أولى خطوات المستقبل تأتي من الماضي ومن دراسة وتحليل التاريخ، ومن بين موروثاتنا نحن كعرب قصص ألف ليلة وليلة، وخلال القراءات المتتالية لنا لها لم ندرك يومًا ما تحتويه مثل هذه المرة.

فكل القراءات السابقة كانت لا تتعدى التمتع بما بها من مغامرات والتسلي بالحكايات ورحلات الأبطال والمغامرين والملوك والأمراء.

أما قراءتنا الأخيرة لها فحملت لنا الكثير من الأسرار وسارت بنا في طريق جديد، وهذا الطريق هو تحميل ألف ليلة وليلة أو بعض الأجزاء منها والأفكار التي تحتويها مسؤولية التخلف والخنوع العربي، ومسؤولية بعض العادات والأعراف العربية البالية.

ومن بين ما أدركناه النقاط الآتية:

– عدم وجود حكاية واحدة تحبّب العمل وبذل الجهد اللازم في حرفة من الحرف أو مهنة من المهن أو حتى تؤكد أهمية اتقانه أو الانضباط فيه، فكل الحكايات تقول أن أساس الثروة هو الميراث أو السرقة أو الحصول على كنز أو خروج جني يحقق الأحلام و الأماني.

– لا مكانة محترمة للمرأة فهي إما جارية أو مغنية أو معشوقة لجسدها لا غير أو حتى في بعض الحكايات شرّ مدمّر للحياة.

– أساس الحكم ليس اختيار الأفضل والأحسن وإنما هو التوريث، فالملك ابن ملك. حتى أن بعض الحكايات جعلت عامّة الشعب تدعو وتتضرع لله أن يهب الملك ولدًا يورّث الحكم بدلًا من البحث عن الرجل الأكفأ.

– أساس اختيار الزوجة هو الجسد وأساس اختيار الزوج هو المال، فكل قصص العشق هي لأمير جميل، وجهه بدر وأمواله ألف ألف دينار وذهب وفضة وجواهر وأحجار، أما المعشوقة فهي بكر من الأبكار، ونور من الأنوار، وقمر في اكتمال، تدفع لأجلها قصور وأموال، ويموت في سبيل جسدها الرجال.

نحن هنا نؤكد وأخذنا ألف ليلة وليلة كمثال فقط بأن الأفكار والأعراف تورث.

لذلك نطالب بأن نورث الخير والخير لا يكون بتوريث الأشياء البالية بل توريث مكارم الأخلاق.

ومن بين الطرق التي تقودنا في حياتنا الأدب بكل أشكاله من روايات وقصص وحكايات وغيرها، لذلك علينا أن نختار ما نقرأه وما نقدمه لأبنائنا ليقرؤوه، رغم أنه في زماننا هذا لم تعد ألف ليلة وليلة سوى أفلام أو مسلسلات عن الأمراء والعبيد والجواري.

أدين الزين
22 فبراير 2016

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version