بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي كشف لنا في كتابه العزيز عن صفة من صفات أهل النفاق ممن يأخذون أحكام الشريعة بالهوى والتشهي والانتقاء فقال جل جلاله: "ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون" (النور، 47/51)، والقائل تبارك وتعالى: "يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" (المائدة 41). والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح: "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدّق فيها الكاذب ويكذّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتحدث في أمر العامة".

 
بتاريخ 24 مارس 2009 أذاعت التلفزة الجزائرية أحادية الاتجاه خبراً مفاده أنّ فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري وجّه نداء إلى الشعب الجزائري بوجوب المشاركة في الموعد انتخابي… وأعادت الخبر مرارًا. والسؤال المطروح ماذا لو أن فضيلة الشيخ أمر بالمقاطعة هل كانت تلفزة السلطة ستنشر ذلك الخبر؟ وهو نفس المسلك الذي سلكته الإذاعة ولقد تناولت الصحافة اليومية نص النداء على نطاق واسع وبعناوين مختلفة تصب في اتجاه واحد إلا وهو وجوب المشاركة بكثافة في الموعد الانتخابي وهو محسوم سلفاً كما تقول كل الشواهد والقرائن وطبائع الاستبداد.

لست أدري مدى صحة البيان المنسوب لفضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري والله تعالى يقول: "فتثبتوا" لاسيما وقد أعلنت الصحافة ومنذ بضعة أشهر أنّ الشيخ قد توفاه الله تعالى وشاع الخبر وذاع ثم تبيّن أن الشيخ لا يزال على قيد الحياة أطال الله في عمره ونفع به. وإن صح البيان لابد أن نعرف الظروف التي أملت عليه توجيه مثل هذا النداء إلى عموم الشعب الجزائري.

الشيخ أبو بكر جابر الجزائري هو بلا شك أحد رجالات العلم في هذه الأمة وقد خدم الكتاب والسنة سنين طويلة وهو أحد أنجب تلامذة الشيخ العلامة الطيب العقبي أحد أركان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولقد غادر الجزائر إلى أرض الحجاز وإلى المدينة المنورة منذ أزيد من 56 سنة وطوال هذه المدة وهو في خدمة الإسلام والمسلمين نسأل الله تعالى أن يجعل كل ذلك في ميزان حسناته آمين.

الناظر في النداء المنسوب للشيخ يجد أن الشيخ قال في مطلع البيان جملة غاية في الدقة تقيد ما بعدها: "أيها الشعب الجزائري المسلم الأبي المجاهد أدعوك أن تلتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتتعاون فيما بينكم في خير الدنيا والآخرة" ولا شك أن الكتاب والسنة حددت من يستحق البيعة – أي الانتخاب – عليه ومن لا يستحق وأن التعاون ليس على إطلاقه وإنما على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان ومواقف الشيخ من النظام في حقبة الاشتراكية التي دامت قرابة 30 سنة معروفة، وعليه فالنداء بالمشاركة من فضيلة الشيخ ليست على إطلاقها وإنما في ظل الكتاب والسنة وليس مطلق المشاركة وكيفما اتفق فأهل العلم عندما يتكلمون يضبطون كلامهم بالإطار الشرعي وهذا ما تعلمناه من فضيلة الشيخ كما هو منثور في مواعظه وخطبه وكتبه ومقالاته ورسائله، وفي هذه المقالة سوف أتطرق إلى بعض ما تعلمناه من شيخنا الفاضل حفظه الله ورعاه.

أولاً: تعلمنا منه احترام أهل العلم ونبذ التعصب المذهبي

قال في الصفحة 66 من كتاب منهاج المسلم وهو أحب الكتب إليه: "لا يذكرهم إلا بخير ولا يعيب عليهم قولاً ولا رأياً ويعلم أنهم كانوا مجتهدين مخلصين فيتأدب معهم عند ذكرهم ويفضل رأيهم على رأي من بعدهم […] ولا يترك قولهم إلا لقول الله أو قول رسوله أو قول صحابته رضوان الله عليهم". يرى أنهم بشر يصيبون ويخطئون، فقد يخطئ أحدهم الحق في مسألة ما من المسائل لا عن قصد وعمد – حاشاهم – ولكن عن غفلة أو سهو أو نسيان أو عدم إحاطة فلهذا المسلم لا يتعصب لرأي أحدهم دون آخر بل له أن يأخذ عن أي واحد منهم ولا يرد قوله إلا لقول الله أو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال في أيسر التفاسير (الجزء 2 / الصفحة 361): "طاعة العلماء ورجال الدين طاعةً عمياء حتى يحلوا ويحرموا فيُتبعوا شرك".

