ان القنوات التي توصف بالجنسية والفنية والإباحية وهي طبعا كذلك، لأنها تنشر الرذيلة بين المجتمعات العربية والإسلامية وتشجع على الفسق والفجور والإنحراف، هي بالأصل تبث بدعم من مسؤولين ونافذين في الأنظمة العربية، والمطربات اللواتي ينشرن الانحلال الأخلاقي من خلال كليبات جنسية وعلى المباشر يستقبلن رسميا في الدول العربية استقبال الفاتحات واستقبال العالمات وهن عوالم وعاهرات يحرم على من له أدنى الشرف النظر اليهن، فيقدمن الحفلات وبالملايير وبحضور الزعماء والوزراء في أرقى الفنادق بالدول العربية، فهذه القنوات الإباحية تمون من طرف الزعماء العرب وتلقى منهم الدعم المالي المنقطع النظير، لأنه يراد منهن افساد الشباب وجعله يتخنث ويتشبب بقصص العشق والغرام وأجساد الفاتنات بدل أن يتطلع لمستقبله في بلده ويتشبب بقضايا الأمة من فلسطين الى العراق، هم يريدون الشباب يفتش عن أخبار هيفاء وهبي التي أمنوا على جسدها وبدعم الزعماء العرب بالملايين، وليس الأمر على هيفاء وحدها بل نذكر أيضا أو نانسي عجرم أو اليسا أو رولا سعد… ولكنهم لا يريدونه أن يتابع شبابنا أخبار أطفال غزة ونسائها اللواتي هن أشرف رجولة من أرجل الحكام العرب وان كان وجودهم مستحيلا… ان كانت القنوات الإباحية تشكل خطرا على أخلاق الناس وذوقهم وقد تفطن لذلك وزراء الاعلام العرب بعد سنوات صارت فيه هذه القنوات تعد بالمئات، حتى كادت أن تصل الى أن كل مطربة اغراء تملك قناة تتابع أكلها وشربها واستحمامها وعهرها وسهراتها الماجنة والبستها الداخلية، اليس ذلك دليل قاطع على نفاق هذه الثلة من المفسدين، الذين يريدون تحصين أنفسهم من الرأي الآخر الذي لم يجد مكانا يبلغ به رسالته لأمته سوى "الجزيرة" أو "المنار" أو "العالم" أو "الحوار"، وذلك بواسطة قرارات ووثائق نحن على يقين أنها ستطبق بسرعة رهيبة ومذهلة عكس تلك القرارات المختلفة التي خرجت بها ما يسمى تجاوزا "جامعة الدول العربية"، ولكنها ظلت مجرد وثائق عار تلاحقهم الى أبد الآبدين، لا لشيء سوى أنها تتعلق بربيبتهم إسرائيل، التي يزورها وزراء عرب تحت عناوين بارزة منها بحث قضية فلسطين وحصار غزة وغيرها وهم يزرونها لأجل الشرب والسهرات الماجنة مع عاهرات يتقن أولمرت استيرادهن من الدول العربية، وهكذا يلتقي العرب مع العربيات في أوضاع مخلة بالحياء والشرف والقومية والرجولة على سرير مجهز بمختلف وسائل التصوير والتسجيل والتصنت…
الفساد المستشري في الدول العربية يتورط فيه الحكام وأذنابهم، فهل عندما نتحدث نحن عن هذا الفساد والعهر العربي نكون قد خالفنا القانون واشدنا بالإرهاب؟
فعندما ننقل واقع الشباب العربي الذي يعيش الإقصاء والتهميش وتنخر أوصاله البطالة المقننة، ونتحدث عن الفقراء وما أكثرهم الذين رفضوا التسول اكراما لكرامتهم وراحوا يقتاتون من مزابل الأثرياء، أو أننا ندافع عن شباب يضحون بهم من اجل شهواتهم المجنونة بالحكم فتجدهم يقبعون بالسجون أو يهربون للجبال متمردين أو يرمون أنفسهم في قوراب موت ويصبحون لقمات سائغة في أعماق البحار، أو نكشف تورط مسؤول في صفقات