بعد طول انتظار وترقب برمجت إعادة محاكمة  الشاب محمد بابا نجار- المحكوم عليه بالإعدام سابقا – يوم الأربعاء 27 ماي 2009 في مجلس قضاء المدية، بدلا من غرداية وهذا بعد تأجيل إعادة المحاكمة  للمرة الثانية بتاريخ 3 جانفي 2009 نظرا لـ “دواعي أمنية” كما جاء في طلب النائب العام!

وتعتبر هذه القضية مثالا حيا عن مدى تجند السلطة بمختلف أجهزتها ومستوياتها، للقضاء على أي مظهر من مظاهر المطالبة السلمية بالحقوق، فبمجرد ظهور تيار جديد وقوي في منطقة غرداية يدعو ويعمل للمطالبة السلمية بالحقوق والحريات، خاصة بعد ترسخ حزب جبهة القوى الاشتراكية والمنظمات الحقوقية بالمنطقة وعلى رأسها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، عملت السلطة على قمع وترهيب المناضلين والنشطاء ثم تلاه سجن قيادات هذا التيار الاحتجاجي السلمي والثائر، بمناسبة أحداث غرداية 2004 المعروفة، وهذا باستصدار أوامر بالقبض ضد هذه القيادات، للقضاء على هذا التيار في مهده وقبل انتشاره إلى المناطق المجاورة. ولكن حسابات السلطة وتخطيطاتها باءت بالفشل الذريع، حيث زادت هذه الأحداث من التفاف المواطنين حول هذا التيار. وكما كان متوقعا لجأت السلطة إلى أساليبها القديمة القذرة وشعارها الأزلي “الغاية تبرر الوسيلة” كالاغتيالات السياسية وأحداث ومجازر “بن طلحة” و “الرايس” و”الرمكة -غيليزان”، ففي مؤامرة جهنمية خبيثة لجأت إليها  السلطة – لتلطيخ سمعة قيادات هذا التيار الاحتجاجي والقضاء عليهم نهائيا – كانت أولى ضحاياها المرحوم “بزين ابراهيم” حين تعرض للرش بالبنزين ثم الحرق بطريقة أقل ما يقال عنها أنها احترافية نفذها “شخصين ملثمين فرا على متن دراجتين ناريتين” حسب تصريحات الضحية يومين قبل وفاته وكانت الضحية الثانية الشاب المتهم ظلما محمد بابا نجار في هذه القضية المفبركة والتي تعود وقائعها إلى 20 أكتوبر 2005 حين تقدم بنفسه إلى مصالح الشرطة للاستفسار عن الاستدعاء الموجه له ومنذ ذلك الوقت وهو يعيش في جحيم وعذاب مستمر، حيث تعرض للاستنطاق المتواصل والضغط والتعذيب النفسي الرهيب والعزل  وهذا لمساومته، بالإفراج عنه مقابل إلصاق تهمة التحريض على القتل  بقيادي التيار الاحتجاجي بغرداية، وهو ما رفضه بشدة بالرغم من الضغط الهائل وكذلك صغر سنه 21 سنة! وهذه المساومة نجد آثارها في تقارير الشرطة القضائية وتقارير قاضي التحقيق، حيث وجهت له أسئلة مباشرة عن معرفته لقيادي حزب جبهة القوى الاشتراكية لفدرالية غرداية، واعتبر حيازته على مجلة يصدرها الحزب كدليل إثبات لتورطه في الجريمة! وكان مصرا في كل أطوار التحقيق عن براءته التامة من هذه الجريمة البشعة.

والشاب محمد بابا نجار يدفع غاليا إلى يومنا هذا الثمن لجريمة لم يقترفها، إذ صار بالرغم منه ضحية مؤامرة دنيئة من نظام بوليسي قمعي، يستعمل  كل الوسائل الممكنة ومختلف أجهزة الدولة وخاصة جهاز العدالة، لتصفية كل مناضل أو ناشط يطالب بالحصول على الحقوق والتمتع بالحريات ويناضل للمحافظة على الهوية، حيث ولاستكمال السيناريو ونسج خيوط المؤامرة بمهارة وهذا للربط بين الجريمة والانتماء الحزبي، وجهت في نفس الوقت وفي نفس الملف تهمة حرق سيارة الضحية “بازين ابراهيم” إلى إطارين من حزب الأفافاس بغرداية، مع العلم أن السيارة احترقت سنة كاملة قبل حدوث جريمة القتل ولم يتم في حينها توجيه التهمة إلى أحد ولم يجرى أي تحقيق !! وهما متابعان قضائيا إلى يومنا هذا!

إن محمد بابا نجار يدفع منذ ذلك اليوم ثمن موقفه الرجولي الشجاع إذ حكم عليه بالإعدام بتاريخ 06 جوان 2006 بدون أي دليل أو قرينة. وتعرض للضرب والتعذيب في المؤسسة العقابية وكذلك التعذيب النفسي المتواصل وهذا بتأجيل إعادة المحاكمة – بعد قبول الطعن بالنقض من المحكمة العليا – مرتين، المرة الأولى بتاريخ  03 جوان 2008 بسبب تعمد عدم إحضاره يوم المحاكمة مع إخفاء مكان تواجده! والمرة الثانية بتاريخ 3 جانفي 2009،  بطلب من النائب العام وهذا بدعوى عدم توفر الأمن بغرداية!! وقد قرر مؤخرا نقل المحاكمة إلى مجلس قضاء المدية يوم 27 ماي 2009.

وبهذه المناسبة ندعو الشخصيات الوطنية والمثقفين والمناضلين السياسين والنشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وكذلك الصحافيين المستقلين للحضور بقوة يوم المحاكمة، لضمان حق محمد بابا نجار في محاكمة عادلة، ولكي ينتهي هذا الكابوس الرهيب الذي يستمر منذ أربعة سنوات، ولكي تكون القاعدة لإرساء ثقافة احترام الحقوق والتمتع بالحريات لكل إنسان مهما كان، شخصية معروفة أو مواطن عادي، لأن السكوت على التعدي على حقوق فرد واحد ترهن حقوق الجميع ولأن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، ولكي نكشف ونفضح ممارسات السلطة و ممارسات مختلف أجهزتها،وحتى نعمل جميعا لتحقيق التغيير الجذري المنشود يوما ما.

د. فخار كمال الدين
جبهة القوى الاشتراكية
فدراليــــــة غردايــــــة
غرداية يوم 17 ماي 2009

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version