ردود الأفعال والرسائل المشفرة

بغض النظر عما كتب وصرح به من قبل عن خطر القاعدة و"الإرهاب" في شمال إفريقيا، وزحف بن لادن نحوها، بل أعتبر عبدالرزاق البارا بأنه "بن لادن في الصحراء"، وطبعا سبق ذلك كله إعلان القاعدة بتبني الجماعة السلفية، فإننا نجد الكثير من المواقف والتصريحات تمهد لأشياء يبدو مخبأ ومخاطا على مقاس البيت الأبيض في الخفاء والمخابر السرية، فنجد القاضي المختص في مكافحة الإرهاب جون لويس بروغيير قد أوضح في شهر مارس 2007 أن الجماعة السلفية ستقود قوسا إرهابيا إسلاميا يضم مجموع الحركات المتشددة المغاربية، إلى جانب الجماعات المقاتلة في تونس وليبيا والمغرب… وعن أسباب إنتشار التنظيم نجد مركز سترافور في واشنطن في 05 مارس 2007 نشر تفسيرا لذلك، حيث ذهب بأن توسع القاعدة في المغرب العربي يتزامن مع النشاطات الجهادية في المنطقة وسعيا لتنسيق نشاطات الحركات المتشددة بعد الضغط الأمني عليها من طرف القوات النظامية، لكن السيد ماغنوس إنستورب مدير مركز دراسات التهديدات الإرهابية التابع للمعهد الوطني للدفاع في السويد، فيؤكد بطلان تصريحات الجهات الرسمية في المغرب العربي من إحتواء الإرهاب، وهو رد على إدعاءات رئيس الحكومة الجزائري أحمد أويحيى ووزير الداخلية نورالدين يزيد زرهوني وغيرهما ممن كان يصرح بنهاية الإرهاب أو اللفظ الشائع والمتداول "بقايا الإرهاب"…

إن اعلان القاعدة الجديدة في ما سمي بالمغرب الإسلامي أعتبر جبهة جديدة تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية، مما دفع بروس ريدل وهو الخبير السابق في شؤون الشرق الأوسط بوكالة الإستخبارات الأمريكية إلى التأكيد على أن أمريكا أمام جبهة جديدة، والقاعدة فتحت جبهة جديدة بالجزائر، ثم يؤكد: "لقد كانوا في شمال إفريقيا من قبل ولكن التطورات الأخيرة تعتبر بمثابة الإعلان"، حسب شبكة الأخبار العربية، هذا على عكس التصريحات الرسمية الجزائرية التي قللت من الشأن كعادتها بل يوجد من نفى وجود القاعدة في الجزائر، كما فعل عبدالقادر حجار مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية، الذي صرح بذلك لقناة النيل المصرية حسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية، وطبعا اتهم أمريكا بصناعة الإرهاب في العالم، وفي تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تحت عنوان: (الإرهاب الإسلامي في شمال غرب إفريقيا… شوكة في حلق أمريكا)، والمعهد المعروف عنه أنه مقرب من اللوبي الإسرائيلي المسيطر على السياسة الخارجية الأمريكية وقد تأسس عام 1985 ومن أعضائه نجد وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي أنتوني ليك ووزير الدفاع الأسبق ليس أسبن ووزير التجارة ستيوارت إزنستاد، ووزير خارجية كلينتون وارن كريستوفر، ولورانس إيغلبرغر وهو وزير خارجية سابق، وأليكساندر هيغ وجورج شولتس وزراء خارجية الرئيس ريغن، ومستشاره للأمن القومي روبرت ماكفارلان… الخ، فضلا عن السفراء مثلا جين كيركباترك وهو سفير أمريكا لدى الأمم المتحدة، وصموئيل لويس سفيرها لدى إسرائيل، أما المعهد فيديره روبرت ساتلوف وهو خبير في شؤون العلاقات العربية الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية، والتقرير أنجزته باحثة إسمها "إيميلي هنت" وهي مختصة في ملف الإرهاب في شمال إفريقيا وقد إشتغلت مستشارة في ملف الإرهاب بمؤسسة لندن لشؤون الدفاع، ومما يجب الإشارة إليه أن التقرير أعتبر