تحديث الجبهة الإسلامية للإنقاذ

في عام 2001، تمّ تكليف مراد دهينة من طرف الشيخ عباسي مدني، رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بتنظيم مؤتمر الحزب. وبالفعل، فقد انعقد مؤتمر “الشهيد عبد القادر حشاني” في أوروبا في 3 و 4 أغسطس/آب 2002، وتمّ تعيين مراد دهينة مسؤولًا عن المجلس التنفيذي الوطني المؤقت. ومن الجدير بالذكر أنّ هذا المؤتمر، الذي عُقد في ظروف صعبة، خاصة في سياق مرحلة ما بعد “11 سبتمبر” المتميّزة بمناخ متوتّر جدًّا، اعتبره الكثير من المراقبين للمشهد السياسي الجزائري بمثابة خطوة هامة في حياة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فقد تكلّلت أعمال المؤتمر بصياغة النصوص الأساسية المؤسسية للحزب [49]، منها القانون الأساسي، والنظام الداخلي، والبرنامج السياسي.

وبدعوة وُجّهت له من مجموعة التضامن الايرلندي-الجزائري التي أطلقت في فبراير/شباط من عام 2002 “مبادرة دبلن لحلّ سلمي وعادل وسياسي في الجزائر” [50]، تقوم أساسا على “العقد الوطني في روما”، دافع مراد دهينة، أمام البرلمان الايرلندي، عن اقتراح طرحه لإنهاء الأزمة.

وفي عام 2003، نسّق مراد دهينة نشر كتاب “جبهة (الج.إ.إ.) الشعب: سياسة، قانون وسجون في الجزائر” [51]، وهو عبارة عن مجموعة حجج قانونية، وسياسية وإنسانية من أجل الإفراج عن زعماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وجميع سجناء الرأي في الجزائر.

في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2004، بعد مرور عام على إطلاق سراح رئيس ونائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أعلن مراد دهينة استقالته من الحزب في بيان صحفي وضّح فيه أنّ أسباب هذه الاستقالة تعود بالأساس إلى “خلل تنظيمي” داخل الحزب و”عدم الامتثال، سواء من حيث المبدأ أو من حيث الممارسة، لنصوص وقرارات الحزب، وأحيانا انعدام الرغبة في الرجوع والامتثال لقواعد النظام الداخلي في تسيير المسائل العامة للحزب، وفي اتخاذ المواقف السياسية” [52]. وهكذا غادر مراد دهينة الجبهة الإسلامية للإنقاذ عندما أدرك أنه “بعد طرح عدة محاولات قصد انطلاقة فعلية من أجل العمل المؤسسي في إطار الجبهة الإسلامية للإنقاذ، [يجب علينا] الإقرار بأنّ هذه المحاولات قد باءت بالفشل” [53].

بعد استقالته من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، واصل مراد دهينة التعبير علنًا عن مواقفه بصفته الشخصية وبكل استقلالية، كما حافظ على نظرة نقدية للعلاقات القائمة بين المدنيين والعسكريين، وأعرب عن رأيه بخصوص “ميثاق المصالحة الوطنية” الذي اعتبره نصًّا يكرّس الإفلات من العقاب [54]. وعلى الرغم من انسحابه من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فقد كلّفته مواقفه الثابتة، في 20 يونيو/حزيران 2005، حكمًا غيابيًا جديدًا بالسجن المؤبّد، على أساس “اعترافات” انتزعت من محتجزين تحت التعذيب.

كانت تلك فرصة سانحة بالنسبة لمراد دهينة استفاد منها لتعميق تفكيره، بحثًا عن السبل الكفيلة والناجعة لإحداث تغيير سياسي عميق في الجزائر، مع العلم أنه كان يحمل على الدوام قناعة راسخة بأنه لن يجبر السلطة العسكرية على إعادة السيادة إلى الشعب سوى تجمّع واسع النطاق، يتجاوز كافة أنواع الخلافات الأيديولوجية. ومن هذا المنطلق، انضمّ إلى المناقشات الدائرة بين مواطنين جزائريين ينتمون إلى مشارب مختلفة ومتنوّعة، ومن رحِم هذا التبادل في الآراء وُلدت حركة رشاد في أبريل/نيسان 2007 [55].

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version