المغالطة الأولى:

المتحدثون عن الدستور والمطالبون بتفعيل مواده، خصوصا تلك المتصلة بسلطة الشعب وسيادته، مَنْ هو في صف الشعب اليوم، ومن هو ضده؟ كل المتحدثين عن الدستور هم ضد إرادة الشعب، لأن العناصر المخوّلة لتطبيق المواد الدستورية خلال المرحلة الانتقالية من أجل اختيار رئيس للبلاد، هي عناصر مرفوضة من طرف الشعب، وهذه العناصر المرفوضة شعبيا هي من تتمسك اليوم بالحل الدستوري، و تريد استرجاع أنفاسها من أجل تمديد عمر الاستبداد وتوسيع دائرة الفساد، و حتى بعض السياسيين الذين يزايدون على الجميع بدعوى فقههم الدستوري، وخطأ الآخرين في قراءتهم للمادة 102 والمواد 07 و08، هم أول من يقف في وجه الإرادة الشعبية ويساهم في تمديد عمر العصابة المتسلطة التي رافقوها طويلا من بعد الانقلاب على إرادة الشعب ذات يوم من سنوات التسعينات. و على هذا فإن كل من يتحدث اليوم باسم الدستور هو جزء لا يتجزأ من محيط العصابة بسبب جهله أو بسبب ما أصابه من عدوى الاستبداد والفساد، ومثل هذه الكائنات، لا يمكن أن تتغير لأنها شبت وشابت على مثل الذي تبيت وتصبح عليه من دون حياء، تأكل مع الذئب و تبكي مع الراعي .

المغالطة الثانية

طريقة التعاطي مع ملفات الفساد قضائيا: 

من عيّن هؤلاء القضاة، ومن أمرهم بتحريك هذا الملف أو ذاك؟ وما هي النتائج المرجوة من خلال الأحكام المرتقبة والإجراءات المتخذة؟ القضاة هم من الفئة التي نالت رضا السلطة وخدمتها طويلا، أما بخصوص من أمرهم بتحريك بعض الملفات فهي السلطة ذاتها التي أمرت رئيس المجلس الدستوري بلعيز بالتحرك، وهي التي أمرته بالاستقالة، وهي التي تأمر اليوم عبد القادر بن صالح، وتحرك بدوي وزبانيته، و على هذا الأساس يمكن الجزم بأن كل ما يجري هو ضمن مسرحية العصابة، و إلا كيف نفسر بقاء السعيد بوتفليقة بعيدا عن كل مساءلة؟ الغرض من هذا التلاعب هو الإسراع في غلق ملفات الفساد والبت فيها من طرف قضاة تأتمنهم العصابة، إذ يمكن إصدار بعض الأحكام الشكلية بغرض التضليل والتمويه، كأن تسترجع بعض الأموال وبعض الأراضي وبعض المقرات والحكم ببعض الغرامات، كل ذلك من أجل المغالطة والتشويش على مطالب الشعب المستحقة. و بهذا الخصوص بالذات لا يمكن التعويل على قيادة الأركان للذهاب أبعد مما هو قائم الآن، لأنها شريك، وهي مَنْ يدعي التمسك بالدستور أكثر من غيرها .

على من يكون الرهان: الرهان على أحرار هذا الوطن، أما العبيد، سواء عبيد الحقل أم عبيد المنزل، فلن يتغيروا إلا قليلا، يستبدلون ثياب بثياب، وحقل بحقل، ومنزل بمنزل، ليس أكثر من ذلك، والنخبة المؤهلة اليوم ضمن دائرة الأحرار هي ضمن منزلة المقاومين على خط الحكم الراشد، في الداخل، وفي الخارج، الذين يحملون هموم الجزائريين داخل قلوبهم و عقولهم، و أخص بالذكر حركة رشاد التي بات يعرف مسارها كل الأحرار، وحتى بعض المناوئين، وأراها مؤهلة اليوم لمرافقة الشعب في حراكه المرشح لقطع دابر الفساد والمفسدين، وزلزلة عروش الظلم والظالمين، خصوصا أنها برهنت كثيرا منذ تأسيسها من بعد ميلاد عسير، على توجهها ومنهجها السلمي الفريد ووعيها الراقي البديل، وقد استمد الشعب بكل فئاته ومرجعياته من أدبياتها الشيء الكثير الذي ترجم لحمة الحراك و سلميته وقوته، وبات نموذجا يطرح السؤال تلو السؤال على موائد كثير من مراكز البحث والدراسة هذه الأيام. الرهان يكمن كذلك في صبر الجزائريين و حبهم لكل ما هو جزائري، فهم، والحمد لله باتوا يشبهون البحر الأبيض المتوسط في زخمه وعنفوانه وتلك الأسرار التي يحتفظ بها لنفسه، فسبحان الخالق المبدع الجبار .

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version