل الدين في المواعيد الانتخابية لكسب بعض أصوات المواطنين، والدليل على أنه علماني أن أحكام الشريعة معطلة بل مستهجنة يصفها أحيانا في خطاباته بالظلامية والرجعية والجمود، ومستشاره القانوني عبد الرزاق بارة يريد إلغاء حكم الإعدام في الجزائر وهو حكم منصوص عليه شرعا ومعلوم من الدين بالضرورة، ونحن نفرق بين حكم الإعدام "القصاص" وبين القتل سياسة وهذا الذي دار فيه النقاش بين علماء الإسلام خشية أن يستغل في تصفية الخصوم والمعارضة كما حدث زمن الحكام الطغاة.
والحاصل أخي نحن لا نلغي الشعب، ولكن نريد أن يحكم هذا الشعب وفق دينه وعقيدته وشريعته، وأزيد فأقول بكل صراحة ووضوح لو لم يعدل الرئيس الدستور من أجل الحصول على عهدة ثالثة، ولو لم يترشح لكان لنا رأي آخر حيال هؤلاء الإخوة المترشحين الخمسة، فقد نؤيد مرشحا منهم ونقف إلى جانبه، وفق شروط معينة تعود على البلاد والعباد بكل خير، وأهم تلك الشروط إقامة حوار موسع بين التيارات السياسية في البلاد، المعتمدة والمقصية ظلما وعدوانا من أجل تحقيق مصالحة حقيقية يشارك فيها الجميع بخلاف المخادعة الكبرى التي يرفع لواءها المرشح المستقل مخادعة للرأي العام في الداخل والخارج، والتصريحات الخطيرة التي صدرت عنه في ولاية تلمسان بتاريخ 12/3/2009 تدل دلالة قاطعة على أنه لا يرغب في مصالحة حقيقية، حيث حمل التائبين المسئولية كاملة في خراب وهلاك البلاد، ودعا عليهم بالهلاك، وطلب منهم الاكتفاء بالعيش وسط الشعب فقط، وكأنهم حيوانات لا بد أن يكتفوا بالعلف والأكل والشرب والإنجاب والزواج وهذا كثير عليهم، فهل يعقل أن يخاطب الرئيس من وقع عليهم الظلم والحيف بمثل هذا الأسلوب الظالم الأرعن المجانب للحقيقة؟!!! نحن نقول إننا لسنا حيوانات همها الأكل والشرب والزواج والإنجاب، وإنما مواطنون من حقنا ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الشأن العام، وهو حق كفلته الشريعة والدستور والقانون والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الجزائر.
تردد أنكم كنتم تعتزمون الترشح للرئاسة ولكن رفضا واجهتموه جعلكم تتراجعون عن هذه الفكرة.. ما حقيقة ذلك؟
نعم سعيت للترشح للانتخابات الرئاسية ولكن منعتُ من ممارسة هذا الحق، بدعوى الممنوعات العشرة والمادة 26 في قانون السلم والمصالحة الجائر الذي أعطى حصانة للمجرمين الذين انقلبوا على اختيار الشعب في 1992 وجرم من اختارهم الشعب مرتين في 1990 و1992 بالأغلبية، وهذا المنع مخالف للشرع والدستور وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
وهذا خوفا من الفوز لأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ مازالت متجذرة شعبيا، رغم قوة القمع والمنع ولو أن حزبا تعرض لعشر معشار ما تعرضت له الجبهة لأصبح أثرا بعد عين، فالحمد لله أولا وآخرا.. والنظام يعرف هذه الحقيقة جيدا، بدليل أن أغلب المترشحين يأملون في كسب أصوات هذه القاعدة، وخاصة المرشح المستقل، وذلك عن طريق المكر والخديعة والكلام المعسول.
