رسالة مفتوحة إلى الطبقة السياسية في الجزائر

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الطبقة السياسية في الجزائر،

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و بعد

قال الشيخ عبد الحميد بن باديس، رائد الحركة الإصلاحية، في رسالته: “أصول الولاية في الإسلام”، “الشهاب”، يناير 1938:

“لا تُحكم الأمة إلا بالقانون الذي رضته لنفسها وعرفت فيه فائدتها، وما الولاة إلا منفذون لإرادتها، فهي تطيع القانون لأنه قانونها لا لأن سلطة أخرى لفرد أو لجماعة فرضته عليها كائنا من كان ذلك الفرد وكائنة من كانت تلك الجماعة، فتشعر بأنها حرة في تصرفاتها و تسير نفسها بنفسها وأنها ليست ملكا لغيرها من الناس… ـ ويشعر هذا الشعور كل فرد من أفرادها ـ إذ هذه الحرية والسيادة حق طبيعي وشرعي لها و لكل فرد من أفرادها.”

 

إنّ السلطة الفعلية لبلدنا الغالي الجزائر مقبلة على تنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 مايو. وبهذه المناسبة تعلن حركة الحرية و العدالة الاجتماعية ما يلي:

ـ حتى يتم إجراء انتخابات ديمقراطية تفضي إلى تحقيق التداول الحقيقي على السلطة وضمان حق تنفيذ برامج بديلة صالحة و ضمان المراقبة و المحاسبة الدائمة بكل شفافية؛
ـ وحتى تعمل الانتخابات على إيصال من هو الأصلح والأكثر تجسيداً لإرادة الناخبين إلى السلطة؛
ـ وحتى تضمن لهذه السلطة الشرعية التي تمكنها من الحصول على تأييد المواطنين لقراراتها والحصول على ثقتهم التي تحتاج إليها لتطبيق هذه القرارات بطواعية من قبل أفراد المجتمع، أي لضمان احترام القانون.

حتى يتم تحقق ذلك كله، ينبغي على النزهاء من الطبقة السياسية العمل الجاد من أجل إيجاد إرادة سياسية وطنية لإجراء إصلاحات سياسية تُمكّن جميع أبناء وبنات الشعب بكل حرية وفي ظروف متكافئة ومتساوية من تقديم ترشيحاتهم والتعبير عن برامجهم وتوجهاتهم، وتُمكّن جميع الناخبين من معرفة برامج المرشحين والتصويت بحرية لمن يرون فيهم الكفاءة وروح المسؤولية والقدرة على خدمة مصالح البلد والشعب.

ولكي يتم تجسيد على أرض الواقع عملية انتخابية ديمقراطية، فإننا في حركة الحرية و العدالة الاجتماعية نرى ضرورة العمل الجاد من أجل ضمان ما يلي:

1 ـ حق المواطنين في الاجتماع وتأسيس جمعيات وأحزاب سياسية بكل حرية ودون أيّ قيد أو شرط؛
2 ـ حرية التعبير لجميع المواطنين دون أيّ تمييز أو إقصاء؛
3 ـ حق المنافسة السياسية بكل حرية؛
4 ـ حرية الإعلام: ضمان حق الجميع بالتواصل مع الشعب دون أيّ قيد أو شرط: أي حق الجميع في استخدام وسائل الإعلام العام بالتساوي وإنشاء وسائل إعلامية حرة؛
5 ـ التعهد على أن تكون جميع مؤسسات الدولة وعلى جميع المستويات فعلا تحت سيادة المنتخبين الممثلين لإرادة الشعب: و منه التعهد للعمل على إعادة صلاحيات المجلس الشعبي الوطني أو البرلمان وصلاحيات البرلمانيين المنتخبين: حتى تكون السياسات المسطرة تخضع لنتائج الانتخابات محترمة خيار الشعب؛
6 ـ توفير الصلاحيات الضرورية للحكومة الجديدة وباقي المؤسسات المنتخبة لضمان هذه الحقوق؛
7 ـ تنظيم في المستقبل انتخابات حرة وشفافة في إطار تعددية حقيقية.

كما أننا في حركة الحرية والعدالة الاجتماعية ندعو كل مخلص له “يد” داخل السلطة الفعلية المساهمة الحقيقية والفعلية من أجل إيجاد إرادة سياسية لتحقيق ذلك وتحويل اللعبة الانتخابية إلى انتخابات ديمقراطية حقيقية تعبّر عن اختيار الشعب و تفضي إلى مؤسسات للدولة منتخبة تخدم المصالح الإستراتيجية لشعبنا و بلدنا.

إنّ الحركة تشدد على أنّ الانتخابات التي تهدف إلى تثبيت اختيار السلطة الحاكمة بدل أن تتيح للشعب انتقاء ممثليه، لا تكرس الفساد فحسب وتجعل من الفساد والمحسوبية و الرشوة والاسترزاق بالمال العام أساس الحياة السياسية نفسها، بل تحرم كذلك المجتمع من الأمل بأيّ تغيير أو إصلاح.

إنّ الحركة ترى أنّ نظاما ما لا يكون ديمقراطيا حقيقيا إلا إذا أدت العملية الانتخابية إلى حكومات ذات سياسات تعبر عن إرادة أغلبية الناخبين. كما ترى الحركة أنّ دولة ما لا تكون دولة قانون، إلا إذا تمكنت السلطة التنفيذية المنتخبة من تطبيق السياسات التي انتُخبت لأجلها: فليس هنالك في دولة القانون ولا في إطار النظام الديمقراطي ما يُسمى بـ”التوازنات الوطنية” التي ينبغي مراعاتها: فكما قال الشيخ بن باديس في رسالته “أصول الولاية في الإسلام”: “حق الأمة في مناقشة أولي الأمر ومحاسبتهم على أعمالهم وحملهم على ما تراه هي لا ما يرونه هم، فالكلمة الأخيرة لها لا لهم…”

أنور نصر الدين هدام
نائب منتخب لدى البرلمان الجزائري (ديسمبر 1991)
عن حركة الحرية و العدالة الاجتماعية
واشنطن يوم الخميس 22 ريع الثاني 1428/ 10 مايو 2007

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version