تحلم شعوب العرب قاطبة بدنيا الصناديق، آمالها صناديق وآلامها صناديق، صناديق انتخاب تحترم، لأن في احترامها احترام إدارة الشعب، وفي الانقلاب عليها انقلاب على الشعب. و في مصادرة نتائجها أو تزويرها مصادرة لحق الشعب في سيادته على بلده أو تزويرها. و لأن جزاء سيئة سيئة مثلها، فإن لعبة الصندوق إذا لم تحترم تحيل إلى جرائم صناديق أخرى (التوابيت)، وهي بدورها تحمل القتلة تارة أخرى إلى جريمة ثالثة – هي ثالثة الأثافي-  جريمة التغطية الإعلامية التضليلية على جرائم الصناديق بتسخير صناديق العجب (التلفزيونات) لتجريم القتلى و طعنهم في الظهر ومناصرة القتلة و الشد على أيديهم و لعق أحذيتهم، والهدف في النهاية هو ملء الصناديق من أموال السحت (البنوك تسمى صناديق أبيضا).

هذه هي سيرة و مسيرة الحكام العرب الفسدة الظلمة الذين يبيعون دينهم ودنياهم بغرض زهيد زائل من الدنيا، لأجل البقاء في الكراسي ونهب أموال الناس ظلما و عدوانا، و كنزها في صناديق (البنوك) سويسرا، متشدقين بالاحتكام إلى صناديق ديمقراطية الأربع تسعات، فإن اضطرهم طارئ قاهر و ذهبوا مرغمين صاغرين لصندوق نزيه على مضض فخيب آمالهم وكشف حجمهم وشعبيتهم الحقيقيين عند شعوبهم بإفرازها نتائج تسوؤهم، طفقوا يقتصون منها و ممن صوت فيها بإلغاء نتائجها و استبدالها بنتائج صناديق القتلى (التوابيت)، لتنطلق عملية عد الشهداء بدل عد الأصوات، وتتم هذه الجريمة تحت عملية تضليل إعلامي تمارسه صناديق العجب (فضائيات الضلال و التضليل).

هذا بالضبط ما يمارسه “السيسي” وكيل أعمال “حسني باراك” و مفوضه السامي الفل الأكبر الذي اندس كما اندس غيره بين الثوار ليضمن استمرارية “مصرائيل” العميلة التابعة الذليلة، بعد أن عض اليد التي امتدت له بالخير ورقته من جنرال بدرجة “عريف” إلى فريق أول “مشير” يقود أكبر قوة عسكرية عربية.

رباعية الصناديق هذه في الوطن العربي لم يسلم منها قطر، و لن يسلم. لأن “الصهيوصليبية” العالمية لا تريد أن تقوم لهذه الأمة قائمة، وتعمل ليل نهار على إشاعة اليأس و الوهن و الخنوع و بثه في نفوس الشعوب التواقة إلى الحرية و الإنعتاق، بأن تكرس صورة نمطية وحيدة لا وجود لغيرها عن التغيير. صورة تهدف إلى وضع هذه الشعوب في إطار حتمية لا فكاك منها، إما الظلم الجاثم (الفساد و الاستبداد)، و إما الانقلاب القادم (الإرهاب و الخراب).

إن هذه الفكرة لا تميتها إلا فكرة معاكسة، هي الصمود و الوعي و الإقدام على بذل الأنفس بفدائية طارق بن زياد “عملاء الداخل أماكم و أعداء الخارج وراءكم”، إذ ليس لهذه الشعوب إلا ما تحتها (قبر يأخذ للجنة) و ما فوقها (حسن الظن بالله والتوكل عليه)، وما في نفسها (الإقدام والشجاعة). فمهما تمكن العملاء الفاسدون من الصناديق وجعلوها فزاعات لترهيب شعوبهم و إخضاعها، لا بد لها بدورها أن تنقل المعارك إلى صناديق لا تجيد “الصهيوصليبية” و لا عملاؤها اللعب بها و لا فيها، هي صناديق الإيمان (القلوب) و صناديق العمل (القبور). ما دام العربي ليس له أي علاقة بحاكمه – المتحكم فيه رغما عنه-  فلكل منهما صناديقه و لكل معركته و أهدافه. و المعركة بينهما معركة وجود، شعار كل منهما فيها “أكون أو لا أكون”، و الدنيا لا تسع – بما رحبت- الإثنين معا، و لا يصح أن يقود قرد أسودا.

عبد الله الرافعي
18 أوت 2013

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version