الجزائر والمغرب مركزا لنشاط "الإرهابيين"، وإنتقد السلطة التي قللت من شأن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" وأعتبره خطأ جسيما، وطالب الولايات المتحدة باتخاذ "إجراءات ومشاريع" وأشار صراحة ! إلى إقام ة وبناء قواعد عسكرية أمريكية بالمنطقة، بل أكد في الصفحة 14 الشروع في بناء قاعدة عسكرية في منطقة تمنراست، وربما هو السبب المباشر الذي دفع ومن دون مقدمات ومباشرة وزير الخارجية محمد بجاوي إلى التصريح على أمواج الإذاعة يؤكد فيه رسميا رفض الجزائر للقواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها، ويبدو رحيل بجاوي في ما بعد من على رأس الخارجية له الكثير من الدلالات، ونراها نتيجة لضغوطات أمريكية على النظام الجزائري مما دفع الوزير إلى طلب إعفاءه في التشكيلة الحكومية الجديدة القديمة التي أعقبت تشريعيات 17 ماي، وزاد في تأكيد نفي وجود مشروع لإنشاء قاعدة أمريكية في الجزائر وردا على ما تداولته وسائل الإعلام قد رفض وفند ذلك بشدة رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم في ندوته الصحفية بتاريخ 28/08/07 ، بالرغم من أن قناة ABC NEWS بثت وثائقيا بالصوت والصورة لعسكريين أمريكيين برفقة ضباط جزائريين يتدربون على القتال في الصحراء الجزائرية، وهو موجود الآن في موقع حركة "رشاد" الجزائرية المعارضة على شبكة الانترنيت لمن أراد الإطلاع عليه… وتوجد أطراف أخرى أوروبية صرحت بأن القاعدة الجزائرية تهدد دول الساحل، فنجد قاضي مكافحة الإرهاب الشهير بروغيير الذي أعتبرها تهديدا مباشرا لفرنسا، التي أعلنت حالة استنفار خاصة على إثر التهديدات التي روجت لها وسائل الإعلام، فضلا عن ذكر فرنسا بالاسم من طرف الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري، وان كان الكثيرون من المتتبعين للأحداث أكدوا أن القاعدة ساهمت مساهمة في إيصال نيكولا ساركوزي إلى قصر الإليزيه، على غرار ما فعلته من قبل في إنجاح بوش الابن في عهدته الثانية من خلال الخطاب الذي بثته الجزيرة ليلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما قلل من حظوظ جون كيري الذي كان الأوفر حظا في النجاح، ونسجل هنا بأن أول رد فعل لإعلان الانضمام للقاعدة كان من طرف ساركوزي الذي كان حينها وزيرا للداخلية، وجعل تصريحات الظواهري جادة ووجب أخذها على محمل الجد، منبها الفرنسيين للخطر القادم من شمال إفريقيا…

ومما هز العالم هو إنفجارات الأربعاء 11 أفريل 2007 والتي صارت تعرف إعلاميا بالجزائر "تفجيرات الأربعاء الأسود"، أدى إلى مقتل أكثر من 33 شخصا و222 جريحا، في إحصاءات رسمية، وقد استهدف قصر الحكومة الجزائرية ومركزا للشرطة بباب الزوار ومحطة للكهرباء، حيث أن نائب مدير عمليات القيادة العسكرية المركزية الأمريكية الجنرال روبرت هولمر في لندن اعتبر التفجيرات التي هزت الجزائر والأخرى التي ضربت من قبل المغرب بيوم واحد، من أنها تصب في سياق التوسيع الذي يسعى تنظيم القاعدة لتحقيقه، ليضيف قائلا: "عدونا نشط وذكي ويتطور بإستمرار ويسعى إلى توسيع ساحة المعركة"، وقد ركز مرارا وتكرار على "توسيع ساحة المعركة"، ليعطي حلا حسب رأيه لقضية ما تسميه أمريكا بالإرهاب قائلا: "إن مواجهة الإرهاب لا تستدعي حلا عسكريا فقط بل استخدام آلات قوة عديدة أبرزها الدبلوماسية والمعلوماتية بالإضافة إلى وسائل اقتصادية واجتماعية" حسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط .

يأتي تحليل آخر يعطي صورة مغايرة للتخوف الأمريكي حيث أن جيل كارول وهي مراسلة صحيفة (كريستيان ساينس مونتور)، وقد احتجزت من قبل 3 أشهر عام 2006 في العراق، فقد أكدت أن المغرب – تقصد المغرب العربي – صار أرضا خصبة للإرهاب وتخوفت من المغاربة الموجودين في العراق وقد ينقلون مهارات تقنية وقتالية عند عودتهم… صحيفة "واشنطن بوست" التي نقلت بعض الأحداث في المغرب، أكدت على زحف القاعدة على عكس ما يدعيه بوش من القضاء عليها في معاقلها، غير أن الحروب التي شنتها أمريكا زادتها توسعا وزحفا وانتشارا، وفي عدد آخر نشرت الصحيفة نفسها وتحت عنوان (فرع القاعدة يدعي مسؤوليته عن تفجيرات الجزائر)، فقد كتب الصحفي كريغ واتيلك أن تفجيرات 11 أفريل بالجزائر و10 أفريل بالمغرب هي دليل على تنامي خطر جماعات العنف التي تزحف نحو أوروبا، وتبدو إشارة ضمنية لأوروبا حتى تنضوي تحت قبة أمريكا في حربها على ما تسميه بالإرهاب، وإن كانت بعض الدول الأوروبية أعلنت حالات استنفار كفرنسا وإيطاليا واسبانيا ووصل الحد إلى تحذير الرعايا المقيمين في الجزائر كما حدث مع فرنسا… وفي سياق آخر أعتبر السفير الأمريكي المتجول والمكلف بمكافحة الإرهاب هنري كروميتون "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"من أنها أصبحت منظمة إرهابية تقوم بالتجنيد، وكان ذلك خلال مؤتمر إقليمي بالجزائر السنة الماضية، مما يؤكد من أن شبح التجنيد والأجيال المتوالية للتنظيم تستعمل كشماعة أخرى للتوسع الأمريكي والهيمنة على منابع الثروات في العالم… ومما يجب التنويه به أن الأفغان العرب قد عدوا هم سبب الكثير من الأحداث والبلاء الذي يحل بالمنطقة العربية والإسلامية، كما أريد أن يفعل الآن بالمجاهدين العرب في البوسنة من قبل الحكومة المحلية وبالتواطؤ مع الإتحاد الأوروبي، وحسب معهد ستروافور أن أكثر من 400 متطوع من شمال إفريقيا تلقوا التدريبات والإتقان على استخدام السلاح والمتفجرات في معسكرات تنظيم القاعدة بأفغانستان وباكستان… وفي هذا الاتجاه فقد أكد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية من أن 600 جزائري في سنة 2005 شاركوا في حرب العراق وأنهم يمثلون 20 بالمئة من المتطوعين الأجانب، وهذا ما نقلته صحيفة الأحداث ! المغربية ، طبعا يدخل في سياق واحد يصب في مجرى جعل الإرهاب جزائري وبعيد عن المغرب، وتتحمل الجزائر تركة الأحداث التي ضربت المغرب، ويكفي ما رواه القيادي السابق عبد الحق العيايدة لتنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة من أن القصر الملكي طلب منه تجنيد عناصر من البوليزاريو في تنظيمه "الجيا" حسبما نقلته الخبر الجزائرية في عددها الصادر بتاريخ 22/08/2007، وظهر ذلك من خلال ما يروج له إعلاميا من أنه تم القبض أو القضاء على مجندين أو في طريقهم للتجنيد من المغرب أو ليبيا في الجزائر، وظهرت أنه تبادل للكمات على حساب أحداث تسير وفق أجندة أمريكية رفضت الجزائر