مشبوهة أو عمالة ثابتة لدول تصنف في خانة العداء، أو نعري مشاريع وهمية تنفخ فيها أحزاب شكلت خصيصا لإحتواء اللعبة الديمقراطية في الدول العربية… حينها نكون أجرمنا في حق فضيلة الحاكم العربي وحينها يحق لهذا الحاكم اتهامنا ومتابعتنا بالتحريض على الإرهاب، هو صحيح أنه كل من يقرأ ويعرف ما يفعل بثروات الأمة لن يتأخر لحظة في أمتطاء سيارة ملغومة أو أن يتجند بحزام ناسف ويقتحم المناطق الخضراء في الوطن العربي وينسف الجميع، لأنه لا معنى للحياة وأبناء الفقراء يتضورون جوعا وبنات الحكام وعصاباتهم يقلمن أظفارهن في كبريات عواصم العالم وعلى حساب الدولة طبعا…
ان وزراء الاعلام الذين هبوا بهذه الوثيقة كانوا حينها لا يفكرون الا في هدف واحد الا وهو القنوات التي اعطت الفرصة للرأي الآخر سواء في "الاتجاه المعاكس" أو "أكثر من رأي" أو "بلا حدود"… أو حتى في نشرات الأخبار المختلفة، حتى يبوح بمكنوناته ويبلغها للرأي العربي، وهؤلاء الوزراء أدركوا مدى مصداقية المعارضة ومدى اقبال الناس عليها، لذلك لم يجدوا من بديل يحمي ظهرهم سوى محاصرة هذه القنوات، لتتحول بذلك الى قنوات رسمية تتابع رسائل الزعيم الى نظرائه وتزركش مسيرته المخزية ومواقفه التي لا تتعدى كلمات يكتبها له مستشاروه ثم يوقع عليها مدينا بها اسرائيل لأنها حاصرت غزة وقتلت شبابها وأطفالها من دون نيل المباركة من محمود عباس، ثم يمتطي طائرته في اتجاه البيت الأبيض لطلب الأعذار وتقديمها لسيده…
هل من الممكن ان يتخذ وزراء العرب موقفا من شبكة روتانا التي يملكها أمير سعودي ومن العائلة المالكة؟
لا أجيب على هذا السؤال الذي يبدو أحمقا في زمن حمق أناس ساقتهم اقدارهم واصبحوا يمثلون الإعلام العربي، وفي ظرف أقل ما يقال فيه أن الصراع الحضاري لأجل البقاء صار اعلاميا بدرجة كبيرة لا يمكن تجاوزها…
ان تحفظ قطر على الوثيقة لدليل قاطع على أن ما كان يدار بين رسل الزعماء العرب يستهدف مباشرة القناة القطرية التي احدثت طفرة كبرى ومنعطفا بارزا في تاريخ الإعلام العربي، أو ربما تبادل وزراء الإعلام لواعج الشكوى من هذه القناة التي عرت الحكام من زيف لبسوه لسنوات طويلة وبرقته وسائل اعلامهم الداخلية والرسمية، فالإعلام ما قبل "الجزيرة" كان مجرد بوق يزور الحقائق ويكذب على الناس، ويجعل من الباطل حقا ومن الحق باطلا، ويروج دوما للرؤية الرسمية التي لن تحيد عن تمجيد الحاكم وتأليه قراراته، ولكن بعد "الجزيرة" ما صارت تنطلي على أحد تلك الأكاذيب وتلك الصباغة المزيفة التي يكشفها المتابعون للشأن ويعرونها على مرأى الجميع… اليس هذا دليل قاطع على أن الحكام العرب يريدون تأميم الإعلام العربي وجعل الفضائيات برغم استقلاليتها مجرد أبواق تسوق ما يخدم مصالحهم ويطيل عمر بقائهم فوق اعناق شعوب ستدفعهم ظروفهم الإجتماعية الى الإنفجار بلا أدنى شك، وأنا على يقين أن هؤلاء سيجتمعون مرة أخرى ويؤمنون شبكة الأنترنيت ويضعون قيودا على مدونات أظهرت متمردين من أمثال الفرحان الذي صار غصة في عنق النظام السعودي… والأيام بيننا سجال.
أنور مالك
13 فبراير 2008