وعود على بدء نقول إن الاستوزار لم يعد هاجسا بالشكل الذي عهدناه، حيث يكون الفكر "الميكيافيلي" براقا يحمل إلى الوزارة، فقد اكتشف الناس نخبا وعواما أن الذين باعوا الشرف من أجل الترف، وأكلوا من أثدائهم ومن أعضاء أخرى فيهم معنوية ومادية وروحية، رضعوا بشراهة من أثداء المال العام حتى أصيبوا بالتخمة والقناعة الوحيدة التي بسطت بظلالها على الجزائريين هي أن وزراء الحكومة المتورطين في عار الخليفة أصبحوا كأحصنة الحكومة عندما تهرم وتمرض إذ يكون الموت الرحيم "الموت السياسي" هو خير ما تكرم به حتى تريح وتستريح، وإذا كان هذا هو حال الوزراء المتورطين فإن غيرهم من الوزراء يكونون قد زهدوا في الاستوزار ولم يعد بينهم من يمانع في أن يذره "بسلامة الراس"، وحتى الرغبة لدى الساعين إلى الاستوزار بدأت تتراجع.
وبالتالي فحكومتنا أمام فرصة لم يسبق لها حدوث في تولية الوزارات والإدارات السامية لشباب تقنوقراطي متعلم يسمح بكنس بقايا الحرس القديم والشخصيات المتعفنة سياسيا من الساحة حتى تُسير دواليب الحكم والمسؤولية بدم جديد يعتمد على التقنية والمؤهل لا على الولاء والمحاباة والعشائرية والجهوية والنضال المصلحي والإيديولوجية الميكيافيلية.
وسنتخلص من ربق مفهوم "بيتارس" وسلوكات مخلوف البومباردي وتعاد الجزائر إلى أيدي شباب كالذي أوصل الإسلام إلى أوروبا "طارق"، والذي أسس الدولة الأمير عبد القادر، أو من أمثال أولئك الذين فجروا أعظم ثورة شعبية في تاريخ البشرية "ثورة نوفمبر" علاوة على الشباب الذي جعل من جزائر الستينات والسبعينات رائدة العالم الثالث بلا منافس تحت زعامة شاب وصل إلى السلطة في سن 33 وغادرها وغادر الدنيا معها شابا في سن 46 بومدين رحمه الله.
عبد الله الرافعي
كاتب صحفي جزائري
Abdellah_errafii@hotmail.com
24 نوفمبر 2007