تطبيقها الشامل حسبما نقلته سويس أنفو عن مصدر مطلع، وقد اعترف تنظيم القاعدة في المغرب في بيان له موقع بتاريخ 19/08/2007 بالقضاء على أجانب من طرف القوات النظامية وأكد مقتل أربعة ليبيين وهي ثاني مرة يعترف فيها بوجود الأجانب بعد بث شريط أظهر مغاربة مع نجل علي بن حاج، ومسلسل الأجانب قديم ففي تاريخ 15 نوفمبر 2002 أعلن رسميا عبر وكالة الأنباء الجزائرية مصرع يمني ومسؤول في القاعدة واسمه عماد عبدالواحد أحمد علوان وملقب بـأبي محمد، وقد قتل في 12 سبتمبر 2002 في كمين بنواحي باتنة (الشرق الجزائري) حسب البيان طبعا، وأيضا بالنسبة لعبد العزيز بن عيسى المقرن زعيم "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" الذي قاتل في الجزائر ضمن "الجيا"، وتناقلت وسائل الإعلام حين تم القضاء عليه في جوان 2004 مدى علاقته مع التنظيمات الجزائرية، وقد رافق ذلك ملفات نشرتها صحف أمنية تهتم بشأن الأفغان الجزائريين الذين يعتبرون همزة وصل بين القاعدة والمسلحين في الجزائر… مما يوحي أن المغرب أيضا أراد أن يستعمل ورقة الجماعات المسلحة المقاتلة في الجزائر من أجل تحقيق أطماعه في الصحراء الغربية، وحتى لا ننسى أن المغرب أعتقل في الآونة الأخيرة تسعة مغاربة يحاولون التسلل للجزائر من أجل التجنيد وهم يتحدرون من وجدة والناظور وفاس، وروجت وسائل الإعلام الرسمية المغربية خاصة للقضية… كما ذكرنا بعض المواقف من التفجيرات ومما يمكن تسجيله أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماكورماك وصف التفجيرات بأنها فظائع وأعمال مروعة، وقدم استعداد أمريكا للتعاون من أجل كشف أسماء المعتدين على حد لفظه… البعض من الأطراف العربية والإسلامية شككت في وجود القاعدة بالمغرب وفي علاقتها مع ا! لقاعدة ا لأم، فبعد نفي السفير الجزائري الذي ذكرناه من قبل، نجد المحامي المصري الشهير للجماعات الإسلامية منتصر الزيات قد شك في وجود أطراف أخرى تعمل باسم القاعدة الأم ومن دون أن يسميها، ويعتقد أن القاعدة الأم لم تنفذ أي عملية بعد 11 من سبتمبر، ذلك في حوار له مع صحيفة الشروق اليومي في: 26/06/07، بل نفى وجود جيل ثالث للقاعدة حسب صحيفة الأهرام المصرية وقد نقل الحديث في موقعه الشخصي على شبكة الانترنيت… أما عن أسباب التجنيد يرى ضابط سامي جزائري صرح لسويس إنفو أنه ساهمت فيه بفعالية الفضائيات من خلال التغطية لحرب العراق وفلسطين وأفغانستان بالرغم من تشديد الدولة الجزائرية على غلق المساجد والجامعات والحلقات الخارجة عن القانون (نقلا عن صحيفة المصريون: 10/08/07)، ليصب الاتهام في جهة ثانية وهي المخابرات الأجنبية فنجد اللواء فؤاد علام وهو نائب رئيس مباحث أمن الدولة المصري يتهم الموساد مباشرة بوقوفها وراء تفجيرات الجزائر والمغرب…

