محققة حلم الكاتب الفرنسي:

“أسلافنا العرب، لغتنا (الفرنسية) مدينة لهم”

محمد مصطفى حابس: جنيف: سويسرا

 منذ عقد تقريبا في فرنسا خاصة والدول الناطقة بالفرنسية مثلها كبلجيكا وسويسرا عموما، أصبحت الكلمات العربية موضة وطريقة يعبّر بها الشباب الفرنسي عن ذاته بغض النظر عن أصله وفصله، مثلما يستخدم كثيرون اللغة الإنجليزية في عالمنا العربي للظهور بشكل جذاب وأنيق، بل قل ومثقف عصري …

في تقرير نشرته صحيفة لوفيغاروLe Figaro الفرنسية في مطلع هذا الشهر، للكاتبة ماري ليفين ميشاليك ان هناك كلمات عربية نسمعها يوميا وبتكرار عجيب على ألسنة الشباب الفرنسي عموما، فما أصل هذه الظاهرة؟ ولماذا يستخدم الفرنسيون عبارات من اللغة العربية؟

ككلمات: ” خلّص” أي أدفع ثمن كذا، أو القسم بقولهم “والله”، أو استعمال كلمات بذيئة أو نابية، ككلمة “خبطة” التي تعني بالتعبير المغاربي ” السكر المجون” والتي تعني عند هؤلاء الشباب ” جو الفرحة والحفل”، وكلمة ” شوية” التي تعني شيء صغير، أو جزء صغير، و كلمة “خذ بالك”، وكلمة” لامولة” أي المال، وكلمة ” الحشومة”  أي الحشمة، وكلمة “بصحتك”  التي تعني هنيئا لك، وكلمة “صاحبي” أي زميلي، وكلمة “خويا” التي تعني أخي وأخوة، و كلمة “مسكين” التي تعني مسكين كما هو بالعربية الفصحة وغيرها من الكلمات… 

(Wallah)-  (khallass) -(khapta) – (Un petit Chouia) – (khod Balek) – (La moula) – ( B’sahtek) – ( La hchouma) – ( sahbi) – ( miskin)

أصبحت كلها عبارات متداولة ومنتشرة بكثرة بين الشباب الفرنسي، ويفهمها الجميع تقريبا رغم أنها كلمات غير فرنسية

وفي ذات التقرير، تعتقد الكاتبة أن استخدام الكلمات العربية أصبحت طريقة يعبّر بها الشباب الفرنسي عن ذاته، مثلما يستخدم كثيرون اللغة الإنجليزية للظهور بشكل جذاب. وتقول بارتي في هذا السياق “إنها موضة، نستخدمها فقط لمواكبة العصر.”

و “هذه العبارات تأتي من موسيقى الراب” على حد تعبيرها، لكن أيضا من مواقع التواصل الاجتماعي وتلفزيون الواقع وكرة القدم والأنشطة الترفيهية مثل الألعاب عبر الإنترنت”، لكن الكثير منها لا يدخل إلى القاموس الفرنسي.

وفي هذا السياق-تقول: “سيبقى البعض، وسيختفي البعض الآخر، هذا أمر طبيعي” لكن انتشار هذه العبارات لا يدل حسب رأيها على مدى تأثر اللغة الفرنسية بالعربية رغم “أن هذه الكلمات تشكل فهمنا للعالم”.

 وحاليا، لا تستخدم هذه العبارات فقط في ضواحي باريس، حيث يعيش أبناء الجالية المغاربية، لكنها تسللت أيضا إلى أبناء الطبقة البرجوازية من الدائرة 16 الباريسية الى الأحياء الثرية المجاورة، إلى عواصم غربية أخرى تتكلم الفرنسية كسويسرا وبلجيكا وكندا.

 وهذا الكم من الكلمات الجديدة دخلت وسيدخل بعضها الاخر لا محالة، في القواميس الفرنسية حتما، إذ لا ننسى أنه اذا كانت عبارة “أسلافنا الغال”، التي ما زال الفرنسيون يكررونها حتى الآن منذ قرون خلت، قد انتقلت إلى مستعمرات فرنسا الأفريقية لربطها بتاريخ وهمي، فإن وجود مجموعة من الكلمات من أصول عربية في لغة موليير أكثر بكثير من تلك التي تعود إلى لغة بلاد الغال القديمة حقيقة واقعية”.

 فكما يذكر المعجمي الفرنسي، جان بروفوست في كتابه “أسلافنا العرب، لغتنا مدينة لهم”.                     

 Jean Pruvost :(Nos ancêtre les arabes- Ce que notre langue leur doit

 Ed. JC Lattés- Paris 

الكتاب الذي صدر عام 2017 عن المنشورات الباريسية لاتاس، فالصورة مختلفة بعض الشيء عن الرواية الوطنية للتاريخ التي تمكّن المؤرخ الفرنسي، إرنست لافيس، من فرضها كتاريخ رسمي لفرنسا، من خلال كتابه الصادر في بداية القرن العشرين “تاريخ فرنسا من بلاد الغال إلى الآن”، والذي كان مرجعاً رئيسياً في المدارس حتى ستينيات القرن الماضي، فلعدم اعتمادها على الكتابة، تعدّ الآثار المتبقية من اللغة الغالية قليلة جداً، وتمثل في عدد قليل من النقوش التي تحمل عبارات وجيزة وقوائم قصيرة من الكلمات، حيث يذكر العالم اللغوي الجزائري صالح قمريش في كتابه الضخم (878 صفحة) بالفرنسية ” قاموس الكلمات الفرنسية من أصل عربي”، المنشور عام 2007، بـ”منشورات لوسوي” الفرنسية، يقول :” أن اللغة الفرنسية بها ضعف عدد الكلمات بالعربية، ما تملكه من كلمات من أصول غالية، بل و أحيانا ثلاث مرات ..” 

و كما كتب الوزير الفرنسي للثقافة الاسبق ” جاك لونغ كتابا بعنوان ” اللغة العربية، كنز فرنسا”، كما كان منتظرا، أشعل جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي وزير الثقافة الفرنسي السابق الجدل في الأوساط الفكرية والإعلامية التي لم تنتظر صدور كتابه “اللغة العربية..كنز فرنسا”، لتندلع حملة شرسة ضده، قادها الإعلامي والكاتب الفرنسي المعروف بمواقفه العنصرية إريك زمور، المترش حاليا للانتخابات الفرنسية، المعجب باللغة العربية أدبيا وموسيقيا فقط، والمعادي لها إلى حد الكره المرضي لأنها” لغة الإسلاميين الإرهابيين” على حد تعبيره في حوار تلفزيوني نهاية يناير الماضي.

 هذه المصادر الهامة سنعود اليها مستقبلا في مقال خاص، بحول الله، و كما يقول أيضا عالم اللسانيات الفرنسي جان بروفوست مؤلف كتاب” أسلافنا العرب” إن اللغة الفرنسية استوعبت في الماضي الكثير من الكلمات من الإيطالية والإسبانية، وأيضا من العربية، مثلها و أكثر..  وكلمات أخرى أدخلت خلال الحرب مع الجزائر مثل التجارة الموازية وأغاني الراب وغيرها من العوامل. وتشير آخر التقديرات إلى وجود حوالي 500 كلمة في اللغة الفرنسية من أصل عربي 

يتبع – ان شاء الله

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version