من يطارد من؟

منذ أحداث 11 من سبتمبر وأمريكا التي أعلنت على لسان رئيسها بوش الحرب على ما تسميه بالإرهاب في كل أنحاء العالم، وقد أعلنها في الأول حربا صليبية دفعته في ما بعد إلى الإعتذار وياله من اعتذار، وإن كان إنتهى الأمر كذلك إلا أنه كشف عن الحقيقة العقدية لحرب بوش أو بالأحرى لحروب جورج بوش الإبن، الذي يستمده من الإله حسب إعتقاده وزعمه طبعا، وطالما تبجح بذلك… وقد ظهر أن أمريكا بالفعل راحت تطارد بن لادن وأتباعه من خلال إجتياحها لأفغانستان وإسقاط نظام طالبان، غير أن الأمور تطورت في ما بعد وتنقل إلى العراق في البدء بحجة أسلحة الدمار الشامل وبعدها الأمر صار أن لصدام حسين علاقة مع بن لادن، وقد أثبتت المسيرة كذب الإدارة الأمريكية، وتحولت العراق إلى ساحة للقتال بين القاعدة وأمريكا هكذا طبعا ما يبدو للرأي العام من خلال ما تبته وسائل الإعلام، وظهرت أحداث أخرى استهدفت لبنان كأحداث نهر البارد على أساس أن للقاعدة وجود هناك… زحف أمريكا وهي تقتفي أجيال القاعدة يوحي بتساؤل مهم: من يطارد من؟ !!

أمريكا قبل أن تزحف على أي منطقة تقوم بتهويلها إعلاميا وإشعال ألسنة للهب الخوف والترعيب، كما صار يحدث مع شمال إفريقيا ومع الجزائر خاصة، وكلنا نذكر البيان الذي كاد أن يعصف بالعلاقات بين البلدين عندما حذرت السفارة الأمريكية بالجزائر من عمليات تستهدف البريد المركزي… وإن كانت القاعدة أيضا حسب الكثير من المتتبعين لشأنها تريد أن تتوزع وتتباين في ساحات القتال المختلفة، وتوسعتها في عدة مناطق متباعدة مما يشتت القوة الأمريكية، ويجعل ملاحقتها يثير غضب الشعوب في كل المناطق العربية، على كل مما يمكن التنبيه إليه أن مخطط المحافظين الجدد في البيت الأبيض كان يستهدف إحتلال العراق قبل أحداث 11 من سبتمبر، وقد كشفت الكثير من التقارير الإعلامية والإعترافات لسياسيين أن الإطاحة بنظام صدام وإحتلال العراق كان مبيتا من قبل وصول بوش الإبن للحكم، ولكن بقيت مشكلة واحدة تشغل بالهم وهي المبرر الذي ينطلقون منه في إقناع الشعب الأمريكي بشرعية العمليات العسكرية، فاهتدوا للحادثة الشهيرة التي غيرت مجرى التاريخ، ألا وهي 11 من سبتمبر وتبنتها القاعدة وتباهت بها، حتى أن المحللين شككوا في أصل العملية…

على كل نحن بصدد الحديث عن "القاعدة في المغرب العربي"، وإن كان الحديث عن القاعدة الأم يعطي تفسيرات واضحة لحقيقة المؤامرة التي تستهدف العالم الإسلامي وثرواته النفطية التي تسيل اللعاب، ويجلي الكثير من الخفايا حول الحرب الجديدة التي تشهدها البشرية وستعاني من تبعاتها لقرون… إن سؤال من يطارد من؟ يبقى مطروحا ولا يمكن الإجابة عليه مباشرة لأنه يحتوي على مستقبل أمريكا في العالم ومخططاتها الإستراتيجية والأمنية… فإن كانت أمريكا تطارد القاعدة فنحن صرنا نرى تكاثر القاعدة إلى قواعد متعددة، ففي كل مرة تظهر قاعدة جديدة وفي أماكن لها ثرواتها وخيراتها، وتكشف التقارير السرية المهربة الأطماع الأمريكية فيها منذ سنوات خلت، وإن كانت القاعدة من تطارد أمريكا وكلما أدركت أو بلغها من خلال "محلليها ومستشاريها" أن أمريكا تريد أن تزحف إلى بلد ما تسبقه بإعلان تنظيم جديد يعد العدة لمواجهة الإحتلال الأمريكي القادم، لكن في كل الحالات تبقى القاعدة وأمريكا وجهان لعملة واحدة يدفع ضريبتها الشعوب والمستضعفين والأمم المغلوبة على أمرها كالدول العربية خاصة…

عبر الحلقات التي فتحنا فيها ملف "القاعدة في الجزائر" وجدنا أنفسنا أمام لغز كبير طرفاه أمريكا وما تسمى بالقاعدة، والمستفيد الكبير العملاء من جنرالات ومسئولين سامين في الدولة الجزائرية، ممن أوكلت لهم مسئولية الوصاية على المال العام وخيرات البلد، وهم ينهبونها صباح مساء، وليس غريبا عنهم أبدا فقد اشعلوا فتيل الحرب الأهلية لأجل مصالحهم وقتلوا أكثر من نصف مليون جزائري لأجل مصالحهم، حتى أن وزير الدفاع حينها خالد نزار صرح بأنه مستعد لإبادة نصف الشعب الجزائري حتى يعيش الآخرون بسلام، وطبعا القصد من الآخرين هم الجنرالات والمسئولين وأبنائهم… الحرب قد فتحت الخيرات لهم من صفقات لا يحاسبون عليها وأموال تهرب إلى الخارج بلا رقيب، فنهاية هذه الحرب تعني نهاية النزيف واللصوصية، مما يجعلهم يعملون المستحيل لأجل إستمرارها، ولا أظن يوجد أفضل من القاعدة هذه في بلادنا الجزائر…

الأيام كفيلة بالإجابة على الحقيقة التي تبقى غائبة، وان كان التواجد الأمريكي في المنطقة سيتحقق علنا شئنا أم أبينا، والتاريخ سيكشف حتما أن "السلفية الجهادية" إستغلها الأمريكان ربما لسذاجة أو ربما لعمالة هذا الذي هو في حكم المجهول، والتاريخ أيضا سيعري النظام الجزائري ويكشف خبايا تجعل العار في جبينه للأبد…

ملاحظة:

كتب المقال قبل العملية التي التي كانت تستهدف الرئيس بوتفليقة في ولاية باتنة (الشرق الجزائري) يوم الخميس 06/09/2007، وقد ذكرنا في المقال أن القاعدة ستقبل على عملية تستهدف الأجانب، وهاهي استهدفت الرئيس في هذه التفجيرات الإنتحارية، ونحن على يقين أن الجزائر مقبلة على عمليات أخرى كبيرة من خلالها يتم تبرير المشروع الأمريكي في المنطقة… نسأل الله اللطف.

أنور مالك
7 سبتمبر 2007
1 2 3 4 5

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version