الحركة الإسلامية في الجزائر
كيف تقيم لنا وضع الحركة الإسلامية بعامة الآن في الجزائر؟
الحركة الإسلامية في الجزائر هي في حقيقة أمرها امتداد لجمعية العلماء الجزائريين، التي صمدت في وجه الاستعمار، ودافعت بقوة وحرارة عن مقومات الأمة المسلمة الجزائرية، وهذه شهادة كبار رجال التاريخ في العالم الغربي ومنهم فرنسا، وقد ساهمت في معركة التحرير على أكثر من صعيد والتحق خيرة الرجال بالثورة الجزائرية 1954، ولكن بعد الاستقلال تعرض علماؤها للمضايقات والسجون والنفي، وتشويه السمعة، وظلت كذلك طيلة النظام الاشتراكي الأحادي، ورغم ذلك برز رجالات من أبناء الحركة الإسلامية في مواجهة طغيان الحكام، ومحاولة طمس معالم الشخصية الإسلامية الجزائرية.
بعد التعددية السياسية 1989 وقع خلاف بين أبناء الحركة الإسلامية في الطريقة المثلى للتمكين لهذا الدين، فهناك من آثر التربية والتصفية والتعليم، وهناك من آثر العمل الخيري العام، وهناك من آثر الدعوة والتبليغ، وهناك من آثر العمل السياسي السلمي، ومقارعة النظام عن طريق صناديق الاقتراع، كما فعلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، قبل اعتماد حزب حركة النهضة وحماس، وهناك من آثر العمل المسلح، لأنه يرى أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ونسأل الله تعالى أن يؤجر الجميع، كل على حسب نيته وإخلاصه في خدمة الدين، ويتولى من تاجر بالحركة الإسلامية من أجل المناصب والمغانم بما يستحق، ونعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر، نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة والمنقلب، إنه بر كريم.
والحاصل أننا لو كنا في ظل نظام تعددي حقيقي، يكفل الحريات العامة للجميع لكانت الخارطة السياسية على غير ما هي عليه الآن، سواءً بالنسبة للأحزاب الإسلامية أو الوطنية أو العلمانية، ولكن النظام يعمل بكل قوة للمحافظة على خريطة سياسية غير حقيقية، ليس لها تجذر شعبي حقيقي يقوم بعملية تغيير حقيقي يكون في صالح البلاد والعباد وتنعم كل التيارات السياسية بالحق في التواجد السياسي، دون إقصاء أو تهميش، وليكن في علم الجميع أن هناك بعض قيادات الحركة الإسلامية ارتموا في أحضان النظام الفاسد المتعفن، وتخلت عن خدمة مشروعها الإسلامي، فالله المستعان، ورغم الضربات التي وجهت للحركة الإسلامية فهي مازالت متجذرة في الجزائر، ويحسب لها ألف حساب والأيام دول.
مواجهة الدولة للجماعات الإسلامية، وما يسميه الغرب بالحرب على الإرهاب.. كيف تقيم لنا نتائج مثل هذه السياسات على الحركة الإسلامية الجزائرية؟
كلمة (إرهاب) كلمة مطاطة هلامية، ليس لها تعريف قانوني دقيق على المستوى الدولي، فقد بلغ عدد تعاريف كلمة الإرهاب إلى نحو 200 تعريف، ولكن دول الاستكبار العالمي أصبحت تطلق كلمة الإرهاب على كل من يهدد مصالحها غير المشروعة، وعلى حركات المقاومة والجهاد، مثل حركة الجهاد في أفغانستان والشيشان وجنوب لبنان وفصائل المقاومة في فلسطين، وعلى رأسها حركة حماس والجهاد الإسلامي والمقاومة الباسلة في أرض العراق، وكل دولة تناصر الحق وتقف إلى جانبه تنعت بالدول المساندة للإرهاب، فالإرهاب صناعة أمريكية بامتياز، وتنهج نهج دول الاستكبار دول الطغيان والاستبداد الداخلي التي تصادر حق الشعب في الاختيار كما هو الشأن في الجزائر ومصر وتونس والمغرب إلخ… والحاصل أن الإرهاب صناعة خارجية وداخلية.