يبدو مما أوردناه سابقا من أن مشاريع أمريكا العسكرية في المنطقة غدت تتحرك وفق أجندة تهدف من أجل السيطرة على منابع النفط في إفريقيا، ويبدو بما يصل لدرجة اليقين أنه الهدف الرئيسي من وراء زحف القاعدة، وفي هذا السياق نجد أمين هويدي رئيس جهاز المخابرات الأسبق يؤكد من أن إنشاء (أفريكوم) يدخل في إطار إستراتيجية السيطرة على منابع النفط في إفريقيا وخاصة نيجيريا وخليج غينيا الذي اكتشفت به آبارا نفطية هائلة لم تشهدها أي منطقة في العالم من قبل، ولا يستبعد وقوف المخابرات الأمريكية وراء التفجيرات…

في مفترق الطرق…

طبعا بعد الشد والجذب الذي عرفه التنظيم داخليا على إثر تفجيرات 11 من أفريل، وخاصة لما طعن في "شرعيتها" من طرف قياديين مسلحين، نذكر الصراع بين مختار بلمختار –أمير الصحراء- ودرودكال وتسليم الأمير والقيادي مصعب أبو داوود نفسه لمصالح الأمن الجزائرية، والفتاوى المتناحرة بين "شيوخ" جهاديين في التنظيم… وزاد الطين بلة لما تجاهل الأحداث الرجل الثاني والذراع اليمن لأسامة بن لادن في خرجاته الإعلامية، وهو على غير عادة التنظيم الذي غالبا ما يشيد بالأعمال العسكرية التي يقدم عليها، مما يعطيها الدفع الإعلامي الأكثر والفاعلية السياسية والدولية، وقد ذهب الكثيرون إلى أنه دليل قاطع على عدم رضا أسامة بن لادن عن العملية التي مست المدنيين وهو ما يخالف منهج القاعدة الأم، خاصة أن التنظيم الجزائري قد أشاد بالعملية وبث أشرطة إعلامية له، وان تجاهل الضحايا المدنيين مما يعتبر تمويها أو تضليلا يستهدف من وراءه إبعاد شبهة سقوط المواطنين الأبرياء في الحادثة، على ذكر بث الأشرطة التي يقوم بها نذكر مثلا صور نجل علي بن حاج والكمين الذي إستهدف سرية أمن الطرقات في منطقة الكرمة بولاية بومرداس… إلخ، ومما يدخل في باب ترقيع ما مزق جاءت عملية أخرى إستهدفت ثكنة الأخضرية (البويرة) في 10 جويلية الفارط، أدى إلى مقتل أكثر من 8 عسكريين وإصابة ما يفوق 20 جريحا، وقد حاولت القاعدة في بيانها الذي تبنى فيه التنظيم العملية إعطاء تبريرات سياسية لها، وتم ذكر العسكري المطرود حبيب سوايدية الذي نشر كتابا مثيرا للجدل تحت عنوان "الحرب القذرة"… نحن نرى أنه لا يوجد تنسيق تنظيمي بين القاعدة الأم وتنظيم الجزائر، وإن كانت المجموعات التي أرسلت إلى العراق ساهمت في توطيد العلاقة مع تنظيم الزرقاوي، ومن بين الأسباب التي تجعل التنسيق غير ممكن هو قناعة بن لادن والظواهري وغيرهما من أن تنظيمات الجزائر كلها مخترقة من طرف المخابرات، وقد ساهم هذا الإختراق في الكثير من الأحداث منها المجازر المروعة التي عرفتها الجزائر خلال الحرب الأهلية… هذا إذا سلمنا جدلا أن أمريكا تريد رأس بن ل! ادن حقيق ة وتفتش عنه في كل مكان، وهذا ما أكده لنا أحد الأفغان الجزائريين السابقين نعود بالتفصيل لشهادته مستقبلا، أما إن كانت الأمور كلها عمليات إستعراضية يراد منها تنفيذ مشروع المحافظين الجدد بأمريكا، والذي خطط له من قبل أحداث 11 من سبتمبر، وأمريكا لا تريد رأس بن لادن الآن حتى تصنع خليفته وفي مستواه طبعا، أو تجد شماعة جديدة تعلق