هذا البلد غالبية شبابه اليوم إما حراقة وإما بطالين وإما منضوين في شبكات الجريمة والاختطافات التي تبدأ من اختطاف هاتف نقال إلى اختطاف مجموعة أطفال مرورا بالسيارات ونحو ذلك، والمصيبة الأكبر أن لا أحد يعرف ما الذي حل بنا بالضبط أهو انهيار المنظومة الأخلاقية أم هو مقابلة سوء الحاكم بسوء من المحكوم وغيرها من الأسباب التي يجمع كل النقاد والمحللين والكتبة والإعلاميين والمختصين من ذوي الميادين ذات العلاقة بهذا الشأن على أنها هي أسباب ما نحن فيه ولكن ما لم يسبق لي أن صادفت في كل الكتابات والتصريحات كعلل ومسببات لهذه المعضلة هو البعد السياسي لمجموعة الأسباب أو بمعنى أصح التهميش السياسي الذي يجعل من الحرس القديم ينظر إلى الشباب بعين الريبة بل بعين الاحتقار الذي يفرض نوعا من الوصاية لهذه الفئة على فئة الشباب الموصوفة لديهم بالقاصرة العاجزة وفي النهاية يمتنع الحرس القديم عن تسليم المشعل ولو آفلا إلى الشباب. وفي دولة 3 أرباع سكانها شباب 3 أرباع مسؤوليها هرمون في أرذل العمر لا يزال المسؤول يتغنى بالثورة التي شارك فيها كشاب ويتخذ من جهاده سواء حدث أو كان جهادا طايوانيا مرجعية وشرعية ويستهين بقدرات شباب اليوم الذي يحتاجه فقط لملأ صالونات اجتماعاته للتباهي والزهو أمام الخصوم أو يملأ بأصواته صناديق الانتخابات ولكن اللوم هنا لا يقع فقط على الحرس القديم الممتنع عن تقديم المشعل للشباب بل يقع على هؤلاء الشباب الذين رضوا بما هم فيه وقبلوا بما فرض عليهم وهذا هو الخلل المزدوج الذي يخفى أسباب ما نحن فيه ويعقد طريق بلوغ الحلول.
عبد الله الرافعي
4 مارس 2008