جبهة الإنقاذ الإسلامية
أين جبهة الإنقاذ الإسلامية الآن؟ وكيف تقيم وضعيتها داخل الساحة الجزائرية؟
الجبهة الإسلامية ممنوعة من العمل السياسي الرسمي، بعد أن حلت من طرف جنرالات الانقلاب المشئوم، الذي أدخل البلاد في متاهات لا حصر لها، ورغم هذا المنع والقمع والمطاردة فمازال بعض رجالها الأوفياء يقومون بالواجب الشرعي والسياسي والدعوي والإعلامي، ويغامرون بحياتهم ومستقبلهم وراحة أنفسهم وأسرهم، وهذا عملا بخلق الوفاء على العهد، والعبرة بالقلة العاملة لا بالكثرة العاطلة، ونحن لا يمكننا أن نسكت عن حقوقنا الشرعية والسياسية والمدنية والاجتماعية والإعلامية والدعوية، وما ضاع حق وراءه طالب، نعم هناك بعض إخوتنا في الله آثر أن يعمل في إطار غير الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهذا من حقهم والحياة مراحل وتطورات، وتجارب ومحطات، وصعود ونزول، وثبات وانتكاسة، نسأل الله للجميع التوفيق والسداد، ولكن النظام الفاسد مازال مصرا على منع الجميع من حقوقهم السياسية والمدنية والتمتع بحق المواطنة.
وها هو المرشح "المستقل" يصدم الجميع في ولاية تلمسان عندما دعا التائبين -ولا توبة إلا لله- بأن على الجميع الرضا بما منح لهم، وعدم التطلع إلى العمل السياسي، وهذه انتكاسة كبرى سوف تجعل الجميع يراجع حساباته مع هذا المرشح الذي طالما رفع شعار المصالحة مكرا ومخادعة كما رفعت المصاحف أيام الفتنة الكبرى لإحداث الانشقاقات داخل صف الإمام علي بن أبي طالب الذي كان محقا فيما أقدم عليه، نعوذ بالله من المخادعة والمكر، بل إن بعض الدعاة في الداخل والخارج وقعوا في الفخ وأصدروا تصريحات تخدم النظام الفاسد وتجرم الضحايا، ضحايا الطغيان والاستبداد والجور على حقوق الله تعالى وحقوق الناس، والله المستعان.
وأغلب هؤلاء لا يطالبون النظام بالعودة إلى الكتاب والسنة وتحكيم الشريعة ورد المظالم إلى أهلها، وعندي أولى الناس بالتوبة إلى الله تعالى النظام والقائمون عليه، سواء السلطة الرسمية أو الفعلية الذين عاثوا في البلاد فسادا على جميع المستويات، هذا النظام الذي بخروجه عن الشرعية والدستورية، والإنسانية والشعبية، ومارس القمع والتعذيب والقتل خارج إطار القانون، كما فعل بالمفقودين والمختطفين الذين بلغ عددهم 20 ألف مختطف ومفقود، ورغم ذلك ما زال يناور بالمصالحة الزائفة، وأكبر دليل على ذلك أن هناك بعض الولايات زارها المرشح المستقل في إطار الحملة الانتخابية، فما كان من الأجهزة الأمنية إلا أن ألقت القبض على بعض الأشخاص وإيداعهم مخافر الشرطة طوال الليل، ريثما ينتهي المرشح المستقل من حملته، ثم يطلق سراحه وكل مكان يحل به المرشح المستقل تقوم مصالح الولاية والبلدية بتزينه وتجميله خصيصًا له فقط، وحتى أن القانون ينص أن صور المترشحين لها مكان خاص لتلصق فيه إلا المترشح "المستقل" فإنها تعلق في كل مكان بخلاف المترشحين الآخرين الذين تنعدم صورهم بشكل أحيانًا كلي، أما صور المرشح "المستقل" ففي الأشجار والسيارات، والحافلات، والمقاهي، والمساكن، والعمارات، ولم يبق إلا أن تعلق على القمر والنجوم، والمريخ، وهذا تأثير على المواطنين، وليس هناك من يمنع هذه التصرفات لا وزير الداخلية ولا الوالي ولا رئيس البلدية، ولا رجال الأمن ولا رئيس لجنة الانتخابات محمد تقية وزير العدل الأسبق في عهد الانقلاب على الشرعية الشعبية 1992م.
