هل نقول إن فتنة “السيسي” امتدت لفلسطين أم نقول أن وباء “التسي تسي” انتشرت عدواه في الجارة فلسطين؟؟  ففلسطين الشقيقة الصغرى لمصر تسعد كلاهما بسعادة الأخرى كما سعدتا ببلوغ مرسي منصب الرئاسة على اثر سقوط صنم الخيانة “حسني باراك”، و تشقى كلاهما بشقاء الأخرى كما شقتا منذ خيانة “كامب ديفيد” إلى ثورة 25 جانفي، كما تشقيان الآن  بعد الانقلاب على الشريعة و الشرعية. بل أكثر من هذا و بخلاف ما يعتقد الكثيرون فليس الشعبين هنا و هناك هم من يريدون الارتباط المصري الفلسطيني وحدهما، فالصهاينة و حلفاؤهم الصليبيون هم أحرص على هذا الارتباط، فعن طريق عاملهم و عمالهم العملاء “بالمقهورة” يمكن الإمساك بزمام الأمور في أرض الأنبياء.

كما أن هناك حقيقة ثابتة يجهلها الكثيرون هي أن الشعب الحر الوحيد البعيد عن الهيمنة “الصهيوصليبية” و الذي يُتوقع منه الرد على الصهاينة متى أجرموا في حقه هو الشعب الفلسطيني، فبقية الشعوب العربية كلها ترزح تحت نير حكام عملاء يسومونها سوء العذاب. لذلك فإن ما يسمى بالسلطة الفلسطينية لم يكن مكرمة “صهيوصليبية” لأبي عمار بل كان محفر قمع حققت بها تل أبيب مغانم لا تعد و لا تحصى ليست أعظمها وضع مخلب قط لها في قلب الأراضي الفلسطينية في الضفة و القطاع بتوكيل رجلها “عباس” بقمع الشعب و حماية الصهاينة من الشعب الفلسطيني، فألحقت هذه السلطة أو الدويلة أو “الكانتون” بثلاثية الاعتلال العربي (الرياض، عمان، القاهرة). و لأن إمكانات و قوة هذا المسخ السياسي دون قوة و إمكانات نظرائه في الدول العربية المعتلة المحتلة، فشلت “الصهيوصليبية” في مبادرة الاستسلام السعودي الشامل و الحصار “الباراكي” الخانق من قبل في ترجيح كفة عباس على خصومه في غزة، و لم يكن “دحلان” و الدحلانيون في مستوى قوة “التسي تسي” و إن كان أقوى منه فسادا. و في هذه الأيام النحسات أتيحت فرصة من ذهب “لتل أبيب” للإيعاز لعاملها على الضفة الغربية لينتقل إلى الطور المتقدم في مهامه ممثلا في بداية التحرك لنقل القتل و الخراب من مصر إلى قطاع غزة بهدف القضاء على حكومة “حماس” و إطفاء جذوة المقاومة بعد فشل خدعة “السلام خيار استراتيجي” لأنها  كانت عملية استسلام ليست أكثر من “خيال استراتيجي”، كبل وابل الفضائح المنهال على ذمم عرابيها من أزلام سلطة رام الله سواعدهم، وهم الذين اثبتوا حرصهم على إبقاء فتنة الانقسام الفلسطيني ليأكلوا “خبزا” من ورائه فأجهضوا أي تقارب بمعاقرة “حبوب منع الحل”.

اليوم الخطر الحقيقي يتهدد غزة و الفصائل الفلسطينية المقاومة، و الخوف عليهم أكثر من الخوف على إخوانهم المصريين، و قد بات عباس يتأهب لـ”فتح” غزة و دخولها على ظهر دبابات “التسي تسي”. فهذا الرجل أصبح كنزا و ذخرا و سيفا و درعا “للصهيوصليبية” بعدما أثبت في غضون أيام قلائل تفوقه على أستاذه “حسني باراك” آداء و نتيجة، فقد قتل جنده من المصريين في أيام  ما لم يقتلوه من الصهاينة في حرب أكتوبر التي كانت آخر عهد لهم بقتال الأعداء. و ربما تكون تل أبيب و واشنطن و السفاح بوش على وجه التحديد يعضون أصابع الندم لغفلتهم عن هذا الخادم الوفي البارع كل هذا الوقت.

مبارك فسد، لكنه لم يقتل و يقصف المصريين بالطائرات و لم يحرق المساجد و بداخلها جثامين الشهداء، في وقت كان فيه “فقط” يمنع الوقود و الكهرباء عن سكان غزة و يتركهم يموتون في الحصار بلا ماء و لا دواء و لا غذاء، ثم جاء مرسي فتبنى قضية غزة و عموم فلسطين و أعادها إلى مكانة أهميتها و تعهد بإحقاق الحق في ذلك العام المبارك الذي أعاد فيه للمصري حريته و كرامته. و اليوم جاءت دبابات “التسي تسي” لتجوس خلال جوامع و ميادين مصر تخرب العمران و تحرق الشهداء، فماذا نتوقع منه إذا وجه جنده البواسل و يمم شطر غزة؟

عبد الله الرافعي
19 أوت 2013

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version