نبدأ بكلام خير خلق الله: أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في يَمَنِنَا).
أخرج البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أتاكم أهلُ اليمنِ، هم أرقُّ أفئدةً وألينُ قلوبًا، الإيمانُ يَمانٌ والحكمةُ يمانيةٌ) .
لن أنقل إليكم شرحا ولا تفسيرا تيمنا بأهل اليمن الذين كانوا على خلاف بني إسرائيل تجاه الرسالات السماوية، لم يكونوا معاندين لأنبياء الله ورسله، لعلمكم لا ينسحب هذا على كل العرب!
لذا دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لليمن وأهلها كما دعا للشام وأهلها بالبركة، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا”، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَفِي نَجْدِنَا؟)، قَالَ: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا”، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَفِي نَجْدِنَا؟) .
قبل الإسلام، لم يكونوا وثنيين، بل كانوا أهل كتاب، بمعنى كانوا أهل دين وإيمان، فلما جاء الإسلام اعتنقوه أفواجا، فسجلوا بذلك أروع موقف إنساني على الإطلاق.

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْفُلَ خَالِدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ؛ إِلَّا رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَ خَالِدٍ أَحَبَّ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَلْيُعَقِّبْ مَعَهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ مِمَّنْ عَقَّبَ مَعَهُ، – أي تأخر مع علي – فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ خَرَجُوا إِلَيْنَا، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَفَّنَا صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ جَمِيعًا، فَكَتَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا، – وهذه سجدة الشكر – ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: “السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ، السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ”، – ويقصد بهم أهل اليمن – السنن الكبرى للبيهقي (2/ 517) ح (3932) وقال: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ صَدْرَ هَذَا الْحَدِيثِ،… وَسُجُودُ الشُّكْرِ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ، صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِ. إرواء الغليل (2/ 229) البيهقي (2/369).
ولكم أن تتصوّروا معاملة دول الخليج، وهي دول جوار، وفي مقدمتها السعودية، كل ذلك الحصار والقصف بمساعدة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية لسنوات، تصوّروا الذي حدث، كان مع شعب عربي ٱخر غير اليمنيين ؟! أنتم وحدكم من يجب أن يجيب، كل حسب ضميره.
*موقف اليمن من انقلاب مصر :
لا وجود لمثل هذا الموقف في حدود ما أطلقت عليه أنظمة الخليج، الحكومة الشرعية!
الموقف هو موقف صنعاء، هناك حكومة أو سلطة أو نظام! حاول الخليجيون، ومعهم الغرب بقيادة أمريكا، تشويه المشهد، فركزوا على تسويق فكرة ” الجماعة المسلحة، أو التنظيم المسلح” مثلما فعلوا مع تنظيم ” القاعدة”، ولم ينفعهم في ذلك تقديم المشهد تحت اسم ” الحوثيين” أو جماعة الحوثي!
نعود للموقف مما حدث في مصر، هل وقف اليمنيون في صنعاء مما حدث في مصر انطلاقا من موقع حزبي أو مذهبي أو تنظيمي ؟!
ما دام السيسي قد انقلب على رئيس المصريين المنتخب، محمد مرسي رحمه الله، وبرلمان المصريين المنتخب كذلك، كان يمكن لموقف صنعاء أن يكون مؤيدا للسيسي، في حدود ما هو مصلحة مذهبية أو حزبية أو تنظيمية، مثلما عودتنا أحزاب وتنظيمات في أكثر من بلد عربي! اسألوا صنعاء عن السيسي وما صنعه بالمصريين ويصنعه اليوم بملايين الفلسطينيين في رفح!

*موقف اليمن من غزة :
مَن يتابع أخبار قناة العربية وقناة الحدث، هذه من تلك، يقف على الموقف العربي الرسمي، ليس غريبا أن يأتي أغرب من موقف الإسرائيليين أنفسهم، وهو وجوب القضاء على حماس، لا يجب ترك الحكم في غزة لحماس، وكثيرا ما ركزوا على تقديم حركة حماس بالحركة الإخوانية، نعتوها بالإرهاب وحملوها مسؤولية دماء غزة وما تقوم به إسرائيل من إبادة في حق الأبرياء!
الحمد لله، موقف صنعاء جاء ناصعا ومتفردا، ومثله موقف لبنان المقاوم، لا تنسوا أن لبنان تنتسب إلى الشام، يا عرب!
استجابوا لنداء الدين:” هو سماكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس …” لٱية 78 من سورة الحج .
ولمقتضيات الإيمان:” يا ايها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم.’ الٱية 7 من سورة محمد .

*الخلاصة:
طوفان السلمية لا يحابي أحدا، بناء على انتمائه الحزبي أو العرقي أو المذهبي، يأبى الكيانات الطفيلية التي قتلت فينا كل القيم، يريد منا أن نجتمع على موقف مثلما وقف أهل اليمن، يخاطب فينا إيماننا وسلميتنا وقيمنا الإنسانية.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version