إرهاب الدولة بحق الإنقاذ
تصريحات أبو جرة سلطاني وشروطه التي وضعها لكي يقبل بعودة الجبهة تطرح أكثر من تساؤل حول مواقف النخب السياسية والإسلامية في الجزائر من الإنقاذ.. كيف ترى ذلك؟ وهل هذه التصريحات مؤشر على عدم قبولكم من قبل ساسة ومعارضين ومثقفين جزائريين؟
الأخ أبو جرة سلطاني يرى أنه من حق الجبهة الإسلامية أن تعود للساحة السياسية، ولكنه اشترط شرطًا ألا وهو أن تترك العنف، وتعمل في إطار الدستور وقوانين الجمهورية، وهذا محل اعتراضنا على الأخ سلطاني وهو رجل مسلم وداعية وسياسي، وكان الواجب عليه شرعًا ورجولة وأخلاقًا أن يكون منصفًا ولو مع من خالفه في الرأي والطرح، وأن يذكر الحقائق كما هي {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] ذلك لأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تستخدم العنف وفازت مرتين في 1990م و 1992م، بالصندوق الشفاف وبمشاركة كل الأحزاب السياسية المتواجدة في ذلك الوقت سواء الأحزاب الإسلامية أو الوطنية، أو العلمانية، أو الديمقراطية، وقد شهد بذلك الفوز المجلس الدستوري، كما هو موجود في الجرائد الرسمية للجمهورية الجزائرية الشعبية، وعملت في إطار الدستور وقوانين الجمهورية، وبإشراف السلطة ذاتها على تلك الانتخابات، وإنما اندلع العنف المسلح كرد فعل على إرهاب الدولة فقد زج بأكثر من 17 ألف مواطن جزائري في تخوم الصحراء البعيدة عن الشمال، وفي الأماكن التي قامت فيها فرنسا بالتجارب النووية، مما تسبب لكثير من الإخوة بأمراض لم تكن بهم، ومنهم من توفي بعد ذلك ويمكن لجزائري أن يصل إلى فرنسا عبر الطائرة خلال أقل من ساعة، ولكن لا يصل إلى المعتقلات الجنوبية عبر الطائرة ذاتها إلا بعد 3 ساعات، فضلا عن سجن القادة، وقمع المتعاطفين، فما كان من البقية في ظل غياب القيادة، إلا الدفاع عن أنفسهم عبر حمل السلاح والصعود إلى الجبال مكرهين.
إذن، فالجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تستعمل العنف وإنما العنف تسبب فيه إرهاب الدولة، وكلنا يعلم أن الجبهة الإسلامية خالفت بعض الإخوة، ممن لا شك في حبهم للإسلام ممن قالوا لا حل مع هذا النظام إلا العمل المسلح، وأن السياسة لا تجدي مع هؤلاء الطغاة وخالفت توجيهات بعض علماء السعودية الذين لا يؤمنون بالعمل السياسي عن طريق الانتخابات، ورغم احترامنا لاجتهادات هؤلاء في أي طريق أمثل للتمكين لهذا الدين، آثرنا العمل السلمي، ولكن النظام عندما انقلب على الاختيار الشعبي، أعطوا لهؤلاء الحجة علينا، وقالوا لنا بعد ذلك ألم نقل لكم إن هذا النظام لا يفهم إلا بقوة الرصاص، وأغلب الذين يجنحون للعمل المسلح في العالم العربي والإسلامي يتخذون مما أقدم عليه النظام الفاسد في الجزائر حجة لمواصلة العمل المسلح للتمكين لهذا الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحاصل أن العنف المسلح جاء كرد فعل على ظلم الدولة وطغيانها، ومثل هذا العنف يجب أن نجد له حلا سياسيًا عادلا لقلع جذوره من الأصل ورد الحقوق إلى أهلها.