عليها أسباب هيمنتها وغزوها للعالم الإسلامي، وهو المستبعد حاليا لأن المشروع الأمريكي لم يتم بسطه كما خطط له، حيث تتواجد طبعا الثروات النفطية التي أسالت لعاب البيت الأبيض، ويكفي أن تمركز القوات الأمريكية في أفغانستان جاءت على طول أنبوب النفط، فضلا عما ينقل يوميا عن الحرب في العراق ومشاكل النفط فيه… ونؤكد هنا على أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أجل تجاوز عنق الزجاجة بعد النزيف الذي يعرفه من جراء الإستنكار الذي خلفته عملية قصر الحكومة، فإنه أكيد سيقبل على عملية أخرى تستهدف الأجانب ليعطي طابعا مؤكدا على عالميته وإرتباطه التنظيمي بالقاعدة الأم، لا نقول ذلك من باب أننا نملك معلومات أو أي شيء قد يصب في هذا القبيل، لكن نحكم بذلك بناء على التداعيات التي خلفتها أحداث 11 أفريل بالجزائر، سواء على مستوى الداخلي للتنظيم أو حتى على المستوى المحلي الشعبي، وخاصة أن عمليات أخرى تستهدف المدنيين قد تدفع به للجحيم، لذلك أن قد يستهدف خاصة الأمريكيين في ظل الإحتقان الذي خلفه من جراء غزوه للعراق وما يقترف في حق الشعب العراقي هناك… إذن ما يعرف بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يعيش أسوأ مراحله، ففي القضاء عليه يعني إلحاق الهزيمة بالقاعدة الأم على التراب الجزائري، وإفشال المخططات الأمريكية بالمنطقة التي تاتي على غرار مبررات محاربة ما تسميه بالإرهاب، في حالة أخرى تطرح نفسها بإلحاح لماذا لم تتبرأ القاعدة الأم من العملية التي إستهدفت المدنيين في الجزائر؟ ، هذا إن إعتبرنا تجاهل الظواهري للعملية يصب في هذا الإطار، فإن فعل ذلك فهو يجعل التنظيم الأم في موقف حرج أمام مناصريه ومريديه ومؤيديه عبر العالم، وتعتبر سابقة خطيرة في تاريخ التنظيم أو حتى الإسلاميين الجهاديين، بغض النظر عما أقدمت عليه الجماعة الإسلامية المصرية التي طرحت مراجعات لها بعد سنوات النار والسجون… هي لأول مرة يعلن فيها تبني جماعة مسلحة ويتبرأ منها إن حدث، العلاقة بين بن لادن ودرودكال تطرح الكثير من نقاط الإستفهام، فنحن على! يقين ان ه توجد علاقة عقدية بينهما في ما يخص الفكر الجهادي، لكن توجد إختلافات منهجية تطرحها المسيرة الثورية للجهاديين الجزائريين، هناك جانب آخر يمكن أن نعتبره هاما وهو أن تنظيم القاعدة الأم صار يحتضر ومحاصر في أدغال باكستان وأفغانستان، لذلك يبحث عن تنظيمات أخرى تعمل ميدانيا ولها متسعا من الحرية لأجل إعطاء الصورة المستمرة لنشاط بن لادن ضد الأمريكان وعملائهم… فإستجابة القاعدة الأم لرغبات الجماعة السلفية قد تكون بوسائط تنظيمية عن طريق المجندين الجزائريين في العراق، أو حتى من خلال وسائل الإعلام وشبكة الأنترنيت، أما العلاقة المباشرة فأنا أنفيها مطلقا لإعتبارات كثيرة أهمها الإعتبار الأمني والإستراتيجي الذي تلعب فيه أمريكا دور البطولة…

1 2 3 4 5

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version