ثانياً: تعلمنا منه حب السلف الصالح وهو رجل غيور على عقيدة السلف الصالح لا كما يفهمها طبعاً المرشح "المستقل" الذي تكلم عن مفهوم السلفية في تجمع ورقلة بتاريخ 24 مارس 2009.

قال الشيخ في الصفحة 747 من رسائل الجزائري: "فقد رأينا أن تكون عقيدة السلف التي هي عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين وتابعيهم من أهل القرون المفضلة ولأنها العقيدة المجمع على سلامتها ولأنها الحق الذي نزل به كتاب الله  وبينته سنة رسول الله صلى الله علي وسلم". وبيّن كيف يتعامل النظام الإسلامي فيمن لا يعتقد عقيدة السلف حيث قال: "[…] وعليه فإنها لا تسمح لشخص يطعن في عقيدتها أن يبيت أكثر من ثلاث داخل حدودها فالنفي والإبعاد هي جزاء كل من يرغب عن عقيدة السلف في هذه الديار لأنّ من رغب عن عقيدتهم فليس منهم ومن لم يكن منهم فهو من غيرهم وعليه فليخرج من ديارهم وليكن مع من شاء". وهناك من يرى أن هذا شطط في القول لا ينبغي أن يصدر من الشيخ لأن فيه إقصاء للآخرين فقد سمح علي رضي الله عنه للخوارج بحق المعارضة في المساجد وهو خليفة راشد ولست الآن بصدد الأخذ والرد في هذا الأمر وإنما صدر منه هذا غيرة على منهج السلف الصالح.
 
ثالثاً: تعلمنا منه عدم المجاملة في الحق

قال في أيسر التفاسير (الجزء 1 / الصفحة 635): "[…] ولا تخشوا الناس في ذلك واخشوا الله تعالى فهو أحق أن يخشى ولا تشتروا بآيات الله التي هي أحكامه فتعطلوها مقابل ثمن قليل تأخذونه من تجاملونهم وتداهنونهم على حساب دين الله وكتابه". وقال في أيسر التفاسير (الجزء 2 / الصفحة 585): "6- حرمة مداهنة المشركين أو الرضا بهم أو بعملهم لأن الرضا بالكفر كفر".

رابعاً: تعلمنا منه أن أهم واجب من واجبات الحاكم المسلم الحكم بما أنزل الله

قال في كتابه الدستور الإسلامي (الصفحة 687) من رسائله: "نصب الله تبارك وتعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إماماً للمسلمين حيث أوجب عليه أن يحكم بين الناس بقوله:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" وقوله: "وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم"، وأوجب التحاكم إليه بقوله: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم".

خامساً: تعلمنا منه أن الشريعة تؤخذ كلها دون تبعيض وانتقاء بالاختيار والتشهي كما هو حاصل اليوم حتى في التعامل مع العلماء والدعاة لا يؤخذون منهم إلا ما يوافق هواهم ويخدم سياستهم العرجاء العمياء.

قال في أيسر التفاسير (الجزء 1 / الصفحة 80): "تعَرّض أمة الإسلام لخزي الدنيا وعذاب الآخرة بتطبيقها بعض أحكام الشريعة وإهمالها البعض الآخر"، وقال: "كفر من يتخير أحكام الشرع فيعمل ما يوافق مصالحه وهواه ويهمل ما لا يوافق"، وقال: "كفر من لا يقيم دين الله إعراضاً عنه وعدم مبالاة له"، وقال في الجزء الأول، الصفحة 637، من أيسر التفاسير: "كفر من جحد أحكام الله فعطلها أو تلاعب بها فَحَكَمَ بالبعض دون الآخر".

سادساً: تعلمنا منه أن الخلاف والنزاع يفصل فيه بالكتاب و السنة

قال الشيخ في الجزء الأول، الصفحة 498، من أيسر التفاسير: "فهو خطاب عام للولاة والرعية فمتى حصل خلاف في أمر من أمور الدين والدنيا وجب رد ذلك إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبما حكما فيه وجب قبوله حلواً كان أو مرّاً. […] فيه أن الإيمان يستلزم الإذعان لقضاء الله ورسوله وهو يفيد أن رد الأمور المتنازع فيها إلى غير الشرع قادح في إيمان المؤمن. […]" وقال: "وجوب رد المتنازع فيه عقيدة أو عبادة أو قضاء إلى الكتاب والسنة ووجوب الرضا بقضائهما"، و "العاقبة الحميدة والحال الحسنة السعيدة في رد أمة الإسلام ما تنازع فيه إلى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم"، وهذا ما لم يحدث في المصالحة المزعومة لم تكن قائمة على الكتاب والسنة ولا على أصول سياسية عقلية عادلة، كما تفعل الدول العاقلة عند نشوب نزاع سياسي خطير بين أبناء الوطن الواحد، فهي مصالحة فاقدة للأحكام الشرعية ومخالفة للسياسة العقلية.

