انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي خلف الكثير من التناقضات، فبين من اختار من البريطانيين الانسحاب ووجد نفسه في حالة من الشك بعد انتهاء الاقتراع مباشرة ووجد نفسه كالمغرر به حيث ان قرار الانسحاب سبب ويسبب مشاكل مالية وادارية وتنظيمية للكثير من المؤسسات والشركات البريطانية والعالمية ايضا الموجودة داخل بريطانيا وحتى خارجها، حيث انها ستتعامل في القريب العاجل بنظام جديد تتوقف ملامحه واستراتيجياته على نتائج التفاوض بين بريطانيا واوروبا حول شروط وتسيير وطبيعة العلاقة الجديدة بين بريطانيا واوروبا.

وبين من دافع عن البقاء اوروبيا ولكنه ظن فوزه بالاقتراع مسبقا فلم يبذل الجهد اللازم لاقناع الناخب البريطاني بفائدة البقاء داخل الدائرة الاوروبية، ووجد نفسه خلال ساعات خارج هذه الدائرة ومجبر على التفاوض مع اوروبا حول علاقة جديدة تضمن المصالح.

هذا الانسحاب البريطاني الذي يظهر كانه مفاجئة او لنقل صدفة وصدمة للطرفين سواءا بريطانيا او اوروبا، جعلنا نتساءل عن جدوى كلمة هي اساس بقاء اي دولة في العالم والحفاظ على وجودها وهي كلمة الاستراتيجية والخطط المستقبلية وبرامج الخمس سنوات او العشر سنوات او الخمسين سنة قادمة.

نحن نرفض ان نقبل ببساطة ان هذا الانسحاب هو مجرد صدفة او مفاجئة فنحن نرفض ان يضحكوا على عقولنا، ويحاولوا اقناعنا بان بريطانيا الارض التي لا تغيب عنها الشمس سابقا لا تملك قارئي فنجان استطاعوا التخطيط لهذا الانسحاب عن اوروبا.

ونرفض ان نصدق ان رجال المانيا الذين حاول اباؤهم احتلال العالم وهم اساس اغلب الافكار العلمية والنظريات العبقرية كنظريات اينشتاين لم يتوقعوا هذا الانسحاب ولم يجهزوا انفسهم له ولم يستقرؤوه مسبقا ولو بسنوات.

ونرفض ان نؤمن ان فلاسفة فرنسا ومفكريها كان لهم هذا الانسحاب مفاجئة.

ضف الى ذلك مخططي الولايات المتحدة الامريكية ونحن نعلم قدرتهم وعلاقاتهم باوروبا،فهل لم يقدروا على استقراء تغير فكر الشارع البريطاني؟

كل هذا يجعلنا نتاكد ان الانسحاب البريطاني هو انسحاب محسوب جيدا ومن جميع الاطراف، وان التفاوض عليه حدث مسبقا وبسنوات بين اصحاب القرار الفعلي والحكام الحقيقيين لهذا العالم.

هذه الدول تتحرك دائما حسب مصالحها وهي في اغلب الحالات مصالح اقتصادية، ومع هشاشة الاقتصاد العالمي في السنوات الاخيرة قد نجد دول تنتهج خيار الانفتاح على العالم كالمانيا باعتبار ايمانها بالقدرة على المنافسة في اي ارض، اما دول اخرى كبريطانيا واحتمال بعدها فرنسا فتحاول العودة الى صورة من صور امجادها الماضية والدفاع عن نفسها فقط دون الخوض في مشاكل الجيران سواء الجار القريب او البعيد.

في الاخير ومهما كانت خلفيات هذا النسحاب ومهما كانت نتائجه سلبية او ايجابية على بريطانيا او اوروبا فالمهم هو تاثيره علينا نحن كدول عربية تربطها علاقات باغلب الدول الاوروبية وبريطانيا كذلك، والمهم ايضا هو هل لدينا رجال استقرؤوا هذا الانسحاب او على الاقل تابعوا الاحداث جيدا ليضعوا لنا خطط وبرامج وحلول لتسيير هذا الوضع الجديد؟

أدين الزين
29 جوان 2016

تعليق واحد

  1. بشير بتاريخ

    يالها من مفاجأة
    مفاجآت الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي
    الانسحاب هذا ، لم يكن صدفة بكل تأكيد ، كما هو ليس مفاجئا لمنتجي السياسات في عالمنا منذ العصر الحديث على أقل تقدير ، يشترك في ذلك الرأس في بريطانيا والفرع في الولايات المتحدة الأمريكية ، وإن كان الأصل والفرع صارا هيكلا واحدا من حيث بناء السياسات وتخطيط المهمات ، بينما مثل هذا الانسحاب يعتبر فعلا مفاجئا للدول الأوربية الأخرى ، فبخصوص ألمانيا مثلا ، لم تطمئن في يوم من الأيام لحلفائها بعد توحيد الألمانيتين ، ولعل ذلك يرتبط ببراغماتيتها المتميزة التي تميز انفتاحها المحسوب ، أما فرنسا فهي بالنسبة للبيت الأوروبي وخصوصا في نظر الألمان والأمريكان ، هي بمثابة التلميذ الذي ثبت لهم فشله في مثل هذا الامتحان ، ولذلك لا تستغربوا من أي هزة ارتدادية بعد الزلزال بدعوى تشبه في نبرتها توجه اليمين الفرنسي المتطرف . أما الدول الأوربية الأخرى فلها ما لها وعليها ما عليها . أما بخصوص هشاشة الاقتصاد العالمي فهو الباب الذي يدخلون منه إلى كل بيت ، وما سياسة البترو دولار سوى واحدة من السياسات التي أبدعت فيها الفلسفة البريطانية الأمريكية في بناء رأسمالياتها على حساب الآخرين .
    أما موقفنا في عالمنا المتخلف المثقل بأوحاله ، ومنه عالمنا الإسلامي المثقل بمأساته ، ومنه عالمنا العربي الغارق في أحلامه ، نحن رقم مهمل في استثمار مثل هذه المحطات ، إلا ما يمكن من جهة تركيا التي عانت من مواقف بعض الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا بخصوص إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في وقت سابق ، لعل هذا يمكن الاستثمار فيه من قبل العقل التركي من باب ” وكفى الله المؤمنين شر القتال ” ، ومن باب ” ولا ينبئك مثل خبير ” ، وعلى أساس : ” وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا .” الآية من سورة
    لعل انكفاء تركيا على نفسها واجتهادها في دائرة الإصلاح والإحسان ، وصبرها على جراح الإخوة السوريين ، من العلامات الدالة على سلامة الطريق رغم مشقته ، مثل ذلك يشهد لها بإمكانية البناء والارتقاء والنجاة بإذن الله تعالى .
    تقبل الله صيامكم وقيامكم وحضوركم مع إخوانكم المستضعفين بقلوبكم على أقل تقدير.

Exit mobile version