شيخ بن حاج بعض الجهات الإسلامية تعتبرك منظرا لفكر الخوارج في الجزائر.. كيف ترد على اتهامك بأنك خارجي؟
هذه مجرد اتهامات إعلامية تقوم بها الصحافة الأمنية المأجورة ومثل هذه الاتهامات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، فقد اتهم بذلك ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، كما أتهم بعض رجال جمعية العلماء، بأنهم وهابيون أمثال الشيخ الطيب العقبي، ومبارك الميلي، وبن باديس، ثم إن الخوارج لهم عقائد معروفة في كتب الفرق، وبعض الأنظمة الفاسدة في العالم العربي والإسلامي تنعت المعارضة السلمية أو المسلحة، بأنهم خوارج، وهذا من أجل تنفير الناس منهم وإنزال النصوص على غير أصحابها، من باب التدليس على الناس وتشويه السمعة بغير وجه حق، وليس كل خارج عن الحكام، أو معارض لهم يصح أن نطلق عليه اسم الخوارج، فهناك من العلماء خرجوا على الحكام، وهم من أهل السنة والجماعة، أمثال سعيد بن جبير، الذي قال فيه أحمد بن حنبل: "لقد مات سعيد بن جبير، وما تحت أديم الأرض، ألا وهو محتاج إلى علمه".
ومن عقائد الخوارج أنهم يكفرون مرتكب الكبيرة، وهذا ما لا نقول به، والحمد لله، ولهم طعن في بعض الصحابة، وهذا ما لا نقول له والحمد لله، ولو راجع كل مطلع على كتب الفرق لوجد أن إطلاق لفظ الخوارج على كل معارض سلمي، أو مسلح، إنما هو مجانب للصواب، ولو دققنا في الأمر بكل دقة وإنصاف لوجدنا أن أغلب الأنظمة العربية والإسلامية هي الخارجة عن أحكام الشريعة الإسلامية، وبقي السؤال المطروح: أيهما أخطر الخروج على الحكام الطغاة، أم خروج الحكام عن أحكام الشريعة كليًا أو جزئيًا؟!! نترك الجواب لأهل العلم في العالم الإسلامي.. إننا نريد أن نقيم دولة إسلامية تحكم بالكتاب والسنة، هذا جوهر مشروعنا الإسلامي.
تنظيم القاعدة نشر بيانكم حول مقاطعة الانتخابات الرئاسية ووعد أنه من الآن سينشر جميع بياناتكم، ومن ثم دارت تساؤلات بشأن علاقاتكم بالتنظيم.. هل تربطكم علاقة مع التنظيم؟
تنظيم القاعدة حديث النشأة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ قادتها عملوا لخدمة الإسلام قبل اعتماد التعددية في دستور 1989م، سنوات عديدة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ أخذت اعتمادها من وزارة الداخلية الجزائرية، وليس من القاعدة وحتى عندما تأسست كان قادتها داخل السجن 1991م، ولم يخرجوا من السجن إلا في سنة 2003م، ومرجعية المسلمين هي الكتاب والسنة، والسلف الصالح الأوائل خير القرون على اختلاف بينهم في بعض الفروع والوسائل وترتيب الأولويات، وتقدير المصالح والمفاسد، والنظر في مآلات الأقوال والأفعال، فما يعد مصلحة عند تيار قد يكون مفسدة عند تيار آخر، وهذا أدق أبواب الفقه السياسي في الإسلام، والذين يتعاطفون مع القاعدة، وإنما يفعلون ذلك؛ لأنها تواجه الاستكبار العالمي الذي كان يقوده بوش الإرهابي الذي غزا العراق، وأفغانستان، وساند إسرائيل في حرب جنوب لبنان، وقمع وحصار وحرب حركة حماس، والطمع في خيرات الدول العربية والإسلامية، والحاصل ليس لنا أي علاقة بتنظيم القاعدة، وإنما تروج لهذه الاتهامات الباطلة الصحافة الأمنية، وفي الوقت الذي كنا في السجن كان الأخ بن لادن ما زال يقيم في السعودية، ويتمتع بجنسيتها التي سحبت منه في 1996م.