سابعاً: تعلمنا منه حرمة التحاكم لغير شرع الله تعالى

قال في أيسر التفاسير (الجزء 1 / الصفحة 501): "حرمة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا وجد عالم بها"، وقال: "وجوب الدعوة إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة ووجوب قبولها". والنظام الحالي لا يتحاكم إلى الشرع إلا انتقاء ويمنع من يؤسس حزباً يدعو إلى تحكيم الشرع الإسلامي وشتان بين الدساتير العربية والدستور الذي وضعه الشيخ أبو بكر جابر الجزائري كنموذج للدستور الإسلامي الذي يطبق في دولة إسلامية ومن يطلع على كتاب الدولة الإسلامية الذي نص فيه على أن الطريق لقيام دولة إسلامية إنما يكون بالإيمان والجهاد، و الدستور الإسلامي لفضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري يدرك البون الواسع بين ما ينادي به المرشح "المستقل" وفضيلة الشيخ. لقد صرّح المرشح "المستقل" أنه: "لن تكون دولة إسلامية ولا دولة علمانية"، ولكن تصريحه في 22 مارس 2009 بسطيف يدل دلالة قاطعة على أن الرجل له تفسير علماني للإسلام، وقال في ولاية تيارت بتاريخ 23 مارس 2009: "إنّ الدولة ليست أوهاماً تقرأ في الكتب الصفراء. […]"، ولذلك قلت: لقد كان في تلمسان استئصالياً وفي سطيف علمانياً وأنا متأكد لو أنّ الشيخ جمعت له تصريحات المرشح "المستقل" وفحصها على ضوء الكتاب والسنة لنادى بالمقاطعة لأنّ المشاركة تدخل في التعاون على الإثم والعدوان.

وقال الشيخ: "وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة وحرمة التحاكم إلى غيرهما"، "وجوب الرضا بحكم الله ورسوله والتسليم له." وقال في الصفحة 640 من الجزء الأول من أيسر التفاسير: "وجوب الحكم في كل القضايا بالكتاب والسنة"."لا يجوز تحكيم أية شريعة أو قانون غير الوحي الإلهي الكتاب والسنة"، "حكم الشريعة الإسلامية أحسن الأحكام عدلا ورحمة". وقال في الصفحة 109 من الجزء الثاني: "حرمة وبطلان التحاكم إلى غير الوحي الإلهي". وقال في الصفحة 606 من الجزء الرابع: "خطر التشريع بجميع أنواعه من غير الله ورسوله". وقال أيضاً في الصفحة 33 من الجزء الخامس: "وجوب لزوم تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم التنازل عن شيء منها". وقال في الصفحة 81 من رسائله: "فهو وحده إذاً صاحب التشريع ليس لغيره من حق في وضع أي قانون للخلق". وقال في كتابه منهاج المسلم عند حديثه عن حد الردة (ص 458): "[…] وكل من جحد فريضة من فرائض الشرع المجمع عليها كالصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو بر الوالدين أو الجهاد مثلا فقد كفر"، "وكل من استباح محرماً مجمعاً على تحريمه معلوماً بالضرورة من الشرع كالزّنى أو شرب الخمر أو السرقة أو قتل النفس أو السحر مثلاً فقد كفر".

ثامناً: تعلمنا منه أن الحاكم بغير ما أنزل الله طاغوت.

قال في أيسر التفاسير (الجزء 1 / الصفحة 50): "وجوب الكفر بالطاغوت أياً كان نوعه". وقال في رسائله (الصفحة 30): "والحاكم المستبد الذي يحكم بغير ما أنزل الله تعالى طاغوت. […] لأنه نصب نفسه منصب الإله المشرع. […] فهو بذلك طاغوت لمجاوزته حده المحدود. […] وقد أمر الله سبحانه وتعالى جميع خلقه بالكفر بالطاغوت. […]". وجعل فصل الدين عن الدولة تحاكم للطاغوت كما في الصفحة 32 من رسائله. ولو سمع بعض خطب المرشح "المستقل" منذ 1999 لوصفه بالطاغوت لا بالمجاهد لأنّ الشيخ يبطل صفة الجهاد على من استعمل نوعا من التعامل الربوي كما جاء في الصفحة 593 من رسائله فأنظره هناك وساق في ذلك حديثاً.

تاسعاً: تعلمنا منه أن من أعرض عن حكم الشرع فهو منافق.

قال في أيسر التفاسير (الصفحة 582، الجزء 3): "وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة"، "من دعي إلى الكتاب والسنة فأعرض فهو منافق معلوم النفاق"، "اتخاذ قوانين وضعية للتحاكم إليها دون كتاب الله وسنة رسوله آية الكفر والنفاق".

عاشراً: تعلما منه أن الحاكم ما لم تتوفر فيه الشروط الشرعية فلا يجوز انتخابه ومبايعته.

قال في الدستور الإسلامي (الصفحة 690 إلى الصفحة 691): المادة الثالثة في صفات الخليفة "لا يبايع على الخلافة أو الإمامة البيعة الاختيارية إلا من تتوفر فيه الصفات التالية. وهي خمسة ذكر منها: 4-  العلم بالكتاب والسنة وبأصول الشريعة وفروعها وأن يكون مجتهداً في ذلك. […] وأما اشتراط العلم بالشريعة فلأنها القانون ومادة الحكم فمن لم يعرف الشريعة لا يمكنه الحكم بها ولا تنفيذها على الوجه المطلوب. وقال في شروط تنصيب الولاة (الصفحة 693 من الدستور): "كل ولاية في الدولة سواء كانت قضاء أو وزارة أو ولاية أو إمارة أو نظارة أو إمارة لا يجوز أن تسند لأي من الناس إلا إذا توفرت فيه الشروط التالية: 1- الإيمان والتقوى […]". وقال في الصفحة 746 من رسائله: "وأنه لا سلطان على أحد في هذه الأمة إلا سلطان الله عز وجل وما الخليفة والسلطة التنفيذية إلا منفذون لأمر الله تعالى وحكمه". بل استنكر خضوع المسلمين للحكام الذين لا يقيمون الدين قال: "من مظاهر الشرك في الربوبية الخضوع للحكام غير المسلمين والخضوع التام لهم وطاعتهم بدون إكراه منهم لهم حيث حكموهم بالباطل وساسوهم بقانون الكفر والكافرين فأحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم في ذلك ولم ينكروا عليهم ولم يرفضوا أن الاتصاف بهذا الذي ذكرناه والقيام عليه والرضا به والاقتناع بصحته شرك ظاهر في الربوبية لله تعالى". فكيف لو علم فضيلة الشيخ أن المستشار القانوني للمرشح "المستقل" يريد إلغاء حكم القصاص؟

ذلك بعض ما تعلمناه من الشيخ الفاضل وغيره من العلماء ومن خلال ما سبق ذكره نقول بكل سهولة ويُسر أنّ الشيخ لو اطلع على الواقع بنفسه ودون واسطة كيف تدار الأمور في البلاد لقال بالمقاطعة والعلماء اشترطوا في المفتي أن يكون عالماً بأحكام الشريعة وأن يكون عالماً بالواقع ومما لا شك فيه أن النداء المنسوب إلى فضيلة الشيخ إما أنه غير صحيح وإما أنه صحيح ولكن الواقع لم يطلع عليه بنفسه وإنما بواسطة وهذه الواسطة لابد أن نعرفها ومن وراءها فقد كَثُر التحايل على العلماء والمشايخ لاستصدار فتوى تخدم مصالح مشبوهة وهناك من يطرح الأسئلة على العلماء والدعاة بشكل معيّن وهو يعرف مسبقا أن السؤال بتلك الطريقة يؤدي إلى ذلك الجواب ولذلك اشترط بعض أهل العلم الفطانة في المفتي حتى لا يكون لعبة في يد أصحاب الأهواء من الرعية أو الراعي وحتى لا يستصدر منه قول أو فتوى تخدم جهة ذات مصلحة غير شرعية، والحمد لله أن من يطالع كتب الشيخ يدرك عدم توفر الشروط الشرعية في المرشح "المستقل" من الناحية الشرعية وعليه يمكن القول لو أنّ الشيخ اطلع على الواقع بنفسه أو أعطيت له الصورة كاملة كما هي من واسطة أمين لنادى بالمقاطعة وعلل ذلك بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح ولولا خشية الإطالة لسقت من أقواله الكثير ولكن في هذا القدر كفاية سائلين الله تعالى لشيخنا الصحة والعافية وأن يبارك في جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

بن حاج علي        
الجزائر في: 2 ربيع الثاني 1430هـ
الموافق لـ: 28 مارس 2009

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version