بسم الله الرحمن الرحيم. تعيش ولاية غرداية بالجزائر أوضاع مؤلمة وخطيرة. إن حركة الحرية والعدالة الاجتماعية تندد مرة أخرى بما يجري من حين لآخر، بالخصوص خلال السنتين الماضيتين، في هذه المنطقة المحافظة من سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتخريب للممتلكات العمومية والخاصة، كما تتقدم الحركة بالتعازي الخالصة لأهالي الضحايا وتسال الله أن يتغمّدهم برحمته الواسعة.
    
وتعتبر الحركة أن تلك الأحداث بمنطقة واد مزاب العريقة التي ذهب ضحيتها العشرات من المواطنين العزل في العشر الأواخر من رمضان ليس لها أي مبرر عرقي او مذهبي، بل هي أعمال إجرامية يجب إيقافها فورا، كما يجب رفع أي غطاء، من أي مؤسسة دينية كانت أو سياسية، عن المتسببين فيها ومرتكبيها وإحالتهم على القضاء في شفافية تامة، وتعويض جميع المتضررين، والتكفل الجدي بمشاكل أهل المنطقة والاستجابة لمطالبهم المشروعة.

تحذر حركة الحرية والعدالة الاجتماعية من الاكتفاء بالمعالجة الأمنية لملف ولاية غرداية، فالمشكل سياسي يحتاج الى حل سياسي مقرونا بحلول ثقافية اجتماعية اقتصادية متكاملة، كما تنبه الى خطورة اقحام الجيش الوطني الشعبي مرة أخرى في أزمات ليست من اختصاصه.  وتدعو الحركة العقلاء في النظام تدارك الوضع ونهج مقاربة جديدة ونمط فكري مغاير للذي تسبب في إنشاء هذه الوضعية، وتفادي هكذا الاتجاه نحو نقطة اللا عودة التي ستكلف بلدنا وشعبنا الكثير والمزيد من المصائب.

تحمل حركة الحرية والعدالة الاجتماعية السلطة التنفيذية ــــ رئيس الجمهورية والحكومة ــــ مسؤولية أمن وسلامة جميع المواطنين دون أي تمييز، ومسؤولية حل مشاكلهم. لقد اكتفت هذه السلطة الفاشلة والفاقدة للشرعية الدستورية والشعبية بإصدار طيلة السنتين الماضيتين رسائل وبيانات ووعود لم ترقى لحل مشاكل أهلنا بولاية غرداية. وبدلا من الاستجابة الى مطالب المواطنين المشروعة، تركت هذه السلطة الفاشلة فئة قليلة من الشباب المتهور والمدفوع إلى خلط الأوراق وضرب استقرار منطقة جد حساسة بالنسبة لبلدنا، وامنه القومي، من وراء ستار صراع مذهبي عرقي مفتعل. نفس السلطة التي لا تتهاون في قمع أي مظاهرة سلمية مهما كانت مطالبها، تترك الأمور تتعقد لدرجة يصبح فيها التفريق بين الأفعال وردود الأفعال صعباً حتى على سكان المنطقة نفسها.

امام فشل السلطة التنفيذية الحفاظ على أمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم، وفي غياب الارادة لدى النظام ككل لحل دائم للأزمة دون الاكتفاء بالحلول الظرفية، تدعو الحركة أهل ولاية غرداية في تنوعهم الرجوع الى علماء وأعيان الولاية لتأسيس “مجلس فض النزاعات” يمثل أهالي واد مزاب في تنوعهم دون اقصاء، للحوار وتحديد طبيعة المشاكل التي تواجه المواطنين في المنطقة وتقديم الحلول الدائمة. كما تدعو الحركة المعارضة الجادة لدعم أهالي المنطقة لإنجاح عمل هذا المجلس الجامع.

إن أحداث غرداية الأليمة كشفت بكل وضوح عن فشل السلطة التنفيذية ـــ رئيس الجمهورية والحكومة ـــ في التعامل مع الوضع الأمني والاجتماعي المتردّي في معظم دول الجوار والساحل، وحتى مع المشاكل في داخل بلدنا، وفي تحقيق التحول الاقتصادي المطلوب أمام استمرار انخفاض سعر البترول. وهكذا أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على بلدنا ووحدة شعبنا وترابنا الوطني بل وامننا القومي. الامر الذي يجعل الجزائر مضغة سهلة للتدخل الأجنبي بذريعة حماية الأقليات أو حماية مصالحه واستثماراته في صحرائنا، والمطالب الغربية بعد هجمة تيقنتورين ليست ببعيدة لمن يَعتبر.

وعليه، تؤكد حركة الحرية والعدالة الاجتماعية مرة أخرى أنّ المصلحة العليا لوطننا تتطلّب من جميع الجزائريين والجزائريات سلطة ومعارضة، عسكريين ومدنيين، تحمّل مسؤولياتهم، وتجاوز الخلافات الأيديولوجية والسياسية، والتنسيق معًا لتوفير الظروف المطلوبة لإحداث تغيير شامل حقيقي نحو نظام سياسي أفضل يستجيب لطموحات الشعب ويعبّر عن تنوّعه، ويجعل حدًّا للانهيار الاجتماعي، ويُوقف استنزاف المقدّرات البشرية والمادية لبلادنا، ويُحارب كل الآفات التي ظلت تُعرقل تنميته الوطنية الشاملة. التغيير توافقي السلمي المحكم يتمّ بصفة تدريجية ومسؤولة يجعل الدولة أداة في يد الشعب بكل فئاته للحفاظ على مصالحه الاستراتيجية ومستلزمات التمكين من مصادر الطاقة الحيوية والزراعة، وتوفير الأمن والسلم والاستقرار للجزائر ولدول الجوار.

عن حركة الحرية والعدالة الاجتماعية  
أنور نصر الدين هدام
نائب منتخب لدى البرلمان الجزائري (قائمة ج. إ. إ.، 26 ديسمبر 1991)
الجزائر 25 رمضان 1436 / 12 جوليا 2015

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version