إنّ مع العسر يسرا

في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011، أُلقِي القبض في سويسرا على الجنرال نزار، وزير الدفاع السابق في النظام العسكري، ليتمّ الاستماع إلى أقواله من قبل الشرطة في أعقاب شكاوى تخصّ اتهماه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية قدّمها ضدّه العديد من الضحايا الجزائريين. وفي 11 يناير/كانون الثاني عام 2012، أي بمناسبة الذكرى العشرين للانقلاب العسكري، نظّمت رشاد وقفة احتجاجية أمام سفارة النظام الجزائري في باريس.

تظاهرة 11 يناير 2012 في باريس الجنرال نزار

وفي 16 يناير/كانون الثاني 2012، أُلقِي القبض على مراد دهينة في مطار أورلي بينما كان عائدًا إلى جنيف بعد حضوره اجتماع عمل في مقرّ رشاد في باريس. وأكّد المدّعي العام خلال جلسة الاستماع في اليوم التالي، أنّ عملية الاعتقال جاءت في أعقاب طلب تسليم من السلطات الجزائرية يعود تاريخه إلى عام 2003، تتّهمه فيه بارتكاب أعمال إرهابية في زيوريخ ، سويسرا، خلال السنوات 1997- 1999. وبينما رفضت السلطات السويسرية باستمرار الاستجابة للطلبات العديدة باعتقال وتسليم مراد دهينة إلى النظام الجزائري، قرّر القاضي الفرنسي وضعه رهن الاعتقال في انتظار الفصل في طلب التسليم.

وفي وقت كتابة هذه السطور، يكون قد مضى أسبوعان على تغييب مراد دهينة عن عائلته. مع الإشارة إلى أنّ مراد دهينة متزوّج من جزائرية منذ عام 1986، وهو أب لستة أطفال. وخِلافا لمزاعم كاذبة بثّتها وروّجت لها بعض الصحف الجزائرية، بهدف تشويه صورته، فإنّ مراد دهينة بعيد كل البعد عن عيش الترف، حيث يقيم مع أفراد عائلته في شقة متواضعة في بلدية ميرين في مقاطعة جنيف، أين اندمجوا في محيطهم، في وئام تام مع جيرانهم الذين يكنّون لهم كل الاحترام والتقدير على سلوكهم واستقامتهم ومشاركتهم في الحياة الجمعوية للحيّ.

رغم أن أسرته وأصدقاءه يفتقدونه ويشتاقون إليه، إلّا أنّ هذا الامتحان لم ينل منه ولم يصبه إحباط من جراء عملية اعتقاله، فهو لازال يحتفظ كدأبه برباطة الجأش والشعور بتمام الاطمئنان، ليقينه بأنّ الطغاة قد يجرؤون على أفاعيلهم، لكن الله هو المتصرّف في شؤونه، وهو بذلك يستمدّ ذخيرة الصبر على المحن من صميم إيمانه الراسخ، من الإسلام، الذي استمدّ اسمه، ليس من قوانينه أو محرّماته، ولكن من “قوة الروح الكفيلة بالتصدّي لظروف الحياة، ومن استعدادها على تحمّل كلّ ما يمكن أن توفّره الحياة، ومن الخضوع لله” [66].

لقد قال مراد دهينة نفسه ذات يوم: “إنه لشرف لي أن يدينني الطغاة، وسوف ينصفني التاريخ لا محالة، في قابل الأيام” [67].

إنّ الذين يضطهدون مراد دهينة ويقمعون الشعب الجزائري ينتمون إلى ماضٍ قد ولّى، أما مستقبل الجزائر فسيُصنع بأيادي أبنائها الأوفياء.

“مراد دهينة هو أردوغان جزائري، فهو من الدعاة والمدافعين عن إسلام متوافق مع حقوق الإنسان والديمقراطية” [68]، هذا ما قاله أستاذ العلوم السياسية البارز هواري عدّي. ولا شكّ أنه لازالت هناك فصول مشرقة من حياته، سيمنحها بكل سخاء ووفاء وعزة إلى بلده الجزائر.

ميدان التحرير، القاهرة، 25 يناير 2012

© 2012 الهوقار، كل الحقوق محفوظة

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version