ولا يخفى عليكم أن هناك بعض الجرائد يقف من ورائها أجهزة المخابرات تتهم المعارضة تارة بأنهم خوارج، وتارة أنهم من القاعدة حتى إنه قد اتهم المعارض السياسي الشهير آيت أحمد بأن له علاقة بالقاعدة واتهم صدام حسين بعلاقته بالقاعدة، ثم اعترفت أمريكا أنه لا علاقة للقاعدة بصدام والعكس صحيح، بل إن بوش صرح أن أجهزة المخابرات كذبت عليه بشأن أسلحة الدمار الشامل، ولو التزم رجال الإعلام بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6]، وفي قراءة "فتثبتوا" لقلت مثل هذه الأراجيف، والأكاذيب ورغم ذلك فرجال الصحافة والإعلام أحرار فيما يكتبون، ويقولون وسوف يحاسبهم الله يوم القيامة على ما خطت أيديهم. أما المقالات التي تنشر هنا وهناك فأنا أبعث بها إلى الصحافة الوطنية، وبعض المواقع المحددة بإذن مني، وتتناولها جهات أخرى.
أين عبد القهار بن حاج؟
التقارير بشأن نجلكم عبد القهار بن حاج متضاربة بعضها يقول إنه معتقل وبعضها يقول إنه ما زال حرا ويعمل بين صفوف القاعدة، أين الحقيقة؟
لا يخفى عليك أنني عندما دخلت السجن للمرة الثانية والتي دامت 12 سنة تركت أولادي الخمسة صغارًا، وعندما خرجت وجدتهم قد شبوا عن الطوق منهم عبد القهار، الذي لم يتجاوز عمره السنة والنصف قبل دخولي السجن، وهو من أعقل أولادي وهذا بشهادة الجميع من أقرانه وجيرانه، ولستُ أدري إلى اليوم كيف اختفى أو اختطف، فأنا أجهل الظروف والملابسات التي غادر فيها المنزل، ولا أعرف عنه إلى يوم أي خبر، وإنما أتابع ما يكتب عنه في الصحافة وأحضر بعض المحاكمات التي يذكر فيها اسمه ويحاكم فيها غيابيًا، وقد حكم عليه مرتين بـ 20 سنة سجنًا، والشهود والمتهمون الذين يتحدثون عنه تصريحاتهم متناقضة ومتضاربة، فبعضهم يقول إن الجماعة هي التي كلفته بتجنيد ولدي إلى الجبل والبعض يقول إنه أخذ بالإكراه إلى أخر هذه الأقوال والأمر لله من قبل ومن بعد، والعلم عند الله وعند الله تلتقي الخصوم {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة:18].
وفي الختام.. شكرًا لكم إذ فسحتم لي المجال للتعبير عن بعض آرائي في موقعكم النافع المفيد، بعد أن ضرب علي حصار داخل بلدي من طرف السلطة، أغلب الصحافة لا تقوى على نشر بعض ما أقول هنا أو هناك، فإذا فسح لنا المجال هنا أو هناك قامت القيامة، وقالوا إنه يقدم تصريحات لجهات خارجية فلا يرحمون.. بارك الله فيكم، إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأتُ فمن نفسي والشيطان.. والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
أجرى الحوار الصحفي المصري علي عبدالعال
المصدر: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1237705574505&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout